سياسة عربية

"ملائكة الأشرفية".. دوريات حراسة ليلية في بيروت تثير انتقادات

قوبلت المبادرة بانتقادات ورفض من قبل السلطات المحلية- جيتي

أثار تكوين دوريات حراسة ليلية في منطقة الأشرفية، شرق العاصمة اللبنانية بيروت، جدلا واسعا، حيث يقوم أفراد يحملون هراوات ومشاعل بتولي مهمة الأمن بأنفسهم.

والشهر الماضي، أطلق السياسي المسيحي نديم الجميّل، ابن الرئيس اللبناني الراحل بشير الجميّل"، مبادرة "مراقبة الحي" التي تضم 120 شاباً من الأشرفية، بتنظيم من  جمعية "أشرفية 2020"، سيعملون كـ"ملائكة حراس" للسكان من السادسة مساءً حتى السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، "بالتعاون الكامل مع الجيش وقوى الأمن الداخلي وبلدية بيروت"، فيما أوضحت الجمعية أنها تعاقدت مع شركة أمنية تدعى A.M.N لـ"إدارة الخدمات اللوجستية وضمان رفاهية السكان".

وتمثل دوريات الحراسة الليلية التي بدأت بالظهور هذا الشهر في بعض أفضل شوارع بيروت أحدث مظاهر الأزمة التي يعيشها لبنان منذ انهيار اقتصاده عام 2019، والتي تسببت في إصابة معظم قطاعاته بحالة من الشلل وقادت إلى ارتفاع هائل في معدلات الفقر في ما شكل أسوأ صدمة منذ الحرب الأهلية التي دارت في الفترة من 1975 إلى 1990.


وقالت "أشرفية 2020" عبر "فيسبوك" إنها تحركت "تلبية لمراجعات السكان الذين طالبوها مراراً بضمان راحتهم"، في الوقت الذي تعرف فيه الجمعية عن نفسها بأنها "غير حكومية وغير فئوية وغير سياسية تتولى تنظيم نشاطات إنمائية واجتماعيّة وإنسانية".


ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن أمين سر الجمعيّة أكرم نعمة قوله إن منطقة الأشرفية "تشهد تفلتاً أمنياً منذ مدة، حيث تفشت السرقات والعصابات وعمليات التشليح وكأنها أرض سائبة. لا تمر ليلة من دون حصول عملية سرقة. إذا توجهنا إلى الدرك،فإنهم يشكون من نقص العدة والعتاد ومن إضراب القضاة الذي يشلّ من قدرتهم على تسلّم بعض الحالات. فهل نقف مكتوفي الأيدي ونتفرج؟".


ورفض نعمة أي حديث عن "أمن ذاتي" أو "مليشيات" أو "محاولات تقسيمية" وغيرها من الانتقادات التي توجه بها معارضو الفكرة، داعيا إلى عدم "تحميل المسألة أكثر مما تحتمل"، بحسب تعبيره.


وتابع: "الشباب مهذبون ومحترمون ومزوّدون فقط بمصابيح وعصيّ صغيرة ويرتدون سترات تحمل شعار الشركة، ويمنع عليهم منعاً باتاً التعاطي مع أي شخص أو السؤال عن هويته أو اسمه أو وجهته. وفي حال الاشتباه بأحد يجري التواصل فوراً مع القوى الأمنية أو المخابرات، إلا في حالة الجرم المشهود. حينها نلقي القبض على الفاعل من دون التعرض له أو حتى التحقيق معه، وننتظر قدوم القوى الأمنية لتسلّمه".


وانطقت الدوريات الليلية في عملها الشهر الماضي في أحياء السوديكو والتباريس وفرن الحايك وحيمري والحكمة، حيث تسعى الجمعية إلى تغطية كامل أحياء الأشرفية في غضون 100 يوم، مستعينةً بحوالي 120 شاباً من أبناء المنطقة، ينتشر 8 منهم في كل حي تحت إمرة "مشرف"، حيث يتقاضى كل عضو 200 دولار شهرياً، فيما لا تقل تكلفة الرواتب عن 300 ألف دولار سنوياً، بحسب أكرم نعمة.


وأشارت صحيفة "الأخبار" إلى أن رئيس مجلس إدارة مصرف "سوسيتيه جنرال" أنطون الصحناوي، يعتبر أحد أبرز الممولين للجمعية، إضافة إلى انتماء العديد من الشباب المشاركين في المبادرة إلى مجموعة "جنود الرب" المقربة منه أو التابعة له.

انتقادات


في المقابل، أعرب رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت جمال عيتاني، عن رفضه لـ"محاولات فرض أي شكل من أشكال الأمن الذاتي في بيروت"، مؤكداً أن المجلس البلدي "لم يمنح أي موافقة ولو طلبوها هم أو سواهم، فما كنا لنقبل".


من جهته، أكد محافظ بيروت مروان عبود، أنه لم يمنح أي إذن للشركة، "وقبلهم هناك من حاول القيام بأمر مماثل في شارع الحمرا، لكن يبدو أنهم لم ينجحوا في تأمين التمويل اللازم". 

ولفت إلى أن "شركات الأمن تستحصل على التراخيص من وزارة الداخلية، والوزارة هي التي تشرف على أعمالهم وتراقبها، ومن يمنح الترخيص هو الذي يسحبه. والرخصة هي التي يفترض أن تحدد نطاق أعمالهم ومهماتهم". 


وتابع: "إجمالاً شركات الأمن ترخص لحماية الأملاك الخاصة، ولا علم لي في ما إن كان الترخيص يسمح لهم بالتجول في الشوارع والأملاك العامة، لكن بحسب تصوري فإنه لا يحق لهم القيام بذلك. فنحن لا نبلغ من هي الشركات الأمنية ولا نسلم نسخة عنها ولا عن تراخيصها. وفي الوقت عينه، فإنه يفترض درس الموضوع من عدة جوانب، فهنالك 120 فرصة عمل تأمنت، والشباب بحسب علمي يعملون كمخبرين للأجهزة الأمنية ولا يقومون بأي عمل من دون إبلاغ القوى الأمنية والعسكرية".

زمن المليشيات

وقوبلت الانتقادات برفض من الجميّل النائب عن حزب الكتائب، الذي قاد والده بشير المليشيات المسيحية الرئيسية في الحرب الأهلية حتى اغتياله عام 1982 بعد انتخابه رئيسا.

وقال: "مانا مليشيا، نحن اليوم مانا مسلحين ولا عندنا صواريخ ولا عندنا مسيرات ولا عندنا كل العتاد اللي بيحكوا عنه، واصفا الدولة بأنها غائبة".


وتابع: "لو هما قاموا بالواجب تبعهن وضووا الشوارع ما كنا مضطرين نحنا نضوي الشوارع، لو هما كانوا موجودين وما خلوا البلد ينهار ما كنا نحن مضطرين نيجي نقف في الشوارع ونطمن أهالينا".

وتعرضت الأجهزة الأمنية اللبنانية، شأنها شأن باقي مناحي الدولة، لضربة شديدة بسبب انهيار قيمة العملة بنسبة 95 بالمئة، الأمر الذي قلص قيمة الأجور التي يتقاضاها الجنود وأفراد الشرطة.

إلا أن النائبة بولا يعقوبيان وصفت الأمر بأنه قصر نظر وتساءلت عن ما إن كانت البلاد قد عادت لزمن المليشيات، مضيفة أن البلد يتفكك ويتداعى وأن هذا من الأمور التي ستسهم في انهياره، بحسب تصريحاتها لوكالة رويترز.