كتاب عربي 21

الإسلاميون اللبنانيون والنموذج المختلف: حوارات في كل الاتجاهات في مواجهة التحديات

1300x600
يخوض الإسلاميون اللبنانيون تجارب متعددة على صعيد الحوار الداخلي والحوار مع قوى وأطراف سياسية وحزبية وفي إطار إعادة النظر بمواقفهم السياسية والفكرية والبحث عن حلول للأزمات والتحديات التي يواجهونها ويواجهها الإسلاميون في العالم العربي والإسلامي.

وفي هذا الإطار تشهد العاصمة اللبنانية سلسلة تجارب ولقاءات حوارية تجريها قوى وحركات إسلامية ومؤسسات فكرية من أجل البحث عن نقاط مشتركة مع أطراف أخرى أو للتعرف على أفكار ومواقف بعض القوى السياسية والحزبية أو من خلال الإجابة عن الأسئلة والتحديات الصعبة التي يواجهها الإسلاميون بعد أربع سنوات على انطلاقة الربيع العربي والثورات الشعبية العربية.

ومن نماذج الحوار التي تشهدها بيروت اليوم ما تقوم به الجماعة الإسلامية (وهي الفرع اللبناني لحركة الإخوان المسلمين) من استضافة بعض القيادات الحزبية والسياسية في مقرها في بيروت، لعقد لقاء حواري موسع مع قيادات وكوادر الجماعة، وقد استضافت الجماعة مؤخرا أحد قياديي القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا حيث جرى معه حوار مطول وتم تقديم درع تكريمي له والمعروف أن القوات اللبنانية هي بالأساس ميلشيات مسلحة مسيحية خاضت صراعا قاسيا مع المسلمين وقتلت الآلاف منهم.

كما استضافت الجماعة الإسلامية أيضا الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني الدكتور خالد حدادة حيث جرى حوار موسع معه قدّم خلاله عرضا لمواقف وأفكار الحزب وقد كتب حدادة مقالا في جريدة السفير اللبنانية عبّر فيه عن إعجابه بخطوة الجماعة وأجواء الحوار التي سادت في اللقاء.

كما تقوم قيادة الجماعة بسلسة زيارات ولقاءات لقوى سياسية وحزبية في اطار تعزيز الحوار الداخلي، وبموازاة ذلك يتم التحضير حاليا في لبنان لإطلاق الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ، كما استقبل حزب الله وحركة أمل في جنوب لبنان رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل مع العلم أن الحزب والحركة خاضا صراعا سياسيا وعسكريا ضد حزب الكتائب والرئيس الجميل منذ الاحتلال الإسرائيلي للبنان عام 1982 وتوقيع اتفاق 17 أيار مع العدو الصهيوني، لكن يبدو أن الحزب والحركة يريدان طي صفحة الماضي وفتح أبواب الجنوب لحزب الكتائب.

وعلى الصعيد الفكري والثقافي تقوم عدة مؤسسات فكرية إسلامية بعقد لقاءات وحلقات حوارية داخلية في إطار البحث عن التحديات التي تواجه الواقع الإسلامي اليوم في مختلف الاتجاهات، كما يتم التركيز خلال هذه اللقاءات على أهمية الحوار الداخلي وضرورة طرح كل القضايا والأفكار التي برزت في السنوات الخمسين الأخيرة من أجل مراجعة المشروع الإسلامي والطروحات الإسلامية التي قدّمتها الحركات الإسلامية ووصل بعضها إلى المأزق اليوم.

إذن نحن أمام مشهد حواري مهم في داخل الأوساط الإسلامية، وإن كان هذا المشهد ينقصه إجراء حوار مباشر بين القوى والحركات الإسلامية فيما بينها للبحث في أسباب الخلافات وكيفية تجاوز الأوضاع الصعبة التي يواجهها الإسلاميون اليوم، وقد عقدت في هذا الاطار عدة لقاءات حوارية غير معلنة بين بعض القيادات والقوى الإسلامية لكن المشاركين في هذه اللقاءات فضّلوا إبقاءها بعيدا عن وسائل الإعلام منعا لبعض الحساسيات والإشكالات.

لكن يبدو أن ازدياد التحديات الداخلية والخارجية وموجة الحوار المنتشرة في لبنان ستدفع القوى والحركات الإسلامية لإعادة النظر بأدائها وللبحث عن نقاط تلاقي فيما بينها، ويمكن أن تشكل بيروت إضافة لتونس قاعدة انطلاق لتقديم نماذج إسلامية مغايرة لما يجري في معظم دول المنطقة من صراعات وسجالات إن بين الإسلاميين أنفسهم أو بينهم وبين القوى الأخرى.

فاليوم وبعد مرور حوالي الأربع سنوات على انطلاقة الربيع العربي والثورات الشعبية العربية فإن القوى والحركات الإسلامية مطالبة بإجراء مراجعة شاملة لما حصل خلال هذه السنوات وللبحث عن نقاط القوة والضعف لأن الجميع في مأزق ولا خيار إلا بالعودة إلى طاولات الحوار والبحث عن حلول جدية لما نعانيه من مشاكل وتحديات.