صحافة دولية

معركة بين الصين والولايات المتحدة للاستحواذ على معدن نادر.. ما أهميته؟

تهدد هذه المعركة الهيمنة التكنولوجية العالمية المحتملة- الأناضول
تهدد هذه المعركة الهيمنة التكنولوجية العالمية المحتملة- الأناضول
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا، تحدّث فيه عن المعدن الثمين المترسّب في الأرض الواقعة أسفل بحيرة كيس شمال شرق أونتاريو، الذي قد يشكل إحدى أكثر قضايا الأمن إلحاحًا في أمريكا الشمالية خلال القرن القادم.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا المعدن المهم يسمى  السيزيوم، وقد أصبح اكتشافه وإمكانية تطويره ساحة معركة بين كندا والولايات المتحدة من جهة، والصين من جهة أخرى.

تُهدد هذه المعركة الهيمنة التكنولوجية العالمية المحتملة، إذ لا تمتلك أمريكا الشمالية مخزونًا من السيزيوم، في حين أن رواسب السيزيوم المعروفة في جميع أنحاء العالم إما قد استنفدت أو أصبحت مناجمها غير صالحة للعمل، علما بأن أغلبها كان تحت السيطرة الصينية بطريقة أو بأخرى.

ودون السيزيوم، لن تتمكن الولايات المتحدة على الأرجح من الفوز بسباق الجيل الخامس، وهو سباق قد يكون العامل الحاسم للتفوق التكنولوجي. ودون السيزيوم أيضا، قد لا يكون هناك وجود لأنظمة توجيه الطائرات، أو أقمار صناعية لتحديد المواقع العالمية وما إلى ذلك، ما يجعل هذا المعدن قضية أمن قومي حرجة. وتحافظ الصين على طموحاتها، بمساعدة شركة "هواوي"، للفوز بسباق الجيل الخامس.

وحسب الموقع، هذا يجعل بحيرة كيس واحدة من أبرز أماكن الاستكشاف الأكثر أهمية في العالم. وبصفتها مملوكة بالكامل لشركة "باور ميتالز"، فإن خاصية بحيرة كيس تكمن في مخزون السيزيوم المحتمل الجديد والوحيد الموجود، وقد أدّت أهميتها مؤخرًا إلى قيام الحكومة الكندية بطرد المستثمرين الصينيين، واستبدلت بهم مستثمرين من أستراليا يشكّلون خطرًا أقل.

اظهار أخبار متعلقة


وفي ظل عديد الاكتشافات التي تشمل تقاطعات لثلاثة معادن مهمة - السيزيوم والليثيوم والتنتالوم - فإن ما ينتظرنا في المستقبل هو تطوير أول منجم للمعادن المهمة في أمريكا الشمالية من نوعه، وسيعني ذلك الكثير بالنسبة للغرب.

من جانبه، يصف رئيس مجلس إدارة شركة "باور ميتالز"، جوناثان مور، بحيرة كيس بأنها "حلم جيولوجي" لعدد من الأسباب. أولاً، يمكن الوصول إليها على امتداد السنة من خلال طرق جيدة الصيانة، مع وجود البنية التحتية اللازمة. وفي حين أن هذا قد يبدو ضروريًا للمستثمرين الذين ليسوا على دراية جيدة بقطاع التعدين، إلا أن هذا نادرًا ما يحدث.

أوضح الموقع أن جميع الاكتشافات تقريبًا في سوق المعادن في كندا تتم في مناطق نائية للغاية. ولكن في بحيرة كيس، لا توجد كل الطرق والبنية التحتية الكهربائية فحسب، وإنما تتميز بوجود إشارات الهاتف المحمول، وغالبًا ما لا يُسمع بهذه الميزة الإضافية في أماكن التعدين.  وهذا ما يمكن أن يساعد في جعل بحيرة كيس بمثابة حلم جيولوجي. ووفقًا لشركة "باور ميتالز"، فإنها واحدة من أكثر الخصائص غير المكلفة للتنقيب في كندا، وذلك ليس فقط بسبب سهولة الوصول إليها.

