صحافة دولية

MEE: هل تتآمر الإمارات مع إسرائيل ضد اللاجئين الفلسطينيين؟

قال كاتب بريطاني إن هذه الخطوة يمكنها أن تحول إلى الأبد دون عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم- جيتي

قال الكاتب والصحفي البريطاني جوناثان كوك، إنه "ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد التقرير، الذي يقول إن الإمارات تنظر في مساعدة إسرائيل على إلغاء وكالة غوث اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، والتي تقدم الرعاية لملايين اللاجئين الفلسطينيين".


وأضاف كوك في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، وترجمته "عربي21"، أن "هذه الخطوة يمكنها أن تحول إلى الأبد، دون عودة أولئك اللاجئين إلى ديارهم"، متطرقا إلى ما أوردته صحيفة "لوموند" الفرنسية، بأن المسؤولين الإسرائيليين والإماراتيين يشكلون "محورا استراتيجيا"، للنظر في الإخفاء التدريجي للأونروا.


وأشار إلى أن منظمة غوث اللاجئين شكلت في أواخر عام 1949، لدعم اللاجئين الفلسطينيين بالوظائف والمواد الغذائية الأساسية، والرعاية الصحية، والخدمات التعليمية في مخيمات النزوح، لافتا إلى أنه قبل ذلك بعام هجر من ديارهم ما يقرب من 750 ألف فلسطيني، انتهى بهم المطاف في أرجاء مختلفة من المنطقة، وذلك بهدف تمهيد السبيل لإقامة دولة إسرائيل، التي انتحلت الهوية اليهودية.


وتاليا نص المقال كاملا


ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد التقرير الذي يقول بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تتواطأ سراً مع إسرائيل في خطة محتملة لإلغاء وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والتي تقدم الرعاية للاجئين الفلسطينيين – وهي الخطوة التي يمكن أن تحول إلى الأبد دون عودة أولئك اللاجئين إلى ديارهم.

فحسبما نشرته صحيفة لوموند اليومية الفرنسية، شكل المسؤولون الإسرائيليون والإماراتيون "محوراً استراتيجياً" ينظرون من خلاله في أمر "خطة عمل هدفها جعل منظمة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تختفي بالتدريج دون أن يرتبط ذلك بأي حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين." ولم ترد وزارة الخارجية الإماراتية على طلب تقدمت به إليها صحيفة لوموند للتعليق على الموضوع.

 

اقرأ أيضا: MEE: الغاية الحقيقية لتطبيع الخليج ليست حماية الفلسطينيين

كانت منظمة غوث اللاجئين قد شكلت في أواخر عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين بالوظائف والمواد الغذائية الأساسية والرعاية الصحية والخدمات التعليمية في مخيمات نزوح خاصة أقيمت في المنطقة. قبل ذلك بعام، هجر من ديارهم ما يقرب من 750 ألف فلسطيني انتهى بهم المطاف في أرجاء مختلفة من المنطقة وذلك بهدف تمهيد السبيل لإقامة دولة إسرائيل التي انتحلت الهوية اليهودية.

يعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنظمة التابعة للأمم المتحدة خطراً، ويعتقد أن أي حل دبلوماسي لمشكلة اللاجئين قد يعيدهم إلى أراض باتت الآن داخل إسرائيل. وقال نتنياهو إنه يتوجب على الأونروا أن تختفي، متهماً إياها بإدامة "سردية ما يسمى حق العودة بهدف القضاء على دولة إسرائيل."

حل المنظمة الأممية

بعد أن قضت على أي أمل في التوصل إلى حل من خلال التفاوض، غدت إسرائيل، وبشكل متزايد، واثقة بأن بإمكانها ضمان الحصول على تأييد واسع النطاق لمطلب حل منظمة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وهذا من شأنه فعلياً أن يجرد ما يزيد عن خمسة ملايين لاجئ فلسطيني ما زالوا يقبعون في عشرات المخيمات في مختلف أرجاء لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة من حق العودة إلى أراضيهم التاريخية، وهو الحق الذي كرسته الأمم المتحدة في قرارها الصادر تحت رقم 194.

