كتاب عربي 21

من اليمن إلى العراق: من يطفئ نار الفتنة؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600
كل الأخبار القادمة من العالم العربي والإسلامي تشير بوضوح أن نار الفتنة تلتهم المنطقة كلها في ظل الصراعات المتنقلة من بلد إلى بلد، فبعد التطورات الأخيرة في العراق عادت أجواء النزاعات المذهبية للتصاعد تحت عناوين مختلفة، وها هي أحداث اليمن تزيد النار اشتعالا ويتم إسقاط الأجواء المذهبية والقومية على الصراعات السياسية والجيو – استراتيجية.

وتمتد النار إلى معظم الدول العربية والإسلامية بعد دخول باكستان وإيران وتركيا إلى حلبة الصراعات بدل أن تكون هذه الدول عنصر استقرار وحوار وتواصل، ورغم تأكيد العديد من القيادات السياسية في المنطقة  على أن هذه الصراعات ليس لها علاقة بالصراعات المذهبية فانه للأسف فان معظم المواقف لمختلف الأطراف تأخذ أبعادا مذهبية وتنقسم القوى السياسية والحزبية على أساس مذهبي وطائفي.

فهل هناك طريق للخروج من هذا المأزق؟ ومن هي الجهات القادرة على إيجاد خيارات أخرى للعودة إلى طاولة الحوار والبحث عن حلول سياسية؟

رغم قتامة المشهد السياسي في العالم العربي والإسلامي، فإنه يمكن للمراقب أن يلحظ بعض نقاط الضوء التي يمكن البناء عليها والتي قد تفتح الطريق أمام البحث عن حلول سياسية وحوارية للأزمات القائمة.

فقد شكل انعقاد المؤتمر القومي – الإسلامي في بيروت في دورته التاسعة نموذجا مهما للحوار الحضاري والصريح حول كل القضايا والموضوعات وجرى التأكيد في ختام المؤتمر على استمرار هذه التجربة الرائدة ومتابعة التعاون والتنسيق بين القوميين والإسلاميين من اجل معالجة الإشكالات والخلافات التي حصلت خلال السنوات الأربع الماضية، وأهمية الحفاظ على هذه الكتلة الوحدوية في ظل الانقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية والجهوية.

ومن العراق نقلت بعض القيادات العراقية الناشطة على صعيد الحوار أن هناك جهودا مكثفة تبذل من قبل قيادات عراقية دينية ومدنية وحقوقية للوقوف بوجه المد المذهبي والطائفي والبحث عن اليات عمل لمواجهة التطرف والعنف.

وفي بيروت ورغم حدة الصراعات القائمة في المنطقة ولا سيما بعد أحداث اليمن والمواقف التصعيدية التي اطلقتها بعض القيادات السياسية والحزبية ،فقد برزت مواقف مهمة تدعو لحماية المنطقة من الصراعات والبحث عن حلول سريعة  لها ومن هذه المواقف تلك التي اطلقها رئيس حركة امل ورئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري خلال المؤتمر العام ال13 للحركة والتي أكدت على سعي الحركة لتعزيز الأجواء الحوارية والبحث عن حلول للازمات سواء على مستوى لبنان أو المنطقة، كما كان هناك حرص شديد  من الرئيس بري على الاستمرار في رعاية الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله رغم حدة الخلافات السياسية.

كما كانت هناك مواقف متزنة وهادئة للعلامة السيد علي فضل الله نجل المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله  سواء بالنسبة لليمن أو الأوضاع في لبنان والمنطقة وركزت على ضرورة العودة إلى الحوار السياسي ووقف كل عمل يؤجج الفتنة المذهبية.

وبالمقابل فان مواقف حركة حماس المتزنة وبيان الإخوان المسلمين في مصر حول التطورات في اليمن كانت متوازنة ومعتدلة ،ويضاف لذلك أن المرجعيات الدينية الشيعية في النجف الأشرف لم تنجر إلى التصعيد السياسي القائم في المنطقة وحرصت على إبقاء خطوط التواصل مع الجميع للبحث عن حلول سياسية للازمات القائمة.

 وكل ذلك يؤكد انه رغم خطورة التطورات وحدة بعض المواقف السياسية والحزبية فان منطق الحوار والتواصل لا يزال قائما وان هناك من يعمل لإطفاء الفتنة رغم تعاظمها والمطلوب دعم هذه التوجهات وعدم الانجرار وراء الخطاب المذهبي والتصعيدي وبذلك ننقذ الأمة من الانجرار من حرب المائة عام .
التعليقات (0)