صحافة دولية

هيرست: المدافعون عن "إسرائيل" في بريطانيا يمكنون الاحتلال من تدمير جنين

يناقش البرلمان البريطاني قانون تجريم مقاطعة الاحتلال الذي يشن حاليا عدوانا على جنين - جيتي
يناقش البرلمان البريطاني قانون تجريم مقاطعة الاحتلال الذي يشن حاليا عدوانا على جنين - جيتي
نشر "ميدل إيست آي" مقال رأي للمؤسس المشارك ورئيس تحرير الموقع، ديفيد هيرست، قال فيه إن البريطانيين المدافعين عن "إسرائيل" يمكنون تل أبيب من تدمير جنين، كجزء من جرائم أخرى تقوم بها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

وانطلق الكاتب من شهادة عميد شحادة، الصحفي الفلسطيني الذي كان متواجداً داخل مخيم جنين أثناء العدوان الشامل الذي شنته هذا الأسبوع عليه القوات الإسرائيلية، الذي قال إن المشاهد في جنين مروعة.

وأشار هيرست إلى أنه في الوقت الذي تشن فيه قوات الاحتلال عدوانا على مخيم جنين، وقف مايكل غوف السياسي في حزب المحافظين، في البرلمان البريطاني ليقدم القراءة الثانية لمشروع قانون يحظر حركة "بي دي إس"، لمقاطعة "إسرائيل".

ويسعى مشروع قانون النشاط الاقتصادي للكيانات العامة (القضايا الخارجية) إلى منع المؤسسات العامة، بما في ذلك المجالس المحلية، من دعم المقاطعة التي تستهدف حكومات أجنبية انطلاقاً من اعتبارات أخلاقية أو سياسية.

وقال الكاتب إن البرلمان البريطاني يناقش القانون الذي سوف يضيف طبقة أخرى للحصانة التي تتمتع بها "إسرائيل" في الوقت الذي تشن فيه عملاً حربياً إجرامياً ضد اللاجئين داخل مخيم شديد الاكتظاظ.

واعتبر أن هذا التوجه الذي يسلكه البريطانيون الداعمون لـ"إسرائيل"، يمكن دولة الاحتلال الإسرائيلي من تدمير جنين، في خطوة جديدة من جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين منذ النكبة.

وتاليا نص المقال الذي ترجمته "عربي21":

تأمل في قولين يكادان يكونان متزامنين، أما الأول فهو لعميد شحادة، الصحفي الفلسطيني الذي كان متواجداً داخل مخيم جنين أثناء العدوان الشامل الذي شنته هذا الأسبوع عليه القوات الإسرائيلية.
يقول شحادة: "المشاهد في جنين مروعة. إطلاق النار الحي يأتي من كل الاتجاهات، والبيوت تهدم. انبعاث الصرخات يصعب نسيانه، فهي تدوي في رأسي باستمرار. كانت أكبر صدمة عندما خرجت القوات الإسرائيلية من الجيبات وبدأت تطلق الرصاص علينا وعلى كاميراتنا بمجرد أن وقعت أعينهم علينا".

وأما القول الثاني فهو لمايكل غوف، السياسي في حزب المحافظين والذي يشغل منصب وزير دولة لشؤون الإسكان والمجتمعات، والذي، بينما كانت الجرافات الإسرائيلية تشق طريقها داخل مخيم جنين يوم الأربعاء، فإنه وقف في البرلمان البريطاني ليقدم القراءة الثانية لمشروع قانون يحظر حركة بي دي إس، لمقاطعة إسرائيل.

أنهى خطابه الافتتاحي بالقول إن كل من صوت ضد مشروع القانون فهو معاد للسامية، وأضاف: "إن السؤال الذي يُطرح على كل واحد من أعضاء هذا المجلس هو ما إذا كان يقف معنا ضد معاداة السامية أم لا".

يسعى مشروع قانون النشاط الاقتصادي للكيانات العامة (القضايا الخارجية) إلى منع المؤسسات العامة، بما في ذلك المجالس المحلية، من دعم المقاطعة التي تستهدف حكومات أجنبية انطلاقاً من اعتبارات أخلاقية أو سياسية.

وشن غوف هجومه على حركة المقاطعة بي دي إس، بناء على أمرين – أنها تتبنى معاداة السامية في البلد، وأنها تخالف السياسة البريطانية إزاء الصراع، وهي السياسة التي تدعم حل الدولتين، لأن بي دي إس، بزعمه، "كانت قد صممت تحديداً من أجل طمس هوية إسرائيل كوطن للشعب اليهودي".

