ليس من الواقعية بمكان قبول شخصية"سياسية" اتهمت شعب البلد بالخيانة؛ لأنه اعترض على سياسات تتنافى مع القيم البشرية، فضلا عن الفساد والمحسوبية وتغوّل الأجهزة الأمنية، حتى لو أن الأسد استطاع البقاء على كرسي السلطة بمساعدة روسيا وإيران وأحزاب ومليشيات إرهابية خارجية، فهذا مبرّر غير كاف لبقائه في السلطة.
يرتبط اسم الجيوش العربية في الوقت الراهن بعالم الجريمة، حيث لا توجد مأساة أو كارثة إلا وللجيوش العربية نصيب كبير فيها، وهو ما يدفع للتساؤل عن سر هذا الارتباط وأسبابه، وما إذا كانت العلة في مؤسسات الجيوش أو في مشغليها من الأنطمة الديكتاتورية.
ثمّة ما يكسر الخاطر ويشق القلب في المأساة السورية، ذلك المتعلق بالبعد الإنتهازي الفاضح في الموقف الدولي، إذ بينما السوريون ينزفون موتأ وإقتلاعاً عن ديارهم تتسابق الدول للحصول على حصة من أرضهم وثرواتهم.
لا يجد الناظر في خريطة الشرق الأوسط مكانا واحدا لا تتحضر جغرافيته وسكانه لحرب محتملة أو وشيكة، ولا يقتصر الأمر على بقعة واحدة وطرفين محدّدين، على ما جرى في الحروب السابقة التي شهدتها المنطقة، بل خليط من أطراف محلية وإقليمية ودولية، ومساحة تمتد من ليبيا حتى البحرين.
لا شك أن هذه الأزمة ستصب في طاحونة مكاسب نظام الأسد والمليشيات الطائفية، وسترفع سقف التحدي الإيراني، ليس في مواجهة الثورة السورية وحسب، ولكن تجاه دول الخليج تفسها حيث ستتأكد إيران أنه بعد سقوط حائط الصد الممثل بالثورة السورية، لن يكون صعبا عليها نقل تجربتها في سوريا إلى دول الخليج نفسها.
ما بين إجتماعات عمان بين الأمريكيين والروس، والتصعيد والتحشيد المتسارع في جنوب سورية وجنوبها الشرقي ثمة سباق على إنتاج تسويات ما، أو الحصول على وضعيات مناسبة.
هل يخرج المشرق الذي تجاوز يوما كوارث الاستعمار والحروب والمجاعات؟ كل التقديرات تشير إلى أن هذه الواقعة مختلفة ولا بد أنها ستنتج متغيرات ووقائع على شاكلتها، رغم أن الذاكرة التاريخية ما انفكت تخبرنا أن هذا المشرق نفسه سبق أن تم إعلان وفاته على يد هولاكو، لكنه عاند وواصل صيرورة التحدي والحياة.
فكرة المناطق منخفضة التوتر شرعنت الوجودين الروسي والإيراني على الأرض السورية بعد تحولهما إلى ضامنين أساسيين لإنجاز هذه المهمة، بما يثبت أن كل الطروحات الروسية لا تصدر من فراغ بقدر ما هي حلقات في سلسلة ترسيخ الإحتلالات في سورية والقضاء على الأكثرية ودفع ما تبقى منها لمغادرة سورية.
لم ينتبه دعاة المنطق إلى حقيقة أن إستخدام النظام السوري للكيماوي لم يتوقف لحظة منذ تراجع اوباما عن تهديداته، وليست مجزرة خان شيخون مقطوعة الصلة عن هذا السياق، فقد إستخدم نظام الأسد الأسلحة الكيماوية حوالي 140 مرّة.
ليس سرا أن الأطراف الإقليمية والدولية تملك الأسهم الأوفر في قرار الحرب والسلم، كما تعكس تمظهرات الصراع وتعبيراته مجريات العملية الصراعية بين هذه الأطراف..
نحن جائعون، وصراخنا ليس ترفا ولا تسلية، وعلى العالم أن يدرك أن هذه الأنظمة والعصابات الحاكمة في بلادنا لن يكون لديها حلول للخروج من هذا المأزق بسبب خراب بنيوي بداخلها.
لا شك أن حزب الله، لم يكن يخطر ببال قادته أن الحرب في سوريا ستمتد طول هذه الفترة، ومن ثم وجد نفسه عالقا في مستنقعها، وهذا الأمر أوجد أهدافا جديدة له ودفعه إلى تطوير استراتيجياته في الحرب..
في سورية عشرات السجون، وعشرات الجهات التي تمارس عمليات الإعتقال، بالإضافة إلى أن جميع الميليشيات العراقية والافغانية واللبنانية لديها سجون ومعتقلين، وسؤال الأهل عن مصير أبنائهم بشكل مباشر مغامرة قد تنتهي بإعتقال العائلة وإخفائها.
الثورة تموت إن هي استطابت النوم على حرير الحلول الروسية الخبيثة، فبعد كل فترة ستدعم روسيا حلفاءها الإيرانيين وجماعة الأسد على قضم المزيد من الأراضي بذريعة خروجها عن اتفاق إطلاق النار.