مقابلات

حقوقي مصري يكشف لـ"عربي21" تفاصيل مبادرة "أول سبع خطوات"

جمال عيد



- بعض المُقربين من النظام أبدوا موافقتهم على مبادرتنا وأرسلوا لنا رسائل في هذا الصدد.

 

- النظام المصري لم يصدر رسميا أي رد فعل سلبي أو إيجابي حتى الآن بشأن الموقف من مبادرتنا.

 

- دائرة اتخاذ القرار في مصر "ضيقة" وهي التي تتحكم في كل شيء يحدث في الدولة.

 

- لا نجد أثرا حقيقيا لما يتردد حول حدوث انفراجة حقوقية وسياسية بمصر.. الانفراجة تكون بالأفعال لا الأقوال.

 

- النظام المصري سيكون الخاسر الأكبر من استمرار الأوضاع الراهنة.. ونحن نقدم له فرصة ذهبية.

 

- الغضب المتزايد في صدور المصريين لن يظل مكتوما إلى الأبد وقد تكون له تداعيات غير محمودة العواقب.   

 

- مصداقية النظام باتت على المحك وصورته عالميا أصبحت سيئة ولن يستطع خداع أحد في الداخل أو الخارج.

 

- قضية التمويل الأجنبي لم تُغلق كما تصور البعض.. وكل المنظمات المستقلة لا تزال رهن الانتقام السياسي.

 

- مصر تحولت إلى معسكر وسجن كبير.. ولا توجد دلائل على تغيير استراتيجية صنع القرار في الدولة المصرية.

كشف الحقوقي المصري البارز، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أن بعض المُقربين من النظام المصري أبدوا موافقتهم على المبادرة التي أعلنتها مؤخرا خمس منظمات حقوقية داخل مصر، والتي تضمنت سبعة إجراءات ضرورية وعاجلة من أجل وقف التدهور غير المسبوق الذي تشهده البلاد في ملف حقوق الإنسان على مدى الأعوام الماضية.

وقال عيد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن "هؤلاء المُقربين من الدولة عبّروا عن تضامنهم مع مبادرتنا، ورأوا أنها خطوة عملية لبدء إحداث انفراجة في الأوضاع، وقد أرسلوا لنا رسائل في هذا الصدد".

إلا أن المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان استدرك قائلا: "لكننا ندرك أن دائرة اتخاذ القرار في الدولة المصرية ضيقة، وهي التي تتحكم في كل شيء يحدث في الدولة، وهي صاحبة القرار في نهاية المطاف"، مؤكدا أنهم "يقدمون خدمة كبيرة وفرصة ذهبية للنظام من أجل أن يصلح أخطاءه الكارثية التي وقع فيها على مدى السنوات السابقة، وحتى لا تنفجر الأوضاع".

 

وأشار عيد إلى أنه يتمنى قيام النظام المصري بالتعاطي الإيجابي والجاد مع مبادرتهم في أقرب وقت، لأن "النظام هو الخاسر الأكبر من استمرار الأوضاع الراهنة، نظرا لتزايد خطورة الغضب المكتوم والمتصاعد في صدور المصريين، لأن هذا الغضب المتزايد لن يظل مكتوما إلى الأبد، وقد تكون التداعيات غير محمودة العواقب".

ونفى صحة ما يردده البعض خلال الفترة الماضية بحدوث انفراجة حقوقية وسياسية، منوها إلى أنه لا يجد أثرا حقيقيا لتلك الانفراجة التي يتحدثون عنها، لافتا إلى أن "السجناء السياسيين الذين أُفرج عنهم مؤخرا لا يُمثلون سوى قطرة محدودة للغاية، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليدين، وهذا أمر لا يغير حقيقة الأوضاع الصعبة".


