كتب

مفكر مغربي: الإسلام رفع شأن العرب وأنقذهم من براثن التخلف

عبد الله العروي: الإسلام المستنير مطالب اليوم بأن يحقق قطيعة معرفية مع المنهج والرؤية السلفية

الكتاب: السنة والإصلاح
الكاتب: عبد الله العروي 
الناشر: المركز الثقافي العربي،بيروت، 2008


العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أن الوحي الإسلامي بلسان عربي. وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطا صميميا. وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملا، ولا واحدا في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام. 

فهناك شعوب مسلمة استوعبها التعريب، ورسخت فيها الثقافة العربية الإسلامية حيث سادت اللغة العربية، وهناك أمم عريقة مجاورة اعتنقت الإسلام وشاركت في بناء الحضارة الإسلامية، انطلاقا من تفسيراتها للإسلام المرتبطة جزئيا على الأقل، بخلفيتها التاريخية والثقافية والحضارية والدينية العريقة التي وجدت قبل الإسلام بقرون عديدة. 

ومثلما أن الاحتفاظ بمكة وتكريس تقديسها وتحويلها إلى مركز لعبادة التوحيد الإسلامية يشير إلى النزعة القومية العربية الجديدة التي حملها الإسلام، والتي خاضت حروبا طاحنة في سبيل توحيد عرب الجزيرة، والتي انطلقت استنادا لتلك الوحدة العربية الجديدة لتوسيع سيطرتها على سوريا وفلسطين، ثم الانطلاق نحو مصر وأفريقيا، مثلما أن الاحتفاظ بمكة رمزا حضاريا عربيا قوميا، فإن انتقال مركز الخلافة إلى دمشق، ونشوء الدولة الأموية كثمرة لتطور طبيعي في سياق الظروف الدولية والإقليمية السائدة آنذاك في القرن السابع الميلادي، وكذلك الواقع الاقتصادي ـ الاجتماعي حينذاك، وتحولها إلى إمبراطورية عربية مترامية الأطراف، شكلت قطيعة بالمعنى الجدلي مع فجر الإسلام (عصر الخلفاء الراشدين)، وفتحت الباب أمام نشوء طبقة أرستقراطية عربية متكونة من أبناء القبائل العربية الأساسية، بصرف النظر عن دورها في الإسلام.

وهكذا، فإن الإسلام العربي لم يكن مجرد دين بالنسبة للعرب؛ لأن النبي محمد بذل جهدا مستمرا في اضطلاعه ببلورة نظرية لتفسير نصوص الوحي، دامجا بذلك بين عملية الوحي بإطلاقيتها وعملية التفسير بتاريخيتها داخل عملية واحدة، تجمع بين الإلهي والإنساني في ثنائية تطابقية بين المطلق والنسبي، الكلي والجزئي، اللامتناهي والمتناهي، المفهوم والتعين. ما يميز تجربة العرب مع الإسلام ارتباطه بالضرورة بالتاريخ والسياسة. 

من هنا، يتبدى الإسلام على أنه دلالة الزمان والحياة، أي دين ودنيا، من خلال هذا الاتحاد بين الوحي (المعنى) والواقع التاريخي. وتجربة العرب مع الإسلام ليست أبدا تجربة أوروبا مع المسيحية ولا الهند مع البوذية، ولا نريد بأن نوحي بذلك، كما سيتبادر إلى ذهن البعض الحريص على المقارنة والمماثلة، أن المجتمع العربي لم يقم بثورة فكريه وعلمية (وهذا أمر واقع، وإن كان لا يستدعي في الواقع البكاء) ولكن الأكثر من ذلك، وبشكل رئيسي، أن تاريخ هذا الدين بالنسبة للمجتمع العربي، لم يكن تاريخ الدين المسيحي بالنسبة للغرب.