وبحسب ما صرح وزير الظل السابق، ريتشارد بيردن، فإنه يُقصد من مشروع القانون ذاك تحصين "إسرائيل" بشكل استثنائي ضد المساءلة عن ما ترتكبه من انتهاكات لحقوق الإنسان وضد أي رقابة قد تمارسها عليها كيانات عامة بريطانية، وبالتالي فإن ذلك سوف يفضي إلى النيل من التزام بريطانيا بالمبادئ الإرشادية للأمم المتحدة في ما يتعلق بالتجارة وحقوق الإنسان، وهي المبادئ التي وقعت عليها بريطانيا قبل ما يزيد على عقد من الزمن.

لم يأت توقيت مشروع القانون هذا ولا النقاش المتعلق به صدفة.

وليس من المصادفة أن ينخرط الطرفان المتقابلان في مجلس العموم في نقاش حول القانون الذي سوف يضيف طبقة أخرى للحصانة التي تتمتع بها "إسرائيل"، في الوقت الذي تشن فيه عملاً حربياً إجرامياً ضد اللاجئين داخل مخيم شديد الاكتظاظ. وعندما تنتهي الحرب، يكثف الجيش نيرانه باتجاه المستشفيات التي تعالج المصابين.

خطة عمل إسرائيلية
ما من شك في أن النقاش البريطاني جزء من خطة العمل الإسرائيلية، كما أنه جزء أساسي من الستار الذي تستخدمه "إسرائيل" حتى تمضي قدماً من ورائه في مشروعها لضم الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في نفس اللحظة التي تظهر "إسرائيل" فيها بكل وضوح وبلا أدنى ريب هي المعتدية، فإن كلا الطرفين في النقاش الجاري في لندن يسعيان إلى تصويرها هي وأنصارها كما لو أنهم الضحية.

وهذا يكشف النقاب عن خرافة، ألا وهي أن أي حكومة بريطانية بأي لون من ألوان الطيف السياسي جادة بشأن التمكين لإقامة دولة فلسطينية، والتي يتطلب قيامها اليوم إخلاء ما يقرب من 700 ألف مستوطن من الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين.

كما أنه يقيم ستاراً مرتفعاً ومواتيا جداً من الخداع.

في هذه الحالة من طرف إسرائيليين مثل المستوطن موردخاي كوهين، الذي صرح لقناة "كان" الإسرائيلية بأن الغاية من المستوى غير المسبوق من اعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية هو "دفعهم نحو الرحيل". وأضاف يقول: "ينبغي على الفلسطينيين الذهاب إلى الأردن لكي يعيشوا هناك إذا ما كانوا مهتمين بأن تكون لهم حياة طبيعية".

رحب كوهين بمنظر ثلاثة آلاف فلسطيني وهم يتركون منازلهم في المخيم الذي تعرض لهجوم جوي وأرضي من قبل الجيش الإسرائيلي.

اضطر هؤلاء الفلسطينيون إلى مغادرة منازلهم عدة مرات خلال الخمسة والسبعين عاماً الماضية، فعائلاتهم تنحدر أصلاً من حيفا ويافا ومن جميع أجزاء المناطق التي احتلت في عام 1948.

بإمكان الجميع أن يروا وبوضوح شديد مدى بذاءة وفحش مثل هذا النقاش الذي يجري داخل مجلس العموم في نفس الليلة التي قامت فيها القوات الإسرائيلية بمهاجمة مخيم جنين، الذي يكتظ فيه ما يقرب من خمسة عشر ألف نسمة داخل نصف ميل مربع، مستخدمين الطائرات المسيرة والدبابات والجرافات والقناصة.

تحت قيادة كير ستارمر، يسارع حزب العمال إلى التنصل من أي تشابه بينه وبين الحزب الذي كان ينشط في النضال ضد نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) في جنوب أفريقيا، أو من أي ادعاء بأنه تقدمي.

إنما يكمن الفرق بين ستارمر وغوف في الصياغة وليس في النوايا.

اظهار أخبار متعلقة


ضوء أخضر للتطرف
للمرة الثانية منذ أن صار زعيماً للمعارضة يلجأ ستارمر إلى أحد كبار المحامين طلباً للنصح.
كانت المرة الأولى عندما وجد المحامي مارتن فورد أن "من التضليل المبين" القول إن زعيم حزب العمال السابق جريمي كوربين تدخل بفعالية لوقف التحقيق في قضايا تتعلق بمعاداة السامية.
لم يكن ذلك ما يرغب في سماعه كير ستارمر، والذي هو نفسه محام متخصص في حقوق الإنسان. فما كان منه إلا أن تجاهل المحامي فورد وأهمل نصيحته. ولم يكن ستارمر أكثر حظاً في لجوئه إلى المحامي الثاني ريتشارد هيرمر.

