سياسة عربية

أذربيجان وأرمينيا.. علاقات متشابكة بالإقليم والعالم

أرمينيا وأذربيجان- جيتي

تشهد الأزمة الأذرية الأرمنية، تعقيدات إقليمية ودولية، بناء على التحالفات والعلاقات التي يتمتع بها الطرفان، في ظل الحرب الدائرة بينهما حاليا، في إقليم ناغورني كراباخ، الذي يسيطر عليه انفصاليون أرمن، بالإضافة إلى مناطق أذرية ملاصقة له، تحتلها أرمينيا.

وتتشابك مصالح داعمي الفريقين، وأبرزهما تركيا الداعمة لأذربيجان، وروسيا الداعمة لأرمينيا. وفيما يلي استعراض لأبرز حلفاء الجانبين وعلاقاتهما بالإقليم والعالم.

العلاقات مع تركيا:

تقوم العلاقة بين أنقرة وباكو، على تحالف استراتيجي، بسبب كون الأتراك والأذر من قومية واحدة، ودائما ما يرفع البلدان شعار "شعب واحد في دولتين".

وتعد العلاقات استراتيجية بين البلدين على كافة القطاعات والمستويات، وخاصة الاقتصادي والعسكري، وجولة والمواجهات الأخيرة كشفت عن مدى الدعم العسكري التركي لباكو، وخاصة في سلاح الطيرات المسيرة بدون طيار.

وأعرب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، عن ثقته بأن تركيا ستكون في المستقبل القريب الشريك الأول لبلاده في التعاون العسكري ـ الفني.

وتحدث في تصريحات سابقة عن إجراء البلدين أكثر من عشر مناورات عسكرية مشتركة سنويا، مبينا أن ذلك مؤشر على "الوحدة والأخوة بينهما." وبين علييف أن التعاون العسكري بين البلدين يتطور بشكل سريع كما في كل مجال.

وقال: "امتلاك تركيا إمكانات صناعة دفاعية قوية للغاية في الوقت الحالي ليس سرا، ونحن نستفيد من هذه الإمكانات. يسعدنا إنتاج تركيا اليوم أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية".

وبين تركيا وأذربيجان مجلس للتعاون الإستراتيجي رفيع المستوى، يعكس عمق العلاقات وحجمها على كل الصعد، وتزود باكو أنقرة بكميات من النفط والغاز من حقل شاه دينيز في بحر قزوين، فضلا عن مشاريع تركية عملاقة في أذربيجان، أبرزها خط سكك الخديد باكو تيفليس قارص، وخط نقل الغاز العابر إلى أوروبا باكو جيهان.

العلاقات مع العالم العربي:

تعد العلاقات الأذرية والأرمنية متوازنة مع العالم العربي، ولم يسبق صدور تصريحات، تشير إلى وقوف مع أحدهما ضد الآخر.

لكن هناك محاولات خليجية وتحديدا من جانب الإمارات، التي تملك علاقات متوترة مع تركيا حليف أذربيجان، لتقوية العلاقات مع أرمينيا، وفتح الأبواب أمام سياحة الإماراتيين.

وكان السفير الإماراتي لدى أرمينيا، محمد الزعابي، قال إن المؤشرات تقول إن نحو 11500 إماراتي، زاروا أرمينيا للسياحة خلال عام 2018.

وقال إن وجود رحلات مباشرة بين الإمارات وأرمينيا يزيد عدد السياح ويؤدي إلى تطوير قطاع السياحة والفنادق ويدعم الاستثمارات. أعتقد أن هناك فرصاً للاستثمار في مجال الفنادق يجب أن يدرسها رجال الأعمال الإماراتيين" وفقا لما نقله راديو أرمينيا العام.

 

إقرأ أيضا: تسلسل زمني للصراع "المتجدد" بين أذربيجان وأرمينيا (إنفوغراف)

لكن في المقابل، قالت وسائل إعلام إماراتية، إنها قدمت مساعدات طبية لأذربيجان خلال أزمة كورونا.

