إن التجارب العربية في تونس ومصر وسوريا واليمن، تتطلب التركيز على الديمقراطية وتثبيت عملية تداول السلطة بشكل سلمي، وإشراك الشعب في عملية الاختيار كمقدمة ضرورية على المستوى التاريخي للولوج إلى مرحلة الحداثة..
إن الحديث عن البيئة الآمنة هنا يصبح حديثا ميتاواقعيا مع بقاء النظام السوري بكامل مؤسساته، وهذا يعني أن نتائج التسوية الدستورية لن تجد طريقها إلى التنفيذ قبيل إنهاء مسألة الحكم على الأرض، وهي مسألة تحتاج إلى سنوات طويلة.
شكلت العودة الأمريكية مأزقا واضحا للنظام السوري وروسيا بعدما سيطرا بسهولة على مناطق جغرافية عدة، وهذا السبب الذي دفع موسكو للتعبير عن إنزعاجها حين شكك وزير الخارجية سيرغي لافروف في امكانية التوصل إلى اتفاقات مع الولايات المتحدة بخصوص الوضع في شمال شرقي سوريا.
كشف الواقع على الأرض القدرات المحدودة للدول الأوروبية، فلا استطاعت إقناع الرئيس الأمريكي بعدم سحب القوات من شمالي سوريا، ولا استطاعت إقناع الرئيس التركي بعدم شن عملية عسكرية
تصريحات ترامب بأن الولايات المتحدة تحملت كثير من التكاليف، تزامنت مع مطالبته دول إقليمية ودولية تحمل مسؤولياتها، هذه التصريحات تشير إلى أن الانسحاب الأمريكي لن يقتصر في المستقبل القريب على مجرد نقطتين، بل ربما يتعداه إلى انسحاب كامل من الجغرافية السورية.
يمكن اختزال الخلاف بين أنقرة وواشنطن بشأن المنطقة الآمنة في سوريا، في أن الأولى تريد حماية نفسها ومصالحها القومية الحالية والبعيدة، في حين تريد واشنطن حماية الأكراد..
تجد تركيا نفسها اليوم أمام مرحلة صعبة من شأنها أن تحدد مكانتها وحضورها وقوتها. فعلى الرغم من حاجة موسكو وواشنطن لأنقرة، إلا أن كلا من العاصمتين تسعيان إلى ترويض الأتراك والقبول بما هو متاح روسيا وأمريكيا..
إن تكلفة بقاء النظام على قيد الحياة، تكلفة كبيرة على صعيد رأس المال الاجتماعي، فلا يوجد اليوم في سوريا دولة حتى بالمعنى القروسطي الذي عرفته أوروبا قبل الحداثة، فما يوجد هو سلطة خالية من أية غايات عامة،
تماطل الولايات المتحدة قدر الإمكان في التوصل إلى الصيغة المناسبة مع تركيا؛ ريثما تصل إلى تفاهمات مع حلفاءها الدوليين والإقليميين حول مصير ومستقبل هذه المنطقة
لم يكن مفاجئا أن يُقدم حزب الله على إعادة ترتيب وجوده العسكري في سوريا، خصوصا في ريف دمشق. ليست إعادة التموضع هذه، ناجمة كما تروج أوساط الحزب عن التغيرات الكبيرة التي حدثت في المشهد العسكري السوري منذ عام 2014..
ليست موسكو وأنقرة في وارد الوصول إلى مرحلة الصفر الاستراتيجي بينهما، فما يزال كل طرف بحاجة إلى الآخر في ضوء المشتركات التي تجمعهما، وفي مقدمتها الوجود الأمريكي في سورية.
ليس معروفا إلى الآن، هل الدخول العسكري التركي على الخط، هو بهدف القتال حتى النهاية للحفاظ على ريف حماة الشمالي، أم هو محاولة لإبراز المقدرات التركية من أجل التوصل إلى صفقة مع روسيا، تكون بمثابة تعديل لاتفاق سوتشي..
إن العملية العسكرية في إدلب، ليست سوى ورقة ضغط روسية على تركيا لتحصيل تنازلات منها في ملفات ليس لها علاقة بإدلب، كما أن العملية العسكرية ستكون مهمة للنظام في هذه المرحلة، لتشتيت انتباه قواعده الشعبية عن الأزمة الاقتصادية..
من الصعوبة بمكان توقع حدوث ثورة شعبية في سوريا ضد النظام لأسباب اقتصادية، فالثورات الناجمة عن البؤس المادي والمعنوي في أقصى دراجاته كانت من سمات القرون السابقة قبل اكتشاف الثورة الزراعية، والتاريخ الحديث يعلمنا عدم وجود مثل هذه الثورات، باستثناء الماركسيين التقليديين الذين ما زالوا يعتقدون بها.