وتاليا نص المقابلة الخاصة:


ما أبعاد مبادرة "أول سبع خطوات" التي قمتم بإطلاقها مؤخرا، والتي قلتم إنها تهدف لوقف التدهور غير المسبوق الذي تشهده مصر في ملف حقوق الإنسان؟

خلال الفترة الماضية خرجت أصوات مُقربة من النظام المصري تتحدث عن انفراجة حقوقية وسياسية، إلا أننا لا نجد أثرا حقيقيا لتلك الانفراجة التي يتحدثون عنها، ولذلك أطلقنا تلك المبادرة لنعلن للجميع أن هذه الإجراءات السبعة التي أعلناها هي الحد الأدنى الذي يجب اتخاذه قبل الحديث عن أي حلحلة أو انفراجة ما في المشهد المصري المتأزم للغاية. 

وقد كنّا نُهاجم طوال السنوات الماضية من قِبل البعض على اعتبار أننا ننتقد فقط دون أن نطرح رؤى أو تصورات لمحاولة إنهاء الأزمة الحقوقية، وها نحن الآن نبادر ونقدم حلولا وإجراءات عملية وواقعية.

وما نود التأكيد عليه أن حدوث الانفراجة يجب أن يكون بالفعل وليس عبر مجرد إطلاق تصريحات سياسية أو إعلامية وفقط. انفراجة بالفعل وليس القول.

كيف تابعتم ردود الفعل المختلفة عقب إطلاق هذه المبادرة؟

على المستوى الرسمي لم يصدر أي رد فعل حتى الآن من النظام المصري، لا سلبا ولا إيجابا، لكن على المستوى الشعبي والحقوقي المصري والمؤسسات الدولية كان رد الفعل أكثر من هائل ومشجع، خاصة أن مبادرتنا واقعية جدا، وتنفيذها لا يكلف النظام تعديلات تشريعية أو إنفاقا ماليا، فقط أن تتوافر الإرادة السياسية.

 

في هذا الإطار، أود أن أشير إلى أن بعض المُقربين من الدولة أبدوا موافقتهم على مبادرتنا، وعبّروا عن تضامنهم معها، ورأوا أنها خطوة عملية لبدء إحداث انفراجة في الأوضاع؛ فقد أرسلوا لنا رسائل في هذا الصدد، لكننا ندرك أن دائرة اتخاذ القرار في الدولة المصرية "ضيقة"، وهي التي تتحكم في كل شيء يحدث في الدولة، وهي صاحبة القرار في نهاية المطاف.

هل موافقة بعض المُقربين من الدولة على مبادرتكم دليل على ما يصفه البعض بصراع الأجنحة داخل النظام؟

قد تكون هناك أجنحة أو مؤسسات تصارع بعضها البعض أو تتحالف مع بعضها البعض، وما يهمنا هو سرعة استجابة صاحب القرار للمبادرة، خاصة أن النظام يعي جيدا أن مصداقيته باتت على المحك، وصورته عالميا أصبحت سيئة، ونحن نقدم له خدمة هامة بطرح هذه المبادرة التي لن تكلفه أي شيء، بل مزاياها بالنسبة له ستكون أكثر بكثير من الآخرين.

وما توقعكم لرد فعل النظام المصري على المبادرة؟

نتمنى كثيرا أن يتعاطى معها بجدية وبشكل إيجابي في أقرب وقت، لأن النظام هو الخاسر من استمرار الأوضاع الراهنة، نظرا لتزايد خطورة الغضب المكتوم والمتصاعد في صدور المصريين.  

البعض قد يسأل: ما الذي سيخسره النظام؟

النظام سيخسر بكل تأكيد حال إصراره على اتباع نفس الممارسات والسياسات القمعية والإقصائية، لأن هذا الغضب المتزايد لن يظل مكتوما إلى الأبد، وقد تكون التداعيات غير محمودة العواقب، وبالتالي فنحن في الحقيقة نقدم للنظام خدمة كبيرة وفرصة ذهبية من أجل أن يصلح أخطاءه الكارثية التي وقع فيها على مدى السنوات السابقة، وحتى لا تنفجر الأوضاع.

لكن ماذا لو تجاهل النظام تلك المبادرة ورفض الاستجابة لها مثلما فعل مع غيرها؟

سنظل نواصل عملنا.


