سياسة عربية

ما الذي يعنيه تدخل هيئة التسليح بالجيش المصري لدعم مشاريع السيسي؟

العديد من المشاريع العملاقة تعثرت بفعل أزمة اقتصادية حادة- جيتي
العديد من المشاريع العملاقة تعثرت بفعل أزمة اقتصادية حادة- جيتي
تواجه بعض المشروعات القومية في مصر صعوبات في استكمالها؛ بسبب أزمة نقص العملة الصعبة الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي تراكمت على مدى بضعة سنوات منذ التوجه لإنشاء مشروعات بنية تحتية ضخمة في منتصف عام 2014 تبناها رئيس النظام، عبد الفتاح السيسي، وبلغت ذروتها مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في آذار/مارس 2022.

وكشف موقع "المنصة" المحلي عن لجوء النظام المصري إلى خزائن الجيش من أجل إنقاذ تلك المشروعات من التعثر، ونقل عن مصدر مسؤول بوزارة النقل "تدخل هيئة التسليح في القوات المسلحة لحل أزمة الدولار في المشروعات القومية التي تنفذها الوزارة"، مشيرا إلى أن "تدخل هيئة التسليح جاء بعد تأخر إنهاء المشروعات لفترات كبيرة عن الجداول الزمنية المحددة".

إظهار أخبار متعلقة



وأشار المصدر إلى عقد اجتماع منتصف حزيران/ يونيو الماضي ضم مسؤولين في هيئة التسليح، وعددا كبيرا من شركات المقاولات العاملة في مجموعة من المشروعات، الجاري تنفيذها لصالح الوزارة، بحضور وزير النقل كامل الوزير، الذي طالبهم بحصر الاحتياجات كافة، من مهمات إنتاج مطلوب استيرادها من الخارج لتنفيذ واستكمال المشروعات.

وعلى رأس المشروعات التي تواجه مشاكل في التمويل، بحسب التقرير، القطار الكهربائي السريع "العلمين السخنة"، ومنظومة النقل الجاري تنفيذها على الطرق السريعة، إلى جانب قيام وزارة النقل بتنفيذ شبكة من القطارات الكهربائية السريعة، التي تضم 3 خطوط تصل أطوالها لنحو 2000 كيلومتر، إلى جانب تمديد فترة تنفيذ الأعمال الإنشائية لمشروع المونوريل "العاصمة الإدارية الجديدة – 6 أكتوبر" لعام إضافي، بسبب نقص العملة الصعبة.

كما واجه مشروع الأوتوبيس الترددي BRT أزمة في توفير موارد دولارية لاستكمال تنفيذ أعماله، فضلا عن تأجيل موعد افتتاح وتشغيل محطات الجزء الثاني من المرحلة الثالثة للخط الثالث لمترو الأنفاق إلى نهاية العام الجاري.

ما هي هيئة التسليح المصرية

هيئة التسليح هي إحدى هيئات القوات المسلحة المصرية  التي أنشئت في عام 1967، بقرار من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتولى رئاستها آنذاك اللواء عبد الحميد محمود، الذي قام إنشاء وتنظيم الهيئة لأول مرة، تحت اسم "الهيئة الفنية"، وكان الهدف منها إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة (البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي، وباقي أفرع القوات المسلحة) لرفع كفاءتها الفنية، وهي المسؤولة الآن عن تسليح الجيش المصري.

وبسبب أزمة شح الدولار، قررت الحكومة المصرية مطلع العام الجاري تأجيل تنفيذ أي مشروعات لم تبدأ تنفيذها، ولها مكون دولاري ضمن مجموعة من الضوابط التي أقرتها لتقييد الصرف الأجنبي من أجل ترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية، في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

تَدَخّل للإنقاذ وليس الإصلاح

الباحث المتخصص في العلاقات المدنية والعسكرية والدراسات الأمنية، محمود جمال قال إن؛ "مصر تواجه صعوبة في توفير النقد الأجنبي، وحتى مع إعلانها بدء بيع حصص في أصول الدولة لم تنجح في جمع المبلغ المطلوب، الذي يمثل الحد الأدنى من مستهدفات البيع، من أجل سداد الديون المتراكمة، واستكمال بعض المشاريع (القومية) التي عَلِقتْ بسبب أزمة نقص العملة، والتي يشرف عليها الجيش بنفسه، خاصة مشروعات وزارة النقل التي أصبحت تحت إدارة القوات المسلحة منذ أن جاء على رأسها الفريق كامل الوزير".

وبشأن أهمية هيئة التسليح، أوضح في حديثه لـ"عربي21": أنها "من أهم هيئات الجيش التي كان على رأسها اللواء محمد العصار لسنوات طويلة منذ عهد مبارك، قبل أن يتم تعيينه وزيرا للإنتاج الحربي عام 2015 في عهد السيسي، وهي من أهم فروع الجيش التي تمتلك موارد مالية ضخمة؛ لأنها المسؤولة عن تسليح جميع أفرع الجيش، سواء البرية أو البحرية أو الجوية، وتحصل على نسبة من الصفقات التي تعقدها مع دول العالم الأخرى، وتدخل في الكثير من المشاريع القومية بالأمر المباشر".

إظهار أخبار متعلقة



واعتبر الباحث في الشؤون العسكرية اللجوء لمدخرات القوات المسلحة، هو "من أجل إنقاذ مشاريع الدولة التي يشرف الجيش عليها، إذن هو دخول من أجل الإنقاذ وليس الإصلاح؛ لأن الدول الداعمة (السعودية والإمارات) باتت ترفض منح النظام شيكات على بياض، الذي يمر بحالة تعثر غير مسبوقة في توفير العملة الصعبة منذ عام 2014، والجيش حتى هذه اللحظة يدعم ترشح ووجود السيسي على رأس السلطة؛ لأنه يدرك أنهم جميعا في قارب واحد".

