اقتصاد دولي

"عربي21" ترصد خيوط "لعبة النفط" في سباق الرئاسة الأمريكية

استطلاعات رأي: جل مقاعد الولايات النفطية تميل إلى المرشح الديمقراطي رغم مواقفه الداعمة للطاقة البديلة- جيتي

تلعب صناعة النفط الأمريكية دورا بارزا في السباق الرئاسي نحو البيت الأبيض، وتحظى الولايات المنتجة للنفط مع كل انتخابات باهتمام خاص من قبل المرشحين.


لكن ما يجعل انتخابات 2020، محورية بالنسبة لمستقبل صناعة النفط الأمريكي، أنها تأتي في وقت تلقت فيه الصناعة ضربات متتالية خلال الأشهر العشرة الماضية، أبرزها انهيار أسعار النفط، والأعاصير، وإفلاس عدد كبير من شركات النفط الصخري، إلى جانب تداعيات جائحة كورونا والتوترات التجارية بين واشنطن وبكين.


وأثارت تصريحات للمرشح الديمقراطي، جو بايدن، بشأن التخلص التدريجي من النفط والغاز، والتحول للطاقة النظيفة جدلا واسعا في أوساط صناعة النفط الأمريكية، التي تضم أكثر من نصف مليون شخص يعملون في هذا القطاع، بحسب موقع شبكة "سي أن بي سي".


وتعهد بايدن بانبعاثات صفرية صافية بحلول عام 2050 وكهربة قطاع النقل، وتركيب شبكة واسعة من نقاط شحن السيارات الجديدة، وهو ما يراه منتقدون أنه سيدمر صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة ما أجبر أنصار المرشح الديمقراطي في معاقل النفط الصخري على الإصرار على ضرورة ضمان الاقتصادات المحلية.


وقال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الشهر الماضي في خطاب ضمن الحملة الانتخابية في بنسلفانيا: "يريد جو بايدن واليسار الراديكالي سحق قطاع الطاقة الأمريكي وسحق وظائف الطاقة الأمريكية".

 

اقرأ أيضا: يوم على انتخابات أمريكا | توتر حول موعد النتائج وطوابير السلاح

وذكر محرر الطاقة في صحيفة فاينانشال تايمز، ديريك براور، أن حملة ترامب الانتخابية تصور بايدن على أنه أسير الجناح اليساري للحزب الديمقراطي الذي من شأنه أن ينهي حقبة "هيمنة الطاقة" الأمريكية، التي تضمنت فترة وجيزة في العام الماضي كانت فيها الولايات المتحدة مصدرا صافيا للنفط.


في المقابل، نفى بايدن المزاعم بأنه سيحظر التكسير الهيدروليكي، التكنولوجيا التي مكنت ثورة النفط الصخري وجعلت الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط والغاز في العالم.


وقال بايدن خلال اجتماع مع الناخبين في بيتسبرغ، بالقرب من قلب صناعة الطاقة الصخرية غزيرة الإنتاج في ولاية بنسلفانيا: "يجب أن يستمر التكسير الهيدروليكي لأننا بحاجة إلى فترة انتقالية. لا يوجد سبب منطقي للتخلص من التكسير الهيدروليكي في الوقت الحالي".

خسائر قاسية

ووفقا لأحدث تقرير لـجمعية المعدات والخدمات البترولية الأمريكية (PESA)، فقدت 7 ولايات أمريكية منتجة للنفط من أصل 21 ولاية، أكثر من 98 ألف وظيفة في حقول النفط خلال عام 2020، بسبب تفشي وباء كورونا.


وقالت الجمعية، إن تكساس فقدت 59.700 وظيفة، فيما فقدت لويزيانا 10.300، وأوكلاهوما 9.300، وكولورادو 5000، ونيو مكسيكو 4.500، وكاليفورنيا 4.500، وبنسلفانيا 4.400 وظيفة.


وفي تقرير آب/أغسطس، ذكرت الجمعية أن حقول النفط الأمريكية فقدت 121 ألف وظيفة خلال 12 شهرا، (منها 103 آلاف و420 وظيفة، فقدت منذ بدء وباء كورونا) وهو أدنى مستوى منذ آذار/مارس 2017، قبل أن تتراجع قليلا مع استئناف بعض مشاريع الحفر المعطلة.

 

اقرأ أيضا: كل ما تريد معرفته عن يوم الاقتراع بأمريكا وموعد النتائج

كما أفلست 13 شركة تعمل في خدمات حقول النفط وست شركات للإنتاج. وفقا لبيانات من شركة المحاماة هاينز آند بون، فيما يواصل المنتجون تعطيل الحفارات وتسريح العمال ويغلقون الآبار. ويرى معظم العاملين في القطاع أن أسوأ تراجع للنفط  الأمريكي منذ عقود يجري الآن على قدم وساق.


وقال نائب رئيس معهد البترول الأمريكي، فرانك ماتشيارولا، إن ارتفاع صادرات النفط والغاز - التي وافقت عليها إدارة أوباما وبايدن - "جعل أمريكا رائدة في مجال الطاقة. نحن قلقون بشأن السياسات التي من شأنها الإضرار بهذا التقدم".


وبلغ إنتاج النفط الأمريكي ذروته في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 عند نحو 13 مليون برميل يوميا، قبل أن يتراجع إلى 10.6 ملايين برميل يوميا خلال شهر آب/ أغسطس، وهو أدنى مستوى له في نحو سبع سنوات، وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.


مستقبل النفط الأمريكي

 
وانتقدت رئيسة جمعية المعدات والخدمات البترولية الأمريكية (PESA)، ليزلي باير، تصريحات بايدن، مؤكدة أن العاملين في صناعة النفط والغاز الأمريكية جزء لا يتجزأ من إنتاج الطاقة التي نحتاجها الآن وفي المستقبل.


وأشارت في بيان نشره الموقع الرسمي للجمعية، إلى أنهم يقومون بتطوير تقنيات تقلل الانبعاثات وتحسن الكفاءة وتجعل كوكب الأرض أنظف.


وأضافت: "النفط والغاز الطبيعي جزء مهم من سلسلة توريد الطاقة المتجددة"، لافتة إلى أن التحول العالمي للطاقة لا يعني استبدال شكل من أشكال الطاقة بآخر، ولكن يهدف إلى عمل جميع أشكال الطاقة معا، من أجل تزويد العالم بطاقة أنظف وأكثر موثوقية وبأسعار معقولة.


وأوضحت أن ما يقرب من 3 مليارات شخص حول العالم يفتقرون إلى الكهرباء التي يمكن الاعتماد عليها في التحول نحو الطاقة النظيفة، خاصة مع استمرار نمو السكان في البلدان النامية، وهو ما يعني أن النفط والغاز سيكونان حاسمين في توفير الفرص وتخفيف حدة الفقر.

 

اقرأ أيضا: NYT: عالم منهك يحبس أنفاسه ترقبا لانتخابات أمريكا

ونقل موقع "أويل برايس" الأمريكي عن رئيس شركة أطلس كوموديتيز للسمسرة في السلع، أندرو غولدستين، قوله إن الانتقال إلى مستقبل طاقة متجددة بالكامل سيكون أمرا صعبا.


وأضاف: "لا أصف التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة بالخطير على صناعة النفط والغاز ككل، لكن تكلفة تزويد الكوكب بالطاقة من مصادر الطاقة النظيفة وحدها ستكون باهظة للغاية".


وحذر رئيس شركة كاناري لخدمات حقول النفط، دان إبرهارت، وهو داعم لترامب من فوز بايدن قائلا: "إذا كنت من مؤيدي النفط والغاز وفاز بايدن، فسيكون لديك الكثير مما يدعو للقلق بشأنه. يبدو أن خطته هي التخلي عن بنسلفانيا وتكساس وعمال النفط والغاز لمصلحة محاولة إسعاد نشطاء البيئة. ستكون هناك سحابة شبه دائمة فوق الصناعة وستؤدي إلى إخراج الاستثمار".

 

   وتعد ولاية تكساس أكبر منتج للنفط في الولايات المتحدة، وتسعى إلى أن تصبح ثالث أكبر منتج للخام في العالم. وتضخ حوالي 5.4 ملايين برميل يوميا من الخام. وارتفع إنتاجها العام الماضي بمقدار 600 ألف برميل يوميا ليصل إلى حوالي 41 في المئة من مجمل الإنتاج الأمريكي. 

الأكثر إنتاجا للنفط


ووفقا لموقع "ستاتيستا" الأمريكي، تصدرت تكساس الولايات الأمريكية المنتجة للنفط 1.850.105 براميل من النفط في عام 2019، (تشكل نحو 14 بالمئة من إجمالي إنتاج النفط الأمريكي).


وجاءت ولاية داكوتا الشمالية في المركز الثاني من بين الولايات الثماني التي تخطى إنتاجها 100 ألف برميل سنويا، بإنتاج بلغ 512.287 برميلا، تلتها ولاية نيومكسيكو بإنتاج بلغ 339.821، ثم ولاية أوكلاهوما بإنتاج بلغ 211.856 برميلا، وخامسا ولاية كولورادو بإنتاج 187.550 برميلا.

 

واحتلت ولاية ألاسكا المركز السادس بإنتاج بلغ 169.947 برميلا، ثم ولاية كاليفورنيا بإنتاج بلغ 161.496 برميلا، فيما جاءت ولاية وايومنغ في المركز الثامن بإنتاج بلغ 101.653 برميلا يوميا.

 

اقرأ أيضا: ترامب يتراجع: إذا خسرت سأقبل بانتقال سلس للسلطة.. ولكن

ووفقا لحسابات "عربي21"، تمثل الولايات الثماني الأكثر إنتاجا للنفط، 123 مقعدا في المجمع الانتخابي، (أي نحو 23 بالمئة من مجموع مقاعده البالغة 538، و45 بالمئة من مجموع المقاعد اللازمة للفوز برئاسة البيت الأبيض).


ولحسم الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية، يتنافس كل من بايدن وترامب على حصد 270 مقعدا في المجمع الانتخابي على الأقل. ويتم توزيع هذه المقاعد على الولايات الـ 50 في البلاد بالإضافة إلى العاصمة واشنطن وفقا لتمثيلها السكاني.

ولايات النفط المحسومة


وبحسب رصد أجرته "عربي21" لمعدل استطلاعات رأي 9 مؤسسات أمريكية (Sabato's Crystal Ball, The Cook Political Report, Inside Elections,The Economist, FiveThirtyEight, PredictIt, Politico, CNN and U.S.News) أظهر أن ثلاثا من الولايات النفطية الثماني محسومة لبايدن بإجمالي عدد مقاعد بلغ 69 مقعدا. وهذه الولايات هي: كاليفورنيا (55) مقعدا، كولورادو (9) مقاعد، نيومكسيكو (5) مقاعد.
كما أظهر الرصد أن ثلاث ولايات محسومة لترامب بإجمالي عدد مقاعد بلغ 13 مقعدا، هي: أوكلاهوما (7) مقاعد، داكوتا الشمالية (3) مقاعد، وايمونغ (3) مقاعد، بالإضافة إلى ولايتين تميلان لترامب بإجمالي عدد مقاعد 41 مقعدا هي: تكساس (38) مقعدا، وألاسكا (3) مقاعد.


يشار إلى أن ولاية تكساس، هي أكبر ولاية أمريكية منتجة للنفط، وثاني أكبر ولاية من حيث عدد السكان بعد كاليفورنيا، كما أنها تمثل أهم ولاية انتخابية للحزب الجمهوري، لكن معدل استطلاعات الرأي يظهر تزايد أنصار الديمقراطيين في هذه الولاية (غير المضمونة حاليا لترامب)، ما يدق ناقوس الخطر بالنسبة للجمهوريين أو المحافظين.

 

اللافت في نتائج الاستطلاعات أن جل مقاعد الولايات النفطية تميل إلى المرشح الديمقراطي، رغم مواقفه الداعمة للطاقة البديلة وتصريحاته التي تستغلها حملة ترامب في تلك الولايات، ما يطرح تساؤلات عدة حول مدى تغير علاقة النفط بصناديق الاقتراع، وهو ما ستجيب عنه نتائج الثلاثاء المنتظر، ولا سيما في "تكساس" كبرى منتجي النفط الأمريكي، المحسومة تقليديا للجمهوريين منذ 4 عقود.