صحافة دولية

كاتب بريطاني: علينا أن نستعد لنسخة ثانية من ترامب إذا لم يتنح بايدن

يمثل عمر بايدن عقبة أمام تصويت الأمريكيين له خلال الانتخابات الرئاسية القادمة- جيتي
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحفي تيموثي غارتون آش قال فيه، إن أغلب الأمريكيين الذين التقاهم وسألهم عن الرئيس القادم، أجابوا بأنه جو بايدن، لكن هناك مخاوف.

وأضاف، "أن ما أعقب كلمة "لكن" كان عبارة عن قائمة طويلة من المخاوف، تتعلق جزئيا باتجاهات أعمق ولكن بشكل أساسي حول عمر الرئيس البالغ 80 عاما وضعفه، وفي كثير من الأحيان، كانت تنتهي المحادثة بقول الذين قابلهم، (سيكون من الأفضل أن يتنحى بايدن جانبا، للسماح لمرشح أصغر سنا بقلب الانتخابات ضد دونالد ترامب البالغ من العمر 77 عاما)".

وأوضح الصحفي البريطاني أن بايدن رئيس جيد للولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن الانسحاب من أفغانستان كان فوضويا، إلا أنه تعامل مع جائحة كوفيد بشكل جيد ويتعامل مع الحرب في أوكرانيا بشكل جيد إلى حد ما، كما أنه يرأس اقتصادا نابضا بالحياة بشكل ملحوظ، حيث يعمل الإنفاق العام على غرار الصفقة الجديدة على تسريع التحول الأخضر وخلق فرص العمل. 


وتابع، "لكن إذا تعثر جسديا أو عقليا أو سياسيا خلال الماراثون المرهق الذي تمثله حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسمح لترامب بالعودة، فإن هذا هو الشيء الوحيد الذي سيتذكره بايدن".

وأشار في مقاله إلى استطلاع للرأي أجرته شبكة NBC مؤخرا، أظهر أن ترامب وبايدن متقاربان، حيث سجل كل منهما 46 بالمئة، مبينا أن أي عامل من بين عدد من العوامل التي لا علاقة لها بشخصيات وأداء المرشحين قد يرجح كفة أحدهما في هذه الانتخابات المتقاربة. 

ويذكر غارتون، أن العديد من الناخبين الجمهوريين لا يرون ببساطة أن الاقتصاد في حالة جيدة، كما سيضيف الذكاء الاصطناعي إلى الاحتمال المرتفع بالفعل لنشر معلومات مضللة، مع حرص فلاديمير بوتين بالتأكيد على قلب الموازين لصالح ترامب. 

ومن المرجح أن تحصل مبادرات مرشح حزب ثالث، مثل مبادرة الوسط حسنة النية حزب "No Labels" والحملة البيئية التقدمية التي يقودها الناشط الفكري كورنيل ويست، على أصوات من الديمقراطيين أكثر من أصوات الجمهوريين.

وأكد غارتون أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة للديمقراطيين هو تحول الناخبين السود واللاتينيين وغيرهم من غير البيض من الديمقراطيين إلى الجمهوريين، وخاصة من بايدن إلى ترامب، حيث تتوفر تفسيرات اجتماعية وتاريخية لذلك، فضلا عن الجاذبية الغريبة لترامب نفسه، ولكن ليس هناك شك في أن عمر بايدن وضعفه يلعبان دورا.

وقال ثلاثة من كل أربعة أمريكيين شاركوا في استطلاع للرأي مؤخرا، إن بايدن كبير جدا ويجب أن لا يسمح له بفترة ولاية ثانية، يكون عمره في نهايتها 86 عاما. كما أعرب نصف الذين شملهم الاستطلاع عن نفس القلق بشأن ترامب.

وتحدث الصحفي البريطاني إلى أربعة أفراد رأوا بايدن عن كثب في الأشهر الأخيرة. قالوا إنه بخير عقليا، لكن شيخوخته واضحة، وعلق أحدهم على الطريقة التي يتلاشى بها صوته أحيانا إلى أن يصبح غير مسموع تقريبا في نهاية الجملة.

وقال كاتب المقال، "سيتم الكشف عن كل هذا بلا رحمة في التغطية الإعلامية لحملة الانتخابات الرئاسية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وقد لعب سقوط المرشح الرئاسي الجمهوري بوب دول من منصة التجمع الانتخابي دورا في هزيمته عام 1996. وكان صغيرا بالمقارنة يبلغ من العمر 73 عاما، في بيئة إعلامية أكثر هدوءا".


وأوضح، أن بايدن يأتي بعبء آخر، فنظرا لعمره، سيتم تركيز اهتمام غير عادي على نائبته كامالا هاريس، التي قد تضطر إلى شغل منصب الرئيس، لكنها لا تمثل رصيدا انتخابيا عظيما، ولا تكاد تكون مقنعة بأن تشغل منصب "زعيمة محتملة للعالم الحر"، كما أنها بدت هامشية بالنسبة للرئاسة، ولديها معدل تأييد أقل حتى من معدل تأييد بايدن، ولم يكن لها أي بصمة على المسرح العالمي.

وأضاف، أن لدى ترامب، بطبيعة الحال، أعباء ضخمة أيضا، وفي المقام الأول، الدعاوى القضائية المتعددة التي تستهلك الكثير من وقته وتمويل حملته، حيث يمكن أن يقبع ترامب في السجن نهاية تشرين الثاني/نوفمبر العام القادم إذا كان جاك سميث، المدعي العام في القضية المركزية المتعلقة بالاحتيال المحتمل في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، فعالا.

واستدرك، "أن هناك مخاطر مرتبطة بتنحي بايدن في هذه المرحلة المتأخرة، فقد أعرب بعض المراقبين عن قلقهم من أن ائتلاف الحزب الديمقراطي متعدد الألوان الهش يمكن أن يمزق نفسه إذا طلب منه العثور على مرشح جديد".

وتابع، "من المؤكد أن هناك متنافسين ذوي مصداقية من جيل الشباب، مثل حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو (الذي يمكن أن يكون أول رئيس يهودي)، أو حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر (التي يمكن أن تكون أول رئيسة)، أو حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم".

وأكد الكاتب أن مثل أولئك المرشحين لن يقلبوا ورقة العمر ضد ترامب فحسب، ولكنهم سيجددون صورة الولايات المتحدة في العالم، فالناس اليوم ينظرون بدهشة إلى ما يبدو لنا وكأنه حكومة شيوخ في واشنطن، بايدن، 80 عاما، ويقترب من 81. ترامب، 77 عاما، بالإضافة لزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، 81 عاما، الذي يتجمد لمدة نصف دقيقة مثل جهاز كمبيوتر قديم مع اتصال سيء بالإنترنت. 

كما أن رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، التي تترشح مرة أخرى عن عمر يناهز 83 عاما، والسيناتور الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا ديان فاينشتاين ترفض التقاعد في سن التسعين. وهو ما لا يمكن تصديقه ويجب أن يتغير.


ويرى الكاتب، "أن الشخص الوحيد الذي يمكنه اتخاذ هذا القرار هو بايدن، مع زوجته جيل، وإذا حدث ذلك، فمن الأفضل أن يتم بسرعة، حتى يتمكن المرشحون الأصغر سنا من الإعلان عن أنفسهم، وجمع الأموال الكافية وتنظيم الحملات الوطنية، وبعد ذلك يمكن اختيار واحد منهم واختيار مرشح موثوق به لمنصب نائب الرئيس".

وقال أحد المراقبين للسياسة الأمريكية منذ فترة طويلة: "لا بد أن يكون ذلك قبل عيد الشكر". وهذا على بعد أقل من شهرين.

ويضيف غارتون، "عند هذه النقطة، ربما يتساءل بعض القراء الأمريكيين: "من هذا البريطاني الذي يخبرنا بما يتعين علينا أن نفعله؟" كل ما أود قوله ردا على ذلك هو: آسف، لكن هذه الانتخابات لن تحدد مستقبلك فقط".

وأشار إلى أن هناك مجموعة من الانتخابات المثيرة للاهتمام على هذا الجانب من الأطلسي، مثل انتخابات بولندية حاسمة الشهر المقبل، والتي قد تحدد مستقبل الديمقراطية الهشة؛ وانتخابات البرلمان الأوروبي في حزيران/ يونيو المقبل، والتي قد تشهد تحولا حادا نحو اليمين الشعبوي، والانتخابات العامة البريطانية، والتي قد تشهد عودة المملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي إلى شيء ما يقارب التعقل. 

وأكد أن أيا من هذه الانتخابات الأوروبية لن تكون ذات أهمية بالنسبة لأوروبا مثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.

ويخلص كاتب المقال، إلى أن رئاسة ترامب ثانية ستكون بمثابة كارثة بالنسبة للولايات المتحدة. كما أنها ستكون بمثابة كارثة بالنسبة لأوكرانيا، وحالة طوارئ لأوروبا، وأزمة للغرب. 

وختم، "إذا تنحى بايدن الآن، فسوف يكرمه الديمقراطيون في كل مكان، في حين يستطيع الديمقراطيون الأمريكيون اختيار مرشح أصغر سنا للتغلب على ترامب وربما حتى إلهام العالم مرة أخرى بالديناميكية الأمريكية".