كتاب عربي 21

إجراءات موجعة قادمة للمصريين

1300x600
بانتهاء الانتخابات الرئاسية، لم يعد هناك مبرر أمام السلطات المصرية لتأجيل تنفيذ مطالب صندوق صندوق الدولي منها، خاصة فيما يتعلق بخفض دعم الطاقة والكهرباء، وزيادة حصيلة الضرائب والجمارك، وتحويل الدعم السلعي إلى دعم نقدى والسير في برنامج الخصخصة.

ولقد أجّل الصندوق سفر بعثته الدورية للقاهرة حتى تنتهي الانتخابات، وها هي البعثة تستعد للسفر للقاهرة لتفقد إجراءات اتباع البرنامج المرحلي الذي التزم النظام بتنفيذه، حتى يكون أهلا للحصول على دفعة جديدة من قرض الصندوق بنحو ملياري دولار.

ورغم بيع مصر سندات بنحو أربعة  مليارات دولار في شباط/ فبراير الماضي، ثم بيع سندات أخرى بنحو ملياري يورو، فإنها بحاجة للقسط الجديد من قرض الصندوق، نظرا لما عليها من التزامات ضخمة لسداد أقساط وفوائد الدين الخارجي العام الحالي، وحاجتها للحفاظ على رقم الاحتياطي من النقد الأجنبي الذي تستخدمه داخليا وخارجيا لتأكيد قدرتها على سداد ما عليها من مستحقات، سواء للمنظمات الدولية والإقليمية أو للدول أو للشركات الأجنبية، بالإضافة لطمأنة حملة سنداتها بالخارج لاستمرارها في السير بتنفيذ برنامج الصندوق ليواصلوا الاحتفاظ بالسندات، خاصة وأن مصر ستطرح سندات جديدة بالخارج آخر العام الحالي.

ومن هنا، فقد أكد ما تم إعلانه من بيانات لموازنة العام المالي الجديد الذي يبدأ أول تموز/ يوليو القادم، بخفض قيمة دعم الوقود من 110 مليار جنيه إلى 89 مليار جنيه، رغم زيادة سعر النفط دوليا، وخفض دعم الكهرباء من 30 مليار جنيه إلى 16 مليار جنيه، التزاما من مصر بمطالب الصندوق.

وجاءت تصريحات وزير النقل لتؤكد إجراء زيادة وشيكة بأسعار تذاكر كل من القطارات ومترو الأنفاق، كما تم بالفعل إيقاف حركة عدد من خطوط القطارات التي تسبب خسائر خاصة بالأقاليم، وكذلك تصريحات وزارة التموين لقرب البدء بخفض أعداد حاملي البطاقات التموينية، وهو ما أكدته بيانات الموازنة التي تم توزيعها على نواب البرلمان.

مزيد من الضرائب والرسوم

وتؤكد بيانات موازنة العام المالى الجديد 2018/2019 التوسع في جلب الضرائب لتصل إلى 770 مليار جنيه، بزيادة 166 مليار عن تقديرات العام المالي الحالي. ورغم إعلان وزارة المالية أن التوسع بتحصيل الضرائب سيركز على شريحتي القطاع غير الرسمى والمهن الحرة، إلا أن هناك اتجاها مؤجلا بسبب الانتخابات الرئاسية سيطال عددا من رسوم الخدمات منها تراخيص السيارات والتلفون المحمول.

كما تشير بيانات الموازنة الجديدة لاستقطاع فوائد الديون 541 مليار جنيه وبلوغ أقساط الدين 276 مليار جنيه. ويعني بلوغ تكلفة الدين 817 مليار جنيه أمرين لهما أثرهما السلبي على الجمهور، الأول يخص عدم قدرة الحكومة على تخصيص الموارد الكافية لتحسين حالة الخدمات العامة، من تعليم وصحة ونقل وإسكان ومرافق وطرق. فرغم تخصيصها 148.5 مليار بالموازنة الجديدة للاستثمارات الحكومية، فإنها لن تستطع الوفاء بذلك الرقم في ظل العجز الضخم بالموازنة، والمتوقع بلوغه 439 مليار جنيه. وها هي مخصصات التعليم والصحة والبحث العلمي بالموازنة الجديدة تقل عن النسب الدستورية المحددة لها، حتى أن رئيس لجنة التعليم بالبرلمان يشير للحاجة إلى 40 مليار جنيه إضافية لموازنة التعليم حتى تفى بالنسبة الدستورية البالغة 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما انخفضت مخصصات الإسكان والمرافق عن العام المالي الحالي.

زيادة تكلفة إنتاج السلع

ويتمثل الأثر السلبي الثاني في أنه مع حاجة الحكومة لتمويل عجز الموازنة، ستكون البنوك المحلية الممول الرئيسي لها، وسيكون ذلك على حساب تمويلها للشركات الخاصة، مما يضعف من نشاطها الإنتاجي، وهو ما سيكون على حساب استقرار العمالة بها، وعلى حساب تكلفة منتجاتها، مما يمكن معه ارتفاع أسعارها، خاصة مع زيادة أعباء تلك الشركات بسبب زيادة سعر الوقود والكهرباء، مما يزيد من تكلفة الإنتاج والنقل لمنتجاتها.

ورغم أن مطالب صندوق النقد الدولي تتضمن أمورا يمكن أن تصب في صالح عموم المصريين، مثل تعزيز دور القطاع الخاص، ومكافحة الفساد، وتحسين فرص الحصول على التمويل والأراضي، وتعزيز الحوكمة والشفافية بالمؤسسات المملوكة للدولة، إلا أن هناك شكا كبيرا في حدوث استجابة ملموسة بتلك الأمور، حيث يعتمد النظام المصري بمشروعاته على الجهات العسكرية في تنفيذها على حساب القطاع الخاص، ولعل هذا يشير من جانب آخر إلى أن فرص العمل التي يتم توفيرها تتسم بأنها فرص عمل مؤقتة وليست دائمة.

ولعل بعض الشواهد مؤخرا تشير للاستخفاف بالأثر الاجتماعى للإجراءات الحكومية، مع الإصرار الحكومي على خروج سكان منطقة مثلث ماسبيرو بالقاهرة منها، بزعم تطويرها، رغم أن الأرض والمساكن مملوكة للسكان وليست للدولة، وتلا ذلك نقل ملكية جزيرة الوراق إلى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة.