صحافة دولية

"عربي21" تنشر تقريرا مطوّلا عن الصراع بين ترامب والجنرالات

قالت الصحيفة إن ترامب سعى خلال فترة رئاسته إلى إعادة تحديد دور الجيش في الحياة العامة الأمريكية- نيويوركر
قالت الصحيفة إن ترامب سعى خلال فترة رئاسته إلى إعادة تحديد دور الجيش في الحياة العامة الأمريكية- نيويوركر

تنشر "عربي21" تقريرا مطولا ترجمته نقلا عن مجلة "نيويوركر" الأمريكية، يسلط الضوء على علاقة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالجنرالات داخل البنتاغون.

 

ويشير التقرير إلى كيفية تعامل الجنرال مارك ميلي، وآخرين مع التهديد الذي شكله فريق ترامب على الأمن القومي للولايات المتحدة، بحسب المجلة.

وقالت المجلة، إن دونالد ترامب سافر في صائفة سنة 2017 إلى باريس لحضور احتفالات يوم الباستيل حيث أقام الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون عرضًا عسكريًا مذهلاً للاحتفال بالذكرى المئوية لمشاركة الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى. وقد عاد ترامب إلى واشنطن مصممًا على جعل جنرالاته ينظمون له عرضًا عسكريًا مماثلا في الرابع من تموز/ يوليو، لكن المسؤولين أشاروا إلى أن ذلك سيكلف ملايين الدولارات وسيخرّب شوارع العاصمة.

وذكرت المجلة أن الهوة بين ترامب وجنرالات البنتاغون لا تتعلق بالمسائل المالية أو الجوانب العملية فقط، كما أن معاركهم السياسية التي لا نهاية لها لم تكن فقط حول تضارب الآراء بشأن الانسحاب من أفغانستان أو كيفية مكافحة التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية وإيران؛ بل كان الانقسام ناجمًا عن اختلاف القيم والرؤية.

 

وتاليا ترجمة التقرير:


اتّسمت السنوات الأربع لرئاسة ترامب بدرجة غير مسبوقة من عدم الاستقرار: نوبات من الغضب ووابل من التغريدات على تويتر في وقت متأخر من الليل والإقالات المفاجئة. في البداية، بدا ترامب - الذي تهرب من التجنيد بتعلة أنه يعاني نتوءات عظمية - مغرمًا بفكرة كونه القائد العام ويعمل مع مسؤولي الأمن القومي الذين عينهم أو ورثهم من الإدارة السابقة. لكن كانت علاقة ترامب بجنرالاته قصيرة، حيث ادعى أن هؤلاء الأشخاص يفتقرون إلى الموهبة وبمجرد أن أدرك ذلك لم يعد يعتمد عليهم.

وأشارت المجلة إلى أن ترامب أدرك في الواقع أن الجنرالات لهم قواعد ومعايير وخبرات وليس لهم ولاء أعمى لأي أحد. أعرب ترامب عن استيائه لجون كيلي قائلا: "أيها الجنرالات اللعينون، لماذا لا تستطيعون أن تكونوا مثل الجنرالات الألمان؟"، فسأله كيلي "أي جنرالات؟"، فأجاب ترامب: "الجنرالات الألمان في الحرب العالمية الثانية". فردّ عليه كيلي: "هل تعلم أنهم حاولوا اغتيال هتلر ثلاث مرات وكادوا أن يقتلوه؟" - بالطبع لا يعلم ترامب ذلك.

بحلول أواخر سنة 2018، أراد ترامب تغيير هيئة الأركان المشتركة. لقد سئم من جوزيف دانفورد، وهو جنرال في مشاة البحرية عينه باراك أوباما عمل عن كثب مع ماتيس وكان من بين من عارضوا بعض أفكار ترامب الأكثر غرابة. كان ديفيد أوربان، أحد أعضاء جماعات الضغط الذي أدار حملة ترامب الفائزة لسنة 2016 في ولاية بنسلفانيا، لأشهر يحث الرئيس ودائرته الداخلية على استبدال دانفورد بجنرال له توجهات مشابهة - أو بالأحرى شخصًا أقل ارتباطًا بماتيس. وكان مرشح ماتيس لخلافة دانفورد هو ديفيد غولدفين، وهو جنرال في القوات الجوية وطيار مقاتل سابق؛ في حين دعم أوربان ترشيح مارك ميلي.

كضابط بالجيش، قاد ميلي القوات في أفغانستان والعراق، وقاد الفرقة الجبلية العاشرة، وأشرف على قيادة قوات الجيش. كان ميلي طالب التاريخ الذي غالبًا ما كان يحمل كومة من أحدث الكتب عن الحرب العالمية الثانية معه ولم يكن بالتأكيد عضوًا في الأخوة البحرية المتماسكة التي هيمنت على سياسة الأمن القومي خلال العامين الأولين لترامب. أخبر أوربان الرئيس أنه سيتواصل بشكل أفضل مع ميلي، الذي كان يُعرف بجرأته الشديدة، وقد أظهر ميلي بالفعل تلك الصفات في اجتماعات مع ترامب كرئيس أركان الجيش. 


