صحافة دولية

NYT‏: مساعدو نواب في الكونغرس يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة

تعالت الأصوات في العالم ضد قتل المدنيين في غزة - جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته كايلا غو ‏قالت فيه إن مساعدين للنواب الديمقراطيين في الكونغرس ‏اختلفوا مع رؤسائهم في موقفهم من الحرب في غزة. ‏

وقالت إن موجة من العاملين في الكونغرس السابقين ‏والحاليين، معظمهم من الجيل الشاب يطالبون بوقف إطلاق ‏النار ويتحدثون ضد مواقف المسؤولين عنهم علنا. ‏

وأضافت: "وصلت أزهار القرنفل بالعربات، حمراء مثل الدم، ‏زهرية وبرتقالية وصفراء، وأكثر من 10 آلاف زهرة ‏منها وضعت على الدرجات في أسفل الكابيتول هيل وتحت ‏سماء زرقاء صافية. وكان القصد من كل قرنفلة أن تمثل ‏المدنيين الذين ماتوا في الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد ‏حماس في غزة وبعد شهر من اندلاعها، وهي تشمل المدنيين ‏الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. وجلبها أكثر من ‏‏100 موظف في الكونغرس كلهم ارتدوا الأقنعة لإخفاء ‏هويتهم، في عملية احتجاج الأسبوع الماضي لتكريم الضحايا ‏المدنيين الذين قتلوا في النزاع والدعوة لوقف إطلاق النار ‏والإفراج عن أكثر من 200 رهينة لدى حماس".‏



‏ وقال ثلاثة مساعدين لم يكشفوا عن أسمائهم: "نحن موظفون ‏في الكابيتول هيل ولم نعد نشعر بالارتياح من البقاء ‏صامتين". وأضافوا أن "الناخبين في مناطقنا يناشدون من ‏أجل وقف إطلاق النار، ولكن معظم المسؤولين عنا في ‏الكابيتول هيل لا يستمعون للناس الذين يمثلونهم. وندعو ‏قادتنا للحديث علنا والدعوة لوقف إطلاق النار والإفراج عن ‏الرهائن وتخفيض مباشر للتوتر".

 وكان الاحتجاج هو ‏التحرك الأخير في سلسلة من التحركات التي قام بها ‏المساعدون في الكونغرس، ومعظمهم لم يكشفوا عن هويتهم ‏وحث أعضاء الكونغرس – المسؤولين عنهم- للدعوة إلى ‏وقف إطلاق النار. وفي الوقت الذي تناظر فيه أعضاء ‏الكونغرس واختلفوا حول المساعدة الطارئة لإسرائيل وما ‏هي الشروط التي يجب أن ترفق فيها وطبيعة اللغة ‏المستخدمة في النقاش، جرت حوارات محفوفة بالمخاطر، ‏عاطفية وشخصية في داخل مكاتب أعضاء الكونغرس. ‏

ورفضت غالبية أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين ‏والجمهوريين الدعوة لوقف إطلاق النار وقالوا إن إسرائيل ‏لها حق الدفاع عن نفسها بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر  ‏على جنوبي إسرائيل، وناقشوا أن وقف إطلاق النار سيجرئ ‏حماس ويعطيها الفرصة لإعادة تجميع نفسها.

لكن العاملين ‏في الكونغرس مع النواب الديمقراطيين ومعظمهم تحت سن ‏الـ 35 عاما لا يتفقون مع  رؤسائهم وإدارة بايدن في ‏موضوع يتعلق بقيمهم. وبحسب مجموعة من المقابلات مع ‏عدد من المساعدين والمخططين الإستراتيجيين تحدثوا ‏بشرط عدم الكشف عن أسمائهم خشية تعريض وظائفهم للخطر ‏ومن الهجمات الشخصية، قالوا فيها إنهم وجدوا صعوبة في ‏المقاربة بين معتقداتهم الشخصية وواجباتهم المهنية، والذي ‏يعني الاحتفاظ بمواقفهم الشخصية لأنفسهم وتبني مواقف ‏المسؤولين الذين يقدمون الخدمات لهم. وعبروا عن مواقفهم ‏المعارضة في اللقاءات الداخلية وحاولوا التعامل مع ما ‏يجب قوله للناخبين في مناطق النواب.

وتوصل العديد منهم ‏لنتيجة أنه لم يعد هناك أي خيار بل والتحدث علنا، وإن ‏بدون الكشف عن هوياتهم، وفي خرق لقوانين الكابيتول هيل ‏التي تقضي ببقاء المساعدين في الخلفية وعدم مناقضة ‏مواقف رؤسائهم. وقال جيرمي سيلفين المستشار البارز ‏للنائبة إلهان عمر "بالنسبة للكثيرين، فهذا خط أحمر". ‏وتعتبر النائبة عن مينسوتا واحدة من نواب في الحزب ‏الديمقراطي دعت لوقف إطلاق النار.

