حقوق وحريات

صحفيون وحقوقيون ينتقدون دور الإعلام الأردني في صون الحقوق

نضال منصور في ملتقى "إعلام حقوق الإنسان" - عربي21
انتقد إعلاميون ونشطاء حقوقيون دور الصحفيين في الأردن في مجال حقوق الإنسان، خلال ملتقى نظمه مركز حماية وحرية الصحفيين في العاصمة عمّان، مطالبين بتعزيز دور الإعلام والصحافة في هذا الجانب.

وقال الرئيس التنفيذي للمركز، نضال منصور، لـ"عربي21" إن الملتقى هو جزء من مسار "حماية حرية وحقوق الصحفيين"، يركز على أهمية إدماج الصحفيين في قضايا حقوق الإنسان، ودعتهم إلى كشف الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان.

وضم ملتقى "إعلام حقوق الإنسان" نحو 100 متخصص في مجالات الإعلام والقانون والحقوق، وهو  يهدف إلى تسليط الضوء على آليات الشراكة بين المؤسسات الحقوقية والإعلاميين، وكيفية تفعيل الأدوار لترسيخ منظومة حقوق الإنسان، وفضح الانتهاكات، وصولا إلى مجتمع متسامح يحترم ويحمي ويفي بهذه الحقوق اللصيقة بالإنسان، وفق القائمين على الملتقى. 

ويأتي الملتقى بالشراكة  مع "مؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان الكندية" (JHR)، وبالتعاون مع معهد الإعلام الأردني، وشبكة الإعلام المجتمعي.

وانتقد منصور "المحتوى الإعلامي الضعيف والمحدود، وغير المحترف، الذي يتناول قضايا حقوق الإنسان، وهذا يجعلنا نؤكد أن أي قصة أو تقرير صحفي يحمل بعدا حقوقيا يتم في الغالب تجاهله، في حين يمكن التركيز عليه، وتسليط الضوء على أهميته".

وأشار في حديثه إلى أن الصحفيين بحاجة إلى تدريب محترف متخصص في القضايا الحقوقية، مضيفا: "نعتقد أنه حان الوقت إلى أن تفرد الصحف ووسائل الإعلام مساحات لقضايا حقوق الإنسان لأنها الجزء الأصيل في حياة الناس، فهي تؤثر على البناء الديمقراطي وقضية الإصلاح مثلا، فلا تحقيق ذلك دون أن تصان حقوق الإنسان".

وتساءل منصور "إلى أي درجة يؤمن الصحفيون بقضايا حقوق الإنسان؟"، مضيفا: "كما أن السلطات تحاول أن تقيّد حرية الإعلام باستخدام القانون، هناك من الكتاب الصحفيين من يحرّض على العنف، وانتهاك الحريات، بحجة الحفاظ على الأمن".

وقال إن المؤسسات الحقوقية تعاني ضعفا في توصيل المعلومات إلى الصحفيين، إلى جانب تقصير الإعلام في البحث والحصول على المعلومة التي تفضح الانتهاكات التي تطال الناس.

تحديات تواجه تغطية القضايا الحقوقية

وتناول المشاركون في بيان صدر عنهم -وصل "عربي21" نسخة منه- التحديات التي تواجه عملية تغطية قضايا حقوق الإنسان، وأبرزها "شح المعلومات الرسمية، وعدم إعطاء بعض وسائل الإعلام الاهتمام الكافي للقضايا الحقوقية، وتعدد المرجعيات والتشريعات التي تفرض عقبات جمة في كيفية  التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان". 

وقال الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين في الملتقى إن "الحديث عن حقوق الإنسان ومواجهة خطف منابر وسائل الإعلام، في منتهى الأهمية، في وقت تبرز فيه دعوات أنسنة الإعلام في مواجهة التوحش والتطرف".

وأبدى منصور قلقه من أن يستخدم الإعلام في إشاعة الممارسات القمعية والاعتداء على الحريات والترويج للمارسات مثل الذبح، وهذه ممارسات يجب مواجهتها.

وأشار إلى أن اختطاف منابر الإعلام "يأتي في ظل تزايد الحديث عن الإرهاب، بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام فرصة للترويج للإرهاب، بمعنى أن الإعلام يختطف لمصلحة التطرف والتوحش بدلا من أن يكون إعلاما حقوقيا، ومن هنا تبرز أهمية أنسنة الإعلام، ليتبنى حقوق الإنسان كغاية مهمة جدا في عمله".

