اقتصاد عربي

"مصر للطيران" تبتلع 2.5 مليار دولار.. أين تذهب قروض الشركة؟

الديون المتراكمة على الشركة لجهات داخلية وأجنبية بلغت نحو 40 مليار جنيه (2.5 مليار دولار)- جيتي

إزاء الخسائر المستمرة لشركة مصر للطيران، الناقل الرسمي في البلاد، متأثرة بتداعيات جائحة كورونا، وافق مجلس النواب على الإذن لوزير المالية بضمان الشركة القابضة لمصر للطيران للحصول على قروض من البنوك للمرة الثانية قيمته 5 مليارات جنيه، (نحو 320 مليون دولار).

ولم تفصح الشركة التابعة للدولة (قطاع الأعمال) عن حجم الديون المتراكمة عليها، والأقساط التي تقوم بسدادها، وهو ما انتقده بعض النواب، وعبّر عنه النائب سيد حنفي، قائلا: "شركة مصر للطيران أخذت قرضاً قيمته خمسة مليارات جنيه في العام المالي الماضي (2020-2021)، واليوم تطلب قرضاً ثانياً بخمسة مليارات أخرى، بينما لم تقدم الشركة لمجلس النواب ما يفيد حول أوجه إنفاق القرض السابق".

ووافق مجلس النواب، الاثنين، نهائيا على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بشأن الإذن لوزير المالية للحصول على قروض من البنوك بضمان الشركة القابضة لمصر للطيران في التمويل طويل الأجل، الذي ستحصل عليه الشركة من البنك المركزي المصري بمبلغ 5 مليارات جنيه، وذلك وفقًا للشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية بقرار منه.

وقدرت النائبة أميرة أبو شقة حجم الديون المتراكمة على الشركة لجهات داخلية وأجنبية بنحو 40 مليار جنيه (2.5 مليار دولار)، وقالت أثناء مناقشة القرض بالجلسة: "هناك حديث بأن مديونيات الشركة تصل إلى 40 مليار جنيه، وذلك يمثل أكثر من نصف رأس مال الشركة، وهو ما يجعل الشركة من الناحية القانونية يجب تصفيتها".

وذهب البعض إلى ضرورة إعادة هيكلة قيادات الشركة بدعوى فشلهم في التغلب على خسائرها وزيادة المديونيات لدى عدد من الجهات الأجنبية، وغياب أي خطة لمعالجة المشاكل المستمرة، واعتبر النائب إيهاب رمزي أن الموافقة على هذا القرض تمثل إهداراً للمال العام، لأن القرض سيكون مصيره الفشل في تغطية نفقات الشركة كباقي القروض السابقة".

وأشار في أثناء تسجيله رفضه للقرض إلى "وجود عمالة زائدة وارتفاع أسعار الشركة مقارنة مع منافسيها، وهي مؤشرات تكشف عن سوء إدارة واضح، بما يستلزم إعادة النظر في خسائر الشركة المتراكمة، بدلاً من الموافقة على منحها قرضاً جديداً".

وبشأن طبيعة الديون، قال مستشار وزير الطيران، أمجد عارف، في تصريحات صحفية، إن الديون الموجودة على الشركة تتمثل في سداد أقساط لشراء طائرات، وتكاليف موردين بالخارج، وسداد أسعار الوقود التي يستهلكها الطائرات في الخارج، فضلًا عن أقساط صيانة الطائرات في الخارج أيضا، دون الكشف عن حجم المديونيات.

قروض وغياب الخطط

وحول دلالة ضمانة وزارة المالية لشركة مصر للطيران، قالت وكيلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لشؤون الدراسات العليا والبحوث، أمنية حلمي: "القروض المضمونة من وزارة المالية هي قروض تضمنها الدولة، وإذا كانت ديون من جهة أجنبية تضاف للديون الخارجية، وإذا كانت من جهة محلية تضاف للديون الداخلية، وفي كل الأحوال نحن بحاجة لوضع سقف لكل المديونيات في مصر".

وأضافت في تصريحات لـ"عربي21": "حصول مصر للطيران على قرض جاء بعد حصولها على دعم، والقرض يعني أن الشركة يجب أن تكون قادرة على سداد الأقساط والفوائد بناء على خطة واضحة لتجاوز الأزمة المالية التي تسببت فيها جائحة كورونا بعد توقف حركة الطيران حول العالم".

لكنها أعربت عن استغرابها من انتقاد عدد من نواب البرلمان لشركة مصر الطيران واستمرارها في الحصول على قروض دون معرفة أوجه الإنفاق، قائلة: "هذا هو دور البرلمان، أن يجيبوا عن تلك الأسئلة لا أن يسألوا، فهم جهة تشريعية ورقابية معا، فكيف يوافقون على قرض دون وجود دراسات أو تقارير توضح حجم الديون وأوجه الإنفاق وسبل المعالجة.

الحكومة ودور الوصي

 

في سياق تعليقه، قال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، إن "كل القروض التي تحصل عليها شركات القطاع العام هي بضمان الحكومة، وهي ممثلة في جهتين؛ إما وزارة المالية أو البنك المركزي، في الفترة الأخيرة أصبحت الضمانة المالية من وزارة المالية بالكامل، وهذه الموافقة ما هي إلا عنوان لا أكثر".

وأضاف لـ"عربي21": "في اعتقادي، بما أن أرباح شركة مصر للطيران تؤول للخزانة العامة، فكان من المناسب أن تعوض الخزانة العامة هذه الخسائر، والحديث عن ضمان وزارة المالية للشركة هي محاولة لتخفيف أثر الحديث عن القروض على الحكومة، وكأنها تقول: هو قرض يفترض أن يسدد من أرباح مصر للطيران وليس من خزانة الدولة".

وأشار إلى أن "شركات الطيران من أكثر الشركات التي تحقق أرباحا، لكن في دول العالم الأخرى تكون الشركة مسؤولة مسؤولية كاملة عن أرباحها وخسائرها، ومن حقها طرح جزء من حصتها في البورصات المحلية والعالمية، وإصدار سندات لتوفير سيولة مالية، لكن في مصر هي شركة حكومية، ليس لها أسهم في البورصة، وليس لديها القدرة أو المرونة على اتخاذ إجراءات مالية".