ويبدو كذلك أن إسرائيل حصلت على تنازلات من القيادة الفلسطينية يقصر حق اللاجئين في العيش فقط داخل دولة فلسطينية تقام في المستقبل فيما هو اليوم مناطق محتلة (بدلاً من كل المناطق التي طرد منها الفلسطينيون في عام 1948). ويبدو أن السبب من وراء ذلك هو عدم وجود نية لدى إسرائيل بالسماح لمثل تلك الدولة بأن تقام.

 

اقرأ أيضا: لوموند: الإمارات تنسق مع "إسرائيل" للقضاء على الأونروا

وكان كبار المسؤولين الإسرائيليين قد طالبوا مراراً وتكراراً بإلغاء الأونروا وتحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، والتي تعتبر كياناً عالمياً، الأمر الذي سيفضي سريعاً إلى اختفاء اللاجئين الفلسطينيين داخل الطوفان المستمر من الناس الذين يشردون من ديارهم بسبب الصراعات العالمية، وخاصة في الشرق الأوسط.

ستكون النتيجة المحتملة لإلغاء الأونروا هي أنه بدلاً من تمكنهم من العودة إلى ديارهم، سوف يفرض على اللاجئين التوطين داخل الدول العربية التي تستضيفهم.

خطط إسرائيلية أشمل

يشكل اللاجئون، من وجهة نظر إسرائيل، آخر مسألة فلسطينية بارزة تنتظر أن تُحل بأسلوب يعود بالنفع عليها.

لقد استخدمت إسرائيل المستوطنات اليهودية غير القانونية لتوسيع حدودها، فمضت وقد أمنت الحساب والعقاب في قضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، مستبقة بذلك أي مفاوضات قد تجري مع الفلسطينيين حول موضوع الدولة.

يبدو أن الدول الغربية ليس لديها الرغبة في تحدي ما ترتكبه إسرائيل من سطو على الأراضي، بل لقد أبدت خطة السلام التي كشفت عنها إدارة ترامب قبل ما يقرب من عام الاستعداد في واشنطن للسماح لإسرائيل في نهاية المطاف بضم هذه الأراضي. وعندما نقلت إدارة ترامب سفارة الولايات المتحدة في عام 2018 فقد تبنت رسمياً فكرة أن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل.

تعتبر إسرائيل أن من الحيوية بمكان كسب الإمارات العربية المتحدة – وبقية دول الخليج – إلى جانبها في المطالبة بتدمير الأونروا، الأمر الذي سيبقي اللاجئين مشردين إلى الأبد في أرجاء حفنة من الدول العربية الضعيفة والمهزوزة.

حافة الجرف

هناك العديد من الأدلة الظرفية التي تؤيد تقرير صحيفة لوموند حول تواطؤ الإمارات العربية المتحدة. وكان الهجوم على مستقبل الأونروا قد بدأ يكتسب زخماً في 2018 عندما أوضحت إدارة ترامب بشكل لا لبس فيه أنها تنظر إلى الوكالة من خلال نفس العدسة التي تراها إسرائيل من خلالها. وخلال الشهور التالية أوقفت الولايات المتحدة كل ما تقدمه للوكالة من تمويل، ويبلغ 360 مليون دولار سنوياً، مما حرم المنظمة من ثلث ميزانيتها السنوية.

ويبدو أن تلك كانت اللحظة التي كثفت عندها الولايات المتحدة من جهودها لتجنيد الدول العربية، وخاصة تلك التي في الخليج، للانضمام إلى ما يسمى "صفقة القرن"، وهي خطة تقوم على أساس ضم إسرائيل لمساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، الأمر الذي تصبح معه الدولة الفلسطينية أمراً مستحيلاً. ونتيجة لذلك سيجد اللاجئون أنفسهم في وضع يستحيل معه المطالبة بأي شكل من أشكال حق العودة.

كما يلاحظ أن تلك الفترة شهدت تحولاً دراماتيكياً في تمويل الأونروا من الإمارات العربية المتحدة وغيرها من دول الخليج الأخرى – تماماً عندما كانت الوكالة، وأكثر من أي وقت مضى، في أمس الحاجة إلى المساعدة المادية. تم تقليص المعونة التي كانت تقدمها الإمارات العربية المتحدة لوكالة غوث اللاجئين من مبلغ سخي وصل إلى 52 مليون دولار في عام 2019 إلى مبلغ تافه لم يتجاوز مليون دولار في عام 2020. أما المملكة العربية السعودية فقلصت تمويلها بما يقدر بعشرين مليون دولار ما بين عامي 2018 و2020 بينما خفضت قطر مساهمتها بما يزيد عن ثلاثين مليون دولار.

 

اقرأ أيضا: لوموند: هذه مظاهر التعاون الاستراتيجي بين أبوظبي وتل أبيب

ونتيجة لذلك حذر فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث اللاجئين، في شهر نوفمبر / تشرين الثاني من أن الوكالة كانت "على شفا جرف"، وأنها وللمرة الأولى في تاريخها لم يعد بإمكانها تغطية نفقاتها. بالإضافة إلى ذلك فقد عانت خدماتها التعليمية والصحية من ضغط هائل بسبب جائحة كوفيد-19.

ولعل ثمة ما يستشف من عدم رد وزير خارجية الإمارات أنور قرقاش على لوموند بشأن مزاعم التورط الإماراتي مع إسرائيل ضد وكالة غوث اللاجئين.

صفقة تعاملية


ولكن هناك أسباب أكبر تدعو للظن بأن الإمارات العربية المتحدة تتآمر مع إسرائيل لإطفاء الأونروا والإجهاز على القضية الفلسطينية برمتها.

سيكون من السذاجة المفرطة تصور أن قرار الإمارات العربية المتحدة، ومعها البحرين، التوقيع على اتفاقيات أبراهام في سبتمبر الماضي – أي تطبيع العلاقات مع إسرائيل – لم ينظر إليه على أنه بالمجمل صفقة تعاملية. فمثله مثل معظم الاتفاقيات التي توقعها الدول فيما بينها، المبدأ المعتمد في الأمر هو "تحك لي ظهري وأحك لك ظهرك." فكلا الطرفين يريدان تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب.

واضح ما هو الأمر الذي سيكسبه الإماراتيون. بالدرجة الأولى سوف تُفتح أمامهم الأبواب للحصول على السلاح والمعلومات الاستخباراتية من الولايات المتحدة وإسرائيل بينما كان ذلك محظوراً عليهم من قبل بموجب العقيدة التي تقضي باحتفاظ إسرائيل بالتفوق الإسرائيلي النوعي.

مقابل مساعدة حليف مهم عزيز على قلب الولايات المتحدة سوف يضمن المسؤولون الإماراتيون إيجاد آذان أكثر إصغاء وأكثر تعاطفاً في واشنطن. وما من شك في أن أي إدارة أمريكية قادمة ستكون أكثر استعداداً لغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة ولتجميل صورة ممالكها المستبدة باعتبارها منارات للإصلاح والتقدم في العالم العربي.

المربح الاستراتيجي

ولكن إذا كانت الفوائد جلية فما هو بالضبط الثمن الذي تم الحصول عليه من الإمارات العربية المتحدة مقابل التطبيع؟ ما الذي ستكسبه إسرائيل من ذلك؟ معظم الفوائد التي ذكرت حتى الآن تعتبر متواضعة نسبيا. لم يفتأ المسؤولون في إسرائيل ودول الخليج يتعاونون منذ زمن طويل من وراء أبواب مغلقة ضد إيران، ولهذا لن يستجد في هذا الباب مكسب لإسرائيل.

كما لاحظ من قبل موقع ميدل إيست آي، سوف تساعد الإمارات في غسيل الأموال، من خلال صندوق أبراهام، لدفع تكاليف منشآت القهر الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال، بما في ذلك تحديث وتطوير نقاط التفتيش.

وهذا من شأنه أن يرفع عن كاهل إسرائيل العبء المالي للاحتلال. ولكن حتى هذا يعتبر مكسباً صغيراً، وقد تحقق – على الأقل على المدى القصير – لحساب إسرائيل من حيث الضم الرسمي لأجزاء من الضفة الغربية.

كما يتوقع أن ينجم عن الاتفاقيات فتح أسواق جديدة لإسرائيل في العالم العربي. ولكن، وللمرة الثانية، يبدو ذلك مكسباً بسيطاً إذا ما أخذنا بالاعتبار الأسواق الضخمة المتاحة أمام إسرائيل في أوروبا والهند والصين. لعل الأهم من ذلك هو أن الاتفاق مع الإمارات قد يمهد السبيل أمام المملكة العربية السعودية لتعلن على الملأ تطبيع علاقاتها مع إسرائيل – وتلك بالنسبة لهذه الأخيرة ستكون الجائزة الكبرى.

إلا أن ضم المزيد من الدول الخليجية لمعسكر التطبيع سيكون ذا فائدة كبيرة لإسرائيل فقط فيما لو كان ذلك سيؤدي في نهاية المطاف إلى تصفية القضية الفلسطينية في العواصم العربية، وإلا فإن الاتفاقيات لن تتجاوز مجرد بعض من العلاقات العامة المحدودة التي تمارسها إسرائيل. وهذا ما ينبغي أن ينصب عليه تركيزنا واهتمامنا بالدرجة الأولى.

مقاولون يعملون لدى إسرائيل


هدف إسرائيل المباشر هو إنهاء التزام الدول العربية بشكل رسمي بالمبادرة العربية للسلام التي قدمتها المملكة العربية السعودية في عام 2002، والتي وعدت بالتطبيع مع إسرائيل فقط فيما لو وافقت إسرائيل على قيام دولة فلسطينية قادرة على البقاء.

إن التطبيع بالشروط التي وافقت عليها الإمارات العربية المتحدة – أي دون أي التزام من قبل إسرائيل تجاه إقامة الدولة الفلسطينية – سيجعل من كل من ينضم إليها متعاوناً بشكل صريح مع الاحتلال. وفي الحقيقة فإن ذلك يفعل بالعالم العربي ما فعلته إسرائيل من قبل بالقيادة الفلسطينية من خلال اتفاقيات أوسلو.

وها هي اليوم السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس تقوم أساساً بدور المقاول الأمني لدى إسرائيل، ويتجلى ذلك في مهمة قوات الأمن الفلسطينية، والتي هي أساساً الحفاظ على أمن وسلامة إسرائيل وضمان التزام الفلسطينيين بالنظام ومنعهم من مقاومة الاحتلال.

والآن، كل دولة عربية تنضم إلى اتفاقيات أبراهام سوف تحتاج لأن تتصرف بشكل مشابه – كمقاول إقليمي لدى إسرائيل. سوف يتوقع من هذه الدول استخدام ما لديها من نفوذ وكل ما أوتيت من وسائل لضمان التزام السلطة الفلسطينية بالقيام بمهمتها ومنعها من شن أي مقاومة دبلوماسية من شأنها أن تهدد اتفاق التطبيع، وبذلك تظل إسرائيل طليقة اليد.

ولما كانت قضية اللاجئين شأناً إقليمياً، فسوف تكون دول الخليج في وضع يؤهلها للمساعدة في حل المشكلة بما يعود على إسرائيل بالنفع، وبما ينهي حق العودة.

حق العودة

لن يكون الأمر سلساً، ففي هذه اللحظة لا يوجد لدى الأردن ولبنان وسوريا من الحوافز ما يحملهم على توطين أعداد ضخمة من اللاجئين الفلسطينيين الذين يستضيفونهم. بيروت ودمشق بالذات لطالما خشيتا من تفاقم التوترات العرقية والطائفية نتيجة لتوطين مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.

ولقد عبرت جامعة الدول العربية عن هذه الهموم بإصدارها بياناً الأسبوع الماضي حذرت فيه من أن الأزمة المالية التي تعصف بوكالة غوث اللاجئين دخلت في منعطف خطير، وناشدت المتبرعين بالوفاء بما تعهدوا به من مساهمات.

وطبقاً للأرقام الحديثة فإن 90 بالمائة من عائلات اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا يعيشون في حالة من الفقر المدقع. أما في لبنان فنسبة مماثلة من اللاجئين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية المستدامة.

وكانت وكالة غوث اللاجئين قد أشادت بجهود الأردن المضنية في الفترة الأخيرة للمساعدة في جمع التبرعات للوكالة. إلا أن الدول العربية تبدو، وبشكل متزايد، منقسمة إزاء الموقف من مستقبل الأونروا. فدول الخليج بما أحدثته من تقليص كبير في تمويلها للوكالة ربما تعبر بذلك عن رغبتها في سلوك درب مختلف – درب ينسجم مع ما ترغب فيه إسرائيل.

في غزة هذا الأسبوع، هدد العاملون في وكالة الغوث بالتظاهر بينما حذرت الوكالة من أنها لن تتمكن من دفع رواتب شهر نوفمبر المتأخرة عليها كاملة لموظفيها الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم 28 ألفاً. واتهم عبد العزيز أبو صويره، أحد القيادات النقابية في غزة، بلداناً لم يسمها بالسعي لتصفية الأونروا.

لحظة الحقيقة

على عكس الحال في الدول العربية الثلاث التي تستضيف كثيراً من اللاجئين، تنعم دول الخليج بثروة نفطية ضخمة قد تأمل إسرائيل في إمكانية استخدامها لانتزاع إجماع إقليمي ودولي على حسم مستقبل اللاجئين.

يمكن لذلك أن يفضي بالتدريج إلى خنق الأونروا لإجبارها على الإذعان من خلال حرمانها من التمويل، وذلك بفضل التقارب الحاصل بين المتبرعين في دول الخليج ونظرائهم في الولايات المتحدة وأوروبا – الذين يعانون من التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا – الذين ما عادوا متحمسين للاستمرار في حمل عبء تمويل الوكالة.

فيما لو تمكنت إسرائيل من تحقيق ما تريد، فسوف يغدو تجديد التفويض لوكالة الغوث في 2023 نقطة مفصلية، أو ربما تصل الأزمة مداها قبل ذلك، علماً بأن المتبرعين من المقرر أن يجتمعوا خلال الأسابيع القادمة للتباحث بشأن الجولة القادمة من التبرعات.

في مقال نشرته "فصلية الشرق الأوسط"، وهي المجلة الناطقة باسم اليمين المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة والمتحالف مع نتنياهو، يقول اثنان من المختصين إن "لحظة الحقيقة" وصلت وتدق باب الأونروا، ويهيبان في مقالهما بالجهات المانحة للوكالة بأن تراقب من خلال عملية تدقيق محاسبية كيف يتم استخدام الأموال التي يدفعونها من أجل "تمكين الإصلاح" في منظومة اللاجئين، ويشيران إلى أن الدول العربية "تبدو أقل استعداداً من أي وقت مضى للسماح بأن تظل مصالحها الوطنية أسيرة لأهواء القيادة الفلسطينية."

وينهيان المقال بالقول إنه "يتوجب على الأونروا أن تتخذ إجراءات حقيقية باتجاه التوطين النهائي للاجئين داخل الدول المضيفة ... حتى تحولهم من متلقين سلبيين للمساعدات إلى مواطنين منتجين وفاعلين في المجتمعات التي يعيشون ضمنها."

وعلى نفس الشاكلة كتب هذا الأسبوع دافيد واينبيرغ من معهد القدس للاستراتيجية والأمن مقالاً في صحيفة إسرائيل اليوم التي يعتقد على نطاق واسع بأنها ناطقة باسم نتنياهو نفسه حث فيه زعماء الخليج على استخدام نفوذهم للدفع بالقيادة الفلسطينية باتجاه "الاعتدال والنضج". وسلط الضوء في هذا الصدد على "استبدال الأونروا بوسائل أخرى للتمويل الإغاثي الإنساني."

طمس من التاريخ


إذا كان من الممكن لمثل هذا الأمر أن ينجح فإنه يعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان بإمكان إسرائيل الضغط على إدارة بايدن القادمة لكي تستمر في نفس النهج الذي خطه الرئيس دونالد ترامب. وكان رون بروسور، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة والدبلوماسي المخضرم، قد طالب بايدن في شهر نوفمبر / تشرين الثاني بالاستمرار في السياسة المعادية للأونروا التي كان قد بدأها ترامب.

وكما يستشف من تقرير لوموند فإن مساندة دول الخليج ستكون بالغة الأهمية إذا ما أريد لإسرائيل أن تنجح في مسعاها لإلغاء وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) وطمس حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

لم يترك نتنياهو أدنى شك بخصوص أسلوبه في تناول العلاقات الدولية، ففي تغريدة له في 2018 أشار إلى الفلسفة التي يسترشد بها في ذلك، والتي تنص على أن: "الضعيف ينهار، ويذبح ويطمس من التاريخ بينما القوي، بخيره وشره، يبقى. القوي يُحترم، ومع القوي تبرم التحالفات، وفي النهاية مع القوي يصنع السلام."

ليس لدى اللاجئين الفلسطينيين من قوة سوى وكالة الأمم المتحدة التي حافظت على حقوقهم لما يزيد عن سبعة عقود، فإذا ما قضي عليها سيمهد ذلك السبيل لطمس اللاجئين من التاريخ.