وقال: "مروع ما ‏يحدث، ومن المهم أن تكون قادرا على معايشة قصف مخيم ‏للاجئين، مثلا. ويبدو أن الحوار  هنا في الكابيتول هيل ‏منفصل عن الواقع، الواقع على الأرض في إسرائيل وغزة ‏ولكن الواقع من مواقف وآراء الناخبين في مناطقهم ‏والعاملين معهم".  ‏



ويعتبر النواب في الكونغرس، الجمهوريون والديمقراطيون ‏من أشد المدافعين عن الدولة اليهودية ولا يتسامحون مع أي ‏نقد لها ويصنفونه على أنه معاداة للسامية. وهناك عدد من ‏العاملين لدى النواب الديمقراطيين ممن دافعوا رسميا عن ‏إسرائيل، مقارنة مع آخرين يقومون بتحدي مواقف نوابهم ‏الذين يعملون معهم وأجبروا على عدم الكشف عن هوياتهم ‏علنا. وكتب قبل فترة أدم جينتلزون، مدير طاقم السناتور عن ‏بنسلفانيا جون فيترمان تغريدة على منصة إكس قال فيها: ‏‏"لقد خرقت حماس وقف إطلاق النار لذبح الأبرياء والبعض ‏يعتقد أن حماس ستلتزم بشكل سحري بوقف إطلاق النار ‏وهناك البعض يرى أنه غير واقعي ويمنحها المزيد لذبح ‏الأبرياء". ودعم فيترمان، الديمقراطي التقدمي إسرائيل بقوة ‏وطالب بتوقف إنساني ولكن ليس وقف إطلاق النار. ‏

وفي رسالة إلكترونية لموظفيه ذكر جينتلزون الموظفين ‏المساعدين بأن من حقهم التوقيع على رسالة مفتوحة بدون ‏ذكر أسمائهم إلا أن التعليق على منصات التواصل ونشر ‏منشورات تناقض مواقف السناتور فهي "محظورة". ‏

وقال: "لا يمكنكم استخدام موقعكم الحالي كطاقم لدى ‏فيترمان لتقويض مواقف جون أو تقديم تصريحات علنية لا ‏تتناسق مع مواقف جون"، مضيفا: "مثلما يقول المثل أسماؤنا ‏ليست على الباب". ‏

وعادة ما تكون مهمة المساعدين هي تقديم المشورة للنواب ‏وأعضاء مجلس الشيوخ لتشكيل مواقفهم من خلف الأبواب ‏ولكن إظهار الاحتجاج والخلاف كما في احتجاج الأسبوع ‏الماضي وكتابة الرسائل يعكس خلافا جيليا بين الديمقراطيين ‏حول كيفية انتقاد الحملة العسكرية الإسرائيلية. وقال سيلفين ‏الذي تولى عدة وظائف في الكونغرس: "لا يمكنني التفكير ‏بجهود مشابهة أو قريبة للطاقم" و"لا تشبه أي شيء رأيناه". ‏

وفي الأسابيع الماضية وقع عدد من طاقم النواب في ‏الكونغرس على رسائل مفتوحة تدعو النواب لتبني وقف ‏إطلاق النار. وظهر عدد منهم في التظاهرات المؤيدة ‏للفلسطينيين وعلى أعتاب الكابيتول هيل وحملوا لافتات كتب ‏عليها "يا كونغرس، طاقمك يطالب بوقف إطلاق النار". ‏وجاء في رسالة مفتوحة: "يحمل صوت أعضاء ‏الكونغرس قوة كبيرة، ورأينا هذا مباشرة، وقاد الرسالة ‏يهود ومسلمون يعملون كمساعدين ووقع عليها  أكثر من ‏‏550 عضوا في طواقم النواب في 9 تشرين الثاني/نوفمبر" ‏و"نطالبهم الآن باستخدام تلك القوة لحماية المدنيين من ‏الخطر المحدق".



واتهم الموقعون النواب بتجاهلهم لمحنة ‏المدنيين الفلسطينيين والتركيز عن قصد على المدنيين ‏الإسرائيليين والرهائن لدى حماس. وبحسب وزارة الصحة في ‏غزة فقد بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين أكثر من 11.000 ‏شخص.

وجاء في الرسالة: "نحن ممتنون لتقديم أعضاء ‏الكونغرس التضامن السريع والذي لا لبس فيه مع إسرائيل" ‏و"لكننا نشعر بالقلق العميق بأن إظهار الإنسانية لم يمتد ‏إلى الشعب الفلسطيني". وقال الموقعون إنهم لم يكشفوا عن ‏أسمائهم حفاظا على "سلامتهم الشخصية ومخاطر العنف ‏والأثر على مصداقية الكابيتول هيل المهنية".‏

‏ وفي نفس الوقت وقع 500 من أعضاء طاقم الرئيس بايدن ‏السابقين في حملته لعام 2020 أطلقوا على أنفسهم "رابطة ‏بايدن للسلام والعدالة" على رسالة مفتوحة تطالب بوقف ‏إطلاق النار وحذروا "لو فشلت بالتحرك" فـ "سيكون إرثك ‏هو التواطؤ في وجه الإبادة". ووقع أكثر من 400 موظف ‏سابق في حملة السناتورة عن ماساشوسيتس إليزابيث وران ‏على رسالة مماثلة. وفعل 400 آخرين من حملة السناتور ‏بيرني ساندرز.

ورفض ساندرز السناتور عن فيرمونت ‏دعوة وقف إطلاق النار وطالب هو ووارن بتوقف إنساني. ‏وقالت وارن في مقابلة: "أنا فخورة بالناس الذين يقاتلون من ‏أجل ما يعتقدون" و"نفس الشيء الذي تشاركت فيه مع ‏طاقمي في الخنادق ولعدد من السنوات"، لكنها تجنبت ‏الإجابة على سؤال حول مناقشتها وقف إطلاق النار مع ‏طاقمها الحالي. وأصبح النقاش حادا في مكاتب بالكونغرس، ‏فقد استقال آدم رامر بعد أسبوع من عمله في مكتب النائب ‏الديمقراطي عن كاليفورنيا، رو خانا الذي رفض الدعوة ‏لوقف إطلاق النار.

 وطالب خانا إسرائيل بالتوقف عن قتل ‏المدنيين لكنه لم يدع إلى وقف إطلاق النار لأن هناك مصلحة ‏إسرائيلية بالقضاء على حماس. وقال إن هناك مواقف متباينة ‏في مكتبه لكن التزامه يظل لمنطقته، و"أحترم إيمانهم ‏وعاطفتهم، ولكننا بلد من 330 مليون نسمة وصوتهم واحد ‏من أصوات هؤلاء المواطنين"، مضيفا أن النائب في ‏الكونغرس ملتزم أمام مئات الآلاف من الناخبين في منطقته. ‏واعترف مساعدو النواب أنه من النادر إن لم يكن من المستحيل ‏العثور على عضو يتفقون معه في كل السياسات، ولكنهم ‏يجادلون أن النزاع بين إسرائيل- حماس كان مؤلما وجعلهم ‏يشعرون بالخجل من عملهم.

 وقال وليد شهيد، الإستراتيجي ‏التقدمي والمساعد السابق في كابيتول هيل: "يشعر الكثير من ‏الموظفين أنهم يعيشون بعالم انقلب رأسا على عقب" و"عليهم الذهاب للعمل ورؤوسهم منخفضة، وكتابة بيانات أو ‏إصدار تصريحات تظهر بالجوهر  تختلف مع مواقف ‏رئيسهم".

وقالت موظفة بمكتب نائبة ديمقراطية لم تدع ‏لوقف إطلاق النار، إنها تلقت ومنذ هجوم حماس، مئات ‏الرسائل من الناخبين في منطقتها وكلها تدعو لوقف إطلاق ‏النار. وعندما حاولت إخبار المسؤولين البارزين في الطاقم ‏عنها تم تجاهلها. وعندما طرحت الموضوع مباشرة مع ‏النائبة، وحذرتها من أن الناخبين لن يصوتوا لها في 2024 ‏عاقبها المسؤولون البارزون.

 ووصفت شعورا بالغثيان في ‏العمل والبكاء في المكتب. وقال شهيد إن الخلاف هو نتاج ‏سخط جيلي قد يضر بالديمقراطيين في انتخابات 2024. ‏وأوضح أن "الحرس القديم في الحزب الديمقراطي لديهم رأي ‏عفا عليه الزمن من ناخبيهم هو الدعم غير المشروط ‏لإسرائيل" و"هناك جيل جديد من الناخبين والذين انتخبوا ‏من الديمقراطيين والذين يريدون التعامل بإنصاف عندما ‏يتعلق الأمر بمعاملة الحيوات الإسرائيلية والفلسطينية ‏بمساواة".‏
‏ ‏