اكتشافات عالمية محتملة
حتى الآن، قامت شركة "باور ميتالز" بحفر 80 حفرة على ارتفاع 15 ألف متر في بحيرة كيس، ما ساهم في اكتشاف عالمي عالي الجودة (أكثر من 4 بالمئة) من الليثيوم على عمق ضحل للغاية ومفتوح. وقد كانت اكتشافات الليثيوم مثيرة بما فيه الكفاية، ولكن بعد ذلك حدث ما هو غير متوقع. ففي صيف 2018، قامت شركة "باور ميتالز" باكتشاف مفاجئ لمعدن السيزيوم النادر في أثناء التنقيب عن الليثيوم والتنتالوم في بحيرة كيس.

ووفقًا لشركة "باور ميتالز"، يحتوي المكان على مادة السيزيوم عالية الجودة التي تشبه منجم "سنكلير" الشهير في أستراليا. وعندما ظهر اكتشاف السيزيوم هذا، اتصلت مجموعة سينومين الصينية - وهي واحدة من أكبر الشركات في العالم - على الفور بشركة "باور ميتالز"، وانتهى بها الأمر بحصولها على حصة 5.7 بالمئة من خلال تمويل الموقع الخاص.

واصلت شركة "باور ميتالز" التنقيب في سنة 2022 من خلال استثمار مجموعة "سينومين" الصينية، معلنةً عن العثور على بعض الليثيوم والسيزيوم عالي الجودة. ولكن بحلول ذلك الوقت، أصبح السيزيوم (والليثيوم أيضًا) قضية أمن قومي للحكومة الكندية.

في تشرين الثاني/ نوفمبر من السنة الماضية، اتخذت الحكومة الفيدرالية الكندية إجراءات حاسمة ضد الشركات الصينية، وتحركت الحكومة بسرعة لسحق أي مشاركة صينية في شركات الليثيوم الكندية على مستوى العالم. ونظرًا لمخاوف الأمن القومي، طالبت أوتاوا بانسحاب مجموعة "سينومين" الصينية من شركة "باور ميتالز"، ما أدى إلى جعل بحيرة كيس مكانا ذي أهمية ملحة لمستقبل كندا.

اظهار أخبار متعلقة


وفي حين أن بعض ردود الفعل الأولية على ذلك كانت مصدر قلق للمستثمرين، فإن شركة "باور ميتالز" اعتبرت ذلك فرصة كبيرة. وقال رئيس مجلس إدارة الشركة في بيان: "بينما فوجئنا بموقف كندا تجاه الاستثمار الصيني في صناعة المعادن المهمة في كندا، فإنه يظهر بوضوح أنهم يرون أن فرص وأصول شركة "باور ميتالز" قيمة للغاية بالنسبة لمثل هذا الاستثمار الأجنبي".

وتابع مور قائلا: "حققت شركة "باور ميتالز" اكتشافًا جوهريًا للسيزيوم والليثيوم والتنتالوم، وتوضح هذه المهارة السياسية القيمة القصوى لأصول الشركة". ولم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تدخلت شركة موارد وينسوم المحدودة ذات الأصول الأسترالية الراسخة في مجال الليثيوم، واستحوذت على أسهم شركة "سينومين".

وبعد تعمق شركة "باور ميتالز" في اكتشافات الليثيوم والسيزيوم، ضاعفت شركة موارد "وينسوم" المحدودة حصتها إلى 10.13 بالمئة علاوة على سعر السهم الحالي. واستمرت الأمور في التدهور عندما استثمر أحد أكبر المساهمين في شركة "وينسوم"، "واراتا كابيتال" (أحد أكبر صناديق الليثيوم في العالم) في شركة "باور ميتالز" أيضًا.

وفي أعقاب نجاح شركة "باور ميتالز" في إخلاء كندا من الصينيين، قام المستثمر "واراتا" بتحسين الصفقة بشكل أكبر، حيث اشترى اثنين بالمئة من حقوق الملكية على إنتاج الليثيوم في بحيرة كيس مقابل 1.5 مليون دولار من خلال شركة "ليثيوم رويالتي".

وحسب الموقع، تمتلك شركة "باور ميتالز" حاليا حوالي 10 ملايين دولار كندي نقدًا وما يعادله. ويتم تمويلها بالكامل خلال السنتين المقبلتين من خطط الاستكشاف. وتشمل هذه الخطط حفر 15 ألف متر أخرى من المقرر أن تبدأ هذا الصيف.
التعليقات (0)