في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، في اليوم السابق لجدولة مقابلة ميلي مع ترامب، تجادل ميلي وماتيس في البنتاغون. في سرد ميلي للحادث لاحقًا للآخرين، حثّه ماتيس على إخبار ترامب أنه يريد أن يكون القائد الأعلى القادم للحلفاء في أوروبا، بدلاً من رئيس هيئة الأركان المشتركة. فأجابه ميلي بأنه لن يفعل ذلك ولكنه سينتظر بدلاً من ذلك تعليمات الرئيس. ومثّل ذلك نهاية العلاقة بين الجنرالات.

 

في المكتب البيضاوي، قال ترامب منذ البداية إنه يفكر في تولي ميلي منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة. وعندما عرض عليه ترامب المنصب، أعرب ميلي  عن موافقته على كل تعليمات الرئيس. وخلال حديثهما عما يجري في الساحة الدولية، كانت هناك نقاط خلاف عميقة. فيما يتعلق بأفغانستان، قال ميلي إنه يعتقد أن الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية سيؤدي إلى مشاكل خطيرة. وكان دافع ترامب وراء تعيين ميلي بالأساس عدم اتفاقه مع ماتيس. لكن تعيين ميلي لم يكن الخبر الأكثر إثارة للجدل في ذلك اليوم، وإنما تصريح ترامب للصحفيين بأن "جون كيلي سيغادر مع نهاية العام". وقد أمضى كيلي سبعة عشر شهرًا فيما وصفه "أسوأ وظيفة في العالم".

بعد أكثر من أسبوع، استقال ماتيس احتجاجًا على أمر ترامب بسحب الولايات المتحدة قواتها فجأة من سوريا مباشرةً بعد أن التقى ماتيس بحلفاء أمريكيين يقاتلون إلى جانب الولايات المتحدة. كانت هذه المرة الأولى منذ ما يقارب أربعة عقود التي يستقيل فيها مسؤول من منصبه في الإدارة الأمريكية بسبب نزاع حول الأمن القومي مع الرئيس.

حسب ما نقلته المجلة، كان ترامب يأمل استبدال كل من كيلي وماتيس ودنفورد وماكماستر، مستشار الأمن القومي وريكس تيلرسون، أول وزير خارجية لترامب، بشخصيات أكثر مرونة. في الثاني من كانون الثاني/ يناير 2019، أرسل كيلي رسالة وداع إلكترونية إلى موظفي البيت الأبيض تحدث فيها عن الأشخاص الذين سيفتقدهم: "غير الأنانيين، الذين يعملون بجد من أجل الشعب الأمريكي ولم ينزلوا أنفسهم أبدًا لمصارعة الخنازير في الوحل. أولئك الذين وضعوا طموحاتهم الشخصية والسياسية جانبًا، وعملوا ببساطة من أجل الولايات المتحدة.  وأولئك الأشخاص الذين كانوا يتحلون بأخلاق عالية ولا يتوانوا بإخبار رئيسهم بما يحتاج إلى سماعه، وليس ما يرغب في سماعه".

في خريف 2019، بعد حوالي سنة من تعيينه الرئيس الجديد لهيئة الأركان المشتركة، خلف ميلي أخيرًا دانفورد. وبعد أسبوعين من توليه المنصب، ناقش مع ترامب وقادة الكونغرس الأزمة التي تختمر في الشرق الأوسط، حيث أمر الرئيس مرة أخرى بانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، مما يعرض الأكراد (حلفاء أمريكا) للخطر ويسلم السيطرة على المنطقة بشكل فعال إلى الحكومة السورية والقوات العسكرية الروسية. 

وسط إجراءات العزل ضد الرئيس لتعطيله ما يقارب 400 مليون دولار من المساعدات الأمنية لأوكرانيا كوسيلة ضغط للمطالبة بإجراء تحقيق مع خصمه الديمقراطي، قام مجلس النواب بتمرير قرار يوبخ فيه ترامب على انسحابه. وقد صوّت ثلثا أعضاء مجلس النواب الجمهوريين لصالح هذا القرار.

في الاجتماع، غضب ترامب من مباركة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي للتصويت ضده، وازداد غضبه عندما قرأ زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، تحذيرًا من ماتيس مفاده أن مغادرة سوريا قد تؤدي إلى عودة ظهور تنظيم الدولة. وردًا على ذلك، سخر ترامب من وزير دفاعه السابق ووصفه بأنه "من أكثر جنرالات العالم المبالغ في تقديرهم، وأنه طرده لعدم امتلاكه المؤهلات الكافية". وقد أشارت بيلوسي إلى الرئيس، قائلة: "كل الطرق معك تؤدي إلى بوتين. لقد أعطيت أوكرانيا وسوريا لروسيا".

من جهته، كان ميلي حذرًا جدًا من ترامب، ومنذ يومه الأول تقريبًا في منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، كان ميلي على دراية تامة بحقيقة أن هناك تحديًا غير عادي مع القائد العام للقوات المسلحة. 

