قضايا وآراء

معارك الحدود السورية - العراقية

حسين عبد العزيز
1300x600
1300x600
يتصاعد الصراع على الحدود السورية – العراقية شيئا فشيئا، وتزداد معها حدة القتال لتكون المعركة الأقوى والأكثر صعوبة في قائمة المعارك السورية لجهة المساحات الجغرافية الكبيرة، ولجهة القوى المتصارعة بشكل مباشر هذه المرة (الولايات المتحدة، المعارضة السورية / النظام، الفصائل الدائرة في الفلك الإيراني في العراق وسوريا، روسيا وإن بأقل حدة).
 
ملامح المعركة بدأت منذ فترة وبلغة أمريكية واضحة لتحقيق هدفين مباشرين: أولهما يتمثل في منع "تنظيم الدولة الإسلامية" من الانتشار في الصحراء السورية مع اقتراب معركة دير الزور، والثاني يتمثل في منع إيران من اختراق طرفي الحدود السورية – العراقية.
 
بدأت واشنطن إجراءاتها العملية على الأرض منذ أشهر ونجحت بالتعاون مع البشمركة العراقية في محافظة نينوى في السيطرة على معبر ربيعة / اليعربية من يد التنظيم، وتحويل مدينة ربيعة إلى تجمع عسكري للقوات الأمريكية والبشمركة لمنع قوات الحشد الشعبي الاقتراب من هذه المنطقة من الناحية العراقية، بعدما لاحت في الآفق تفاهمات بين الحشد وحزب العمال الكردستاني في شنغال، ومحاولة الطرفين الحصول على حصة جغرافية من الحدود.
 
في هذه المنطقة يحاول الحشد الشعبي الاقتراب من الحدود السورية بين نقطتين بارة والبادي في العراق تحت عنوان محاربة التنظيم الذي يتواجد في هذه المناطق، ويسعى الحشد إلى السيطرة على المنطقة الحدودية هذه، على أمل إيجاد وسيلة لفتح خط بري داخل الأراضي السورية في الحسكة، للوصول إلى المطار الرئيسي في مدينة الحسكة الخاضع لسيطرة النظام، لكن هذا الطريق يمر بالأراضي التي تسيطر عليها "قسد"، التي ستكون مخيرة إما الانحياز لصالح النظام أو الانحياز لصالح واشنطن وإلغاء الطريق أمام إيران وحلفائها.
 
الحد الأدنى الذي يمكن أن يحققه الحشد هو قطع الطريق على التواصل الأمريكي بين سوريا والعراق فقط.
 
ولا يكتفي "الحشد الشعبي" بهذه المنطقة، بل يحاول إيجاد ممر جغرافي آخر، فاقتربت إحدى كتائبه "سيد الشهداء" من القائم الجهة العراقية المقابلة للبوكمال في سوريا، الأمر الذي دفع القوات الأمريكية إلى قصفه عند معبر البوكمال.
 
خطوات "الحشد الشعبي" قوبلت بتحركات لقوات النظام وحلفائه في البادية السورية من أجل توسيع سيطرتها على المناطق الشمالية الشرقية من محافظة حمص التي تحد حماة من الغرب والرقة من الشمال ودير الزور من الشمال الشرقي.
 
وعمد النظام إلى دفع قواته باتجاه الأوتوستراد الدولي دمشق – بغداد للوصول إلى منطقة الزرقا في الجنوب الشرقي ومدينة السخنة التي تقع في منتصف الطريق بين تدمر ودير الزور.
 
وقد نجح في السيطرة على منطقة السبع بيار على بعد 70 كيلومترا من الحدود الأردنية، ومنطقة ظاظا، ومناطق قريبة من مطار السين شمال شرق ريف دمشق.
 
هدف النظام ليس محاربة "تنظيم الدولة الإسلامية"، وإنما مقاتلة فصائل المعارضة التي بدأت توسع رقعة سيطرتها، بعدما شملت منطقة حميمة الواقعة تقع شرق تدمر بنحو 40 كلم.
 
إنه تبادل للأدوار بين النظام و "الحشد الشعبي" للاقتراب من الحدود العراقية – السورية، فتكون مهمة النظام ضرب فصائل المعارضة في البادية، مقابل اقتراب الحشد من الحدود تحت عنوان محاربة الإرهاب، ولم تخف قاعدة حميميم هذا التعاون، إذ أعلنت قبل أيام الفترة القادمة ستشهد تعاونا وتنسيقا عسكريا على مستوى رفيع بين النظام السوري والقوات العراقية والقوات المدعومة من إيران في العراق.
 
توازيا مع ما يجري في الشمال الشرقي من سوريا، تعزز الولايات المتحدة سيطرتها على المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني، بإحكام إغلاق معبر التنف / الوليد وإقامة قاعدة عسكرية تكون منطلقا للهجوم على محافظة دير الزور، ولذلك ضربت الولايات المتحدة قوات حليفة للنظام عندما اقتربت من هذه المنطقة التي تعتبرها الولايات المتحدة منطقة خالية من التصادم.
 
الهدف الأمريكي مع فصائل المعارضة وفي مقدمتها "جيش مغاوير الثورة" الانتقال إلى المنطقة الوسطى (محافظة دير الزور)، وفتح معركة البوكمال لاستباق النظام من الهيمنة على هذه المدينة التي تشكل أحد أهم بوابات العبور بين سوريا والعراق، فضلا عن أن السيطرة عليها تسمح بعزل التنظيم في مدينة دير الزور.
 
لكن التحالف الأمريكي مع فصائل المعارضة في هذه المنطقة لم يصل إلى مستوى التكامل العسكري كما هو الحال مع "قوات سوريا الديمقراطية" في الشمال، ويمكن الوقوف عند نقطتين: الأولى أن الولايات المتحدة لم تحم فصائل المعارضة جويا في مناطق غرب البادية من طيران النظام والطيران الروسي، والثانية ما قاله قائد "مغاوير الثورة" مهند الطلاع لقناة "سي أن أن" من أن واشنطن طلبت من الفصائل تغيير مواقعهم في التنف تجنبا للتصادم مع قوات النظام، وما قاله أيضا قائد "أسود الشرقية" أبو فيصل طلاس، من أن الولايات المتحدة تفكر قاعدة التنف إلى الرطبة.
 
وهذا مؤشر على أن الهدف الأمريكي المباشر ليس دعم فصائل المعارضة في مواجهة النظام، وإنما تأمين الحدود وتحويلها إلى سد في مواجهة إيران، ولذلك بدأت القوات الأمريكية مؤخرا التوجه نحو منطقة معبر القائم العراقي الذي يقابل دير الزور السورية.
0
التعليقات (0)