 

كما شهدت العلاقات الأذرية بالأردن، توترا قبل أشهر، بعد كشف مواقع مهتمة بالشؤون العسكرية، عن بيع عمّان، أنظمة دفاع جوي لأرمينيا، وهو ما أثار غضب باكو، استدعت سفير عمّان لديها، وتقديم احتجاج على ذلك.

 

وردت عمّان في حينه أنها لم تقم ببيع الأنظمة إلى أرمينيا، بل اشترتها جهة خاصة، وهي من قامت ببيعها ليريفان.

 

العلاقات مع إيران:

 

تعد العلاقات الإيرانية الأرمنية وثيقة، وعلى تقارب دائم منذ قرابة 40 عاما، في المقابل تكتفي بإطلاق تصريحات إعلامية بشأن قضية ناغورني كاراباخ، والحديث عن احترام سيادة الأراضي الأذرية.

 

وتعد قضية أذربيجان وأرمينيا واحدة من قصص الصراع مع الغرب، بسبب رغبة الطرفين من تقليل النفوذ الأمريكي في المنطقة.

 

وفي الوقت الذي تمنع فيه طهران مواطنيها من العرقية الأذرية من الاحتجاج على القصف الأرمني، تسمح لمواطنيها الأرمن بالاحتفال بذكرى مزاعم الإبادة الأرمنية.

 

وتتداخل قضية القومية الأذرية لمواطنيها، وعلاقاتهم الروحية بأذربيجان، بتعاون باكو مع إسرائيل، والعلاقات العسكرية والأمنية الوثيقة، وهو ما يزعج طهران، ويجعلها في حالة توتر دائم مع وبرود في العلاقات مع باكو.

العلاقات مع إسرائيل:

تعد العلاقات الأذرية مع إسرائيل، وثيقة، وخاصة في المجال الأمني والعسكري والاقتصادي، وتعد تل أبيب ضمن أكبر 5 شركاء تجاريين لأذربيجان خلال السنوات الأخيرة، وفقا لتقرير لمعهد واشنطن للدراسات.

كما تُعد باكو أكبر مورد للنفط لإسرائيل، حيث تزودها بحوالي 40 بالمائة من استهلاكها السنوي، بينما تُعتبر إسرائيل سادس أكبر مستورد لصادرات النفط الأذربيجاني. ويصل النفط الأذري عن طريق خط أنابيب يمر عبر تركيا، واستمر في العمل حتى في ظل تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية في السنوات الأخيرة.

وفي الوقت ذاته، أصبحت أذربيجان إحدى المستهلكين الرئيسيين للأسلحة والخبرة العسكرية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2012، صدّق الجانبان على اتفاقية تم توقيعها سلفاً تبلغ قيمتها 1.6 مليار دولار، وتشمل طائرات اسرائيلية بدون طيار ونظم مضادة للطائرات والدفاع الصاروخي.

كما تشارك شركات إسرائيلية في نقل المعلومات التكنولوجية كجزء من جهود أذربيجان الرامية إلى إقامة صناعة أسلحة محلية؛ وتقوم بالفعل إحدى الشركات المشتركة بإنتاج آليات عسكرية بدون متحكم بشري في باكو.

لكن رغم ذلك حصل توتر مؤخرا، بعد إسقاط القوات الأرمنية طائرات إسرائيلية بدون طيار، اشترتها أذربيجان، وهو ما أثار غضب الأخيرة مع قلة كفاءتها وفقا للعديد من التقارير.

في المقابل، تعد العلاقات الأرمنية الإسرائيلية متوترة، وسبق أن هاجمت يريفان، تل أبيب، واتهمتها بتقديم السلاح لباكو، بسبب الاتفاقيات العسكرية بين الجانبين، وهددت باتخاذ إجراءات في هذا الإطار.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأرمينية أنا نغداليان، خلال جولة التصعيد قبل أشهر: "إن أرمينيا ستثير قضية مبيعات الأسلحة الإسرائيلية لأذربيجان على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف.

في حين أن تل أبيب، تبادل أرمينيا الموقف ذاته من التوتر وسوء العلاقات، بسبب سياسات الأخيرة القريبة من إيران.

العلاقات مع روسيا:

تعد العلاقات الأذرية الروسية، وثيقة وقائمة على اتفاقيات ومصالح استراتيجية متبادلة، وقائمة منذ العام 1992، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي، لكن موسكو في الوقت ذاته، أكثر دعما لأرمينيا.

وتوثقت علاقات موسكو وباكو عام 2010 عندما قام الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف، بزيارة رسمية إلى أذربيجان، وفي نتيجة المباحثات بين ميدفيدف وإلهام علييف تم عقد اتفاقية حدود للمنطقة الحدودية الواقعة بين جزء من الأراضي الروسية من جهة وأذربيجان من جهة أخرى، كما وقعت شركتا الغاز الروسية والاذرية، على اتفاقية لزيادة توريد الغاز الأذريبيجاني إلى روسيا.

لكن على صعيد العلاقات الروسية الأرمنية، تعد يريفان إحدى حلفاء موسكو بالمنطقة، وهي من قامت عام 1994 بقلب الموازين بعد إعلان متمردين انفصال إقليم ناغورني كراباخ عن أذربيجان، وأمدتهم بالسلاح في حينه.

وتشهد العلاقات بين روسيا وأرمينيا وأذربيجان وتركيا، تشابكا وتعقيدا في الكثير من الملفات، أبرزها الاقتصادية المتعلقة بخط الخط، فموسكو تعد شريكا لأنقرة في تصدير الغاز إلى أوروبا، وترتبط بها في العديد من الملفات بالمنطقة.

ومنذ بدء المواجهات العنيفة بين أذربيجان وأرمينيا، دعت وزارة الخارجية الروسية، الأحد، أذربيجان وأرمينيا لوقف الاشتباكات على خط الجبهة بين البلدين، والجلوس إلى طاولة الحوار.

وأشارت الوزارة في بيان إلى تأزم الأوضاع بشكل مفاجئ في إقليم قره باغ، وسط تبادل قصف عنيف بين الطرفين ووقوع خسائر.

وأضاف البيان: "ندعو الطرفين إلى وقف إطلاق النار والبدء في المفاوضات على الفور من أجل إحلال الاستقرار".

العلاقات مع أمريكا

بدأت العلاقات الأذرية مع الولايات المتحدة منذ إعلان باكو استقلالها عن الاتحاد السوفيتي.

وتطورت العلاقات الأمريكية مع أذربيجان على مدى سنوات، وتمثلت في اشتراك باكو في برنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف الناتو، وإقامة روابط عسكرية ثنائية في سياق تأمين طاقة بحر قزوين وخط أنابيب باكو-تفليس- جيهان.

كما شاركت أذربيجان في المهام العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة في كوسوفو، أفغانستان والعراق.

لكن العلاقات بين أرمينيا وواشنطن كانت تشهد برودا، خلال حكم الحزب الجمهوري، الذي يمتلك علاقات وثيقة مع موسكو، لكن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون إلى يريفان، بعد سقوط الحزب الجمهوري، حملت مؤشرات على احتمالية تبدل مواقف أرمينيا.

وكان لافتا أثناء زيارته إلى العاصمة يريفان، حَثُّ بولتون، أرمينيا على الابتعاد عن حليفتها التقليدية روسيا، والتقارب مع واشنطن، وإنهاء أزمة إقليم "قرة باغ" مع أذربيجان سلميًا، وشراء الأسلحة الأمريكية؛ على اعتبار أنها "أفضل من الأسلحة الروسية على أية حال".

ولكن الأكثر إثارة للاهتمام كان تصريح رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، أن بلاده تأخذ عرض واشنطن شراء أسلحة أمريكية محمل الجد، وأنها بصدد بحثه، في تلميح إلى احتمال تغيير البلاد معادلة علاقاتها الدولية، فور انتهاء عصر حكم الحزب الجمهوري تمامًا.

وهو ما أثار ذلك على الفور انتقادات الكرملين، الذي وصف في حينه، في بيان للخارجية، تصريحات بولتون، بـ"الوقحة"، على اعتبار أنها "تدخل في شؤون داخلية لدولة أخرى".