اقتصاد عربي

هل الاكتشافات البترولية في مصر حقيقية؟.. خبراء يجيبون

الجيزاوي قال إن تاريخ الحكومات المصرية في الدعاية الوهمية للاكتشافات البترولية طويل- جيتي

اكتشافات بترولية متوالية يتم إعلان بمصر، منها في الغاز الطبيعي، وأخرى متعلقة بالبترول، سواء على سواحل البحر المتوسط، أو في الصحراء الغربية كما أعلنت شركة إيني الإيطالية مؤخرا باكتشافها حقل بترولي ضخم بالصحراء الغربية.


وطبقا للإحصائيات المتعددة لوزارة البترول المصرية فإن مصر شهدت أكثر من 20 اكتشافا جديدا خلال أقل من عام من أبرزهم حقل ظهر، وهو ما دفع بوزير البترول للإعلان بأن بلاده سوف تكون ضمن الدول المصدرة للبترول قريبا، بعد أن تكتفي ذاتيا من الغاز الطبيعي والبترول بحلول عام 2019.


وتأتي هذه الاكتشافات لتطرح العديد من التساؤلات عن حقيقتها، ولماذا لم تحقق عائدا إيجابيا على المواطن، الذي يعاني بشدة من القرارات الأخيرة بإلغاء نسبة كبيرة من الدعم على المواد البترولية، أم أن هذه الاكتشافات للاستهلاك الإعلامي كما كان حدث في عهد مبارك مع حقول الغاز الطبيعي الوهمية.


من جانبها وافقت لجنة الطاقة والبيئة بمجلس النواب، الأحد الماضي، على مشروع قانون قدمته الحكومة للترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، وشركة عالمية للبترول للبحث عن الغاز والزيت الخام، واستغلالهما في منطقة نور بشمال سيناء البحرية بالبحر المتوسط.

 

وتأتي هذ الموافقة ضمن ست موافقات أخرى منحها البرلمان لوزير البترول لإتمام الاتفاق في اكتشافات أخرى بمناطق غرب مليحة بالصحراء الغربية، وأبو ماضي بدلتا مصر، وأبو سنان، وعلم الشاويش، وجيزة، وفيوم برشيد، والبرلس.


وكان وزير البترول المصري طارق المُلا قد أعلن منتصف 2017، أن الاكتشافات الأخيرة تعمل على زيادة الإنتاج للوصول للاكتفاء الذاتي من الغاز بنهاية 2017، ثم عاد وأعلن قبل أيام أن مصر تستهدف الاكتفاء الذاتي من الغاز بنهاية 2019 دون أن يوضح أسباب هذا التأجيل.


من جانبه أكد الخبير الاقتصادي فكري عبد العزيز لـ "عربي21" أن مصر تتمتع باحتياطي كبير من الغاز والبترول، وهي معلومات ليست جديدة وكانت تحتاج لمجهود من قبل الحكومات السابقة، إلا أن الملفت كما يراه عبد العزيز هي الزيادة غير الطبيعية في إعلان الاكتشافات البترولية والتي تصل لحد الإعلان عن اكتشاف كل أسبوع، وهو ما يثير الشكوك، خاصة وأن الشركات العالمية العاملة في مصر بمجال التنقيب معدودة وليست بالكثرة التي تمكنها من هذه الاكتشافات شبه اليومية.


ويشير عبد العزيز أن المشكلة ليست في عدد الاكتشافات، وإنما في النسب التي تحصل عليها مصر من جراء هذه الاكتشافات، وما هي المدة الزمنية حتي يشعر المواطن المصري بمردود هذه الاكتشافات عليه، وهي أمور مطلوبة حتى لا تتحول عملية الاكتشافات للدعاية الإعلامية التي ليس لها أساس على أرض المواقع.


ويوضح عبد العزيز أن حقل ظهر الضخم الذي تعول عليه مصر كثيرا أعلنت الحكومة حصولها على 65 بالمائة من عائده، مقابل 35 بالمائة للشركة الإيطالية، ولكن الحكومة لم توضح أن هذه النسبة سوف تحصل عليها عندما تنتهي الشركة الإيطالية من الحصول على نسبتها التي أنفقتها في الاكتشافات، وبالتالي فإن النسبة الحقيقية لمصر هي 45 بالمائة مقابل 55 بالمائة للشركة الإيطالية، وهو ما يؤكد أن المفاوض المصري ضعيف، ولا يهمه المصلحة الوطنية بقدر الدعاية السياسية.


ويحذر الخبير الاقتصادي من أن تقع الحكومة الحالية في خطأ حكومات مبارك التي أعلنت عن عشرات الاكتشافات وأن مصر تعوم على بحر من الغاز، وعقدت صفقات تصديرية ثم فوجئنا بأن الآبار نضبت، والاحتياطي أقل من الذي تم الإعلان عنه مما دفع مصر لاستيراد الغاز من إسرائيل لإعادة تصديره للغير مرة أخري.


ويشير الكاتب الصحفي أحمد الجيزاوي لـ "عربي21" أن تاريخ الحكومات المصرية في الدعاية الوهمية للاكتشافات البترولية طويل، وهي الدعاية التي بدأت في عهد جمال عبد الناصر عندما أعلن عن اكتشافات بالصحراء الغربية للتغطية على نكسة 1967.


ويؤكد الجيزاوي أن دعاية الوهم الأكبر كانت في عهد مبارك عندما أعلن عن عشرات الاكتشافات البترولية الوهمية لتلميع صورته في الشارع، كما أعلن عن احتياطي كبير من الغاز لتبرير تصديره الغاز لإسرائيل بأقل من سعره العالمي.


وطبقا للجيزاوي فإن مصر تستورد 50 بالمائة من احتياجاتها من الغاز والبترول الخام ومشتقاته، وبالتالي فإن الحكومة عليها أن تعبر عن صدق اكتشافاتها بواقع إنتاجي، يشعر به المواطن المصري بتقليل ميزانية استيراد المواد البترولية والغاز.


وأوضح أنه طبقا لأرقام الاكتشافات فإن مصر يجب أن تنتج 1.5 مليون برميل بترول يوميا، و13 مليار قدم مكعب من الغاز، وهو ما لا يحدث على أرض الواقع حيث تنتج مصر 530 ألف برميل بترول يوميا، و7 مليارات قدم مكعب من الغاز.