في وقت مبكر من مساء يوم 1 حزيران/ يونيو 2020، على بعد مسافة قصيرة من البيت الأبيض عبر ميدان لافاييت، بعد دقائق من إبعاد متظاهري "حياة السود مهمة" بعنف، سار ميلي خلف ترامب مع كتيبة من مستشاري الرئيس التي كان من المفترض أن تُظهر ردا قويا على الاحتجاجات التي اندلعت خارج البيت الأبيض وعبر الولايات المتحدة منذ مقتل جورج فلويد. ومع أن معظم المظاهرات كانت سلمية، إلا أنه سُجّلت أعمال نهب وعنف في الشوارع وحرق متعمد.

في صباح اليوم السابق لالتقاط صورة ميدان لافاييت، تشاجر ترامب مع ميلي والمدعي العام ويليام بار ووزير الدفاع مارك إسبر بشأن مطالبه باستعراض عسكري للقوة، حيث أخبرهم ترامب الذي أراد تطبيق قانون التمرد لسنة 1807 واستخدام الخدمة العسكرية الفعلية لقمع الاحتجاجات: "نحن نبدو ضعفاء". كما طالب بحضور عشرة آلاف جندي في الشوارع وقام باستدعاء الفرقة 82 المحمولة جواً. كلف ميلي بهذه المهمة شخصيًا، لكن عندما قاوم ميلي والآخرون رغبة ترامب قائلين إن الحرس الوطني سيكون كافيا، صرخ الرئيس في وجوههم ونعتهم بـ "الفاشلين".

في النهاية، اقتنع ترامب بعدم إرسال جيش ضد المواطنين الأمريكيين. وبعد ساعات، تم استدعاء كل من ميلي وإسبر ومسؤولين آخرين فجأة إلى البيت الأبيض الأمر الذي جعل ميلي يدرك أنه لا ينبغي له أن يكون هناك. ورغم خروجه من المكان، إلا أن الضرر كان قد وقع بالفعل لأن الناس قد رأوه بالفعل وهو يخطو مع الرئيس على الهواء مباشرة في زي المعركة، وهي صورة بدت وكأنها تشير إلى أن الولايات المتحدة في عهد ترامب كانت دولة في حالة حرب مع نفسها. وهو سوء تقدير لطالما عرف ميلي أنه سيطارده إلى الأبد.

إثر حادثة ميدان لافاييت، جلس ميلي في مكتبه في البنتاغون يكتب مسودات خطاب استقالته. أخبر جيتس كلا من ميلي وإسبر أنهما بحاجة إلى البقاء في البنتاغون لأطول فترة ممكنة نظرًا لسلوك ترامب غير المنتظم والخطير بشكل متزايد، قائلا: "إذا ما قدمتما استقالتكما، ستدوم هذه القصة ليوم واحد. ولكن إذا ما طُردتما، سيوضح هذا الأمر أنكم كنتما تدافعاان عن القضية الصحيحة". كما نصح جيتس ميلي بأن يحتفظ بعلاقاته الجيدة مع  الجنرالات.

 

اقرأ أيضا: محققون من "FBI" يقتحمون مقر إقامة ترامب بولاية فلوريدا

بدت حادثة ميدان لافاييت كأنها كارثة لميلي نظرا لأن العديد من الجنرالات المتقاعدين أدانوا مشاركته، مشيرين إلى أن قائد جيش متنوع عرقيا، مع أكثر من مائتي ألف جندي من السود في الخدمة الفعلية، لا يمكن رؤيته يعارض حركة من أجل العدالة العرقية. وقد أصدر ماتيس، الذي امتنع عن انتقاد ترامب علنا، بيانًا حول "الصورة الفوتوغرافية الغريبة"، الأمر الذي قالت صحيفة واشنطن بوست إنه كان جراء غضبه من صورة ميلي وهو يتجول في الميدان بزيه.

مهما كانت خلافاتهما الشخصية، كان كل من ماتيس وميلي يعلمان بوجود حتمية مأساوية في الوقت الحالي. وقد سعى ترامب خلال فترة رئاسته إلى إعادة تحديد دور الجيش في الحياة العامة الأمريكية. وفي حملته لسنة 2016، تحدث عن دعم استخدام التعذيب وغيره من الممارسات التي يعتبرها الجيش جرائم حرب. وقبل حلول منتصف المدة لسنة 2018، أمر آلاف الجنود بالتوجه إلى الحدود الجنوبية لمكافحة "غزو" زائف من قبل قافلة من المهاجرين. 

على حد تعبير بيتر فيفر، الخبير في العلاقات المدنية العسكرية بجامعة ديوك، الذي قام بتدريس الموضوع إلى الجنرالات في مدرسة القيادة، اعتبر الكثيرون أن قرار ترامب باستخدام الجيش قبل الانتخابات يُعد "حجر الأساس لسياسة 2020". وعندما طلب ميلي المساعدة من فيفر نصحه بضرورة الاعتذار عما بدر منه في ميدان لافاييت ولكنه شجعه على عدم الاستقالة، قائلا: "ليس لدينا تقليد الاحتجاج بالاستقالة بين صفوف الجيش".

