ملفات وتقارير

هل تحولت مدارس مصر إلى مراكز للتدخين والإدمان؟

الطلاب هم الحلقة الأضعف في المجتمع لأنهم أكثر عرضه للمتغيرات السلبية- جيتي

كشفت دراسة أعدتها الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة المصرية، الأسبوع الماضي، عن سوء استخدام المواد المخدرة بين طلبة المدارس الثانوية، مؤكدة أن 10% من الطلبة والطالبات جربوا التدخين في المدارس.


وأظهرت الدراسة الحكومية أن معدل انتشار المواد المخدرة بين الطلبة وصل إلى 0.86%، وأنهم تعاطوا جميع أنواع المواد المخدرة كالحشيش والأفيون والهيروين والكواكايين، وتناولوا العقاقير المهلوسة والأقراص المهدئة، والترامادول، وحتى الخمور.


 وأضافت الدراسة أن معظم الطلاب من سن 11 إلى 14 عامًا دافعهم في ذلك إما الفضول، وإما التغلب على المشكلات، وإما تقليد أحد أفراد الأسرة من المدخنين، لافتة إلى أن أكثر المواد استخداما هي "المهدئات"، في حين أن القنب (الطبيعي والصناعي) كان الأكثر استخداما خلال الـ 12 شهرا الماضية.


وأوضحت الدراسة أن معدل انتشار التدخين وتعاطي المخدرات في الصعيد بصورة أقل من معدلات الانتشار في القاهرة والدلتا، وكان الإدمان أكثر انتشارا بين الذكور عنه بين الطالبات الإناث.

 

اقرأ أيضا: دراسة جديدة تكشف عن السبب الرئيسي لتدخين المراهقين.. ماهو؟

انهيار المنظومة التعليمية


يقول الخبير التربوي، محمد عبد الله، إنه "لا يمكن فصل ما تمر به مصر من اضطرابات سياسية واقتصادية، عما أصاب المجتمع المصري من عادات وسلوكيات سيئة بدءا من مؤسسات الدولة، مرورا بالأسرة المصرية، وصولا إلى الحلقة الأخيرة المتمثلة في طلاب المدارس".


وأضاف لـ"عربي21" أن "الطلاب هم الحلقة الأضعف في المجتمع لأنهم أكثر عرضه للمتغيرات السلبية التي تطرأ على المجتمع نتيجة التغيرات الاقتصادية سواء للأفضل أو الأسوأ"، مشيرا إلى أن "تراجع دور وزارة التعليم في النهوض بالمنظومة التعليمة أثر على سلوكيات الطلاب والطالبات، وأشعرهم بغياب الرقيب".


وأكد أن "مثل هذا الجيل قبل سبع سنوات كان من شارك في تحريك ثورة 25 يناير، وحلم بالتغيير في كل ما يتعلق بمستقبله، بتحسن منظومة التعليم، وزيادة الإنفاق عليه، وفتح آفاق جديدة لأحلام الشباب، ولكن يبدو أن الدولة لا تزال بعيدة عن تحقيق الحد الأدنى في تحسين مستوى المرافق التعليمية والتربوية والصحية".


مؤامرة ضد مصر


وكشفت أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية، إنشاد عز الدين، أن "التدخين وتعاطي المخدرات لا يقتصر على طلاب المرحلة الثانوية بل يمتد إلى المرحلة الإعدادية أيضا، وقد شهدت بأم عيني أحد الأطفال يتعاطى مواد مخدرة"، مشيرة إلى أن ما يحدث في المدارس وحولها "كارثة".


وخلال حديثها لـ"عربي21" ألقت عز الدين باللوم على انتشار التدخين والإدمان بين طلاب المدارس على جهات خارجية، مضيفة: "الشباب المصري مستهدف، هناك مؤامرة تحاك ضدهم، ففي كل يوم نطالع أخبار القبض على مهربين، ومصادرة كميات كبيرة من المواد المخدرة سواء على حدودنا البرية أو البحرية".

 

وحذرت من تداعيات اتساع دائرة الإدمان في المجتمع المصري، قائلة إن "آثارها خطيرة خاصة في ظل عدم وعي الشباب لطبيعة الخطر، وأن ما يفعلونه مجرد تجربة أو أنها تساعد على التركيز، أو نسيان الهموم، أو الشعور بالسعادة".

 

اقرأ أيضا: للتدخين آثار سلبية على الصحة.. ماذا عن الآثار النفسية؟

وانتقدت في الوقت نفسه تراخي الإدارات المدرسية الحكومية، وحالة الفراغ الموجودة في العديد منها قائلة إن هذا شجع على هروب الطلبة وخوضهم تجارب غير صحية وغير سليمة ومضرة.


ورفضت الربط بين اتجاه الطلاب للتدخين والإدمان وبين الأوضاع السياسية التي تشهدها مصر منذ سنوات، وعزت أسباب الأزمة إلى "تراجع دور الأسرة في مراقبة أطفالها"، داعية إلى أن "تلعب وزارة التربية والتعليم دورا كبيرا في مراقبة التلاميذ، وعمل اختبارات إدمان عشوائية وفجائية، وأن تتحلى بالمسؤولية".

انخفاض الوعي


وقلل استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، إبراهيم مجدي، من آثار تداعيات تلك الدراسة، قائلا: "الإحصائيات لا تشكل خطورة كبيرة، على الرغم من أنها تعد صادمة للبعض؛ لأنه لا توجد في مصر دراسات وإحصائيات سنوية ومستمرة، فتظهر كبيرة عندما تعرض للمرة الأولى، ولكنها تأتي في سياق النسب الطبيعية".


 وأوضح لـ"عربي21" أن "الإحصائيات الواردة في الدراسة لم تشمل جميع المدن والمحافظات، والنسب الواردة تتفق مع معدل النسب الطبيعية في كل دول العالم، والأرقام لا تمثل خطورة كبيرة".


واستدرك قائلا: "إن درجة الوعي بالصحة النفسية متدن في مصر، ونحن بحاجة إلى التوعية بها"، مشيرا إلى أن "الأزمة الاقتصادية هي أم المشاكل، وتقف وراء أغلب الظواهر الاجتماعية السيئة، فهي باب لكل شر فتفتح الباب للإرهاب، والتطرف، وتعاطي المخدرات والإدمان".