الثورة التي قام بها الإسلام في الجزيرة العربية ثم في المجتمع العربي عموما، هي في مضمونها التاريخي ثورة قومية عربية، وهذا يؤكد أن الوعي القومي للنبي محمد في رسالته، والثورة العربية الإسلامية التي قام بها حاضرٌ، بما أنه أسس حركة عربية قومية، رفعت شأن العرب وأنقذتهم من براثن التخلف، وكانت في أصل تحولهم إلى مدنية وإمبراطورية عالمية، عززت مكانة العرب في إطار الصراع الدولي المحتدم آنذاك مع الإمبراطوريات المجاورة، وأدت إلى احتلالهم موقع الريادة في قيادة السياسة الدولية. ويتجلى الوعي القومي واعتزاز محمد بأنسابه إلى القومية العربية في قوله: "الذين يتبعون الرسول النبي الأمين الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل".

ويضيف: "... إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين"، وكقوله: "قل لئن اجتمعت الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا* ولقد صرّفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا"، باعتبار أن القرآن الذي أتى به محمد هو تنزيل رب العالمين، "نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين* بلسان عربي مبين".

وبذلك أعطى الإسلام العرب رسالة، وغدا حسب مفهوم ذلك الزمان ثوريا، بالنسبة لمرحلة التشرذم القبلي؛ لأنه اتخذ موقفا سلبيا من البداوة، واستخدمه محمد في ثورته القومية كسلاح إيديولوجي وسياسي في سبيل توحيد عرب الشمال مع عرب الجنوب، في إطار دولة واحدة، جمعت بين البدو والحضر في دعوة واحدة وحركة إسلامية واحده، وأنهت بذلك "حالة المجابهة والصراع بين البدو والحضر لفترة تناهز قرنين"، من أجل مواجهة ودرء أخطار ومطامع الأمم المجاورة: الفارسية، والحبشيه، والبيزنطية، التي كانت تهدد الجزيرة العربية، ومركزها التجاري مكة، والطريق التجاري الذي يقود إلى البحر الأسود عبر فارس، وإلى سوريا وآسيا الصغرى، والطريق الذي كان يمر بالبحر الأحمر.

 

الثورة التي قام بها الإسلام في الجزيرة العربية ثم في المجتمع العربي عموما، هي في مضمونها التاريخي ثورة قومية عربية، وهذا يؤكد أن الوعي القومي للنبي محمد في رسالته، والثورة العربية الإسلامية التي قام بها حاضرٌ، بما أنه أسس حركة عربية قومية، رفعت شأن العرب وأنقذتهم من براثن التخلف، وكانت في أصل تحولهم إلى مدنية وإمبراطورية عالمية.

 



ويمكن القول من ناحية الواقع التاريخي؛ إن الإسلام باعتباره عقيدة ورباطا سياسيا، وثقافة، وشريعة، وأساسا إيديولوجيا للمجتمع العربي الإسلامي، قد تحول مع الزمن ومع مرور الوقت إلى البوتقة التاريخية التي صهرت فيها، وتكونت ونوقشت وتجددت كل النظم والنظريات والفلسفات القانونية والأخلاقية والسياسية للمجتمع العربي، بحيث أصبحت المدنية العربية والقيم والنظم الإسلامية شيئا واحدا، ولم يعد للشخصية العربية من مرتكز ثابت وواع وحقيقي آخر غير الإسلام، وما ارتبط به عبر التاريخ من نظم واعتقادات، حتى ولو كانت هذه النظم ليست أمينة كليا لتعاليمه الحقيقية.

