مدونات

أوراق مفقودة على طاولة المعارضة المصرية

أدهم حسانين
كثر الحديث الأيام الماضية عن شجاعة المقاومة في فرض شروطها على العدو، وأن العدو هذه المرة اعترف العالم بهزيمته بسواعد شباب فصائل المقاومة وفي القلب منهم القيادة العسكرية بالغرفة المشتركة.

يتبادر إلى ذهني موقف قوي للشيخ حسن البنا مع رئيس الوزراء مصطفى باشا النحاس عندما تقدم البنا بترشحه إلى عضوية مجلس النواب، فتم استدعاؤه من قبل النحاس لثنيه عن الترشح، فما كان من الشيخ البنا إلا أن أخذ ينتصر لدينه ودعوته وفكرته وفرض شروطه على النحاس، فطلب بإلغاء البغاء، والسماح بانتشار دعوة الإخوان دون الاعتراض لها، فوافق النحاس فورا، موقف يدل أولا على القوة وحسن التفاوض واستغلال الفرص.

ما سبق يدعونا إلى طرح سؤال أو أكثر: هل ماتت القضية المصرية من طاولات السياسية الدولية وأصبح الأمر مستتبا لقائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي؟ هل تكمن الأسباب في تراجع الاهتمام بالقضية المصرية في ضعف المعسكر المناهض للانقلاب أم ما يطلق عليها المعارضة المصرية؟

بالنسبة للسؤال الأول فإجابته أنه رغم غباء النظام العسكري في مصر في كل أفعاله السابقة مع مناهضيه بالقتل والاعتقال والمطاردة، حتى وصل الأمر إلى هروب الآلاف إلى الخارج معتقدين أن هناك نخبة تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من رقاب العباد والبلاد، إلا أنه في الأعوام الماضية لوحظ تراجع في مكانة القضية المصرية على الساحة السياسية العالمية، سوى من بعض الفعاليات في دول العالم كله محدثة تساؤلا لدى العامة دون تحرك من الساسة.

وعندما خرجت بعض الدعوات للخروج للدفاع عن الوطن قوبلت تلك الفعاليات بقسوة مفرطة واعتقالات كثيرة، ولم يفرج عن البعض حتى الآن، ومنهم من دخلوا دورة المعتقل الدوار.

أريد أن أعرف ما هو عمل النخبة السياسية المعارضة المصرية تحديدا غير الطنطنات ومجالس الكلام دون أثر على الأرض، وأسمعت العالم ضجيجا ولم أر أي طحين، كما تقول المقولة الشهيرة.

ماذا قدمت المعارضة من إعلانات قيام الكيانات والمؤتمرات الصحفية في الفنادق؟ وعندما تسأل عن منتج تخرج النخبة للعامة وتقول لها هذا هو مشروع المعارضة، ولا تجد غير حناجر صادحة بالكلمات الرنانة ذات الصدى الصوتي دون فعل يُرى ولو لحفظ ماء الوجه.

بالنسبة للسؤال الثاني والذي لو تحدثنا من هنا إلى عقد قادم ما كفى الحديث عنها، فقد سبق أن خرجت تصريحات وتسريبات عن لقاءات واتصالات من بعض قادة المجلس العسكري وغيرهم من الشخصيات للخروج من الأزمة، وذلك إبان فترة القوة الشعبية على الأرض قبل وأد الحراك الشعبي في كانون الثاني/ يناير 2015 وكانون الثاني/ يناير 2016، ثم بدأت فترة الانحدار في المواجهة إلا من فاعليات الخارج في الذكريات السنوية للأحداث.

فلماذا لم تستغل المعارضة هذه الفترة فارضة شروطها على العسكر للفوز ليس بكامل المطالب، لكن على الأقل نسبة تتعدى الـ50 في المئة، وأولها الإفراج عن المعتقلين في السجون المصرية؟

ففي تصريح أخير لخالد مشعل، مسؤول حماس في الخارج، يقول إن "الناس ينتصرون للأقوياء الذين يستطيعون أن ينتصروا لأنفسهم، أما من سحقتهم موازين القوى وصاروا جزءا من التاريخ فلا يتوقف الناس عندهم".

وعليه، فإن على المعارضة المصرية إيجاد وسائل أخرى لفرض كلمتها على العالم كله، لتجبر هذا النظام الفاشي على النزول على مطالبها وتنفيذها، وعلى رأس هذا تغيير تلك القيادات المنبطحة التي أجهضت أمورا كثيرة على مدار ست سنوات من الحراك المناهض لحكم العسكر.

إذن ما هي الحلول أمام المعارضة المصرية الهشة في الوقت الحالي لتغير وضعها من مقاومة على الورق إلى واقع ملموس على الأرض؟

الحل هو الوحدة بين تلك الحركات السياسية، فمثلما أنشئت غرفة مشتركة بين الفصائل الفلسطينية، فليقم عقلاء التيارات السياسية بعمل غرفة عمل مشترك ولتتوحد الفكرة أمام مطلب وحيد أوحد، وهو تحرير مصر من براثن الاحتلال العسكري لمصر، وإنهاء حالة بيع البلاد والعباد إلى العدو الدائم عبر وسطائه ممن أتوا إلى حكم درة الأوطان مصر عبر الخيانة والدبابة وبحور دماء المصريين.

يا سادة يا محترمون، هل اتفقتم على ألا تتفقوا، أم ماذا تريدون أكثر من 100 ألف معتقل ومثلهم مشردون في بقاع الأرض وسبقهم الآلاف من الشهداء؟.. أليس منكم رجل رشيد يقول كفى؟.. أما آن الأوان لكم أن تكونوا رجالا "صدقوا ما عاهدوا الله عليه" ثم الناس التي وثقت بكم؟ أم نسيتم وصية الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي لكم عندما قال حافظوا على الثورة؟

أسأل الله أن يستخدمنا في نصرة الحق والحرية، ونكون رجالا لا ينزلون على رأي الفسدة ولا نعطي الدنية في ديننا أو قضيتنا مهما حيينا.. دمتم رجالا للحق ناصرين.