صحافة دولية

مخاوف متزايدة من تكرار مجازر دارفور.. المأساة قد تعود بعد 20 عاما

تتزايد التحذيرات من اندلاع أعمال عنف جديدة في دارفور- جيتي
تتزايد التحذيرات من اندلاع أعمال عنف جديدة في دارفور- جيتي
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" افتتاحية قالت فيها إن القتال المندلع في السودان منذ منتصف نيسان/ أبريل بين الجنرالين المتحاربين في الخرطوم انتشر منها إلى إقليم دارفور ويهدد بإعادة إشعال عمليات التطهير العرقي الوحشية التي جرت قبل عشرين عاما والتي خلفت ما يقدر بـ300 ألف قتيل.

وحثت الولايات المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية وجيران السودان في أفريقيا والشرق الأوسط على التدخل بشكل سريع واستخدام كل ما لديهم من نفوذ لمنع النزاع الذي لا معنى له ومنع تحوله إلى إبادة.

وقالت إن "السرعة، ضرورية، إن لم تكن متأخرة، فالتقارير القادمة في الأيام الماضية تتحدث عن قتل جماعي واغتصاب واختطاف وتهجير قسري للمدنيين. وقتل  أكثر من 1.000 مدني في الجنينة ومدن وبلدات أخرى في دارفور حسب بعض التقارير".

وكانت الضحية الأبرز هو حاكم ولاية غرب دارفور خميس أبكر، والذي اختطف ثم قتل بعدما قدم مقابلة مع قناة تملكها السعودية وشجب وحمل واحدا من المتقاتلين، قوات الدعم السريع  مسؤولية استهداف المدنيين بناء على هويتهم العرقية. وكشف شريط فيديو عن رجال بزي قوات الدعم السريع وهم يحتجزون الحاكم قبل قتله، لكن المسؤولين في الدعم السريع نفوا أي علاقة وأن القتلة هم خارجون عن القانون ويعتقلون مقاتليهم. وتعلق الصحيفة أن منطقة دارفور أصبحت محورا لكارثة إنسانية، حيث لم يعد لدى المدنيين ما يكفي من طعام ولا يستطيعون الوصول للمستشفيات وتم حرق مخيمات النازحين ونهب المخازن وانتشرت الجثث في الشوارع.

وتذكر الصحيفة أن حرب دارفور الأولى في عام 2003 اعتبرت أول إبادة في القرن الحادث والعشرين، وذلك عندما أرسل الجيش السوداني ميليشيات الجنجويد العربية لقمع انتفاضة ضد نظام التمييز.

وكان الجنجويد يهاجمون وهم على ظهور الخيول أو الجمال أو في سيارات لاند كروزر وقاموا بحملة تطهير عرقي حرقوا فيها القرى ونهبوا ودمروا المحاصيل واغتصبوا النساء وقتلوا المدنيين. وكان الطيران السوداني يدعم الجنجويد في غالب الأحيان وتبع هجومهم هجمات برية وغارات جوية، واعتبرها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إبادة عام 2004.

وكانت الأزمة أول امتحان للاتحاد الأفريقي وشعاره "حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية" ولكنه فشل بكل المعايير كما فشل اليوم. ولدى الاتحاد الأفريقي قوة تدخل سريع لكنه تردد بالتدخل في شؤون البلد بدون قرار من مجلس الأمن. ووجهت محكمة الجنايات الدولية اتهامات للرئيس عمر البشير وعدد من المساعدين له، مما جعله أول رئيس دولة توجه إليه تهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. لكن الاتحاد الأفريقي نصح الدول الأعضاء بتجاهل الإتهام، حيث زعم بعض قادة أفريقيا أن المحكمة متحيزة وتستهدف الأفارقة أولا.

اظهار أخبار متعلقة


وأدى غياب المحاسبة والملاحقة من العقاب وعدم احترام الاتحاد للقانون الدولي لفتح الباب أمام الجرائم التي ارتكبت في دارفور. وفي عام 2013 تحولت الجنجويد إلى قوات الدعم السريع تحت الجيش السوداني.

وبعد اعتقال البشير، دخل قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، حميدتي في شراكة لتقاسم السلطة مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، الزعيم الحالي للدولة. وكان حميدتي مرة مقاتلا ناشطا في الجنجويد بدار فور. وبناء على الاتفاق الذي رعاه المجتمع الدولي، كان على حميدتي دمج قواته شبه العسكرية في الجيش لكنه لم يلتزم، ومن هنا بدأت المواجهة مع البرهان في نيسان/أبريل.

واستمر القتال بدون توقف، باستثناء اتفاقيات وقف إطلاق للنار متقطعة. وقتل الآلاف من الأشخاص في أنحاء البلاد وشرد أكثر من مليون شخص حسب أرقام الأمم المتحدة. وترى الصحيفة أن الفشل في حل ميليشيات الجنجويد في البداية،  ثم جلب أفرادها إلى حكومة تقاسم السلطة بدلا من نزع سلاحهم، هو ما قاد إلى الأزمة الحالية.

اظهار أخبار متعلقة


وهناك الكثير من اللوم الموزع على الجميع والدول الخارجية التي طالما تدخلت في شؤون السودان. فالمجموعة العسكرية الروسية، فاغنر ذكرت عدة تقارير أنها تقوم بمساعدة قوات الدعم السريع وتسيطر على مناجم الذهب وتهربه مما يمنح القوات خطا مستقلا لتمويل الحرب. ومن جانبها رحبت الصين بالرئيس السابق عمر البشير الملاحق من الجنائية الدولية، في بيجين وصافحه الرئيس شي جينبينغ كـ"صديق قديم".

وتعلق الصحيفة أن العالم أقسم أنه لن يسمح بإبادة جديدة بعد كمبوديا ورواندا والبوسنة وراكين في ميانمار، لكن التحركات القليلة التي اتخذت كانت متأخرة. واليوم نشاهد حدوث هذا مرة أخرى، وما سيصبح إبادة جديدة، والسؤال عن وجود تحرك وقائي غير التصريحات التي تعبر عن القلق والشجب.

وهناك فكرة تتعرض للنقاش في المحكمة الجنائية الدولية وهي فتح حالات جرائم حرب جديدة للجرائم التي تتكشف في دارفور. وعلى الأمين العام للأمم المتحدة التحرك واتخاذ إجراءات قوية بدءا من الإعلان عن حالة الطوارئ. وهناك حاجة لممر إنساني لكي تمر منه الإمدادات الغذائية والطبية الضرورية إلى المدنيين العالقين وسط القتال. وعلى دول السودان المؤثرة وبخاصة السعودية ومصر ممارسة ضغط واستخدام النفوذ لإخضاع الجنرالين المتحاربين. والوقت يمر سريعا للشعب السوداني ولدارفور.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
التعليقات (0)