لماذا قمتم باستبعاد المنظمات الحقوقية العاملة من خارج مصر؟ وهل لديكم تفرقة بين الداخل والخارج؟

نحن لم نقم باستبعاد أي أحد على الإطلاق، ونكن الاحترام للجميع. والمبادرة مفتوحة ومتاحة للجميع من أجل المشاركة فيها والتوقيع عليها، سواء كانت المنظمات الحقوقية العاملة في الخارج أو الجاليات المصرية أو الأحزاب أو الكيانات السياسية المختلفة.

هل لديكم رصد بعدد السجناء السياسيين الذين تم إخلاء سبيلهم خلال الأسابيع الماضية؟

العدد ضعيف جدا، وما يسمى بالإفراجات أغلبهم سجناء جنائيون - نثمن ما حدث بحقهم - لكن السجناء السياسيين الذين أُفرج عنهم لا يُمثلون سوى قطرة محدودة للغاية، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليدين، وهذا أمر لا يغير حقيقة الأوضاع الصعبة.

عقب فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية ترددت أنباء تشير إلى احتمالية قيام النظام بالإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين، لكن لم تحدث تلك الإفراجات بشكل ملموس.. لماذا؟

يُسأل في ذلك النظام الحاكم.

عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، قال إنه "سوف تحدث انفراجة قريبة في ملف حقوق الإنسان"، متوقعا أن "تؤدي زيارة الوفد الأمريكي لمصر إلى تغيرات".. ما تعقيبكم؟

لا توجد لدي معلومات أو رؤية واضحة بخصوص هذا الأمر، إلا أن ما أدركه جيدا أن هناك خطوات بسيطة وأولية يمكن تنفيذها في ساعة واحدة أو أقل لو أراد النظام أو أصحاب القرار داخل هذا النظام. وبدون هذه الخطوات الأولية والمهمة للغاية يصبح أي حديث عن إفراجات أو انفراجة "حديثا فارغا" لا يتسم بالواقعية. نحن نريد الإفراج عن كل الأبرياء من السجون من كل التيارات السياسية المختلفة.

الرئيس عبد الفتاح السيسي قال سابقا إن "المعارضة من حقها أن تكون موجودة"، وأن "الأمن لا يجب أن يأتي على حساب الحرية".. فهل هذا قد يُعدّ مؤشرا على احتمالية حدوث انفراجة؟

أخشى أن ينطبق على هذه التصريحات المثل المصري المعروف "أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب"، إلا أن العبرة كانت وستظل بالأفعال وليست بالأقوال.

وأي حديث عن الإصلاح دون تنفيذ هذه الخطوات السبع الأولى لا قيمة له ولا وزن؛ فما حدث في السابق "طق حنك"، وحديث للاستهلاك الإعلامي، بينما الواقع في السجون مزرٍ للغاية في حين يتم إظهارها كأنها فنادق 5 نجوم، وبالتالي إذا لم يتم تغيير حقيقي يشعر به الناس فلن نخدع أي أحد بقول غير الحقيقة.

هل المنظمات الخمس التي أطلقت المبادرة تشارك في إعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تعكف وزارة الخارجية على إعدادها منذ فترة أم لا؟

لم تتم دعوة أي منظمة حقوقية مستقلة للمشاركة في تلك الاجتماعات. وبالصدفة تم طرح هذه المبادرة قبل عقد هذه الاجتماعات، والمبادرة بالطبع تحت أمرهم وأمر غيرهم، وبابنا مفتوح للجميع.

بعض المطالب السبعة التي طرحتموها كان "المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية"، المُقرب من الدولة، قد أشار إليها في التوصيات التي انتهى إليها في ختام مؤتمره الأخير الشهر الماضي مثل إعادة النظر في المدد الخاصة بالحبس الاحتياطي، والعمل على إيجاد آليات لتفادي طول هذه المدة، وإعادة تنشيط دور لجنة العفو الرئاسي مع العمل على تطوير آليات عملها بما يتلاءم مع المستجدات.. فهل هناك علاقة بين مبادرتكم وتوصيات المركز المصري للفكر؟ وهل شاركتم في هذا المؤتمر (حقوق الإنسان.. بناء عالم ما بعد الجائحة)؟
لم توجه لنا دعوة لحضور هذا المؤتمر. ونعم هم طرحوا بعض الأمور التي تتقاطع مع رؤيتنا، لكن الدولة لم تنفذ أي شيء حتى الآن، رغم قربهم من الدولة؛ فهذا المؤتمر حضره 7 وزراء من الحكومة والعديد من الشخصيات من داخل النظام أو مُقربة منه.

