ملفات وتقارير

إجماع تونسي على دعم "طوفان الأقصى" ومطالب بتوحيد الجبهة الداخلية

نشطاء تونسيون يطالبون الرئيس قيس سعيد بتوحيد الجبهة الداخلية بالتوازي مع دعم المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.. (فيسبوك)
تعيش تونس منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" فجر السبت تصعيدا مستمرا في المواقف السياسية والشعبية المؤيدة للحق الفلسطيني والرافضة لجرائم الاحتلال.

فبعد صمت في الساعات الأولى لانطلاق عملية طوفان الأقصى فجر أول أمس السبت من قطاع غزة، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد دعمه الكامل وغير المشروط للمقاومة الفلسطينية.

ونشرت الرئاسة التونسية بلاغا في صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ‏أكدت فيه "وقوف تونس الكامل وغير المشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني".

وقالت الرئاسة التونسية: "إن ما تصفه بعض وسائل الإعلام بغلاف غزة هو أرض فلسطينية ترزح تحت الاحتلال الصهيوني منذ عقود ومن حق الشعب الفلسطيني أن يستعيدها وأن يستعيد كل أرض فلسطين، ومن حقه أيضا أن يقيم دولته المستقلة عليها وعاصمتها القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين".

وأضاف البيان: "تدعو تونس كل الضمائر الحية في العالم إلى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وأن تتذكر المذابح التي قام بها العدو الصهيوني في حق شعبنا العربي في فلسطين بل وفي حق الأمة كلها".

وأشار بلاغ الرئاسة التونسية إلى أن "على العالم كله ألا يتناسى مذابح العدوّ في الدوايمة وبلدة الشيخ ودير ياسين وكفر قاسم وخان يونس والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وغيرها،  وعليه ألا يتناسى أيضا مئات الآلاف من الذين هُجّروا من ديارهم وسُلبت منهم أراضيهم، عليهم أن يتذكروا هذه التواريخ وعليهم أن يعترفوا بحق المقاومة المشروعة للاحتلال وألا يعتبروا هذه المقاومة اعتداء وتصعيدا."

ودعا البلاغ في الختام "المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته التاريخية لوضع حد للاحتلال الغاشم لكل فلسطين ولإمعان قوات الاحتلال الصهيوني في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني في تحد كامل لكل الشرائع الدينية والقيم الإنسانية".



وفي تطور لافت انتظم اليوم الاثنين، بمختلف المؤسسات التربوية في تونس مواكب تحيّة العلمين التونسي والفلسطيني على أنغام النشيدين تضامنا ونصرة لفلسطين، على خلفية عملية ''طوفان الأقصى'' التي تنفّذها المقاومة الفلسطينية دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني.

ويأتي ذلك امتثالا لدعوة أطلقتها وزارة التربية التونسية طالبت فيها برفع العلم الفلسطيني وتحيته إلى جانب العلم التونسي وبث النشيدين الوطنيين التونسي والفلسطيني وذلك بداية من اليوم الاثنين 9 تشرين أول/ أكتوبر الجاري، بحضور كافة التلاميذ والأسرة التربوية وذلك لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة أمام آله دمار الاحتلال الصهيوني.



من جهتها أكدت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، أن "المقاومة الفلسطينيّة هي عنوان العزّة والإباء"، ودعت "جميع الأحرار لدعم الحقّ الفلسطينيّ ومساندة صمود الفلسطينيّين في وجه حملات التّنكيل بالبشر واغتصاب الأرض وما عليها".

وقالت جبهة الخلاص في بيان لها: "إنّ ما تشهده الأراضي المحتلّة في هذه السّاعات الخالدة هو صفحة مشرقة من سجلّ الصّمود الفلسطيني ومعاركه البطوليّة طيلة أكثر من سبعين سنة دفع فيها البشر والشّجر والحجر ثمن تخاذل الكثير من الأنظمة العربيّة وتواطؤ بعضها والهرولة نحو التّطبيع مقابل فتات المساعدات أو ضمانات واهية لتأبيد البقاء في السّلطة".

وأضاف البيان: "لقد شاءت الأقدار أن تصادف هذه الملحمة اليوم الذي يلي الذّكرى الخمسين لانتصار أكتوبر 1973 وفي كِليهما درس بليغ بأنّ الذي لا يُقهر ليس "خطّ بارليف" ولا الجدران والأسلاك المحيطة بقطاع غزّة ، بل إرادة الشّعوب التي لا تستكين للقوّة الغاشمة، وعزائم المقاومين التي لا تعبأ بإجرام العدوّ وخذلان الصديق".

