ملفات وتقارير

"صبرا وشاتيلا".. 41 عاما على ذكرى المجزرة دون أن يعاقب الاحتلال

تؤكد مصادر فلسطينية وغيرها أن عدد القتلى يصل إلى أربعة آلاف ومنهم أطفال ونساء وشيوخ- جيتي
مرت 41 سنة على مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان، التي راح ضحيتها آلاف الشهداء، وارتكبها الاحتلال ومن تعاون منه من عملاء ومليشيات مسلحة مثل "حزب الكتائب" اللبناني، وجيش لبنان الجنوبي، وذلك بين 16 و18 أيلول/ سبتمبر 1982.

ووقعت المجزرة تحت إشراف وسيطرة قوات الاحتلال، عندما بدأت مليشيا لبنانية متعصبة مذبحة وحشية مدتها ثلاثة أيام ضد عدة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب المدنيين اللبنانيين، في مخيمي صبرا وشاتيلا قرب العاصمة اللبنانية.

وجاءت أيضا أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، والذي كان هدفه الرئيسي "سحق منظمة التحرير الفلسطينية المتمركزة هناك".


وكانت غالبية سكان المخيمات من عائلات اللاجئين الفلسطينيين الذين تعرضوا للمذابح والتطهير العرقي المنهجي والسلب على يد العصابات الصهيونية، ثم دولة الاحتلال ضمن أحداث النكبة لعام 1948.


وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، أن قوات الجيش الإسرائيلي التي كانت تحتل بيروت آنذاك تحت القيادة العامة لأرييل شارون بصفته وزير الجيش، سمحت لأفراد مليشيا "الكتائب" بدخول المخيمين؛ مضيفة أن الحصيلة الدقيقة للشهداء المدنيين لن تُعرف أبدا؛ وتقديرات المخابرات العسكرية الإسرائيلية تقدر أن العدد يتراوح بين 700 و800 شخص، بينما تؤكد مصادر فلسطينية وغيرها أن عدد القتلى يصل إلى أربعة آلاف، من بينهم الأطفال والنساء والحوامل والشيوخ.

وكشفت أن هؤلاء الضحايا مُثِّل ببعضهم أشنع تمثيل، ونُزعت أحشاؤهم قبل أو بعد قتلهم، وبحسب ما ذكر صحفيون وصلوا إلى الموقع إثر المجزرة فإنهم شاهدوا أدلة على عمليات إعدام للشبان. 

ونقلت المنظمة شهادة الصحفي، توماس فريدمان، من صحيفة "نيويورك تايمز"، الذي قال: "رأيت في الأغلب مجموعات من الشبان في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم، صُفُّوا بمحاذاة الجدران، وقُيِّدوا من أيديهم وأقدامهم، ثم حصدوا حصدا بوابل من طلقات المدافع الرشاشة بأسلوب عصابات الإجرام المحترفة".


وقالت: "تؤكد كل الروايات أن مرتكبي هذه المجزرة الغاشمة هم من أعضاء مليشيا الكتائب، وهي قوة لبنانية ظلت إسرائيل تسلحها وتتحالف تحالفا وثيقا معها منذ اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975".

وذكرت أن أعمال القتل ارتكبت في منطقة خاضعة لسيطرة جيش الاحتلال، الذي أنشأ مركزا أماميا للقيادة على سطح مبنى متعدد الطوابق يقع على بعد 200 متر جنوب غربي مخيم شاتيلا.

وفي شباط/ فبراير 1983 أوردت لجنة التحقيق الإسرائيلية المكلفة بالتحقيق في الأحداث التي وقعت في مخيمي صبرا وشاتيلا، وهي لجنة مستقلة تتألف من ثلاثة أعضاء وتعرف باسم "لجنة كاهان" اسم شارون في نتائج تحقيقها باعتباره أحد الأفراد الذين "يتحملون مسؤولية شخصية" عن مجزرة صبرا وشاتيلا.


وكانت التوصية النهائية التي خرجت بها اللجنة هي أن يُعفى شارون من منصب وزير الجيش، وأن ينظر رئيس وزراء الاحتلال حينها في إقالته من وظيفته، "إذا اقتضت الضرورة".

ورغم الإدانة العالمية للمجزرة، فإنه لم يتم توقيف أي من المسؤولين عنها أو محاكمته أو إدانته، خصوصا أن مجموعة من الناجين رفعت دعوى قضائية على شارون، في بلجيكا، لكن المحكمة رفضت النظر في القضية في أيلول/ سبتمبر 2003.



تزامن الذكريات 
تتوافق هذه الذكرى مع ذكرى أخرى لقرار أممي صدر في 19 أيلول/ سبتمبر من نفس العام يدعو الدورة السابعة والثلاثون للجمعية العامة للأمم المتحدة "UNGA37" إلى فرض عقوبات على دولة الاحتلال.

وتأتي هذه الذكريات وسط مطالبات متجددة للجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 78 بإعادة تنشيط اللجنة الأممية الخاصة والمعنية بالفصل العنصري، والتي تم إنشاؤها كأداة فعالة لإنهاء الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وفرض عقوبات مستهدفة وقانونية، بما في ذلك الحظر العسكري، للمساعدة في تفكيك الفصل العنصري.

وأفادت حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "BDS" بأنه منذ تموز/ يوليو الماضي انضمت أكثر من 300 منظمة من منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء العالم إلى الدعوة التي تطالب الأمم المتحدة بالتحقيق واتخاذ إجراءات فعالة لإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي.

وقالت في بيان لها في ذكرى المجزرة: "يجب على الأمم المتحدة أن تستجيب للدعوة التي يقودها الفلسطينيون من أجل الحرية والعدالة والمساواة.. وندعو منظمات المجتمع المدني في كل مكان إلى دعم هذه المبادرة".


ودعت الحركة إلى "محاسبة نظام الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري الإسرائيلي على هذه الجرائم الوحشية وغيرها"، قائلة إن "هذه المذبحة هي تذكير صارخ بالتهجير العنيف المستمر الذي تقوم به إسرائيل للفلسطينيين الأصليين وحرمانها من حق اللاجئين في العودة".