وتقاطع بعض الأمور التي قمنا بطرحها مع ما طرحته أجهزة ومؤسسات مُقربة من الدولة يؤكد أن هذه مطالب موجودة وملحة جدا ويجب الاستجابة لها، وبالتالي فهذا يؤكد صدق ما ذهبنا إليه، ولا مفر من التعاطي الإيجابي مع هذه الأمور الملحة.

مصر ستشارك في جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حزيران/ يونيو المقبل، ومن المقرر أن ترد على الانتقادات الأخيرة التي وجهت لها من قِبل 31 دولة مشاركة بالمجلس.. ما توقعكم لطبيعة الرد المصري المرتقب؟
مصر تلقت أكثر من 300 توصية خلال الدورة الثانية للاستعراض الدوري الشامل لسجلها الحقوقي في مجلس حقوق الإنسان الأممي، لكنها ضربت التوصيات عرض الحائط، وقد واجهت انتقادات واضحة من قِبل 31 دولة أمام مجلس حقوق الإنسان خلال شهر آذار/ مارس المنصرم، ولا نعلم كيف سيكون ردها المرتقب في شهر حزيران/ يونيو المقبل، إلا أننا على يقين أن أي تصريحات أو أقاويل لا تطبق في الواقع والممارسات على الأرض لن تخدع أي أحد لا في الداخل أو الخارج؛ فأوضاع حقوق الإنسان في مصر باتت واضحة تماما كالشمس، وهي أوضاع سيئة.

كيف استقبلتم تنفيذ أحكام الإعدامات الأخيرة بحق 17 شخصا في القضية رقم (12749)، المعروفة إعلاميا بقضية "اقتحام قسم شرطة كرداسة"؟

ما يحدث من انتهاكات حالة غير مسبوقة تجافي القانون والمنطق والعقل، وقد شدّدت مبادرتنا على ضرورة تأجيل تنفيذ جميع أحكام الإعدام الصادرة في قضايا جنائية أو سياسية وعرضها على لجنة مختصة للعفو الرئاسي للنظر فيها قبل تنفيذها، ونحن نتحفظ على عقوبة الإعدام من حيث المبدأ.

أشار تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن إدارة بايدن تتعرض لانتقادات لعدم اتخاذها خطوات حول الوضع الحقوقي المتدهور في مصر، خاصة أنها وافقت في شباط/ فبراير الماضي، على صفقة صواريخ ومعدات عسكرية لمصر، تُقدر بنحو 197 مليون دولار.. فكيف تنظر لموقف إدارة بايدن من انتهاكات حقوق الإنسان في مصر؟

بكل تأكيد موقفها مختلف تماما عن موقف إدارة ترامب التي كانت الأسوأ على الإطلاق منذ إدارة جورج بوش الأب، وكل ما نريده هو عدم التواطؤ على حقوق المصريين وحرياتهم.

هل من الوارد أن تقوم إدارة بايدن بتقليص أو تعليق جزء من المعونة الأمريكية لمصر؟ وهل واشنطن يمكن أن تقوم بربط أموال المساعدات الخارجية بحل بعض القضايا الأكثر إثارة للجدل في مصر؟

لا توجد لدينا تفاصيل حول احتمالية حدوث ذلك، وما يهمنا هو تحسين حالة حقوق الإنسان بغض النظر عن الموقف من المعونة الأمريكية واستمرارها.

لماذا لم ترد السلطات المصرية على التقرير السنوي الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر لعام 2020، خاصة أن وزارة الخارجية المصرية دائما ما تنتقد بقوة مثل هذه التقارير "الخارجية"؟

يبدو لأنه لم تصدر تعليمات في هذا الموقف الذي جرى التعتيم عليه، رغم أنه كانت هناك انتقادات أمريكية حادة، لكنهم لا يريدون استفزازا مع إدارة بايدن على ما يبدو.

فرنسا وافقت على بيع 30 طائرة مقاتلة من طراز رافال إلى مصر بمبلغ 4.5 مليارات دولار رغم الانتقادات الحقوقية.. كيف تنظرون إلى هذه الخطوة؟

بغض النظر عن أي صفقات عسكرية أو غيرها، ما يهمنا احترام حقوق الإنسان، وألا يكون هناك تواطؤ بأي صورة من الصور على الانتهاكات التي تحدث، ونحن نقول لهم: افعلوا ما تشاءون في الاقتصاد والشؤون العسكرية وما يهمنا هو تحسين الأوضاع الحقوقية.

كانت هناك تحذيرات حقوقية وسياسية تقول إن استمرار النظام في استراتيجيته التي تُوصف بـ "الأمنية" و"القمعية" سيكون له انعكاسات غير محمودة على استقرار البلاد، وأنه يساهم بذلك بشكل غير مباشر في تغذية التطرف والإرهاب لكن هناك مَن يرى أن تلك الاستراتيجية "ناجحة" تماما في ترسيخ نظام الحكم واستقرار الأوضاع دون أي قلاقل تُذكر.. فما تعقيبكم؟

هذا ليس دليل انتصار أو استقرارا مطلقا، واستمرار هذه الاستراتيجية حتما سيكون له تداعيات خطيرة في المستقبل. والنظام يدرك في قرارة نفسه أنه سيصبح الخاسر، لأنه شتان بين استقرار نتيجة رضى من المجتمع، واستقرار نتيجة قمع.

هناك مَن يقول إن السيسي بات يعتمد مؤخرا استراتيجية مغايرة في الاعتماد أكثر على مؤسسات الدولة بدلا من "دائرته الضيقة" التي كان يستند إليها سابقا.. ما صحة ذلك؟
لا أعتقد أن هذا الأمر دقيق؛ فأنا لا أرى إلا المؤسسة الأمنية فقط هي التي تدير وتتحكم في كل شيء، ومصر تحولت إلى معسكر أو سجن كبير، ولا توجد دلائل على تغيير استراتيجية صنع القرار في الدولة المصرية حتى الآن، وإن كنّا نتمنى أن نشهد مؤسسات تتعاطى بالسياسة والتفاوض.

وزير الخارجية المصري سامح شكري قال قبل أشهر ماضية إن بلاده على وشك أن تصدر "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".. فلماذا لم يتم الإعلان عنها رسميا حتى الآن؟ وما توقعاتكم لتلك الاستراتيجية؟

لا أعلم متى ستصدر تلك الاستراتيجية بشكل مُحدد، وليست لدي تفاصيلها بعد، إلا أنه حينما تريد أن تتخلص من "رائحة القمامة"، وأقصد بها هنا الانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان، عليك أن تقوم بإزالتها تماما دون أن تحاول وضع مساحيق تجميل أو رش روائح عليها. وحقيقة رائحة "القمامة" (الانتهاكات) في مصر باتت تزكم الأنوف.

ما صحة ما قيل عن قيام السلطات القضائية بإغلاق القضية 173 لسنة 2011، والمعروفة باسم قضية التمويل الأجنبي الموجّهة ضد منظمات المجتمع المدني؟

القضية 173 لم تُغلق كما تصور البعض، فهذا عنوان مُضلل. وكل ما حدث مؤخرا هو استبعاد بعض المنظمات فقط وانتهاء التحقيقات معها، وأغلب هذه المنظمات ما بين متوقفة عن العمل أو جنجوز "متواطئة مع النظام" أو مقربة من السلطة، بينما لم يرد اسم أي مؤسسة حقوقية مستقلة، وبالتالي فكل المؤسسات المستقلة لا تزال رهن الانتقام السياسي المغلف بغطاء قانوني.