اقتصاد عربي

مصر تعود للصكوك الإسلامية الملغاة منذ الانقلاب ؟

نظام السيسي أعلن وقف العمل بالصكوك مطلع 2014- ا ف ب

بعد 4 سنوات من إلغاء النظام في مصر، العمل بقانون "الصكوك الإسلامية" الذي أصدره الرئيس محمد مرسي قبل عزله بشهرين؛ أعادت الحكومة المصرية العمل مجددا بالقانون.
 
وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، سحر نصر، أعلنت الثلاثاء، موافقة مجلس النواب نهائيا على تعديلات قانون سوق المال، لتشمل تفعيل الصكوك كأداة مالية، لإعادة تنظيم إصدار وتداول صكوك التمويل، وتنظيم بورصة العقود الآجلة بهدف تنويع الأدوات المالية المتداولة وتشجيع الاستثمار وإتاحة التمويل للمشروعات.
 
وكانت الهيئة العامة للرقابة المالية أعدت مشروع تعديلات على قانون تنظيم الصكوك، لتوفير الإطار القانوني لاستخدام الصكوك كإحدى أدوات التمويل، ورأت الهيئة تضمين المواد المقترحة للتعديل بقانون سوق رأس المال، بدلا من بقائها بقانون مستقل.
 
وصدر قانون "الصكوك" بعهد الرئيس محمد مرسي، لأول مرة بمصر في آيار/مايو 2013، بعد الأخذ بملاحظات الأزهر، لاستخدامه بتمويل مشروع تنمية قناة السويس، وسد عجز الموازنة، وهو ما قوبل حينها باتهامات لمرسي ببيع أصول الدولة، وبأن نظام الإخوان المسلمين يتاجر بالدين من خلال الصكوك.
 
والصكوك الإسلامية تعمل بها المملكة المتحدة منذ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2013، واليابان، وألمانيا، وولاية تكساس الأمريكية، ودول الخليج، وماليزيا، وإيران، وباكستان، والسودان، وهي صيغة تمويلية تصدرها البنوك الإسلامية أو الدول، لتمويل مشروعات بصيغ المضاربة والمشاركة مقابل نسب مرابحة.
 
ورغم تشابه الصكوك مع السندات الحكومية؛ يفضل بعض المستثمرين الصكوك كونها أبعد عن شبهة الربا ولأنها تكون عادة مضمونة بأصل تابع للجهة المصدرة يحق للمستثمر الحجز عليه حال تعثر المقترض.

وبعد 7 أشهر من الانقلاب وفي كانون الثاني/ يناير 2014، أعلنت السلطات تجميد قانون الصكوك الإسلامية وأهال التراب عليه ووصفه بكل نقيصة، وألغت الهيئة العامة للرقابة المالية العمل بالقانون وتم استبداله باب فقط في قانون سوق المال بعد إجراء التعديلات اللازمة عليه، ليقرر البرلمان العودة إليه الآن في إصدار وتداول صكوك التمويل، وتنظيم بورصة العقود الآجلة.
 
وبلغ دين مصر الخارجي، (80.8 مليار دولار)، في نهاية أيلول/ سبتمبر 2017، حسب تقرير البنك المركزي الأربعاء الماضي، فيما قال وزير المالية عمرو الجارحي، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، إن دين مصر الداخلي والخارجي يقدر بـ(3.7 تريليونات جنيه).
 
الغاية تبرر الأداة


الخبير الاقتصادي، الدكتور إبراهيم نوار، قال: "ببساطة الحكومة تحتاج التمويل بكل الأشكال والألوان؛ من الغني ومن الفقير، ومن شهادات الإيداع ومن الصكوك ومن بيع الأصول"، مضيفا: "طالما أن الحكومة تبيع؛ فلا حرج إذن من استخدامها الصكوك كأداة من أدوات التمويل".

وحول إلغاء القانون بعد إصدار حكومة هشام قنديل، والانتقادات التي وجهت له في عهد مرسي ثم العودة إليه الآن، قال المستشار السابق بالأمم المتحدة: "إن الغاية تبرر الأداة؛ لكن لا علم لي حتى الآن بنصوص وطبيعة التعديلات التي تم إدخالها بمقتضي تعديلات قانون سوق المال".

وأضاف نوار: "لذلك فإن وجهة نظري هنا هي ذات طابع عام، وبشكل عام ربما هناك بنوك استثمار خليجية تقف في الطابور على استعداد للمشاركة في التمويل باستخدام الصكوك"، مشيرا إلى أن "الميول والتفضيلات الاستثمارية الخليجية تقود السوق حاليا في قطاعات كثيرة مثل التمويل والعقارات".
 
لصالح أية دولة


من جانبه قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر الدكتور جهاد محمد، إن تداول الصكوك يطبق في معظم دول العالم لأهميته الاقتصادية، مؤكدا: "ولذا من مصلحة أي دولة تطبيقه لأنه يعتبر موردا لتمويل العديد من المشروعات الاستثمارية ومن ناحية أخرى يعتبر وسيلة جذب للعديد من المدخرين الذين يرغبون في إدخار لا يخالف الشريعة الإسلامية".
 
الأكاديمي المصري، أوضح لـ"عربي21"، أن الاعتراضات التي كانت موجودة على تفعيل القانون بعهد حكومة هشام قنديل، ومن ثم إلغاؤه بعد الإطاحة بالرئيس مرسي؛ كانت غير موضوعية والدليل الرجوع إليه والعمل به الآن.
 
فلوس بأي شكل


واعتبر الأكاديمي المتخصص في الأعمال الدولية بجامعة جورج واشنطن محمد رزق، أن العمل بقانون الصكوك الإسلامية كأداة مالية، لإعادة تنظيم إصدار وتداول صكوك التمويل، وتنظيم بورصة العقود الآجلة، مجددا في مصر بعد إلغائه، يأتي لحاجة النظام "للفلوس بأي شكل".
 
وأكد رجل الأعمال المصري الأمريكي، لـ"عربي21"، أن الاعتراض على هذا القانون في عهد مرسي وانتقاد حكومة هشام قنديل حينها ثم العمل بالقانون الآن يكشف حجم تخبط القرارات الاقتصادية وتضارب سياسات الدولة.
 
من جانبها، أشارت الكاتبة الصحفية المتخصصة في المالية منى ضياء، لـ"عربي21"، أن هذا القانون ليس هو ما تم اعتماده قبل سنوات ثم إلغاؤه، وإنما جرى على نصوصه تعديلات كثيرة عملت عليها الحكومة على مدار عامين كاملين، ليخرج إلى النور الآن.