صحافة دولية

إندبندنت: هذه العوامل التي تقف خلف تظاهرات تونس

إندبندنت: غضب وحرمان وراء تظاهرات تونس- الأناضول

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا أعده كيم سينغوبتا، عن الذكرى السابعة للثورة التونسية، التي تترافق هذا العام مع التظاهرات العنيفة، وحرق مراكز الشرطة، ومهاجمة مقرات الحكومة.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بداية إلى حرق بائع الفواكه في مدينة سيدي بوزيد محمد بوعزيزي، الذي كان في كانون الأول/ ديسمبر 2010، حيث أدت وفاته لاحقا إلى تظاهرات عمت تونس كلها، وأنهت الحكم الديكتاتوري لزين العابدين بن علي، الذي قاد البلاد بالقمع والاضطهاد على مدى 23 عاما. 

 

ويعلق سينغوبتا قائلا إن "هذه اللحظة الفارقة كانت بمثابة الشرارة التي أطلقت الربيع العربي، الذي انتشر في المنطقة، وأسقط أنظمة، وأعاد تشكيل دول، لكنها أيضا أشعلت نار النزاعات، التي لا تزال قائمة حتى اليوم". 

 

وتستدرك الصحيفة بأن الذكرى السابعة لما أطلق عليها ثورة الياسمين اتسمت هذا العام بالتظاهرات العنيفة، وحرق مراكز الشرطة، ومهاجمة مقرات الحكومة، وقتل فيها متظاهر، وجرح المئات، منهم 97 من قوات الأمن، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 800 شخص. 

 

ويفيد التقرير بأنه مع انتشار الجيش في الشوارع، فإن الرئيس الحالي باجي قايد السبسي قام بزيارة حي فقير في تونس، ووعد بمعالجة المظالم التي عبر عنها المتظاهرون، ونظمت مسيرة "يوم التحرير" في يوم الأحد، وحضر حفل افتتاح لنادي التضامن الشبابي، الذي قدم موعد افتتاحه على عجل، وكانت هذه أول مرة، كما اعترف، يزور فيها مسؤول كبير الحي الفقير.

 

ويستدرك الكاتب بأن المواجهات استأنفت مرة أخرى بعد هبوط الظلام، حيث قام الجيش بإطلاق الغاز المسيل للدموع؛ كرد على الحجارة والزجاجات التي رماها الشباب، الذين لم يصدقوا تعهدات الحكومة من أجل تحسين الظروف المعيشية. 

 

وتنقل الصحيفة عن مهدي (22 عاما)، قوله: "في النادي أجهزة لامعة، لكنه لن يوفر لنا وظائف، ويوفر لنا طعاما مع ارتقاع الأسعار طوال الوقت"، وأضاف: "يواصلون تقديم الوعود بالكلام المعسول، لكننا لا نستطيع أكل الكلام". 

 

ويلفت التقرير إلى أن تونس عانت من عنف قاتل، بعدما تحول الربيع العربي إلى شتاء، حيث حدثت مذبحة في شاطئ سوسة، وهجوم على متحف باردو في تونس، نفذهما جهاديون، وقتل فيهما أكثر من 60 شخصا، مشيرا إلى أنه "تم تشكيل حكومات وحلها، والحكومة الحالية هي التاسعة منذ سقوط ابن علي، ومع ذلك ينظر الغرب إلى تونس على أنها الدولة الوحيدة التي خرجت من الاضطرابات بحكومة ديمقراطية ومجتمع فاعل".

 

ويجد سينغوبتا أن "تدهور الأوضاع سيثير قلق المجتمع الدولي، حيث لا تزال الجارة ليبيا متشرذمة، تحكمها المليشيات المسلحة، وهناك حضور مستمر لتنظيم الدولة، وطرق لتهريب البشر عبر المتوسط إلى أوروبا".

 

وتورد الصحيفة نقلا عن وزارة الداخلية، قولها إن 16 "إسلاميا متطرفا" كانوا بين المعتقلين في أثناء الاحتجاجات، فيما تقول أحزاب المعارضة إنه تم اضطهاد المحتجين الشرعيين. 