قرر ميلي عدم تقديم استقالته، ليتمثل التحدي الأول له في منع ترامب من إلحاق المزيد من الضرر وهو ما يتعارض مع التزامه بتنفيذ أوامر قائده العام. في الحقيقة، لم يسبق أن واجه رئيس هيئة الأركان المشتركة مثل هذا الموقف منذ إنشاء المنصب في سنة 1949 - أو على الأقل منذ أيام ريتشارد نيكسون الأخيرة، في سنة 1974. وقد قال ميلي لموظفيه: "إذا كانوا يريدون محاكمتي عسكريًا، أو وضعي في السجن، فعليهم ذلك. ولكني لن أتراجع وسأقاتل من الداخل".

مع اقتراب الانتخابات، سعى ميلي إلى إيصال رسالة إلى الديمقراطيين بأنه لن يوافق على أي جهود أخرى للرئيس فيما يتعلق بنشر آلية الحرب لتحقيق غايات سياسية محلية. وقد كان ميلي نادما للغاية وأبلغ أنه لم يعد ينوي ممارسة لعبة ترامب بعد الآن.

لكن في مبنى الكابيتول هيل؛ ظل بعض الديمقراطيين - بمن فيهم بيلوسي - متشككين؛ حيث يتذكر آدم سميث، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، أنه "كان هناك سوء فهم كبير حول ميلي. وكان العديد من زملائي الديمقراطيين بعد الأول من حزيران/ يونيو على وجه الخصوص قلقين بشأنه".  

ومع ذلك؛ فإن بيلوسي لم تثق في ميلي بسبب حادثة وقعت في وقت سابق من تلك السنة؛ حيث أمر ترامب بقتل القائد الإيراني قاسم سليماني دون إطلاع قادة الكونغرس مسبقًا، وقال سميث إن بيلوسي تعتقد أن الرئيس كان "مراوغًا" وغير محترم للكونغرس. 

إلى متى يمكن أن تستمر هذه المواجهة بين البنتاغون والرئيس؟ خلال الأشهر القليلة التالية، كان ميلي يستيقظ كل صباح وهو لا يعرف ما إذا كان سيُطرد أم لا، وقد أخبرته زوجته أنها صُدمت لأنه لم يتم صرفه عندما قدم اعتذاره.


كان إسبر أيضًا على علم بالأمر، فبعد يومين من حادثة ميدان لافاييت؛ ذهب وزير الدفاع إلى غرفة الصحافة في البنتاغون وقدم اعتذاره، حتى كشف عن معارضته لمطالب ترامب باستدعاء قانون التمرد واستخدام الجيش في الخدمة الفعلية، وقال إسبر إن مثل هذه الخطوة يجب أن تقتصر على "المواقف الأكثر إلحاحًا والأكثر خطورة"، وانفجر ترامب لاحقًا غاضبا في وجه إسبر في المكتب البيضاوي بشأن الانتقادات.

في اليوم التالي، اتصل رئيس أركان ترامب، مارك ميدو، بوزير الدفاع الأمريكي لحمله على التراجع عن معارضته للتذرع بقانون التمرد الأمريكي، وعندما رفض؛ بدأ في تهديده، قبل أن يتراجع في النهاية، وقرر إسبر البقاء في منصبه لأطول فترة ممكنة؛ حيث شعر أن لديه مسؤولية خاصة يجب أن يقوم بها. 

وبموجب القانون؛ الشخص الوحيد المخول بنشر القوات بخلاف الرئيس هو وزير الدفاع. وكان إسبر عازمًا على عدم تسليم هذه السلطة إلى المرتبطين بترامب مثل روبرت أوبراين، الذي أصبح مستشار ترامب الرابع والأخير للأمن القومي، أو ريك جرينيل، رجل العلاقات العامة السابق الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات الوطنية بالإنابة. 


وقد وجد كل من إسبر وميلي هدفًا جديدًا في انتظار خروج الرئيس؛ لقد قاوموه طوال الصيف؛ حيث طالب ترامب مرارًا وتكرارًا القوات العاملة بقمع الاحتجاجات المستمرة، وهدد بالاستناد إلى قانون التمرد الأمريكي، وحاول منع الجيش من إعادة تسمية القواعد لتكريم جنرالات الكونفدرالية. 

وضع ميلي خطة ودليلًا لكيفية تجاوز الأشهر القليلة المقبلة، واستقر على أربعة أهداف: أولاً: التأكد من أن ترامب لم يبدأ حربًا غير ضرورية في الخارج، وثانيًا: التأكد من عدم استخدام الجيش في الشوارع ضد الشعب الأمريكي بغرض إبقاء ترامب في السلطة، وثالثًا: الحفاظ على نزاهة الجيش، ورابعًا: الحفاظ على سلامته. 


