سياسة عربية

فشل مصري في توظيف زيارة بطريرك إثيوبيا لوقف "النهضة"

الكنيسة المصرية قالت إن الزيارة روحية - أرشيفية
أكد مراقبون سياسيون أن الحكومة المصرية فشلت في توظيف زيارة بطريرك إثيوبيا متياس الأول إليها حاليا، في حلحلة الموقف الإثيوبي المتشدد إزاء إقامة سد "النهضة"، والإصرار الإثيوبي على المُضي فيه، على الرغم من إضراره المؤكد بحصة مصر المتفق عليها دوليا من مياه النيل.
 
وبينما كانت الحكومة المصرية تعول على هذه الزيارة، في فتح ثغرة في الموقف الإثيوبي من السد؛ كان موقف البطريرك الإثيوبي واضحا في تبني وجهة نظر حكومة بلاده، بالقول إن إنشاء السد لا يضر بمصر، وذلك دون أي مواربة دبلوماسية.
 
وساعد البطريرك الإثيوبي على ذهابه في هذا الاتجاه، موقف الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، بقيادة البابا تواضروس الثاني، التي لم تمارس أي ضغوط تُذكر على البطريرك الإثيوبي، مكتفية بالقول إن زيارته لمصر روحية، وليست سياسية.
 
وفي تصريحات صحفية السبت، قال الأب متياس الأول إن نهر النيل أسهم على مر التاريخ في الربط بين الشعبين المصري والإثيوبي، مضيفا أن سد النهضة سيجمع بين البلدين للمرة الثانية من أجل "النقاش حول الفوائد التي سيجلبها، لأن الدراسات أثبتت أنه لن يضر بمصر، والسودان"، على حد قوله.
 
وأكد البطريرك -في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، لدى وصوله إلى مصر السبت- أن كل ما يحدث من سوء تفاهم وقتي، ولكن ما يبقي للأبد مصر وإثيوبيا"، مشددا على ضرورة استمرار العلاقات بين "القبطية الإثيوبية" والكنائس الأخرى، لا سيما في أفريقيا لتوصيل رسالة الله، والتواصل مع كافة الأديان، لتقليل المشكلات، وفق وصفه.
 
وأضاف -في كلمته خلال استقبال البابا تواضروس له بالمقر البابوى السبت-: إن  سد النهضة بإثيوبيا يجمعنا كي نتناقش عن الفوائد التي يجلبها السد.. إن الخبراء أظهروا لنا، والدراسات أيضا، أن هذا السد له فوائد، وليس أضرارا تضر بمصر والسودان".
 
الكنيسة المصرية: الزيارة روحية
 
ولم يصدر عن الكنيسة المصرية، والبابا تواضروس، أي تعليق على تصريحات البطريرك الإثيوبي، فيما يخص سد النهضة.
 
واكتفت الكنيسة المصرية بكلمات المجاملة العادية، والتصريح الذي أدلى به الأنبا بيمين، أسقف نقادة وقوص، والمنسق العام بين الكنيستين المصرية والإثيوبية، التي وصف فيها زيارة بطريرك إثيوبيا لمصر بأنها روحية بحتة، مضيفا أن هناك بروتوكولا موقعا بين البلدين منذ أيام البابا شنودة يحتم أن يكون هناك زيارات متبادلة بينهما كل سنتين.
 
وكان البابا تواضروس صرح إبان حكم الرئيس محمد مرسي بأن أزمة مياه النيل بين مصر وإثيوبيا تتعلق بحكومات ودول، وأن الكنيسة لا دخل لها بها، مؤكدا أن ترديد اسم الكنيسة في هذه الأزمة يُعد نوعا من الخبث حتى يشعر الشارع بأن الكنيسة في يدها الحل، وهي التي تمتنع، وهو ما ليس حقيقيا، بحسب قوله.
 