 

وينقل التقرير عن ضحى بوستة من الجبهة الشعبية، قولها إن الحكومة تقوم "بإعادة إنتاج الأساليب القمعية لنظام زين العابدين بن علي، ويحاولون (تدجيننا) وتثبيطنا عن دعم هذه الحركة الشعبية".

 

ويقول الكاتب إن "المصاعب الاقتصادية والفساد أديا إلى الغضب ضد نظام ابن علي، إلا أن الرغبة في التغيير السياسي كانت القوة المحركة وراء الاحتجاجات، وستساعد على حل المشكلات، واستمعت مرارا من الشباب والشابات الحالمات عندما كنت أغطي الأحداث، الذين يرون أن الحرية والإصلاحات هما طريق التغيير، إلا أن قطاعا واسعا من السكان ظل يعاني من المصاعب المالية، وزادت الأسعار بنسبة 10% سنويا، وتصل نسبة البطالة بين الشباب إلى 30%".

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الوضع الاقتصادي لا يزال في حالة متقلبة، حيث حذر صندوق النقد الدولي، الذي أقرض تونس 2.2 مليار دولار عام 2015، لتجنب انهيار اقتصادي حاد الشهر الماضي، من الحاجة لاتخاذ "فعل فوري" و"إجراءات حازمة"؛ لتخفيض مستوى العجز في الميزانية، لافتة إلى أن إجراءات التقشف وزيادة الضريب التي سترفع أسعار السلع، من الغاز إلى القهوة والمكالمات الهاتفية والسيارات، كانتا مصدرا للسخط الحالي. 

 

ويذكر التقرير أن الحكومة وعدت بتحسين العناية الصحية والإسكان والمعونات، بحسب وزير الشؤون الاجتماعية محمد طرابلسي، الذي قال: "جهزنا لزيادة المعونات الاجتماعية لمن هم بحاجة إليها إلى 170 مليون دينار، بشكل يساعد 250 ألف عائلة، وستساعد الفقراء والطبقة المتوسطة"، مستدركا بأن أحزاب المعارضة والنقابات تشكك في قدرة الحكومة على توفير الخدمات والتحسينات المطلوبة. 

 

ويرى سينغوبتا أن انهيار صناعة السياحة كان ضربة قوية، وتم استهداف السياح الأجانب إلى سوسة وباردو بهدف ضرب مصدر الدخل الأجنبي للبلد وزعزعة استقرار البلد، ومن أجل خلق جيل من العاطلين الشباب المحرومين.

 

وبحسب الصحيفة، فإن بريطانيا كانت أول دولة غربية تحذر مواطنيها من زيارة تونس بعد هجوم سوسة، حيث لا يزال التحذير قائما رغم الإجراءات الأمنية الكبيرة التي اتخذتها الحكومة التونسية، مشيرة إلى أن التحذير ظل قائما، حيث لم تتعرض تونس للهجمات، واستهدف الجهاديون بريطانيا وألمانيا وفرنسا. 

 

ويبين التقرير أن سيف الدين رزوقي، الشاب الذي قام بالهجوم بعد تلقيه تدريبا في معسكر على الحدود الليبية، عاش مع أفراد الخلية في القيروان، وأخبره إمام الجامع الرئيسي سيدي عقبة، طيب القاضي عن المخاطر التي يتسبب بها غياب السياحة، وقال: "لقد أصبنا بعدوى التطرف، وهذا خطير، واستطعنا وقفها، إلا أن هؤلاء الأشخاص يظهرون من جديد، ونعلم أن المتطرفين هنا، وسيحاولون نشر سمومهم من جديد"، وأضاف: "يجب أن تقدم بريطانيا المساعدة على التخلص منهم، لا مساعدتهم من خلال حرمان الناس من مصدر قوتهم". 

 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أنه مع أن قرار المنع ألغي، وعاد السياح البريطانيون والغربيون، إلا أن الصناعة تحتاج إلى وقت طويل لتتعافى.