كان ميلي يعلم أن يوم الانتخابات قد يمثل مجرد بداية للتحديات التي سيشكلها ترامب، وبحلول مساء يوم الإثنين 9 تشرين الثاني/نوفمبر، بدا أن مخاوف ميلي قد تحققت، فقد وقد أعلنت المؤسسات الإخبارية أنه تم انتخاب بايدن، لكن ترامب رفض الاعتراف بخسارته.


أصبح الانتقال السلمي للسلطة موضع شك حاليًا، فلم يكن ترامب محاطًا بالمجانين فحسب، لقد كانوا - في الواقع - صاعدين في البيت الأبيض وداخل البنتاغون نفسه، وقبل ساعات قليلة فقط؛ وفي أول يوم عمل بعد فوز بايدن في الانتخابات، طرد ترامب إسبر أخيرًا. 

وشعر ميلي وبومبيو بالقلق من استبدال وزير الدفاع بكريستوفر ميلر، الذي كان حتى وقت قريب مسؤولًا عن مكافحة الإرهاب من المستوى المتوسط في مجلس الأمن القومي التابع لترامب، والذي وصل إلى البنتاغون إلى جانب فريق من أصحاب الرأي السياسي لترامب على ما يبدو.


بالنسبة لميلي؛ كان هذا تطورًا ينذر بالسوء، فمنذ البداية؛ أدرك أنه "إذا كانت الفكرة هي الاستيلاء على السلطة، فلن يحصل ذلك دون الجيش"، لذلك قام بدراسة تاريخ الانقلابات.  

في الأسابيع التالية؛ دعا ميلي مرارًا وتكرارًا هيئة الأركان المشتركة إلى تعزيز عزمهم على مقاومة أي مخططات سياسية خطيرة من البيت الأبيض بعد خروج إسبر، وسرعان ما أصبح جزء من أجندة الفريق الجديد واضحًا، وهو التأكد من وفاء ترامب بوعد حملته الانتخابية لسنة 2016 بسحب القوات الأمريكية من "الحروب التي لا نهاية لها" في الخارج. 


بعد يومين من طرد إسبر؛ نقل باتيل قطعة من الورق عبر المكتب إلى ميلي خلال اجتماع معه ومع ميلر، لقد كان أمرًا موقعًا من ترامب يقضي بسحب جميع القوات المتبقية في أفغانستان البالغ عددها أربعة آلاف وخمسمائة جندي بحلول 15 كانون الثاني/ يناير، وسحب وحدة قوامها أقل من ألف جندي في مهمة لمكافحة الإرهاب في الصومال بحلول 31 كانون الأول/ ديسمبر.

وقد صاغ الأمر دوغلاس ماكجريجور؛ وهو كولونيل متقاعد ومفضل لترامب، ويعمل مع مساعد مبتدئ لماكنتي، ثم تم إحضار الأمر إلى الرئيس، متجاوزًا جهاز الأمن القومي وكبار المسؤولين في إدارة ترامب، لحمله على التوقيع عليه.


وغالبًا ما كان ماكجريجور يظهر على قناة فوكس نيوز مطالبًا بالخروج من أفغانستان، ومتهمًا مستشاري ترامب بمنع الرئيس من فعل ما يريد؛ حيث قال ماكجريجور لتاكر كارلسون في يناير: "إن ترامب يحتاج إلى طرد جميع من في مكتبه والذين يواصلون يقولون له: إذا فعلت ذلك وحدث شيء سيء فسيتم إلقاء اللوم عليك، فالرئيس بحاجة لإخبارهم أنه "لا يبالي"". 


في اليوم الذي تم فيه طرد إسبر، دعا ماكينتي ماكجريجور إلى مكتبه، وعرض عليه وظيفة كبير مستشاري وزير الدفاع، وسلمه قائمة مكتوبة بخط اليد من أربع أولويات، كما ذكرت أكسيوس؛ حيث ادعى ماكينتي أنها جاءت مباشرة من ترامب: 

1. أخرجنا من أفغانستان. 

2. أخرجنا من العراق وسوريا. 

3. أكمل الانسحاب من ألمانيا. 

4. أخرجنا من أفريقيا. 


بمجرد اكتشاف الأمر الأفغاني؛ أقنع مستشارو ترامب الرئيس بالتراجع، مذكرين إياه بأنه وافق بالفعل على خطة للمغادرة خلال الأشهر القليلة التالية؛ حيث سأله بومبيو: "لماذا نحتاج إلى خطة جديدة؟"؛ رضخ ترامب، ثم أخبر أوبراين بقية قيادة الأمن القومي المتزعزعة أن الأمر "لاغٍ وباطل". 

ومع ذلك؛ تمثل الحل الوسط في أمر جديد يقنن التخفيض إلى خمسمائة جندي في أفغانستان بحلول منتصف كانون الثاني/يناير، والذي كان ميلي وإسبر يقاومانه، كما خفض القوات الثلاثة آلاف المتبقية في العراق، وقد مُنحت وزارة الخارجية ساعة واحدة لإخطار قادة تلك البلدان قبل إصدار الأمر. 

