ملفات وتقارير

بعد تصريحات باسيل.. هل "حزب الله" جاهز للانسحاب من سوريا؟

حزب الله لا يزال منخرطا في الحرب السورية ويشارك لصالح نظام الأسد- إعلام الحزب

حظي حديث رئيس "التيار الوطني الحر" اللبناني، جبران باسيل، المفاجئ عن مستقبل وجود "حزب الله" العسكري في سوريا، باهتمام واسع من الأوساط السورية.

وكان باسيل، قد أكد في تصريح غير مسبوق، الأحد، خلال مؤتمر صحفي له، أن "حزب الله" بدأ يفكر بالعودة من سوريا، مشددا على أن "اللبنانيين يدعمون هذا القرار".

واختلفت قراءة المراقبين للتصريحات، بين فريق يعتقد أن "حزب الله" بات يفكر جديا بالانسحاب من سوريا، خشية العقوبات الأمريكية ضمن قانون "قيصر"، وإفساحا للمجال أمام إنجاح الجهود التي يبذلها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لبنان، لانتشال الأخيرة من الأزمة الاقتصادية، وآخر يستبعد فكرة الانسحاب، على اعتبار أن قرار ذلك، في إيران.

أوضاع محرجة

وقال رئيس تحرير موقع "جنوبية" اللبناني المعارض لحزب الله، الصحفي علي الأمين، في حديث لـ"عربي21"، إن حديث باسيل الذي يأتي في ظل التطورات السياسية والاقتصادية في لبنان، وتزايد الضربات الإسرائيلية على مواقع لإيران و"حزب الله" في سوريا، "يعطينا مؤشرا على أن الحزب في وضع محرج على مختلف المستويات".

وأضاف أن "حزب الله الذي يعاني نتيجة العقوبات والحصار الأمريكي على إيران، يعيش أوضاعا غير مسبوقة، نتيجة التحديات، وكل ذلك يمهد لدخول الحزب في مرحلة جديدة".

 

اقرأ أيضا: باسيل: حزب الله يفكر بالخروج من سوريا.. ويطرح مبادرة "خلاص"

ولا يعني ذلك، بحسب الأمين، أن "حزب الله، على استعداد للانسحاب من سوريا، وإنما هذه التصريحات الصادرة عن باسيل المتحالف معه، تأتي في إطار توجيه الرسائل للمجتمع الدولي، بأن فكرة الانسحاب واردة"، مستدركا بالقول: "هنا لا نقلل من فكرة أساسية، وهي أن قرار انسحاب الحزب من سوريا، هو قرار استراتيجي إيراني، وليس قرارا مرتبطا بقرار الحزب".

تناغم مع الجهد الفرنسي

وفي سياق قراءته لتصريحات باسيل، ربط الأمين بين حديث الأخير عن تفكير "حزب الله" بالانسحاب من سوريا، وبين التحركات الفرنسية التي يقودها ماكرون في لبنان، بعد انفجار مرفأ بيروت.

وقال: "إن فرنسا دخلت بلحظة إلى لبنان تتيح لها تحقيق مكاسب في ظل تراجع دورها في المنطقة ولبنان، يوازي ذلك حاجة "حزب الله" إلى صلة تربطه بأوروبا، بعد إدراجه من غالبية الدول هناك على لوائح الإرهاب، باستثناء فرنسا، التي أدرجت الجهاز العسكري للحزب على لوائح الإرهاب، دون الجهاز السياسي".

ومن هنا، وبحسب الأمين، فإن للحزب مصلحة في تسهيل المبادرة الفرنسية، وكذلك لفرنسا التي تريد الحفاظ على علاقة بالحزب وإيران أيضا.

وزاد الصحفي اللبناني، بأن "حزب الله يرى في المبادرة الفرنسية لانتشال لبنان من أزماته، والضغط لتشكيل الحكومة، تخفيفا من الضغوط التي يتعرض لها، أو طوق نجاة مؤقتا، وحتى يحصل على ذلك، لا بد له من تقديم تنازلات في لبنان وسوريا".

مراوغة

في المقابل، شكك الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"، النقيب رشيد حوراني، في قبول "حزب الله" لفكرة الانسحاب من سوريا.

وقال لـ"عربي21": "ما صرح به باسيل هو من باب الدعاية والترويج للحزب كطرف سياسي لبناني بالتزامن مع التصريحات الإيجابية عن الحزب من الجانب الفرنسي".

 

اقرأ أيضا: قصف إسرائيلي لمواقع حزب الله جنوب لبنان وهدوء حذر

وأضاف حوراني: "إن الحزب في الحقيقة غير ملتزم وغير ملزم نفسه بالسياسة اللبنانية الداخلية أو الخارجية؛ حيث نأى لبنان بنفسه عن التدخل بالمسألة السورية بينما تدخل الحزب بكل طاقته إلى جانب النظام لكونه ذراعا للسياسة الإيرانية".

وتابع: "لا يمكن للحزب الخروج من سوريا دون أمر طهران، لأنها تتخذ أذرعها كأوراق في أي مفاوضات مستقبلية، وهذه المفاوضات مع الأطراف الدولية غير مطروحة الآن، وخصوصا أن الولايات المتحدة منشغلة بالانتخابات الرئاسية، وعليه فإن انسحاب الحزب من سوريا غير وارد".

تثبيت الوجود

مصدر عسكري من المعارضة السورية، استبعد حتى مجرد أن يكون "حزب الله" في وارد التفكير بالانسحاب من سوريا، وقال: "الأنباء التي لدينا تشير إلى العكس".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21" طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن "مصادرنا تؤكد أن الحزب يتجه لتعزيز وتدعيم وجوده العسكري في ريف دمشق، في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية، وكذلك في الجنوب السوري (درعا، القنيطرة)".

وبناء على ذلك، يرى المصدر أن تصريحات باسيل هي بغرض المراوغة، وخصوصا أن "حزب الله يتخوف من أن تشمل الحزمة الرابعة من عقوبات "قيصر" شخصيات منه".

وقال: "لن تغامر إيران بسحب حزب الله من سوريا، إلا في حالة واحدة، وهي تكثيف الضربات العسكرية على قواعدها، حتى ترتفع التكلفة المالية والبشرية، إلى الحد الذي لا تطيقه هي ومليشياتها".

وكان أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، قد أعلن في صيف العام 2019، عن تخفيض عدد قواته في سوريا، وهو ما تنفيه مصادر المعارضة.

وبحسب مصادر متواترة، فإن "حزب الله" بدأ منذ عام 2011 بمساندة النظام السوري عسكريا سرا، وقدم شعار "حماية المقدسات الشيعية" مبررا لوجوده العسكري في عام 2013، حين لم يعد بمقدوره كتمان ذلك، وخصوصا بعد قيادته لمعارك القصير ضد المعارضة، بريف حمص في الربع الأول من العام 2013، التي تخللتها مجازر بحق أبناء المنطقة.