انتقاد قانون المطبوعات والنشر

وشارك الناطق الإعلامي باسم منظمة "هيومان راتيس واتش" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فادي القاضي، في الملتقي، وقال إن "الإعلام لا يقوم بدوره في نشر قضايا وثقافة حقوق الإنسان لوجود صعوبات وإشكاليات راسخة في التشريعات والسياسات، تمنعه من أن يلعب دوره ناقلا وضامنًا للمعلومات التي تعرض على الجمهور".

وأضاف أن التشريعات، ومنها قانون المطبوعات والنشر، لا يمكن أن تكون مستوية لتمكين الصحافة من القيام بدورها، كما أن الممارسات الحكومية لم تتحسن تجاه وسائل الإعلام، إضافة إلى أن سياسات مؤسسات الإعلام التحريرية تمنع من التقدم للأمام، من خلال إشاعة أجواء الرقابة الذاتية وتكريس الخطوط الحمراء التي لا تقوم حتى القوانين بحظرها.

من جهته، قال المدير التنفيذي لمركز "الفينيق" لدراسات حقوق الإنسان، أحمد عوض، إن المؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان في الأردن تتعامل بنعومة مع الحكومة وغير جادة، ورغم أن الأردن شهد نقاشات جادة حول مستوى ممارسة حقوق الإنسان والتشريعات المتعلقة فيها، لكن هذه النقاشات تراجعت وتيرتها مؤخرا.

توصيات الملتقى


وخلص المشاركون إلى توصيات أهمها الدعوة إلى بناء فريق متخصص من المدربين في قضايا حقوق الإنسان، يضم إعلاميين وحقوقيين، يعملون من خلال المشروع على إعداد مؤهلين على آليات دمج مفاهيم حقوق الإنسان في الإعلام.

بالإضافة إلى العمل على تطوير التشريعات المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، وتحديدا قانون حق الحصول على المعلومات، بما يكفل ضمان تدفق المعلومات وتداولها بآليات محددة وواضحة، وضمن مدد قانونية تخدم قضايا حقوق الإنسان، وتراعي طبيعتها في الرصد والتوثيق. 

ومن التوصيات أيضا، حماية الصحفيين من المخاطر التي يمكن أن تواجههم لدى تناول قضايا حقوق الإنسان، وحثهم على الإفصاح عن الانتهاكات التي يمكن أن يتعرضوا لها، وإرشادهم إلى خطورة السكوت عنها.

وطلب المشاركون إعداد دليل إرشادي متخصص للإعلاميين حول صحافة البيانات وحقوق الإنسان، وقاموس مصطلحات حقوقية لتسهيل استخادمها في وسائل الإعلام.

جائزة أفضل تقرير صحفي حول حقوق الإنسان

من جانبه، أعلن المدير التنفيذي لمؤسسة "صحفيون من أجل حقوق الإنسان"، داني جلنرايت، في كلمة له في الملتقى عن إطلاق جائزة لأفضل تقرير صحفي حول قضايا حقوق الإنسان لعام (2014/ 2015)، ودعا المؤسسات والجهات المهتمة الى المشاركة ودعم هذه المبادرة. 

وقال جلنرايت إن إعلام حقوق الإنسان يلامس هموم ومشاكل المواطنين، وهو ضمانة لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع، لافتا إلى أن "مؤسسة (صحافيون من أجل حقوق الإنسان)، تعمل على عدد من المشاريع في قطاع الإعلام في الأردن، بأساليب مبتكرة، منها التدريب الإعلامي حول قضايا حقوق الإنسان بفعالية، باستخدام مهارات وتقنيات صحافة البيانات".

ويأتي الملتقى ضمن مشروع "تعزيز الحوار العام حول قضايا حقوق الإنسان من خلال الإعلام"، الذي أطلقته مؤسسة "صحافيون من أجل حقوق الإنسان"، للمساهمة في تمكين الإعلام من خلق حوار فعّال وموّسع حول مواضيع حقوق الإنسان والجندر وحرية التعبير بين المواطن والمسؤول لإحداث تغيير إيجابي.