استمر سيناريوهان مرعبان في ذهن ميلي؛ أحدهما هو أن ترامب قد يشعل أزمة خارجية، مثل الحرب مع إيران، لتحويل الانتباه أو لخلق ذريعة للاستيلاء على السلطة في الداخل، والآخر هو أن ترامب سيتصنع أزمة محلية لتبرير أمر الجيش بالنزول إلى الشوارع لمنع نقل السلطة، وكان ميلي يخشى أن يؤدي احتضان ترامب "الشبيه بهتلر" لأكاذيبه بشأن الانتخابات إلى السعي نحو "لحظة الرايخستاغ"؛ حيث أضرم هتلر حريقًا في البرلمان الألماني للسيطرة على البلاد في عام 1933؛ حيث تخيل ميلي إعلان الأحكام العرفية أو استدعاء رئاسي لقانون التمرد، وخاصة بعدما أثارت جماعة "قمصان ترامب" العنف. 

بحلول أواخر تشرين الثاني/نوفمبر؛ وسط هجمات ترامب المتصاعدة على الانتخابات، تعمق تعاون ميلي وبومبيو، فقد كان بار قد قطع علاقته للتو علنًا مع ترامب، وقال لوكالة أسوشيتيد برس في مقابلة إنه لا يوجد دليل كاف على تزوير الانتخابات لإلغاء نتائجها، وبينما اجتمع الاثنان؛ روى بار لبومبيو ما وصفه بـ "يوم حافل بالأحداث"، وأخبر بومبيو بار عن الترتيب الاستثنائي الذي اقترحه على ميلي للتأكد من أن البلاد في أيدي آمنة حتى حفل التنصيب: سيجرون مكالمات هاتفية صباحية يومية مع مارك ميدوز، والتي سرعان ما وصفها بومبيو وميلي بأنها مكالمات هاتفية مثيرة للأعصاب. 

وقال ميلي لموظفيه: "مهمتنا هي الهبوط بهذه الطائرة بأمان والقيام بنقل سلمي للسلطة في العشرين من تشرين الثاني/يناير، هذا هو التزامنا تجاه هذه الأمة"؛ ومع ذلك؛ كانت هناك مشكلة "كلا المحركين معطلين، ومعدات الهبوط عالقة. نحن في حالة طارئة". 

أمام العامة، ظل بومبيو مؤيدًا بشدة لترامب، وفي اليوم التالي لزيارته السرية لمنزل ميلي، رفض الاعتراف بهزيمة ترامب، وقال للصحفيين بوقاحة "سيكون هناك انتقال سلس؛ نحو إدارة ثانية لترامب"، لكن خلف الكواليس؛ تقبل بومبيو حقيقة انتهاء الانتخابات وأوضح أنه لن يساعد في قلب النتيجة، وبرر بومبيو بشكل ساخر هذا التناقض بين ما قاله أمام العامة وخلفهم؛ حيث قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية: "كان من المهم بالنسبة له ألا يطرد، وأن يكون هناك حتى النهاية المريرة".

غضب كل من ميلي وبومبيو من فريق الأيديولوجيين المتلعثم الذي أرسله ترامب إلى البنتاغون بعد إقالة إسبر، والذي كان زميل بومبيو في وست بوينت؛ حيث عمل الاثنان معًا بشكل وثيق مع تزايد قلقهما بشأن سلوك ترامب بعد الانتخابات؛ على الرغم من أن ميلي لم يكن لديه أوهام بشأن وزير الخارجية؛ حيث كان يعتقد أن بومبيو، وهو مساعد قديم لترامب وكان يطمح للترشح للرئاسة بنفسه، أراد "حياة سياسية ثانية"، لكن انحدار ترامب الأخير وميله إلى الإنكار كان الخط الأحمر الذي رفض أن يتجاوزه. وبحلول أوائل تشرين الأول/ ديسمبر؛ وبينما كانوا يجرون مكالماتهم في الساعة 8 صباحًا لهبوط الطائرة، كان ميلي واثقًا من أن بومبيو كان يحاول حقًا تحقيق تسليم سلمي للسلطة إلى بايدن، لكنه لم يكن متأكدًا أبدًا مما يجب فعله في ميدوز؛ هل كان رئيس الأركان يحاول الهبوط بالطائرة أم اختطافها؟ 

في معظم الأيام؛ كان ميلي يتصل أيضًا بمستشار البيت الأبيض، بات سيبولون، الذي لم يكن محاورًا معتادًا لرئيس هيئة الأركان المشتركة. في الأسابيع الأخيرة من أيام الإدارة؛ كان سيبولون، المؤمن الحقيقي بأجندة ترامب المحافظة، ممثلًا رئيسياً في الدراما شبه اليومية حول مخططات ترامب المختلفة لإلغاء هزيمته الانتخابية، فبعد مكالمة واحدة مع سيبولون؛ أخبر ميلي أحد الزوار أن مستشار البيت الأبيض كان ذو فكر "إبداعي" و"ليس مجنونًا" وهو يشكل قوة "لمحاولة إبقاء حواجز الحماية حول الرئيس". 

