صحافة دولية

أوبورن: إغلاق حسابات بنكية لمسلمين فضيحة.. وموقف البرلمان

اعتبر أوبورن أن هذه المشكلة "تضع السياسة البريطانية في أزمة"- أرشيفية
وصف الصحفي البريطاني المخضرم بيتر أوبورن إغلاق حسابات بنكية لمسلمين في بريطانيا بـ"الفضيحة"، منتقدا موقف البرلمان من هذه القضية.

وأشار أوبورن، في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني الجمعة، إلى أن "قضية الإقصاء من البنوك تظهر تارة أخرى كيف أن ثمة قانونا للأثرياء والأقوياء، وقانونا آخر للمسلمين العاديين"، مؤكدا عمله لعامين كاملين "لفضح الطريقة التي انتهجتها البنوك في إغلاق حسابات عدد من المسلمين المحترمين والمستقيمين دون إبداء أسباب أو إعطاء فرصة للاعتراض"، بحسب قوله، وهو ما أكده في سلسلة مقالات على الموقع البريطاني.
 
وكان من بين الضحايا الناشط السياسي أنس التكريتي وعائلته، ومسجد فينزبري بارك، والكاتب عزام التميمي وكثيرون غيرهم، كما تضررت بعض الجمعيات الخيرية بشكل كبير بسبب هذا الإجراء، بالإضافة لتلقي العديد من فروع حملة التضامن الفلسطينية خطابات من البنوك التي يتعاملون معها، دون سابق إنذار أو تحذير، تبلغهم بإغلاق حساباتهم، دون إعطاء تفسير أو منح حق الاعتراض على القرار، بحسب أوبورن.

"وورلد تشيك"
 
وأشار أوبورن إلى عمله مع المحررة في إذاعة البي بي سي الرابعة لفضح "وورلد تشيك"، موضحا أنها "عبارة عن قاعدة بيانات سرية تملكها "ثومسون رويترز"، تعمل على تصنيف الشخصيات والمنظمات التي يزعم أن لها ارتباطات بالإرهاب، دون أن يعرف هؤلاء شيئا عن وجودها أو عما تقوم به".
 
وقال أوبورن إنه أثار الموضوع مع وزير المالية جورج أوزبورن، وذهب إلى وزارة المالية لمقابلة هارييت بالدوين، الوزيرة المسؤولة عن هذا الملف، كما فضح هذه القضية في الصحافة وفي مختلف وسائل الإعلام، وفي اللقاءات العامة، وأعددت برنامجاً وثائقياً عنه للإذاعة، كما استقال من صحيفة "الديلي تليغراف" بسبب تقاعس الصحيفة عن نشر مقالة طويلة كتبتها حول هذا الموضوع، بحسب قوله.
 
للأقوياء

وفي وقت مبكر من هذا العام، وافق البرلمان أخيرا على عمل شيء بشأن ذلك، ولكن فقط خدمة لأعضائه، بحسب تعبير الصحفي البريطاني، الذي أشار إلى أن "قانون بنك إنجلترا والخدمات المالية"، الذي حظي بالإقرار الملكي في الشهر الماضي، "ليس لديه ما يقدمه للمسلمين الذين يصنفون زورا ضمن قائمة الإرهاب دون علم منهم، إلا أن القانون يشتمل على بند ينص على حماية أعضاء البرلمان البريطاني وكبار الشخصيات العامة الذين قد يستهدفون بموجب التشريعات الخاصة بغسيل الأموال"، بحسب قوله.
 
وكان هذا التحرك باتجاه حماية الشخصيات العامة الكبيرة من المضايقات البنكية قد نجم عن نقاش جرى في مجلس العموم بمبادرة من عضو البرلمان تشارلز واكر، الذي سلط الضوء على حقيقة مفادها أن أعضاء البرلمان وحتى الوزراء يعانون من مضايقات وإزعاجات نتيجة لتصنيفهم كأشخاص مكشوفين سياسيا، كما تحدث عدد من البرلمانيين عن الإزعاج الذي يتعرضون له مع أقاربهم.
 
وأوضح الكاتب أن البرلمانيين "ركزوا بشكل مطلق على همومهم هم، وتجاهلوا بشكل تام التضييق الذي يكاد يصل إلى حد التنكيل والاضطهاد ويعاني منه المسلمون في دوائرهم الانتخابية حين يحاولون فتح حساب بنكي في هذا البلد"، مشيرا إلى أن النقاش الذي جرى "لم يتضمن أي إشارة إلى هذه المشكلة العويصة".

ووصف أوبورن هذا النقاش بأنه "دراسة حالة للأنانية التي تهيمن على تفكير وسلوك نواب البرلمان (من جميع الأحزاب السياسية) وكذلك انعدام الوعي لديهم بما يجري في أرض الواقع داخل البلاد"، مضيفا أنها "حلقة جديدة تظهر لماذا يعامل السياسيون البريطانيون من قبل الناس على نطاق واسع بازدراء شديد وينظر إليهم على أنهم لا يسعون إلا لخدمة مصالحهم الشخصية وأنهم مغيبون عن الواقع".
   
أزمة بريطانية

واعتبر أنه "لا عجب أن تعاني السياسة البريطانية من أزمة"، داعيا البرلمانيين البريطانيين إلى أن يعيشوا بدون حساب بنكي لمدة أسبوع أو أسبوعين"، مؤكدا أن ذلك في منتهى الصعوبة.
 
وثانيا، على الوزراء أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانوا يريدون العيش في مجتمع يتعرض فيه الإنسان، سواء كان رجلا أو امرأة، للحرمان من الخدمات البنكية بشكل مفاجئ ودون إعطاء أي تفسير، بحسب قوله، موضحا أن الدرس الأكثر خطورة هو "السهولة التي يتمكن من خلالها الأثرياء والأقوياء مثل أعضاء البرلمان من التعاطي بشكل سريع مع المشاكل التي تمسهم هم شخصيا".
 
وأشار أوبورن إلى التهميش الذي يتعرض له المسلمين، قائلا إنه "يكاد يكون مستحيلا على المسلمين في بريطانيا أن تنال اهتماماتهم والمشاكل الخطيرة التي يواجهونها أي اهتمام أو حتى مجرد ذكر داخل البرلمان البريطاني"، موضحا أن ذلك يعني أنهم "يتعرضون للتهميش والإقصاء والحرمان من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي".