صحافة دولية

بروجيكت سنديكيت: يسعى ترامب لجعل أمريكا بيضاء مرة ثانية

بروجيكت سنديكيت: ترامب حاكم استبدادي يحن لأيام الاستعلاء الأبيض في أمريكا- أ ف ب

نشر موقع "بروجيكت سينديكيت" مقالا للأستاذ المتخصص بالقانون الأجنبي والمقارن في جامعة "ييل" جيمس كيو وايتمان، يقول فيه إن تعليقات الرئيس الأمريكي مؤخرا حول هاييتي والسلفادور والدول الأفريقية، أكدت بشكل قاطع أن سياسة إدارته بخصوص الهجرة يحركها العداء العنصري، مشيرا إلى أن آخر مرة قامت بها أمريكا باتخاذ هذه المقاربة فإنها كانت موضع ترحيب من الزعيم أدولف هتلر

 

ويقول وايتمان: "انظر إلى هذا النص وخمّن من القائل: (يشعر الاتحاد الأمريكي بأنه دولة شمالية جرمانية، وليست بأي شكل من الأشكال خليطا من الناس، ويظهر هذا حصص الهجرة الخاصة، حيث منح الإسكندنافيون ثم الإنجليز ثم الألمان أعلى الحصص)".

 

ويعلق الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "لقد كتب أدولف هتلر هذه الكلمات عام 1928، مادحا قوانين الهجرة الأمريكية في وقتها، ومن المؤكد أن استخدام أقوال لهتلر يجب ألا يتم باستخفاف، فبالرغم من الكلام البشع الذي صدر عن البيت الأبيض في عهد دونالد ترامب، وليس أقله التقليل من شأن هاييتي والسلفادور والدول الأفريقية، حيث وصفها بـ(الحثالة)، فإن أمريكا أبعد من أن تشبه ألمانيا النازية".

 

ويقول وايتمان: "ترامب حاكم استبدادي، يعتمد على ردود الأفعال والعودة إلى الأيام القديمة من الاستعلاء الأبيض في أمريكا، لكن يجب أن تفشل العديد من المؤسسات قبل أن يقضي على الديمقراطية الأمريكية، وحتى بخصوص سياسة الهجرة، هناك فرق عميق بين إدارة ترامب والترحيل الجماعي، بالرغم من وحشيته وغبائه، وبين القتل الجماعي".  

 

ويستدرك الكاتب بأن "ما أصبح واضحا هو أن الانتخابات الأمريكية لعام 2016 أوصلت إلى سدة الحكم رئيسا غبيا وعنصريا، والأسوأ من هذا أن تصريحات ترامب في رئاسته تعود بنا إلى فترة من التاريخ، وجد هتلر فيها إلهاما في قوانين الهجرة الأمريكية".

 

ويشير وايتمان إلى أن "هتلر أعجب بالذات بقانون الهجرة لعام 1924، الذي عرف أيضا بقانون جونسون ريد، الذي أقام حواجز عنصرية أمام الهجرة بناء على نظام (حصص قومية)، ومنع القانون هجرة العرب والآسيويين تماما، وجعل الهجرة من أفريقيا شبه مستحيلة، وكما لاحظ هتلر فإن القانون فضل العرق الشمالي (الإسكندنافي) الجرماني للهجرة والمواطنة على جنوب وشرق أوروبا، بمن في ذلك اليهود، (ووصل أجدادي اليهود إلى جزيرة إلليس عام 1922 أي قبل القانون)، وكان هذا القانون هو الذي منع قبول المهاجرين اليهود من ألمانيا النازية في السنوات التي سبقت المحرقة". 

 

ويلفت الكاتب إلى أن "قانون 1924 حصل على الكثير من التغطية الإعلامية بعد اقتراح ترامب بأنه يجب على أمريكا استيعاب المزيد من المهاجرين من النرويج (الذين في الغالب لا يريدون الهجرة)، بدلا من أماكن مثل هاييتي، لكن ذلك ليس المثال الوحيد لسياسات الهجرة العنصرية في أمريكا خلال فترة ما يسمى بالخطر الأصفر أواخر القرن التاسع عشر، حيث قامت أمريكا بسن عدد من القوانين ضد الآسيويين، بما في ذلك قانون صدر عام 1882 يمنع استقبال المهاجرين الصينيين تماما"، وعودة إلى عام 1790 فإن الكونغرس أبرز عنصرية نظرته بعرضه التجنيس (لأي أجنبي ما دام شخصا أبيض حرا)".

 

ويبين وايتمان أن "هتلر لم يكن هو الأول أو الوحيد من بين اليمينيين العنصريين الذي وجد إلهاما في تلك الفصول المظلمة من التاريخ الأمريكي، ففي الوقت الذي وصل فيه، كان جميع اليمينيين المتطرفين في أوروبا على اطلاع على النموذج الأمريكي القائم على الحواجز العنصرية للهجرة، حيث سوّق ثيودور فريتش، وهو أحد أشد المعادين للسامية في أوروبا، الفكرة قبل عقود من صعود هتلر في كتابه المسألة اليهودية، الذي نشره عام 1893".

 

وينوه الكاتب إلى أنه "في كتاب (كفاحي) مدح هتلر أمريكا بأنها (الدولة الوحيدة) التي تتقدم نحو التعافي العنصري، وعندما تسلم النازيون الحكم في ثلاثينيات القرن الماضي، قام المحامون النازيون بدراسة تاريخ السياسات الأمريكية المتعلقة بإغلاق أبواب الهجرة أمام غير البيض".

 

ويجد وايتمان أنه "بالنظر إلى الخلف، فإنه من المهم أن نتذكر أنه لم يكن الأمر حتى قانون الهجرة والجنسية لعام 1965، عندما بدأت أمريكا تنأى بنفسها عن أسوأ وجوه ماضيها العنصري، ورئاسة ترامب تجعل من الواضح أنه لا تزال هناك حاجة لتجاوز الماضي تماما".

 

ويقول الكاتب: "يجب أن تذكر تعليقات ترامب البذيئة بخصوص الهجرة الأمريكيين كلهم بأن هتلر والنازيين كانوا من أكبر مؤيدي أمريكا، وفي الوقت الذي نقترب فيه من الذكرى الأولى لتنصيبه، فإن سياساته بخصوص الهجرة يجب أن تحث على التوقف والتفكير، خاصة ممن أطمأن إلى أنه لم يتم تقويض الديمقراطية بشكل خطير بعد".

 

ويذهب وايتمان إلى أنه "سواء كانت الديمقراطية الأمريكية قادرة على العيش أم لا، فإنه يجب ألا يكون هذا هو المقياس للحكم على رئاسة ترامب، خاصة أنه بالنسبة للذكور البيض فإن الديمقراطية الأمريكية كانت على قيد الحياة طيلة الوقت، حتى عندما تم تمرير قوانين هجرة عنصرية عام 1790، وفي نهاية القرن التاسع عشر وفي عشرينيات القرن الماضي".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "تاريخ سن القوانين العنصرية في أمريكا من الخسة بمكان، بحيث يجب ألا يتهاون الناس مع تعليقات ترامب الأخيرة، وسياساته السامة المتعلقة بالهجرة، إن الأمريكيين الذين يحبون بلدهم يجب أن يشعروا بالأسى عندما يقرأون ما قاله عنها هتلر عام 1928، ويجب أن يغضبوا عندما يسمعون رئيسهم يحن لإن تضع سياسة الهجرة الأمريكية أهل الشمال (الإسكندنافيين) في أول الصف مرة ثانية".