واصل ميلي التواصل مع الديمقراطيين المقربين من بايدن ليؤكد لهم أنه لن يسمح بإساءة استخدام الجيش لإبقاء ترامب في السلطة، وكان من بينهم سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي السابقة لأوباما، كما تحدث عدة مرات مع السناتور أنجوس كينج، المستقل عن ولاية مين؛ حيث قال كينج: "كانت محادثاتي معه حول خطر محاولة البعض استخدام الجيش لإعلان الأحكام العرفية"، وقد أخذ على عاتقه طمأنة زملائه في مجلس الشيوخ. 

كان لدى ميلي أسباب متزايد للخوف من أن مثل هذا الاختيار قد يفرض عليه بالفعل، ففي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر؛ أصدر ترامب عفوًا عن مايكل فلين، الذي أقر بذنبه في تهم الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي حول اتصالاته مع روسيا، زبعد ذلك بوقت قصير؛ اقترح فلين علنًا العديد من الخيارات المتطرفة لترامب: يمكنه استدعاء الأحكام العرفية، وتعيين مستشار خاص، وتفويض الجيش بـ "إعادة" الانتخابات في الولايات ذات الأصوات المتأرجحة. 


وفي 18 تشرين الثاني/ ديسمبر؛ استضاف ترامب فلين ومجموعة من منكري الانتخابات الآخرين في المكتب البيضاوي؛ حيث - لأول مرة في التاريخ الأمريكي - كان الرئيس يستمع بجدية باستخدام الجيش لإلغاء الانتخابات، فلقد أحضروا معهم مسودة لأمر رئاسي مقترح يطالب وزير الدفاع بالإنابة - كريستوفر ميلر - بـ "الاستيلاء على ماكينات التصويت وجمعها والاحتفاظ بها وتحليلها" وتقديم تقييم نهائي لأي نتائج في غضون ستين يومًا، فور نهاية التنصيب. في وقت لاحق من تلك الليلة؛ كتب ترامب تغريدة يطلب فيها من أتباعه النزول إلى العاصمة لمساعدته على تولي المنصب؛ حيث كتب في الساعة 1:42 صباحًا: "احتجاج كبير في العاصمة يوم 6 تشرين الثاني/ يناير، كن هناك، سيكون الأمر جامحًا!". 

لم يعد ميلي متوهمًا في خوفه من حدوث انقلاب، فبينما كان ترامب يمارس الضغط من قبل "المجانين" لأمر القوات بالتدخل في الداخل، كان ميلي وزملاؤه الجنرالات قلقين من أنه سيأذن بتوجيه ضربة ضد إيران. فخلال معظم فترة رئاسته؛ حرض المدافعون عن السياسة العدائية الخارجية لترامب على شن مواجهة مع إيران؛ وقد قاموا بتسريع جهودهم عندما أدركوا أن ترامب قد يخسر الانتخابات. في أوائل عام 2020؛ عندما دعا مايك بنس إلى اتخاذ إجراءات صارمة، سأل ميلي عن السبب، فقال بنس: "لأنهم أشرار"؛ ويتذكر ميلي رده عليه: "سيدي نائب الرئيس، هناك الكثير من الشر في العالم، لكننا لا نخوض حربًا ضده كله"، وأصبح ميلي أكثر توتراً قبل الانتخابات، عندما سمع مسؤولاً كبيراً يخبر ترامب أنه إذا خسر، فعليه أن يضرب برنامج إيران النووي، في ذلك الوقت؛ أخبر ميلي موظفيه أن هذا تفكير جنوني، لكن الآن بدا الأمر ممكنًا بشكل مخيف. 

كان روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي؛ داعمًا آخر لفكرة اتخاذ إجراءات صارمة؛ حيث قال: "سيدي الرئيس، يجب أن نضربهم بشدة، وبكل ما لدينا".  


في أسبوع طرد إسبر؛ تم استدعاء ميلي إلى البيت الأبيض لتقديم خيارات عسكرية مختلفة لمهاجمة إيران وواجه أداءً مقلقًا من قبل ميلر، القائم بأعمال وزير الدفاع الجديد؛ حيث أخبر ميلر لاحقًا جوناثان كارل، من هيئة الإذاعة الأسترالية، أنه تصرف عمدًا مثل "المجنون" في الاجتماع، بعد ثلاثة أيام فقط من فترة ولايته، مما دفع سيناريوهات تصعيدية مختلفة للرد على القدرات النووية الإيرانية المتفشية. 


لم يبد سلوك ميلر مقصودًا بقدر ما بدا غير مفيد لميلي؛ حيث ظل ترامب يطلب بدائل، بما في ذلك هجوم داخل إيران على مواقع أسلحتها الباليستية، وأوضح ميلي أن هذا سيكون عملًا استباقيًّا غير قانوني، مشيرًا أنه: "إذا هاجمت البر الرئيسي لإيران، فسوف تبدأ حربًا"، زخلال اشتباك آخر مع مستشاري ترامب الأكثر تشددًا، عندما لم يكن ترامب حاضرًا، كان ميلي أكثر وضوحًا؛ حيث قال: "إذا فعلنا ما تقوله، فسنحاكم جميعًا كمجرمي حرب في لاهاي". 

