بورتريه

كامالا .."رئيسة قيد الانتظار" في "البيت البيض"!

يعتقد على نطاق واسع أنها ستكون قائد الولايات المتحدة الفعلي بوجود "رئيس طاعن في السن"- عربي21

تصنف على أنها هندية ومن ذوي البشرة السوداء، لكنها ترى نفسها أمريكية بالدرجة الأولى ولدت لأب أسود من جامايكا وأم من الهند.

 

انتزعت قبل أيام بطاقة مرافقة المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، جو بايدن، لتولي منصب نائبته حال فوزه مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهو ما توقعته تقارير رغم المنافسة الساخنة وقائمة "المرشحات" الطويلة.

ورغم الانتقادات التي وجهت لها من تيار اليسار في الحزب الديمقراطي بسبب سجلها كمدعية عامة وموقفها من قضايا الشرق الأوسط، إلا أنها تصف نفسها بـأنها "تقدمية" تؤمن بسيادة القانون وبأنها "النقيض" للرئيس الجمهوري المثير للجدل، دونالد ترامب.

براغماتية، وديمقراطية متقلبة. بهذه العبارة وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فيما يلقبها ترامب بـ"البغيضة". 

ويعتقد على نطاق واسع أنها ستكون قائد الولايات المتحدة الفعلي بوجود رئيس طاعن في السن. 

كامالا هاريس ولدت عام 1964 في سان فرانسيسكو لعالمة هندية متخصصة بسرطان الثدي هاجرت إلى الولايات المتحدة للحصول على درجة الدكتوراه في علم الغدد الصماء من "جامعة كاليفورنيا". 

أما والدها، دونالد هاريس، فهو أستاذ في علوم الاقتصاد في "جامعة ستانفورد" هاجر من جامايكا عام 1961 بهدف إكمال دراساته العليا بالاقتصاد في "جامعة كاليفورنيا" أيضا.

اختارت الوالدة أن تمنح كلتا طفلتيها أسماء مستمدة من الأساطير الهندوسية بهدف "الحفاظ على هويتهما الثقافية"، من هنا اعتادت كامالا على ارتياد كنيسة السود المعمدانية، واعتادت أيضا على ارتياد أحد المعابد الهندوسية. 

 

اقرأ أيضا: ما موقف "نائبة بايدن" من فلسطين والاحتلال الإسرائيلي؟

انفصل والدا هاريس عندما كانت في السابعة من عمرها، ومنحت الأم شيمالا حضانتها مع شقيقتها الصغرى فانتقلت العائلة إلى مدينة مونتريال الكندية.

تخرجت هاريس من المدرسة الثانوية عام 1981 والتحقت بعدها بـ"جامعة هوارد" في واشنطن، وتخصصت بالاقتصاد والعلوم السياسية، وتظاهرت أثناء دراستها الجامعية ضد الفصل العنصري، وانضمت إلى منظمة نسائية أنشأتها جامعيات أمريكيات من أصول أفريقية. 

عادت هاريس بعد ذلك إلى كاليفورنيا، حيث حصلت عام 1989 على الدكتوراه في القانون من "كلية هاستينغز ".


كانت بدايتها المهنية الفعلية عام 1990، حين عينت نائبا للمحامي العام في مقاطعة ألاميدا في كاليفورنيا وتخصصت في محاكمات الاعتداء الجنسي على الأطفال، كما عملت في التدريس في جامعتي "ستانفورد" و"سان فرانسيسكو". 

بين عامي 1994 و1995 التقت وصادقت رئيس جمعية ولاية كاليفورنيا حينها وعمدة سان فرانسيسكو فيما بعد، ويلي براون الذي قدمها إلى شبكته السياسية، الأمر الذي زاد من ظهورها في الصحف المحلية وفي أعمدة المجتمع وبدأ المواطن الأمريكي يتعرف عليها عن قرب أكثر. 

لكن قفزتها الكبرى كانت عبر فوزها عام 2010، بمنصب المدعي العام لكاليفورنيا، وأُعيد انتخابها لنفس المنصب مرة أخرى عام 2014. وفي ذلك العام تزوجت من المحامي اليهودي الأمريكي دوغلاس إيمهوف. 

وفيما بعد ستفوز في انتخابات مجلس الشيوخ لتخلف السيناتور باربرا بوكسر المنتهية ولايتها. 

ونافست جو بايدن على الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، إلا أنها انسحبت أواخر عام 2019، وأعلنت دعمها له على حساب السيناتور اليساري بيرني ساندرز. 

وما إن أعلن بايدن عن اختيارها نائبة له في البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل حتى وضعت مواقفها السياسية السابقة تحت مجهر وسائل الإعلام الغربية. 

ويوجه لها انتقادات واسعة بسبب تحيزها ومساندتها للاحتلال الإسرائيلي دون تحفظ، فهي داعم للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، اللوبي الأميركي الموالي للاحتلال، كما أنها تتخذ موقفا سلبيا من حركة "جي ستريت" وهي منظمة ليبرالية تدعو لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية بطريقة سلمية ودبلوماسية.  

كما أنها تعارض بوضوح حركة "بي دي أس" التي تدعو إلى مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي. 

وتعتقد هاريس بأن "إسرائيل يجب ألا تكون قضية حزبية على الإطلاق" مؤكدة موقفها بالقول: "طالما أنني عضو بمجلس الشيوخ سأفعل كل ما في سلطتي لضمان الدعم الواسع والحزبي لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس".  

ومع هذا التحيز الواضح إلا أنها تؤكد دعمها لحل الدولتين، ورفضها "إكراه أحد الطرفين على صيغة ما"، كما حاولت إدارة ترامب فعله، بحسب قولها.

وتدعم كامالا الاتفاق النووي مع إيران، الذي تعارضه تل أبيب، فقد هاجمت ترامب عام 2018 لانسحابه من الاتفاق متعدد الأطراف. وقالت في بيان آنذاك: "قرار اليوم بانتهاك الاتفاق النووي الإيراني يهدد أمننا القومي ويعزلنا عن أقرب حلفائنا". 

وضمن مواقفها الحادة والحاسمة انتقدت هاريس علاقات واشنطن بالرياض منذ أن بدأ تحالف ترامب مع الأخيرة بالبروز بعيد دخوله البيت الأبيض. وإثر مقتل جمال خاشقجي في قنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018، انضمت إلى زملائها "الديمقراطيين" في إدانة المملكة.

وصوتت عام 2019 لصالح قرارات لإنهاء الدعم الأميركي للحرب باليمن، ومنع بيع الأسلحة للسعودية. وتم تمرير كلا الإجراءين في الكونغرس لكن ترامب رفضهما. وقالت وقتها:" ما يحدث في اليمن مدمر. العام الماضي قتلت الحرب ما معدله مئة مدني أسبوعيا، وآلاف الأطفال ماتوا جوعا، ويجب على الكونغرس اتخاذ موقف". 

وعارضت هاريس قرار ترامب حظر دخول المسلمين من عدة دول عام 2017، وتعرف عنها معارضتها القوية للسياسات الصينية تجاه حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بمسلمي "الإيغور"، وتناصر حقوق سكان هونغ كونغ، وتعارض ممارسات الصين التجارية "غير العادلة".

 

اقرأ أيضا: بلومبيرغ: بايدن لن يحيد كثيرا عن سياسات ترامب الخارجية.. لماذا؟

وعارضت هاريس التقارب بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، إذ ترى أن ترامب غير مؤهل للتعامل مع "دكتاتور محنك" مثل الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

وتعارض مواقف ترامب المعادية والصدامية مع "حلف الناتو"، وتقاربه "غير المبرر" من روسيا وعلاقاته "الجيدة" بحسبها، برئيسها فلاديمير بوتين.

ولم تحظ كامالا بدعم جميع أجنحة الحزب الديمقراطي فقد قاوم بعض أعضاء فريق بايدن اختيار هاريس بسبب هجومها عليه خلال مناظرة تلفزيونية عام 2019.

وانضم ترامب إلى المهاجمين لاختيار هاريس، مؤكدا أنه فوجئ بالخطوة، قائلا: "إنها لم تكن تحترم نائب الرئيس السابق خلال المناظرات". وأضاف لصحفيين: "أحد الأسباب التي فاجأتني أنها ربما كانت أكثر إساءة لجو بايدن حتى من بوكاهونتاس (المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة الأمريكية إليزابيث وارن) كانت لا تحترم بايدن ومن الصعب اختيار شخص قليل الاحترام للآخرين".

لكن كامالا هاريس، أكدت أنها ستعمل على مساعدة بايدن، على توحيد الشعب الأمريكي عندما يكون رئيسا للبلاد. وقالت في أول تعليق لها بعد اختيارها نائبة له: "بايدن يمكن أن يوحد الشعب الأمريكي لأنه قضى حياته يكافح من أجلنا".

وأضافت: "وبصفته رئيسا، فإنه سيبني أمريكا التي ترقى إلى مستوى مُثلنا"، مضيفة: "يشرفني أن أنضم إليه بصفتي نائب الرئيس.. وسأفعل كل ما بوسعي كي يكون قائدا للبلاد".

يذكر أن منصب نائب الرئيس ترشحت له امرأتان فقط، سابقا، وكلتاهما بيضاء: سارة بالين عن الحزب الجمهوري في انتخابات عام 2008، وجيرالدين فيرارو عن الحزب الديمقراطي عام 1984، ولم تصل أي منهما إلى البيت الأبيض.

وتأتي أهمية تسمية هاريس نائبا للمرشح الرئاسي بايدن في أنها ستكون في حال فوز بايدن (78 عاما) "رئيسا قيد الانتظار"، بحسب تقرير لموقع مجلة "ذا أتلانتيك". ورغم أن الدستور الأمريكي لا يمنح نائب الرئيس سلطة كبيرة بخلاف القدرة على الإدلاء بصوت في مجلس الشيوخ، إلا المسؤولية الرئيسية لنائب الرئيس هي تولي الرئاسة في حالة فراغ مفاجئ في "البيت الأبيض". 

هل تكسر كامالا هاريس دائرة التوقعات وتفوز مع بادين وتصبح نائب رئيس في موقع رئيس فعلي لكن في الظل؟ 

حالة الانقسام غير المسبوقة التي يعيشها المجتمع الأمريكي التي لعب ترامب دورا كبيرا في تعميقها، قد تضع هاريس أمام التاريخ، ربما كأول سيدة تجلس بالبيت الأبيض في موقع الرئيس!