اقتصاد عربي

لماذا لجأ السيسي إلى قانون الصكوك الذي صدر بعهد مرسي؟

الصاوي: إلغاء قانون الصكوك الصادر في عهد الرئيس مرسي كان مجرد مكايدة سياسية- أ ف ب/ أرشيفية
عادت سلطات الانقلاب العسكري في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، إلى إصدار قانون خاص بـ"الصكوك" بعد نحو سبع سنوات من إلغاء قانون مشابه كانت قد أصدرته حكومة هشام قنديل في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، والذي صدر لأول مرة في مصر في أيار/ مايو 2013.

وفي عهد مرسي، صدر القانون بعد الأخذ بملاحظات الأزهر، لاستخدامه في تمويل مشروعات تنموية من بينها مشروع تنمية قناة السويس، لكن القانون قوبل وقتها باتهامات حادة للحكومة والرئيس الراحل بالسعي نحو بيع أصول الدولة لقطر وتركيا، والمتاجرة بالدين من خلال الصكوك.

والصكوك الإسلامية هي صيغة تمويلية تصدرها البنوك الإسلامية أو الدول، لتمويل مشروعات بصيغ المضاربة والمشاركة مقابل نسب مرابحة وتعمل بها العديد من دول العالم مثل اليابان، وألمانيا، ودول الخليج، وماليزيا، وإيران، وباكستان، والسودان.

وكانت حكومة الرئيس مرسي حينها تعول بشكل كبير على الصكوك كأحد أدوات التمويل الإسلامية التي ستعمل على جذب أموال واستثمارات إلى مصر تقدر بنحو عشرة مليارات دولار سنوياً، وتعظيم الاستفادة منها في تمويل مشروعات منتجة وجديدة.

مخالفات دستورية

والأحد الماضي، صادق البرلمان المصري على مشروع قانون الصكوك السيادية في مجموع مواده، وأرجأ الموافقة النهائية على مشروع القانون المقدم من الحكومة لجلسة لاحقة.

لكن في خطوة مفاجئة؛ استثنى البرلمان المصري القانون من رقابة هيئة الرقابة المالية، كما لم يذكر القانون أي دور للبنك المركزي، واعتبر النائب محمد عبادة، أن هذا الإجراء غير دستوري.

وقال خلال جلسة مناقشة القانون إن "القانون لم يذكر أي دور للبنك المركزي لا من قريب ولا من بعيد على الرغم من أن القانون يؤكد أنه المستشار والوكيل المالي للحكومة ولا دور له"، مضيفا أن "الدستور جعل رقابة الهيئة عامة، وشاملة كافة أنواع الصكوك، والحقيقة أن القانون المعروض خفف من رقابة الهيئة بشكل كبير يصل إلى حد الانتقاص من اختصاصها الدستوري".


لماذا الصكوك الآن؟

وبشأن أسباب عودة الحكومة المصرية الحالية لإصدار قانون الصكوك، قال الباحث الاقتصادي، عبد الحافظ الصاوي، لـ"عربي21"، إن "إلغاء قانون الصكوك الصادر في عهد الرئيس مرسي كان مجرد مكايدة سياسية، وفي نهاية المطاف لجأ إليها".

ولكن لماذا كان يفضل نظام السيسي الديون على الصكوك الإسلامية؟ أكد الصاوي "أنه عبر استخدام آلية الديون فإن السيسي ليس مطالبًا بالإفصاح المالي سواء بالنسبة إلى الحكومة أو مشروعاتها العامة، التي أهدر فيها مليارات الدولارات، بينما في الصكوك فهو مطالب أن يقدم قوائم مالية ويلتزم بسداد الأرباح من عوائد المشروعات التي تمول من الصكوك".

وأوضح أن "نظام السيسي مضطر للبحث عن أي آلية للتمويل تحت أي مسمى بغية التخفيف من أعباء الديون الذي ورط فيها مصر"، مشيرا إلى أن "مخصصات الفوائد فقط على الديون بلغت ما يزيد على مخصصات التعليم والصحة والاستثمارات الحكومية العامة".

"سد العجز"

وأعلن وزير المالية المصري محمد معيط، الاثنين، أن بلاده تستعد لدخول سوق التمويل الإسلامي لأول مرة، عبر إصدار أول طرح من الصكوك السيادية قريبا من أجل تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وتوفير المخصصات المالية اللازمة للمشروعات الاستثمارية.

وقال الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، إن "القانون ليس هو الأول من نوعه كما يروج البعض، وأول قانون خاص بالصكوك الإسلامية صدر في عهد الدكتور مرسي رقم 10 لسنة 2013 بموافقة الأزهر والجهات المختصة"، مشيرا إلى أن "ممارسات إصدار الصكوك موجودة منذ سنوات أيضا".

وأضاف لـ"عربي21": "وزارة المالية تسعى لتمويل عجز الموازنة إما عبر أذون أو سندات خاصة من البنوك المحلية لكن مع تزايد الدين وأعباء الفوائد تضطر الحكومة للاقتراض من الخارج حيث أصدرت مصر سندات بأكثر من 23 مليار دولار من نحو 20 مؤسسة دولية، ومن دول أوروبية وأسيوية، ورغم ذلك لا تزال البلاد بحاجة إلى المزيد من المال فتضطر للبحث عن أشكال جديدة من التمويل كالسندات الخضراء والصكوك الإسلامية".

الهدف الأساسي من القانون، بحسب الولي هو سد عجز الموازنة، في حين أن القانون هو من أجل خلق مشروعات جديدة، أو التوسع في مشروعات قائمة، مشيرا إلى أن "مصر تسعى في ذات الوقت إلى تنويع وتوزيع جدول سداد القروض على آجال بعيدة والتي تصل إلى 2071".

تحايل على الصكوك

ورأى رئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي، الدكتور أشرف دوابة، أن "الهدف من إصدار القانون هو الحصول على المزيد من القروض ليس أكثر، والكثير من الصكوك الموجودة في العالم هي في معظمها تخالف الشرع؛ لأنه سيتم فيها ضمان رأس المال والعائد للمستثمر".

 

وأضاف لـ"عربي21": "في القانون الجديد يمتلك حملة الصكوك الأصول التابعة للدولة شكليا لكن على أرض الواقع لن يتملكوا شيئا، على سبيل المثال أي مبنى تابع للدولة مثل مبنى إحدى المحافظات (ملكية كاملة للحكومة) سيتم بيع هذا المبنى من خلال التصكيك عبر إحدى الشركات المتخصصة ثم تقوم عبر تفويض حملة الصكوك ببيع ذات المبنى للدولة مرة أخرى مقابل مبلغ أكبر من خلال عقد تأجير ينتهي بالتمليك، وهذا لا يجوز شرعا".

وزادت احتياجات مصر المالية بشكل كبير مع تبني نظام السيسي لعشرات المشروعات الضخمة التي أرهقت كاهل الدول المصرية بديون خارجية قفزت بنحو 14.7% على أساس سنوي في كانون الأول/ ديسمبر الماضى مسجلة 129.19 مليار دولار.