قضايا وآراء

الفلسطينيون والحاجة الماسة لانتخابات شاملة وعاجلة

1300x600
يبدو الفلسطينيون في اللحظة الراهنة في أمسّ الحاجة لانتخابات عاجلة تُنقذ ما يمكن إنقاذه في ظل حالة العبث التي تغرق فيها قيادة السلطة، وهي الحقيقة التي يدركها كثير من الفلسطينيين، حيث انعكس ذلك في سلسلة من الفعاليات الاحتجاجية المتذمرة بشكل مباشر أو غير مباشر، فحراك النقابات المتصاعد وعلى رأسها نقابة المحامين، والمبادرات المتعددة التي أطلقتها شخصيات وطنية وازنة، بعضها من العمود الفقري لحركة فتح كناصر القدوة، والفعاليات المنددة بالغلاء في العديد من المدن الفلسطينية، كلها تثبت حالة واسعة من التململ والغضب.

وتتكثف أهمية الانتخابات وضرورتها لتشكيل قيادة فلسطينية جديدة تُمثّل الفلسطينيين بشكل حقيقي، في ظل سلسلة من الإخفاقات التي تعيشها قيادة السلطة وعلى رأسها السيد محمود عباس، حيث فشلت السلطة في مسارها السياسي الذي آمنت به طويلا، ودافعت عنه بقسوة شديدة بلغت حد الفتك بكل قوة بجميع من يعارضها، ذلك أنها لم تتقدم شبرا واحدا باتجاه تحصيل أي حقوق للفلسطينيين، رغم الثمن الباهظ الذي دفعته تنسيقا أمنيا، جعل من احتلال الضفة أرخص احتلال ممكن، متيحا له التمدد الاستيطاني والسياسي بكل أريحية.

كما فشلت السلطة داخليا، فالفوضى والفلتان يتصاعدان بشكل كبير، وذلك طرديا مع تصاعد القمع والاعتقال السياسي، والاعتداء على المعارضين، والمؤسسات الوطنية، كما جرى مع نزار بنات، وناصر الدين الشاعر، والاعتداء على الطلبة في جامعة النجاح، واعتقال المعارضين بتهم مضحكة كإثارة النعرات الطائفية، والذي وصل أخيرا إلى اعتقال النساء كما رأينا في حادثة اعتقال ميسون أبو عرار.
فشلت السلطة في مسارها السياسي الذي آمنت به طويلا، ودافعت عنه بقسوة شديدة بلغت حد الفتك بكل قوة بجميع من يعارضها، ذلك أنها لم تتقدم شبرا واحدا باتجاه تحصيل أي حقوق للفلسطينيين، رغم الثمن الباهظ الذي دفعته تنسيقا أمنيا، جعل من احتلال الضفة أرخص احتلال ممكن

وقد بلغ الفشل حدا كبيرا في عجز السلطة عن إقناع النخب بمشروعها، حيث تصاعد الغضب والاحتجاج في أوساط النقابات، كما جرى مع المعلمين والمهندسين والمحامين، الذي فجّروا قضية في غاية الخطورة، وهي عدوان السلطة التنفيذية على القانون والقضاء عبر سن كم كبير جدا من القوانين بقرارات تصدر عن رئيس السلطة، دون أي رقابة، أو دراسة، وهو ما ضاعف من قدرتها على التغول على حقوق الفلسطينيين، كما جرى في القرارات المتعلقة بتقييد الحريات على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي حل المجلس التشريعي، وفي العبث بقوانين الانتخابات وتغييرها أكثر من مرة.

كذلك تمثل فشل السلطة في عدوانها على حقوق الفلسطينيين المتعلقة بضرورات حياتهم اليومية، كما في قطع الرواتب، والفصل من الوظيفة العامة، وحرمان الفئات الهشة المستفيدة من الشؤون الاجتماعية من مستحقاتها، وفي عجزها عن مواجهة الغلاء المتصاعد، والذي ذكر 79 في المئة من الفلسطينيين في استطلاع الرأي الأخير للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن السلطة لا تقوم بما يكفي للحد من آثاره.
ضرورة أن يتكاتف الكل الفلسطيني، فصائل، ونخبا، وتيارات، ومؤسسات مدنية وحقوقية ومجتمعية، وجماهير، من أجل تشكيل تحالف وطني ضاغط، غايته الأساسية الضغط على السلطة، وقيادتها، للذهاب إلى انتخابات شاملة، بشكل عاجل، بعيدا عن كل الذرائع الواهية التي تروجها السلطة

وكل ما سبق يُنبه إلى ضرورة أن يتكاتف الكل الفلسطيني، فصائل، ونخبا، وتيارات، ومؤسسات مدنية وحقوقية ومجتمعية، وجماهير، من أجل تشكيل تحالف وطني ضاغط، غايته الأساسية الضغط على السلطة، وقيادتها، للذهاب إلى انتخابات شاملة، بشكل عاجل، بعيدا عن كل الذرائع الواهية التي تروجها السلطة، كقضية الانتخابات في القدس. فهي أول من يعلم أن الفلسطيني قادر على فرض الانتخابات في القدس، متى تم التوافق على ذلك، كما أنها أول من يعلم أنها تؤجل الانتخابات لأنها تخشى خسارتها، ولا تريد من ينافسها، لأنها مؤمنة أنها ستخسر نتيجتها.

لو كانت السلطة صادقة في توجهاتها، لأوجدت صيغة معقولة لتجديد قيادة منظمة التحرير، بدلا من طريقة تعيين حسين الشيخ التي جرت دون أن يستشار فيها أي فلسطيني، ولعقدت الإطار القيادي المتمثل بالأمناء العامين للفصائل، ولنجحت في إقناع فصائل مهمة في المنظمة، كالجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية وحزب الشعب، بإجراءاتها التي اضطرت تلك الفصائل لمقاطعتها، لما تدركه من كونها مجرد قنبلة دخان لا أكثر.