سياسة دولية

"قيصر": كيف يؤثر على المدنيين.. وهل يلتف الأسد عليه؟

سماسرة وشركات وهمية وتهريب وتواطؤ من أطراف مختلفة قد يكون بعضها حليفا لأمريكا- جيتي

تدخل سوريا في منعطف جديد، مع دخول العقوبات الأمريكية بموجب قانون "قيصر" حيز التنفيذ اليوم، الموصوف بـ"الأربعاء المخيف" للنظام، ولا يعرف حتى الآن بالتحديد كيف ستكون تأثيراته على الأسد من جهة والمدنيين من جهة ثانية.

ويدور جدل كبير بشأن احتمالية تحقيق العقوبات أهدافها بالضغط على النظام السوري، من جهة، والأذى والضرر الذي ستلحقه بالمدنيين السوريين الذين يعانون من واقع اقتصادي مترد أساسا، من جهة أخرى.

وفي هذا الصدد، أكد الباحث السوري والأستاذ الجامعي في العلوم الاقتصادية، رفعت عامر، أنه استنادا إلى التجارب السابقة للعقوبات الأمريكية، كما هو الحال مع إيران وفنزويلا، فإن المتضرر الأبرز سيكون الشعب، موضحا: "أن العقوبات لم تسقط الأنظمة".

واستدرك في حديثه لـ"عربي21": "لكن واقع النظام السوري الآن مختلف كليا ونوعيا، لأن العقوبات ستطاله وكل الدول الداعمة له، وعلى الأخص إيران والعراق ولبنان الذي كان تاريخيا متنفس النظام من أي عقوبات، وحصالته المالية وبوابته للاستثمار غير المشروع".

وتابع عامر بالإشارة إلى الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، وقال: "إن الأوضاع الاقتصادية في لبنان ستزيد من حدة العقوبات على نظام الأسد".

وبحسب الأستاذ الجامعي، فإن "تداعيات العقوبات على النظام، لن تكون أقل وطأة على الشعب السوري، الذي يعيش سواده الأعظم تحت خط الفقر".

 

اقرأ أيضا: المعارضة لـ"عربي21": ندعم قيصر ولن يؤثر على الشمال السوري

ورغم أن قانون قيصر يستثني المنتجات الغذائية والدوائية والمواد الزراعية، فإن النظام سيستفيد من هذا القانون بتمرير حججه أمام الشعب السوري، وفق عامر، الذي أوضح أن "النظام سيرجع حالة الفقر التي يعيشها المواطن السوري إلى هذه العقوبات، وليس إلى الفساد وسوء الإدارة وتدمير الاقتصاد بسبب ممارساته ونهبه للبلاد، وتوظيف مواردها في خدمة استمراره في الحكم".

أساليب للالتفاف على "قيصر"

من جانب آخر أشار عامر إلى أساليب محتملة من جانب النظام للتملص من العقوبات، والتقليل من تداعياتها، ومنها وجود طبقة فاسدة من رجال المال والأعمال وأثرياء الحرب، على استعداد لعقد صفقات بالنيابة عن الأسد لتزويده بما يحتاجه من مواد لاستمراره في الحكم، وليس لتوفير احتياجات الشعب السوري، التي لم تكن في يوم من الأيام من ضمن أولوياته.

كما أشار إلى وجود تجار وسماسرة في المناطق الخاضعة للسيطرة الأمريكية (مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية)، على استعداد تام لتلبية حاجيات النظام بطرق غير شرعية، تصعب مراقبتها أو الكشف عنها.

وفي ذات السياق، أشار المعارض السوري والكاتب الصحفي، أيمن عبد النور، في اتصال مع "عربي21" من الولايات المتحدة، إلى أساليب أخرى سيعتمدها النظام للتملص من العقوبات، منها الاعتماد على شخصيات جديدة، لم تكن ظاهرة في المشهد الاقتصادي السوري سابقا.

وقال: "كذلك من غير المستبعد أن يقوم النظام باستخدام طرق جديدة لتهريب البضائع من الدول المجاورة (لبنان، العراق، الأردن)، إلى جانب اختيار بلد ثالث لاستيراد المواد من السوق الأوروبية، وشحنها إليه بشكل غير مُعلن".

 

اقرأ أيضا: FP: الأسد يخسر دعم طائفته والأرض تهتز تحت أقدامه

ومن المتوقع، من وجهة نظر عبد النور، أن يعتمد الأسد بصورة أكبر على إيران، كونها المصدر شبه الوحيد لتأمين النفط والقمح.

 

وإلى جانب ذلك، رجح المعارض السوري، أن يقدم النظام على تأسيس شركات جديدة عاملة في مجال الطيران المدني، لتساعده في جلب البضائع من دول عدة تحت مسميات مختلفة، قبل أن تطالها العقوبات من قبل الولايات المتحدة.

"المساعدات الإنسانية"

وبموازاة ذلك، جزم "عبد النور" باستغلال النظام للمساعدات الدولية التي تتدفق من المنظمات الدولية إلى سوريا، وتحديدا المخصصة للتوزيع في شمال شرق البلاد (مناطق سيطرة قسد)، وشمال غربها (مناطق سيطرة المعارضة)، وقال: "بعد مصادرة هذه المساعدات، سيوجهها إلى ثكناته العسكرية".

ويفرض القانون (قيصر) عقوبات على نظام الأسد وداعميه ومموليه، ما قد يسهم في زيادة عزلته الاقتصادية والسياسية وتضييق الخناق عليه.