فقد خلص هيرمر إلى أن مشروع القانون المضاد لحركة المقاطعة بي دي إس قبيح بغض النظر عما اعتبرت حركة بي دي إس مستهجنة تماماً أو اعتبرت على العكس من ذلك شكلاً مشروعاً من أشكال الاحتجاج غير العنيف.

وقال هيرمر إن مشروع القانون يمكن أن تكون له تداعيات بالغة الضرر على قدرة بريطانيا على حماية ودعم حقوق الإنسان في الخارج، بل ومن المحتمل ألا ينسجم مع "التزاماتنا تجاه القانون الدولي، ومن شأنه أن يحد من حرية التعبير داخل البلد.".

وانتهى هيرمر إلى القول: "لو أن تشريعاً من هذا النوع تم تبنيه في ثمانينيات القرن الماضي لغدا بسببه من غير المشروع اللجوء إلى مقاطعة البضائع الواردة من جنوب أفريقيا في عهد نظام الفصل العنصري.".

إلا أن ستارمر تجاهل هيرمر، وامتنع حزب العمال عن التصويت على القراءة الثانية لمشروع القانون.
تعتبر مثل هذه النتيجة هدية من السماء للجنود والمستوطنين الإسرائيليين الذين يعتدون على اللاجئين الفلسطينيين داخل مخيماتهم وقراهم وداخل بيوتهم.

وكذلك هو التصريح الذي صدر عن رئيس الوزراء ريشي سوناك، والذي حث فيه إسرائيل، والتي قتلت حتى الآن 12 فلسطينياً وجرحت ما يزيد عن مائة آخرين، بكلمات ناعمة على "ضبط النفس".
وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة بأنها "حليف إسرائيل الذي لا بديل له ولا استغناء عنه".

فقد دعمت الولايات المتحدة تبرير إسرائيل للهجوم على مخيم جنين للاجئين، إذ صرح الناطق باسم وزارة الخارجية نيد برايس قائلاً: "إن لإسرائيل الحق المشروع في الدفاع عن شعبها وعن أرضها ضد كافة أشكال العدوان، بما في ذلك تلك التي تصدر عن الجماعات الإرهابية".

تمثل كل هذه التصريحات بالتراكم ضوءاً أخضر شديد الإشعاع أمام أشد الحكومات تطرفاً في تاريخ "إسرائيل"، التي يحتل المناصب فيها عدد من الوزراء الفاشيين والإرهابيين، حتى تمضي قدماً في تنفيذ إجراءاتها لتطهير الضفة الغربية عرقياً.

والحصانة من المساءلة جزء أساسي من السماح لـ"إسرائيل" بالاستهزاء بالسياسات المعلنة لاثنين من مسانديها الأهم على الإطلاق: بريطانيا والولايات المتحدة.

وذلك هو السبب في تجاوز "إسرائيل" منذ زمن طويل نقطة القبول بوجود دولة فلسطينية إلى جوارها. بل هي الآن متوجهة نحو حل الدولة الواحدة، حيث تسعى الأقلية اليهودية بكل الوسائل المتاحة لديها إلى إجبار الأغلبية العربية على المغادرة.

وبناء عليه فقد غدا التظاهر بأن الدولة الفلسطينية مازالت ممكنة واحداً من أقبح خرافات الحكومة البريطانية وأكثرها سخرية.

اظهار أخبار متعلقة



واقع الدولة الواحدة
ولا يجد حرجاً من التصريح بذلك إيتامار بن غفير، وزير الأمن الوطني في إسرائيل، ولا المستوطنون.
لا يرى زعماء المستوطنين الإسرائيليين مشكلة في الإعلان عن نواياهم. بل يتفاخرون بذلك في واقع الأمر. فهم يريدون أن يجبروا أكبر عدد من الفلسطينيين على مغادرة منازلهم في الضفة الغربية، وبقدر ما يتمكنون من إنجازه ويفلتون من المساءلة والمحاسبة عليه، وذلك عبر إرهابهم وحرق بيوتهم لإجبارهم على إخلائها وإطلاق النار عليهم.

يحظى المستوطنون بحماية الجنود الذين ينفذون نفس السياسة في جنين ونابلس وفي كل أرجاء الضفة الغربية.

