ملفات وتقارير

ما واقعية حديث بوتين عن بدء التحضيرات للانسحاب من سوريا؟

بوتين بساحة مطار قاعدة حميميم باللاذقية أثناء زيارته المفاجئة - جيتي

أثارت أوامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي نقلتها وسائل إعلام روسية ببدء التحضير لسحب القوات من سوريا، تساؤلات حول مدى جدية هذه الخطوة في ظل وجود أطراف دولية منافسة وعدم قدرة النظام السوري على السيطرة على البلاد وحده.

وجاء الإعلان عن أوامر التحضير لسحب القوات بالتزامن مع الزيارة غير المعلنة لبوتين إلى قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، بحضور رئيس النظام السوري بشار الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

وقال بوتين في كلمة خلال حديثه مع أفراد القاعدة، إن "القوات الروسية والسورية دمرت واحدة من أقوى الجماعات الإرهابية العالمية خلال نحو عامين فقط".

 

اقرأ أيضا: بوتين يلتقي الأسد بحميميم ويأمر بسحب قواته من سوريا

وأضاف: "نغادر سوريا منتصرين ولن ننسى الخسائر التي تكبدناها، وفي حال رفع الإرهابيون رؤوسهم ثانية في سوريا سنشن عليهم ضربات لم يعرفوها بعد" وفق تعبيره.

ولفت بوتين إلى أن روسيا ستحتفظ بقاعدة حميميم والمنشأة البحرية في طرطوس بشكل دائم.

التصريحات الروسية أثارت شكوكا لدى الجانب الأمريكي، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع "البنتاغون" الميجور أدريان غالاواي إن التصريح الروسي "لا يعني التقليص الفعلي لعدد الجنود".

ونقلت قناة "الحرة" الأمريكية عن مسؤول أمريكي رفض الكشف عن اسمه، قوله إن واشنطن تعتقد أن روسيا ستجري "انسحابا رمزيا من سوريا يشمل بعض الطائرات".

المحلل السياسي السوري محمود عثمان قال إن التصريحات الروسية تفتقد للمصداقية، وسبق أن أعلنوا خفض وجودهم العسكري في روسيا لكنه كان عبارة عن سحب عدة قطع بحرية وإعادة تموضع في بعض المواقع.

وأوضح عثمان لـ"عربي21" أن روسيا تهدف من وراء إعلانها سحب القوات، إلى توجيه رسائل داخلية للرأي العام الروسي قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وإظهار بوتين على أنه البطل المنتصر على الإرهاب بالإضافة إلى توجيه رسائل للعالم أن الدولة الروسية تسجل الانتصار اليوم وهي الممسكة بخيوط اللعبة في سوريا.

ولفت إلى أن بوتين يقول للقوى اللاعبة على الساحة السورية اليوم، إنه "بعد الحسم العسكري بدأ يبحث الحسم السياسي" في ظل التحضيرات لمؤتمر "سوري موسع".

وشدد عثمان على أن الروس لم يأتوا إلى سوريا لكي يخرجوا، وخلال سنوات تدخلهم العسكري هناك أوجدوا مناطق نفوذ وحدودا يريدون الحفاظ عليها.

وأشار إلى أن القواعد العسكرية الروسية في سوريا ثابتة وأنشئت لتبقى وليس هناك أي إشارات لتفكيكها، والخروج فعليا من الساحة، وتابع: "الروس قالوا سابقا إنهم سيبقون داخل سوريا ما دامت الحاجة لذلك موجودة وهي كلمة مطاطة تعني أن المبررات للبقاء لن تنتهي".


بدوره قال المحلل العسكري العميد أحمد الرحال إن الحديث عن سحب القوات الروسية من سوريا، كلام "استهلاكي ولا يمت للواقع بصلة".

وأوضح الرحال لـ"عربي21" أن قاعدتي حميميم وطرطوس الجوية والبحرية أصبحتا موطئ قدم للروس، بالإضافة إلى استمرار عمل منظومتي صواريخ إس 300 وإس 400 ومهبط الحوامات علاوة على الفرقة الخاصة الموكلة بحماية القواعد العسكرية.

وأشار إلى أن سحب القوات الذي تعنيه روسيا يتعلق بـ"الفائض من القوات غير المؤثرة في العمليات، بالإضافة إلى عدد من طائرات الاستطلاع".

وقال الرحال إن الجهد العسكري المؤثر سيبقى في سوريا، لافتا إلى أن الروس سحبوا حوامتين من أصل 35 حوامة وربما كانت إعادتهما لروسيا لغرض الصيانة.

وعلى مستوى القوات على الأرض قال الرحال إن عديد القوات الراجلة المعلن عنه رسميا في سوريا، يقدر بنحو 4500 جندي وأضاف: "لكن معلومات أخرى تشير بأن عدد القوات يبلغ 12 ألف جندي، جلهم في حلب وطرطوس والبقية يتوزعون على محافظات دير الزور وحلب وحماة وملعب الفروسية".

 

اقرأ أيضا: ضابط روسي يمنع الأسد من اللحاق ببوتين في حميميم (شاهد)

وبشأن نقاط التواجد العسكري قال الرحال: "هناك قاعدتان في حميميم وطرطوس، ومهبط حوامات قرب حميميم بالإضافة إلى 30 مركزا ونقطة قتالية ومواقع تدريب في حماة ومصياف ودمشق وحلب ومدن أخرى، لكنها لا ترتقي لمستوى قواعد عسكرية".

ورأى الرحال أن سحب القوات سيوقع الروس في إشكالين، أولهما "وضع كل الجهود العسكرية والإنجازات طيلة السنوات الماضية بجعبة إيران المتواجدة فعليات على الأرض وليس بواسطة الدعم الجوي".

والإشكال الثاني بحسب المحلل العسكري "أن وجود بوتين على الأرض السورية بهذا الثقل العسكري يحقق له مصالح عديدة للضغط تجاه ملفات أخرى في المنطقة"، لافتا إلى أن الروس ليسوا "بتلك السذاجة للتضحية بورقة قوة كهذه".