ودعت جبهة الخلاص جميع مكوّنات الطّيف السّياسيّ والمنتظم الحقوقي إلى تنظيم كافّة أشكال الدّعم والمساندة للشّعب الفلسطينيّ البطل، مؤكدة رفضها القاطع لكلّ أشكال التّطبيع بكافّة أشكاله ومستوياته" .



من جهته دعا الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية في تونس، "الأمة العربية إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية والاستعداد للتصدي للمجازر التي ترتكبها وسترتكبها آلة الدمار الصهيونية على خلفية عملية طوفان الأقصى".

وأشاد الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له بما وصفه "شجاعة المقاومة الفلسطينية في ردها على جرائم الاحتلال"، مؤكدا أن المقاومة تبقى هي السبيل الأنجع والأضمن لاسترداد الحقوق.

ودعا الاتحاد منتسبيه في مختلف المحافظات التونسية إلى المشاركة في الفعاليات التي ينظمها دعما للمقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.



وطغا الملف الفلسطيني اليوم على اهتمامات كافة وسائل الإعلام التونسية المحلية، وكان محور النقاش في كل الإذاعات المحلية، حيث دعا الكاتب والإعلامي التونسي المعروف زياد الهاني، الرئيس قيس سعيد إلى عدم تفويت ما وصفه بالفرصة التاريخية التي أتاحتها المقاومة الفلسطينية للجميع، وتوحيد الجبهة الداخلية لتصليب الموقف الوطني الداعم لفلسطين.

وذكر زياد الهاني وأيده في ذلك الإعلامي التونسي برهان بسيس بضرورة إنهاء صفحة الاعتقال السياسي والإفراج عن القيادات السياسية الموجودة في السجون، من أمثال عصام الشابي وجوهر بن مبارك ورضا بلحاج وعبد الحميد الجلاصي.

وقال الهاني: "أوجه كلامي إلى الرئيس قيس سعيد، وأنت تتخذ موقفا وطنيا وقوميا وإنسانيا وإسلاميا مشرفا. اسند نفسك بحملة المبادئ وأصحاب المبادئ. أطلب من رئيس الدولة في هذه الساعات التاريخية، أن يوحد الجبهة الوطنية".

وأضاف: "السيد الرئيس مهما كان الخلاف معك.. ليس عصام الشابي ولا جوهر بن مبارك ولا عبد الحميد الجلاصي ولا من معهم من القادة السياسيين الموجودين في الاعتقال هم من سيغتالونك، وأنت الذي تعلم، وقد رددت أكثر من مرة أن هناك محاولات لاغتيالك، السيد الرئيس اسند نفسك بهؤلاء أصحاب المبادئ الذين كانت لهم الشجاعة أن يقولوا لك لا وأنت في عز سلطانك، هم الذين سيدافعون معك على ذات المبادئ.. السيد الرئيس وحد جبهتك الوطنية، هذه فرصتك التاريخية فلا تضيعها".

وقال برهان بسيس: "أنا أضم صوتي إلى صوتك، إذا كنت أخاف على الرئيس قيس سعيد جديا، فإنني أخشى عليه من الكيان الصهيوني"..



وشهدت تونس منذ فبراير/ شباط الماضي حملة توقيفات شملت إعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال وسياسيين، بينهم رئيس البرلمان السابق ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من قيادات النهضة، منهم علي العريض ونور الدين البحيري وسيد الفرجان، ورئيس الحزب الجمهوري عصام الشابي والقيادي في جبهة الخلاص جوهر بن مبارك وآخرون..

ويتهم الرئيس التونسي قيس سعيد سياسيين بـ"التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، لكن المعارضة تتهمه في المقابل، باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين للإجراءات الاستثنائية التي فرضها في 25 يوليو/ تموز 2021.

وفجر أول من أمس السبت، أطلقت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى في غزة عملية "طوفان الأقصى" ردا على "اعتداءات القوات الإسرائيلية والمستوطنين المتواصلة على الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة".

في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.

اقرأ أيضا: ثالث أيام "طوفان الأقصى".. مجازر في غزة والمقاومة تواصل عملياتها (مباشر)