كتاب عربي 21

معادلة عسكرية جديدة بين سوريا والصهاينة

عبد الستار قاسم
1300x600
1300x600
فاجأت سوريا الجميع اليوم، ربما باستثناء روسيا وإيران، بتوجيه صواريخها نحو طائرات صهيونية حربية واستطلاعية على جبهة الجولان. لقد خرقت سوريا القاعدة التي تمسكت بها على مدى ثلاثين عاما وأساءت لها جدا والقائلة بأنها سترد على الاعتداءات الصهيونية في الزمان والمكان المناسبين. لقد ملّ المواطن العربي المقولة السورية وكان دائما يشعر بالألم من هذا الموقف الذي كان يعتبر مذلا. ولسان حال العرب كان يقول: "ردوا ولو خسرتم" لأن في الر د عزة وفي عدمه مذلة.

اليوم الموافق 13/أيلول/2016 كان مفاجأة للجميع: محزنة للذين يقفون مع الصهاينة ومفرحة للذين يريدون أن يروا يوما مذلا للصهاينة. ومن المحتمل أن الطائرات الصهيونية لم تسقط، ومن المحتمل أن القيادة العسكرية السورية لم تقدر الأمر جيدا، لكن السقوط ليس هو المهم، وإنما المهم أن رصاصات سورية قد انطلقت أخيرا باتجاه العسكرية الصهيونية. كان يتمنى العربي أن تأمر القيادة السورية جنديا سوريا بإطلاق النار بالهواء تجاه الصهاينة عقب كل اعتداء يقوم به الصهاينة على سوريا على الأقل من باب إسقاط الواجب. اليوم نأمل أن تكون مقولة الزمان والمكان المناسبين قد انتهت.

ندرك تماما أن القوات العربية السورية ليست جاهزة لمواجهة الكيان الصهيوني الآن وذلك بسبب ضعف التسليح السوري مقارنة بالتسليح الصهيوني، وبسبب الظرف الذي يمر به القطر العربي السوري الآن. ونحن بالتأكيد لسنا معنيين بدخول سوريا في حرب تخسرها، لكن مطلوب من سوريا دائما الرد بمقدار قدراتها على الأداء في حرب شاملة. هناك خشية من استغلال الكيان للظرف ويشن حربا على سوريا نتوقع نتيجتها غير المطمئنة، ولذا من المفروض أن يكون الرد السوري بدرجة لا تبرر حربا شاملة.

إطلاق الصواريخ السورية نحو الطائرات المعادية قد يمنع الصهاينة من العدوان على سوريا مستقبلا.
يدرك الصهاينة الآن أن هناك قرارا سوريا بالرد الأمر الذي قد يكلفهم غاليا. قد لا تكون الطائرات الصهيونية قد سقطت، لكنها من الممكن أن تسقط في المرات القادمة. هذا بحد ذاته يشكل رادعا للصهاينة. طائرات الصهاينة مكلفة جدا، لكن الأهم هو احتمال وقوع طاقم الطائرة في الأسر مما سيسبب المتاعب الجمة للصهاينة. الجبن لم يحم سوريا من الصهاينة، لكن الشجاعة تحمي صاحبها دائما شريطة أن يكون مستعدا ليوم اللقاء.

هل طلبت سوريا إذنا روسيا بالمواجهة، أم أنها اكتفت بإبلاغ الروس بنواياهم؟ هذا أمر هام لأن روسيا في سوريا، وأمريكا وروسيا تتواجهان بالوكالة، ويد روسيا هي العليا حتى الآن. روسيا معنية بعدم التصعيد مع أمريكا، ولا ترغب بزيادة أعداد الذين يقفون ضدها. روسيا تقيم الأوضاع وفق رؤاها للتدخل الصهيوني ضد النظام والتدخل الأمريكي. وتقديري أن سوريا قد أبلغت ولم تعترض روسيا بخاصة أن صواريخ s 400  تشكل مظلة أمنية روسية للدفاع عن طائراتها ومواقعها. وبالرغم من ذلك، روسيا تبقى حريصة في هذا الظرف بالذات على عدم تصعيد المواجهات.

ومن حيث أننا معتادون على العنجهية الصهيونية، فإنه من المحتمل من باب العناد أن تقوم العسكرية الصهيونية باعتداء جديد على سوريا لتختبر رد الفعل السوري، ولتؤكد لأناسها بأن سوريا لا تردع كيانهم. لكن الكيان لن يتوجه نحو حرب مع سوريا بسبب قوة الردع التي يمتلكها حزب الله. حزب الله لم يستقدم قواته الضاربة في مواجهة الصهاينة إلى سوريا، واحتفظ بها على الجبهة ردعا للصهاينة، والصهاينة يخشون المواجهة مع حزب الله أكثر مما يخشونها مع سوريا.الحزب مستعد وجاهز  للمواجهة العسكرية في كل لحظة، وأصابع جنوده على الزناد.

الكيان الصهيوني يخشى الخبرة القتالية التي تطورت لدى حزب الله والجيش السوري خلال السنوات السابقة. لقد خبر الجيش والحزب تكتيكات عسكرية جديدة، وخبروا أساليب قتالية ومواجهات متنوعة وحقيقية وميدانية، ويرى الكيان أن قدرته على المناورة في الميدان قد أصبحت محدودة ومن السهل كشفها والتعامل معها بفعالية، هذا إن حصلت مواجهات برية. لكن الكيان يرى أيضا أنه إذا لم يتحرك الجيش السوري ميدانيا ضد قواته، فإن حزب الله سيورط الجيش الصهيوني في حرب برية شرسة. ولهذا من الصعب أن نتوقع ردا صهيونيا يؤدي إلى إثارة الأطراف عسكريا. أي أن المسألة ستنتهي إلى هنا، وستدفع الصهاينة إلى التفكير مرارا قبل شن غارات جوية جديدة على سوريا في قادم الأيام.
1
التعليقات (1)
عماد
الجمعة، 23-09-2016 06:19 م
" أن المسألة ستنتهي إلى هنا، وستدفع الصهاينة إلى التفكير مرارا قبل شن غارات جوية جديدة على سوريا في قادم الأيام" !!! عايش من غير أمل في حبك ! وانتظرت طوييييلا من عائلة النعيجة السوريه ! أليس هناك اتفاق بين الصهاينه والروس ؟ فكيف بشار النعيجة يتجرأ على قصف صديقة أسياده ؟