ولا يقل بيزاليل سموتريتش، زعيم حزب الصهيونية الدينية، وضوحاً من حيث نواياه تجاه الضفة الغربية. فقد كتب في "خطة القرار" في عام 2017 يقول إنه لا وجود للفلسطينيين كشعب.

ويضيف: "ما الشعب الفلسطيني، أساساً، سوى حركة مضادة للحركة الصهيونية، هذا هو جوهر الموضوع، ألا وهو مناهضة حق إسرائيل في الوجود. كما أن أحزاب تقرير المصير الفلسطيني يعلمون أن مثل هذه "الأمة" لم تكن موجودة قبل المشروع الصهيوني، وأن "فلسطين" كان الاسم الجغرافي لقطعة الأرض هذه، ولا شيء أكثر من ذلك".

وتلك هي الطريقة التي يتحدث بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أوكرانيا وعن الأوكرانيين.
يخلص سموتريتش إلى القول: "إن استمرار وجود تطلعات وطنية متعارضة في قطعة أرضنا الصغيرة هذه من شأنه أن يضمن استمرار سنوات عديدة أخرى من الدم والعيش على حد السيف. فقط حينما يستسلم أحد الطرفين، اختياراً أو ضرورة، ويتخلى عن طموحه الوطني في أرض إسرائيل، سوف يتحقق السلام المنشود منذ أمد بعيد، وحينها يمكن أن يعيش الناس حياة من التعايش الحضاري هنا".

بل ومن الخرافة أيضاً التظاهر بأن تلك، كذلك، ليست سياسة إسرائيل، وسياسة حركتها الاستيطانية، وسياسة جيشها، بل وسياسة محاكمها.

اظهار أخبار متعلقة



جيل آخر
إن كل كلمة ينطق بها كير ستارمر أو ليزا ناندي، وزيرة الظل لشؤون المجتمعات والإسكان، دعماً "للوطن اليهودي" تبعث برسالة واضحة إلى إسرائيل مفادها أن بإمكانها أن تستمر في فعل ما يحلو لها.

إنه يحفز كل جزء وكل تعبير عن "الدولة اليهودية"، التي تعرف نفسها على أنها تعبير عن حق تقرير المصير للمواطنين اليهود دون غيرهم، على إتمام العمل الذي بدأته في عام 1948، أي الطرد الجماعي للفلسطينيين من ديارهم.

لا ترى إسرائيل ما تتسبب به من معاناة، ولا ترى ضحاياها بشراً، وإنما تراهم عقبات في طريق تحقيق طموحاتها الوطنية.

لا أعلم من يستحق أن يوجه إليه القدر الأكبر من اللوم – سموتريتش وبن غفير أم المدافعون عن إسرائيل في بريطانيا.

في هذه اللحظة التاريخية، كلاهما يخدم نفس القضية. إلا أن سموتريتش على الأقل صريح بشأن نواياه الحقيقية، أما ستارمر فلا.

هذه ليس المرة الأولى التي يتم فيها اجتياح أجزاء من مخيم جنين بالجرافات وتسوى بها الأرض.
كان شارون يعتقد أنه تمكن من علاج المشكلة بعد معركة جنين في أوج الانتفاضة الثانية في عام 2002، والتي قتل فيها 52 فلسطينياً، نصفهم تقريباً من المدنيين.

كما ظن طوني بلير، بوصفه مبعوثاً إلى الشرق الأوسط، بأنه حل المشكلة من خلال خططه لإقامة منطقة اقتصادية.

ومع ذلك، وبعد واحد وعشرين عاماً بالضبط، مازالت جنين بؤرة للمقاومة بجيل من المقاتلين لم يكونوا قد ولدوا بعد في عام 2002. لن تهدأ جنين ولن تستسلم ولن تقبل بأن تظل محتلة، فهي لم تفعل ذلك من قبل إبان الاحتلال البريطاني، ولن تستكين أمام الاحتلال الإسرائيلي".

إذا كان نتنياهو يظن بأن كتاباً قد أغلق من خلال هذه العملية، فهو مخطئ أيما خطأ.

بل لقد فتح فصل جديد فيه جيل آخر من المقاتلين الذين يحملون قضية تحرير وطنهم على أعتاقهم.
وهم عازمون على تحريرها من كل المحتلين.
التعليقات (1)
etranger
الخميس، 06-07-2023 03:59 م
. je salut cet écrivain courageux , honnête et humain qui n'hésite pas de dire la vérité