ووفق هذا المنظور، فإن دولة المدينة التي أسسها النبي محمد وتحولت في المراحل اللاحقة من انتشار الإسلام إلى امبراطورية عربية واسعة شاسعة، شملت أيام الخلفاء الراشدين كل الجزيرة وسوريا وفلسطين والعراق، ومصر، وإيران (فارس)، ثم لاحقا بلاد المغرب، كانت حدود الدولة فيها هي الحدود القومية، إذا استثنينا البلدان التي لم تتعرب، حيث كان التطابق التام بين الدولة القومية والأمة قائما. وبما أن الإسلام المبكر كان دين العرب والفاتحين، وعلى كاهلهم وقعت مسؤولية نشره بين مختلف الأمم، والعروبة في المراحل الأولى ومن بداية الفتح العربي الإسلامي وحتى نهاية العصر العباسي، كانت حاملة لرسالة الإسلام، فإن العلاقة بين الإسلام والقومية العربية كانت علاقة تأسيس، لأن القومية العربية ليست لها فلسفة خاصة معروفة ولا أسس عقائدية ثابتة، يمكن العرب بواسطتها التجمع حولها كما يتجمع أصحاب العقائد الواضحة والمبادئ المفصلة، التي تقوم على مخطط فلسفي معروف.

فالعلاقة بين الإسلام التاريخي المتمايز عن الإسلام الميتافيزيقي أو الأسطوري ـ باعتباره الدين الجديد الذي سرعان ما تمظهر في شكل الدين القومي الحربي الجماعي، الذي وجد له قاعدة اجتماعية سياسية منذ الهجرة إلى المدينة، وأصبح مدعوما بوساطة النجاحات السياسية في قلب المجتمع العربي كحدث تاريخي بشكل كامل، الذي في ظله استكملت الأمة العربية وحدتها القومية، بوصفه أحد مكونات المجتمع العربي ـ،  وبين العروبة واللغة العربية، أصبحت رابطة عضوية؛ لأن العربي أسهمت إسهاما فعليا بواسطة الاتصال اللغوي في تغذية وتقوية الإسلام، كإيمان، وكقانون، وكأخلاق، وفي إنتاج الإسلام التاريخي كتراث حي من خلال الممارسة السياسية والإيديولوجية، والنهضة الثقافية والفكرية والحضارية، التي تقوم بها الذات على ذاتها في مرحلة تاريخية محددة من تاريخ الأمة العربية هي مرحلة الثورة العربية ـ الإسلامية، التي كانت أكثر عمقا وامتدادا في جذور التاريخ العربي، وفي المراحل الذهبية من تكوين وتطوير الدولة الإمبراطورية العربية الإسلامية المركزية، وهذا الإسلام التاريخي أعطى قوة دفع قوية لفكرة القومية العربية، من خلال الدور الذي اضطلع به كإطار للمدنية والحضارة للدولة ـ الأمة (الأمة الروحية) منذ دولة المدينة أولا، ثم في أعقاب الفتوحات الإسلامية وتشكل الدولة الإمبراطورية العربية الإسلامية، التي أصبحت الأمة العربية في صيرورتها مجتمعا تاريخيا مجهزا بدولة ومسؤوليات، وله استراتيجية سياسية واقتصادية، ومؤسسات، وإدارة قضائية، وبلورة للقانون الديني المثالي: الشريعة، وانتشار لثقافة دنيوية، وحضارة مادية دنيوية أيضا، ثانيا.

أي إصلاح نحتاج؟

لا شك أن الدكتور عبد الله العروي مفكر وفيلسوف كبير على الرغم من تواضعه، بيد أن كتابه الأخير عن "السنة و الإصلاح" هو كتاب إشكالي مكتوب بأسلوب روائي أكثر منه بأسلوب فلسفي، لكنه لا يتطرق إلى الأزمات البنيوية التي يعيشها عالمنا العربي، ولا سيما مسألة الإصلاح في الفكر الإسلامي، فالمثقف الملتزم بالمعنى الغرامشي للكلمة، هو المثقف الذي يحتك ويشتبك مع المعضلات التي تعاني منها أمته.

مازال المشروع الثقافي العربي التنويري سجين نظام الأنظمة المعرفية والإيديولوجية التقليدية. لقد عاجلته في الماضي المؤسسة الدينية والحركات الإسلامية المحافظة، التي تهاجم العلوم العقلية، والحداثة، وتقدم للناس في مؤلفاتها خطاباتها الإيديولوجية والسياسية، بأن هناك إسلاما واحدا صحيحا ومستقيما، تدعي بأنها تنفرد بمعرفته، وتتقيد به دون سواها، وتكفر بالآخر. 

