أفكَار

"الإرهاب" في سوريا: هويات متعددة وجبهات متشابكة

تعددت الهويات.. والإرهاب واحد - تعبيرية
على الساحة السورية يشكل الإرهاب حالة جدلية، من حيث تنوعها واختلاطها بين إرهاب داخلي وإرهاب خارجي بحسب باحثين، فيما يرى آخرون أن المعطيات في الساحة السورية تشير إلى جبهات وتشكيلات ومليشيات وكتل مقاتلة ودول فاعلة عسكريا في الداخل السوري.

الإرهاب بالأرقام

وفي هذا السياق، يرى الباحث المختص بالشأن السوري، صلاح ملكاوي، أنه من الصعب أن "تقيم تحديدا دقيقا حول إن كان تنظيم داعش الإرهاب الوحيد أم لا"، معتبرا ذلك موضوعا جدليا، وقال إن المرجعية في ذلك ربما تكون للأرقام التي تحكي أعداد القتلى والمصابين والمعتقلين والمهجرين.

وقال ملكاوي لـ"عربي21" إن الإحصائيات تشير إلى أن تنظيم الدولة قتل بين 2000 و3000 مدني داخل سوريا، فيما قتل النظام السوري، بحسب مصادر عدة ما بين 600 ألف ومليون مدني قسم كبير منهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين.

لكن ملكاوي يشدد على أن هذا "لا يعني بأي حال من الأحوال دفاعا عن داعش، لكن الإرهاب في سوريا متعدد"، موضحا أن هنالك 18 فصيلا تابعا لإيران؛ وتشكل هذه الفصائل أكثر من 20 ألف مقاتل من العراق ومن الأفغان الذين وُعدوا إيرانيا بتجنيس عائلاتهم.

ولفت ملكاوي إلى أن حزب الله اللبناني أيضا، وباعتراف الحزب نفسه، يتواجد على الأرض السورية بما بين 10 و12 ألف مقاتل، في حلب وحدها 4 آلاف مقاتل، معتبرا أن الحزب مسؤول عن تهجير الحزام السني لمدينة دمشق، بدءا من داريا ووادي بردى، لافتا إلى التهجير الذي طال الغوطة الشرقية وجنوب دمشق.

"إرهاب هجين"

من جهته، يعتبر سعود الشرفات، رئيس مركز شرفات لبحوث العولمة والإرهاب أن ظاهرة الإرهاب العالمي الحديث أخذت بالتشكل والتموضع بشكل حاد وواضح جدا في السياسة العالمية اليومية كأداة سياسية، وأن الساحة السورية أصبحت ميدانا مفتوحا لأحداث واتجاهات "هجينة" جديدة تنتمي لظاهرة "الإرهاب المعولم والجديد"، حسب وصفه.

كما يربط الشرفات، في حديث لـ"عربي21" بين ميادين إرهاب الأطراف الفاعلة ما دون الدولة، (المنظمات والجماعات والأحزاب) مع "إرهاب الدولة"؛ من خلال مؤسساتها العسكرية وأجهزتها الاستخبارية.

ويلفت إلى أن هذا الاختلاط والربط ضاعف من تعقيد المشهد السوري، وزاد من صعوبة دراسة ظاهرة الإرهاب بشكل علمي.

ويشير إلى أنه يمكن رصد طيف واسع من "الإرهابات" في سوريا والعراق، ابتداء من إرهاب الدولة الداخلي الموجه ضد طرفين هما: الجماعات المعارضة ومن يدعمها ويؤيدها، حتى من المواطنين العاديين، ثم الجماعات المسلحة وعلى رأسها تنظيم الدولة وجبهة تحرير الشام، وفق تقديره.

لكن ماذا بشأن إرهاب الدولة القادم من الخارج؟ يوضح الشرفات أن هذا النوع من الإرهاب يتموضع من خلال النفوذ الإيراني، وأحد أذرعه الفتاكة حزب الله؛ "الذي يفتك بأوصال الدولة السورية، ويعرضها لاهتزازات عنيفة على المستوى المجتمعي والسياسي وربما الديموغرافي".

وأوضح الشرفات أن هذا النوع الخطير والمعقد من الإرهاب؛ من جهة هو خليط من "إرهاب الدولة" و"إرهاب المنظمات والجماعات"، ومن جهة أخرى "يضيف الإرهاب المتشكل من خلال التدخل الخارجي القادم من دول وجماعات ومليشيات خارجية؛ إلى إرهاب داعش إرهابا ممنهجا ومشرعنا إقليميا".

حزب الله

وفي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل، على لسان وزير استخباراتها يسرائيل كاتس، أنها لا تريد التصعيد مع النظام السوري، في المقابل، فإنها، بحسب كاتس، ستواصل تمسكها بـ"الخطوط الحمراء" بشأن توريد أسلحة لحزب الله اللبناني عبر سوريا، والتي جاءت الهجمات التي شنتها إسرائيل في 17 آذار/ الماضي الماضي على مواقع سورية، بحسب ما نقلته "روسيا اليوم" عن كاتس في 27 آذار/ مارس 2017، لتحقيق هذا الردع.

وهذا يلقي بظلال من الأسئلة المحرجة بشأن ممارسات حزب الله، وتكبده الكثير من الخسائر في سوريا، إذ أشارت تقديرات إلى مقتل 1000 من عناصره، فيما يذهب آخرون ومنهم الكاتب علي حمادة، في مقالة له في النهار اللبنانية بتاريخ 11 آذار/ مارس الماضي، إلى خسارته ما يتجاوز 3 آلاف عنصر من عناصره.

ويرى الباحث السوري في شؤون الإرهاب، صفوان داود، أن مستوى عدم الاستقرار في منطقة القلمون وخطورة الحوادث الأمنية فيها قد تطورت بشكل لافت بعد دخول عناصر حزب الله للقتال.

وقال في حديث لـ"عربي21" إن وسائل الإعلام المحلية العالمية ومراكز الدراسات تابعت بشكل هام تأثير انخراط حزب الله في القتال؛ على سير المعارك في سوريا، مشيرا إلى أن أول مواجهة بين عناصر الحزب وتنظيم الدولة تمت في القلمون في تموز/ يوليو وآب/أغسطس 2013، وهو "ما فتح لاحقا الأبواب لدور دائم للحزب وفتح الساحة على تطورات عسكرية مستقبلية خطيرة"، بحسب داود.