وصرح مصدر في المقر البابوي إبان حكم مرسي أيضا بأن الكنيسة الإثيوبية ليس لها أي دور في صناعة القرار بإثيوبيا، وأن رأيها استشاري فقط، قائلا إن "الكنيسة الإثيوبية خرجت من رحم الكنيسة المصرية، وتربطها علاقات تاريخية بها لكنها لم تملك التدخل لوقف بناء السد فعليا".
 
ويُذكر أن اللقاء الأخير بين الأنبا باولص بطريرك أثيوبيا الراحل والبابا شنودة الراحل في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2010 بالقاهرة لم يتطرق لأزمة حوض النيل، بحسب مصدر باباوي.
 
تصريحات محلب تكشف الغضب
 
وحاول رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب - لدى لقائه البطريرك الإثيوبي مساء السبت- إرسال رسالة تؤكد الغضب المصري من الموقف الإثيوبي، إذ قال في تصريحات صحفية إن مصر تقف مع جهود التنمية في إثيوبيا، دون أن يكون ذلك على حساب حصة مصر من النيل الذي يعد المصدر الرئيسي للمياه بها.
 
وأضاف محلب أن "توازن المصالح يجب أن يكون قائما"، مشيرا إلى أن من حق إثيوبيا توليد الكهرباء مع حق مصر في استمرار الحفاظ على مصدر مياه النيل"، على حد تعبيره، معربا عن ثقته في إدراك الجانب الإثيوبي ذلك.
 
وكان من المقرر أن يلتقي البطريرك الإثيوبي خلال زيارته الحالية لمصر بالرئيس عبد الفتاح السيسي. ومن غير المعروف ما إذا كان سيتم عقد اللقاء بعد تصريحات الأب "متياس" -الصادمة- أم لا؟
 
 واستبق مصدر حكومي زيارة البطريرك الإثيوبي بالتصريح بأنه سيكون لها تأثير إيجابي في دعم سبل حل مسألة سد النهضة.
 
وتأتى الزيارة تلبية لدعوة البابا تواضروس الثاني، ويلتقي خلالها الأب متياس الأول الأربعاء المقبل بالدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بمقر المشيخة، لبحث سبل الحوار بين الأزهر والكنيسة، وكيفية التعاون المشترك بين الجانبين.
 
ويزور الأب متياس اليوم الأحد المعالم السياحية بالقاهرة، وسيبدأ بزيارة الأهرامات، ثم عدد من المناطق الأثرية، ومن بينها الكنيسة المعلقة التي تم افتتاحها مؤخرا.
 
ويزور بطريرك إثيوبيا مصر لأول مرة. وكان اعتذر عن زيارته للقاهرة التي كانت مقررة يوم 17 حزيران/ يونيو 2013 في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، على أثر التوتر الذي شهدته العلاقات المصرية - الإثيوبية وقتها، على خلفية إعلان أديس أبابا عزمها الاستمرار في بناء سد النهضة.
 
وشرعت إثيوبيا في بناء السد على أحد روافد نهر النيل. وتصاعدت المخاوف المصرية من تأثيره على حصتها التاريخية من المياه؛ ما دفع البلدين إلى تشكيل لجنة ثلاثية، بمشاركة السودان، من خبراء في مجال الموارد المائية، وبناء السدود، كانت آخر أعمالها الاتفاق على اختيار مكتب استشاري عالمي متخصص لبحث مسألة أضرار السد.
 
وقد تصاعدت الأزمة بين مصر وإثيوبيا بشكل حاد منذ عام 2011، عندما شرعت إثيوبيا في تشييد سد عملاق على نهر النيل بكلفة 4.7 مليار دولار على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترا جنوب الحدود السودانية مع إثيوبيا.
 
وتقول مصر إن السد يهدد حصتها من المياه -التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب بما يصل لأكثر من 10 في المائة- كما إنه سيؤدي أيضا إلى خفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي.
 
ويُتوقع اكتمال تشييد السد خلال عام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم.