صحافة دولية

أويل برايس: العراق وجه صفعة لأمريكا باتفاق النفط مقابل الغاز مع إيران

يستورد العراق الغاز والكهرباء من إيران بمليارات الدولارات سنويا- جيتي
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي مقالًا للكاتب سيمون واتكينز تحدث فيه عن الصفعة القويّة التي تلقتها الولايات المتحدة من السلطات العراقية بعد إعلانها استئناف استيراد الغاز والكهرباء من إيران مقابل النفط.
 
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة تبحث منذ انتهاء مهامها القتالية في العراق عام 2021 عن طريق للعودة إلى مناطق النفط والغاز الضخمة غير المستغلة في البلاد، فيما يسعى العراق إلى استغلال حاجته للمال من الولايات المتحدة دون السماح لها بالعودة بأي طريقة".
 
ويذكر المقال، "أن العديد من المحللين يرجحون هذا التردد إلى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 أو وما تلاه، ولكن لم يساعد أي من هذه العوامل واشنطن في تحقيق طموحاتها في العراق، ولم يدقّ أي منها المسمار الأخير في نعش العلاقة الثنائية بين البلدين".
 

وأشار واتكينز، "إلى أن الصفعة التي تلقتها واشنطن قاسية بالنظر إلى منح الولايات المتحدة العراق منذ سنوات عشرات المليارات من الدولارات للمساعدة في شؤونه المالية بشرط أن تقلل الدولة وارداتها من الغاز والكهرباء من إيران إلى الصفرة.

ويضيف، "بالنسبة للولايات المتحدة، ركزت أولوياتها على إنهاء اعتماد العراق على إيران في توفير حوالي 40 بالمئة من واردات الغاز والكهرباء ليوفر نقطة انطلاق ممتازة للشركات الأمريكية للعودة إلى العراق لبدء فصل تجاري جديد في تاريخ البلدين".
 
وتابع، "لتشجيع العراق على تحقيق هذه الغاية، منحته الولايات المتحدة إعفاءات مواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران.

وأردف، "صاحب هذه التنازلات تمويل ضخم وزيارة سنوية لرئيس وزراء البلاد إلى واشنطن في آب/ أغسطس أو أيلول/ سبتمبر للمطالبة بالمال لإنقاذ ميزانية العراق حيث يعتبر الفساد وخاصة في قطاع النفط السبب الرئيسي وراء حاجة ميزانية العراق إلى الإنقاذ كل عام".
 
وذكر الكاتب، "أن الخيانة الأكثر إثارة للصدمة لثقة الولايات المتحدة المتفائلة في العراق جاءت من مصطفى الكاظمي، الذي كان يتلاعب بالولايات المتحدة بشكل جيد لدرجة أنه في أيار/ مايو 2020 منحته واشنطن أموالًا أكثر من ذي قبل وأطول تنازل على الإطلاق - 120 يومًا - لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران شريطة أن يتوقف العراق عن ذلك قريبا".

وتابع، "بمجرد إيداع الأموال وعودته إلى العراق وقع العراق عقدًا لمدة سنتين أطول فترة على الإطلاق مع إيران لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران".
 

وعلى خلفية ذلك، أعلنت مورغان أورتاغوس، المتحدثة باسم وزارة الخارجية آنذاك، في مؤتمر صحفي أن الولايات المتحدة استهدفت 20 كيانًا في إيران والعراق بعقوبات جديدة لكونها أدوات في تحويل الأموال إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، حيث تواصل هذه الكيانات استغلال اعتماد العراق على إيران كمصدر للكهرباء والغاز من خلال تهريب النفط الإيراني عبر ميناء أم قصر العراقي وتبييض الأموال عبر شركات واجهة عراقية، وفق المقال.

وذكر المقال، بأن أورتاغوس عبرت عن قلق واشنطن من مواصلة العراق العمل كقناة لإمدادات النفط والغاز الإيرانية لتشق طريقها إلى أسواق التصدير الرئيسية في العالم.
 
وأضاف، "بالنظر إلى خطوات رئيس الوزراء العراقي الحالي، محمد شياع السوداني، قد تكون هذه الحيلة الأخيرة في جهود هذا العام للحصول على تنازل آخر بما في ذلك السماح بدفع الأموال من خلال النظام المصرفي الإيراني العادي والحصول على مزيد من الأموال 
من الولايات المتحدة".
 
وأوضح واتكينز، "أن السوداني وجّه تهديدين مبطنين للولايات المتحدة، أولهما كان عبر المؤسسة الحكومية العراقية لتسويق النفط (سومو) التي نبّهت إلى أن آفاق إنتاج النفط على المدى الطويل في البلاد يمكن أن تتضرر بشدة من خلال صفقة مقايضة النفط مقابل الغاز مع إيران".

وبحسب الكاتب فإن الوفاء بشروط الصفقة، يوجب على العراق تسريع الإنتاج من أكبر حقوله في الجنوب، مما قد يؤدي إلى إتلاف هياكل الآبار، وتقليل طول عمرها وعوائد الإنتاج الإجمالية. وهذا يعني أنه إذا عادت الولايات المتحدة إلى العراق، فإن العديد من حقولها النفطية الكبرى ستتضرر بشكل لا رجعة فيه.
 

وعن التهديد الثاني قال واتكينز، "إن إنتاج النفط العراقي سيتراجع بمرور الوقت ما سيرفع أسعار النفط وهو ما لا تريده الولايات المتحدة وحلفاؤها، وهذا التهديد صدر عن وزير النفط العراقي الذي صرّح بأن مثل هذه الصفقة قد تؤدي إلى تعاون أكبر بين العراق وإيران في التنقيب المشترك عن حقول النفط وتطويرها، ما يعني بالنسبة للولايات المتحدة استبعاد بعض حقول الرئيسية من خطط التنمية المستقبلية إلى الأبد، والأسوأ من ذلك أنها قد تصبح تحت تأثير الصين مباشرة".

وخلال عام 2018 مُنحت الصين السيطرة الفعالة على جميع حقول النفط والغاز الإيرانية من خلال "اتفاقية التعاون الشامل بين إيران والصين لمدة 25 عامًا، بحسب كاتب المقال.
 
وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تمر في الوقت الحالي بالمراحل الخمسة للحزن على نهاية تصوراتها للعراق وهي: الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب ثم القبول. 

وختم كاتب المقال بالقول، "إن واشنطن لا تزال في مرحلة الإنكار وعندما تصل إلى مرحلة القبول، قد تمنح تنازلا آخر للعراق لمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران، بما في ذلك السماح له بالدفع عبر الوسائل العادية، مع منحه بضعة مليارات من الدولارات.