وأعرب جمال عن اعتقاده أن أموال الجيش قادرة على توفير دفعة قوية للمشروعات التي قد تواجه أي تأخير أو توقف، وأشار إلى واقعة طلب الرئيس الراحل محمد مرسي من وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوي وضع مليار دولار في خزينة البنك المركزي بشكل عاجل عام 2012، لسداد التزام دولي على مصر منذ عهد مبارك، ولم يستطع المشير التملص من الطلب، وفي اليوم التالي وضع المبلغ المطلوب من خزينة الشؤون المالية للقوات المسلحة.

الجيش خارج معاناة الدولة المصرية

بدوره، يعتقد رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، أن مؤسسات الجيش المصري خارج معاناة الدولة المصرية من الأزمة الاقتصادية وخاصة أزمة الدولار، قائلا: "يبدو أن مؤسسة الجيش المصري تتعامل بشكل معلن أنها تنتمي لدولة أخرى وليس لها علاقة بالمؤسسات المصرية، من المنطقي أن الدولة كلها قد تعاني من عجز في العملة الأجنبية، ولكن ربما الدولة هنا في مصر تعني كل المؤسسات عدا الجيش".

وأضاف لـ"عربي21": "هيئة التسليح كما نظن تابعة لوزارة الدفاع وبالتالي فما تملكه من عملة أجنبية هو ملك لكل الشعب، ولكن هذا التفكير هو أقرب للحماقة في مصر، فالجيش اعتبر نفسه هيئة مستقلة ستساعد الحكومة المصرية في تدبير احتياجاتها، كأي سمسار يشتري الاحتياجات بالعملة الاجنبية ثم يبيعها للدولة بالعملة المحلية محققا فائض ربح على حساب الشعب المصري".

واستدرك عادل: "أرى أن هذا التصرف لا يصدر إلا من  دولة تسيطر على أخرى وليس بين مؤسسات الدولة الواحدة التي من المفترض أن تكون ميزانيتها واحدة، هذا التصرف يعبر عن واقع مرير حزين في مصر التي يعاني شعبها من الفقر ويقترب أكثر من نصفه من مرحلة الجوع والفقر المدقع ولا يراهم أحد".

8 تريليون جنيه مشروعات

ومنذ منتصف عام 2014، بدأ السيسي عهدا جديدا من المشاريع العملاقة التي ابتلعت موارد الدولة الدولارية الشحيحة، خاصة أن البلاد كانت على قمة أزمة اقتصادية غير مسبوقة؛ بسبب اندلاع ثورة 25 يناير في 2011، وسيطرة المجلس العسكري على الحكم لمدة عام ونصف، ثم الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في 3 تموز/ يوليو 2013.

إظهار أخبار متعلقة



وتقدر السلطات المصرية حجم المشروعات منذ منتصف عام 2014 وحتى 2024 بنحو 8 تريليون جنيه (الدولار نحو 30.9 جنيها)، أي ما يعادل 258 مليار دولار تشمل جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية في البلاد، ويشارك فيها القطاع الخاص بحصص أقلية أو من الباطن، من بينها مشروع حفر قناة السويس الجديدة بتكلفة 8 مليارات دولار، التي كانت نواة الأزمة المالية.

وانخرط نظام السيسي في بناء العديد من المدن الكبيرة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة 58 مليار دولار، بهدف نقل مؤسسات الدولة إليها بالكامل، ولكنه يؤكد في كل مرة أنها خارج موازنة الدولة، ومدينة العلمين الجديدة على البحر المتوسط  بتكلفة نحو 7 مليارات دولار، إضافة إلى محطة الضبعة النووية بتكلفة تقدر بأكثر من 28 مليار دولار.

وتستحوذ وزارة النقل وحدها على 2 تريليون جنيه من حجم المشروعات، التي يجلس على رأسها أحد ضباط الجيش الكبار المقربين من السيسي الفريق كامل الوزير، الذي شغل منصب رئيس هيئة القوات الهندسية في وقت سابق، وتنفذ مشروعات بعشرات مليارات الدولارات.
التعليقات (3)
مطالب مشروعة
السبت، 22-07-2023 03:23 م
التجنيد مرفوض طول ما السيسي موجد....... تؤمم مشروعات و شركات و كافة ممتلكات الجيش المصري و المنتسبين له كمجموعة شركات مساهمة مصرية كل مصري له سهم فيها
الفأر الخياط
السبت، 22-07-2023 04:36 ص
السيسي هوالفأر الخياط الذي يجعل من القماش أكل و ليس خياطة ذهبت أموال الشعب أدراج الرياح
صلاح الدين الأيوبي
السبت، 22-07-2023 04:20 ص
يا نصابين يا سفلة، أين القروض التاريخية التي اقترضت بالدولار؟ أبعد كل تلك الجبال من الدولارات هناك شح فيه يقف عثرة أمام استكمال كل المشروعات تقريبًا التي بدأتموها؟ يا حرامية يا لصوص، المشكلة هي أنكم لن تدفعوا ثمن هذا الشح بل الشعب البائس المسطول الذي سيفقد أصول بلاده كلها بالقريب العاجل، وسيجلس نصفه بالمنزل بعد بيع الأصول وتسريح العاملين. بالتوفيق إن شاء الله.