وهذه النظرة التيولوجية التقليدية والمحافظة التي سيطرت على الوعي العربي ـ الإسلامي، التي تدعو إلى إعتناق المذهب الواحد، بإثبات مطلق الإرادة الإلهية على كل شيء، الإنسان والطبيعة، هي في الحقيقة التاريخية تنتج باستمرار إيديولوجيا إسلامية مأزومة ومهزومة تمجد السلطات القائمة، وتدعو إلى الطاعة، وتبرر للفئات الحاكمة المهيمنة على السلطة المحافظة على امتيازاتها الطبقية، والحفاظ على هذا الوضع القائم، وترفض على هذا الصعيد أحداث قطيعة تاريخية كلية مع دائرة الفكر البدعوي، المنطلق من وجود إسلام أصيل يتطابق مع مفهوم الدين الحق.

 

مازال المشروع الثقافي العربي التنويري سجين نظام الأنظمة المعرفية والإيديولوجية التقليدية. لقد عاجلته في الماضي المؤسسة الدينية والحركات الإسلامية المحافظة، التي تهاجم العلوم العقلية، والحداثة، وتقدم للناس في مؤلفاتها خطاباتها الإيديولوجية والسياسية، بأن هناك إسلاما واحدا صحيحا ومستقيما، تدعي بأنها تنفرد بمعرفته، وتتقيد به دون سواها، وتكفر بالآخر.

 


فالقطيعة التاريخية تقود إلى أحداث ثورة معرفية وروحية كاملة في الفكر الإسلامي، وإعادة التفكير في مفهوم التراث الكلي الخاص بالإسلام، والقيام بفتح معرفي حديث في دائرة المستحيل التفكير فيه ودائرة اللامفكر فيه، بالمعنى القوي والمليء لكلمة تفكير مفهومة فهما علميا ونقديا، خصوصا أن الخطاب الإيديولوجي للحركات الإسلامية المعاصرة يميل للسيطرة على كل الخطابات الأخرى، بوساطة قوة التجييش السياسي التي يتمتع بها، وبسبب انتشاره الواسع سوسيولوجيا وبسيكولوجيا على صعيد الجماهير العربية، مازال يتحكم فيه العقل الإسلامي العقائدي الدوغمائي، الذي راح أيضا منذ القرن التاسع عشر ينشغل كليا بالدفاع التبريري والافتخاري عن تراثه، وبالجدال والمماحكة ضد الغرب الاستعماري والإمبريالي، وأسطرة تاريخه الخاص على حد قول محمد أركون.

إن الإسلام السياسي في محاولته الجادة والفعلية الوقوف في وجه مخططات الهيمنة الغربية والاستسلام لمطامح الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية العالمية، مطالب اليوم وأكثر من أي وقت مضى إنجاز هذه المهمة التاريخية الحديثة والجديدة، أي فرض معركة تجديد الفكر الإسلامي، بما يعني ذلك نقد العقل الإسلامي، باعتباره مشروعا تاريخيا وإنتربولوجيا في آن معا، يثير أسئلة في كل مرحلة من مراحل التاريخ.

ويقول محمد أركون بصدد نقد العقل الإسلامي هذا؛ بأنه لا يكتفي بمعلومات التاريخ الراوي المشير إلى أسماء وحوادث وأفكار وآثار، دون أن يتساءل عن تاريخ المفهومات الأساسية المؤسسة كالدين والدولة والمجتمع والحقوق والحرام والحلال والمقدس والطبيعة والعقل والخيال والضمير واللاشعور واللامعقول، والمعرفة القصصية (أي الأسطورية) والمعرفة التاريخية والمعرفة العلمية والمعرفة الفلسفية. 

كما أن مشروع نقد العقل الإسلامي مطالب بأن يتوسع لكي يصل إلى اللاهوتي عند أهل الكتاب، فيتحول مفهوم أهل الكتاب إلى المفهوم الإنتربولوجي التاريخي: مجتمعات أم الكتاب والكتاب: ثم إلى نقد العقل الديني حتى يحل الإسلام وتحل الأديان المنزلة محلها الحقيقي في ميدان التعرف الإنتربولوجي على الأديان "العالمية" منها والمحلية، الموسومة بالوثنية منذ أن انتصر العقل اللاهوتي المعتمد على سلطة الامبراطوريات المسيحية والإسلامية والبوذية والهندوسية، ويزداد المشروع اتساعا بنقد عقل الأنوار الذي فرضته أوروبا البرجوازية والرأسمالية، كنموذج عالمي بديل للنموذج الديني الذي شاع وسيطر باسم الكنيسة الكاثوليكية إلى القرن السادس عشر، ثم باسم الكنيستين المتنافستين ـ الكاثوليكية والبروتستانتنية المهمشتين للكنيسة الارثوذكسية «الشرقية»، ناهيك عن الإسلام في العصور الحديثة.

ويشكل نقد العقل الإسلامي نقدا جذريا تفرضه حركة التاريخ والعصر على العالم العربي الإسلامي بأجمعه، المدخل الضروري لإعادة بناء العلاقة بين العروبة والإسلام، وإعادة ضبطها، وتنظيمها، وترتيبها، باعتبارها المهمة الجوهرية المطروحة على الأمة العربية في هذا المنعطف التاريخي من وجودها، في سبيل صوغ المشروع القومي الديمقراطي النهضوي على أسس معرفية ـ فكرية وثقافية حديثة ومعاصرة.
 
إن العروبة باعتبارها عقيدة لها مبادئها ومنهجها وشرائعها التي تنعكس عن الروح العربية الأولى في المرجعية التراثية "اللغة والقرآن"، إذ إن النبي محمد هو الرجل الأول الذي نعتبره الرائد للقومية العربية، ومثال هذه الروح العربية، ونضاله في سبيل التمثيل الصادق الصحيح للعروبة، وأثره الخالد لنشر الإسلام في أمته العربية وفي العالم، لم يخسر شيئا من بلاغتهما وقوتهما منذ عصر الإسلام الأولى، أي مع إسلام المدينة المنورة وحتى عصرنا الراهن ـ تضمنت الإسلام كدين عالمي، بوصفه أحد مكوناتها الثقافية والحضارية، وأحد نتاجاتها التاريخية في آن واحد، وظلت العروبة تختلف وضوحا وغموضا حسب العصر والأشخاص والمواقف، إلى أن سطعت شمس القومية العربية في عصر النهضة العربية الأولى والثانية، حيث أصبح مفهوم العروبة في النتاج النهضوي مرتبطا بإعادة صياغة الوعي القومي العربي بدلالة العصر الحديث، أي بدلالة المشروع القومي الديمقراطي النهضوي المرتكز على مكونات الحداثة والمعاصرة وإنجاز الثورة القومية الديمقراطية، وتحقيق الوحدة العربية، وبناء المجتمع المدني الحديث بالتلازم مع دولة الحق والقانون.

أما الإسلام المستنير المطالب اليوم بأن يحقق قطيعة معرفية مع المنهج والرؤية السلفية والتقليدية والمحافظة للإسلام التقليدي المحافظ، وبصرف النظر عن الأسماء التي يتخذها، الإسلام الجهادي، الإسلام الثوري، اليسار الإسلامي، الإسلام المتصالح مع العصر الحديث، فإن له دور متميز وملحوظ في المشروع العربي الديمقراطي النهضوي. 

 

اقرأ أيضا: العروي.. من التاريخانية إلى اكتشاف الواقع المجتمعي الإسلامي

 

اقرأ أيضا: ما هي مهمة الفيلسوف العربي المعاصر؟ رأي مفكر مغربي