غالبًا ما بدا ترامب صاخبًا دون أثر فعلي، ولا يزال كبار ضباط البنتاغون يعتقدون أنه لا يريد حربًا شاملة، لكنه واصل الضغط من أجل توجيه ضربة صاروخية لإيران حتى بعد اجتماع تشرين الثاني/ نوفمبر، وقد مر ميلي أكثر من مرة بتجربة الاضطرار إلى تهدئة الرئيس عندما يتعلق الأمر بالانتقام. 


كان الخوف الأكبر هو من أن تستفز إيران ترامب، وباستخدام مجموعة من القنوات الدبلوماسية والعسكرية، حذر المسؤولون الأمريكيون الإيرانيين من استغلال الوضع المحلي المتقلب في الولايات المتحدة؛ حيث كان هناك قلق واضح من أن إيران ستستغل هذا للهجوم بطريقة ما. 

يعتقد ميلي أن من بين أولئك الذين دفعوا الرئيس لضرب إيران قبل تنصيب بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ففي 18 تشرين الأول/ ديسمبر؛ وهو نفس اليوم الذي التقى فيه ترامب بفلين لمناقشة وضع الأحكام العرفية، التقى ميلي بنتنياهو في منزله في القدس لحثه شخصيًّا على التراجع مع ترامب. 

بعد يومين، في 20 تشرين الأول/ ديسمبر؛ أطلقت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق ما يقرب من عشرين صاروخًا على السفارة الأمريكية في بغداد. ورد ترامب بإلقاء اللوم علنًا على إيران والتهديد برد انتقامي كبير إذا قُتل أمريكي واحد، وكان هذا أكبر هجوم على المنطقة الخضراء منذ أكثر من عقد، وهو بالضبط نوع الاستفزاز الذي كان ميلي يخشاه. 

خلال الأعياد؛ تصاعدت التوترات مع إيران أكثر مع اقتراب الذكرى الأولى لقتل الأمريكان لقاسم سليماني. وحذر آية الله علي خامنئي من أن "أولئك الذين أمروا بقتل الجنرال سليماني؛ سيعاقبون". في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الأحد 3 تشرين الثاني/ يناير، التقى ترامب بميلي وميلر ومستشاريه الآخرين للأمن القومي بشأن إيران؛ حيث ناقش بومبيو وميلي تقريرًا جديدًا مقلقًا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن في النهاية؛ عارض حتى بومبيو وأوبراين، المدافعون عن السياسة العدائية تجاه إيران، توجيه ضربة عسكرية في هذه الفترة المتأخرة من رئاسة ترامب. 

في نهاية الاجتماع مع قادة الأمن؛ انتحى الرئيس بميلر وسأله عما إذا كان مستعدًا للاحتجاج القادم في 6 تشرين الثاني/يناير، وسمع ميلي ترامب يقول لميلر: "ستكون صفقة كبيرة، لديك ما يكفي من الناس للتأكد من أنها ستكون آمنة لشعبي، أليس كذلك؟"، فأكد له ميلر أنها ستكون كذلك، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي يرى فيها ميلي ترامب. 

في 6 تشرين الثاني/ يناير؛ كان ميلي في مكتبه في اجتماع البنتاغون مع كريستين وورموث، المسؤولة الانتقالية الرئيسية لإدارة بايدن في وزارة الدفاع، وكان من المفترض أن يناقش ميلي وورموث في ذلك اليوم خطط البنتاغون لسحب القوات الأمريكية في أفغانستان، بالإضافة إلى آمال فريق بايدن في حشد مواقع واسعة النطاق للتطعيم ضد كوفيد في جميع أنحاء البلاد. ولكن؛ كما أدركوا في رعب مما كان يبث على الشاشات أمامهم، تم استدعاء ميلي إلى اجتماع عاجل مع ميلر وريان مكارثي، وزير الجيش؛ لم يهبطوا بالطائرة بعد كل شيء، بل كانت الطائرة تتحطم. 


دخل ميلي مكتب وزير الدفاع في الساعة 2:30 مساءً، وناقشوا نشر الحرس الوطني في العاصمة وحشد وحدات الحرس الوطني من الولايات المجاورة والعملاء الفيدراليين تحت مظلة وزارة العدل؛ حيث أصدر ميلر أمرًا في الساعة 3:04 مساءً لإرسال حرس العاصمة. 

لكن الأوان كان قد فات لمنع الإذلال؛ حيث طغى حشد من منكري الانتخابات وأعضاء الميليشيات المتعصبة للبيض ومتبعي نظرية المؤامرة والموالين لترامب على الكونجرس، وكان ميلي قلقًا من أن هذه كانت حقًا "لحظة الرايخستاغ" لترامب، وهي الأزمة التي من شأنها أن تسمح للرئيس باستدعاء الأحكام العرفية والحفاظ على قبضته على السلطة. 


دعا قادة الكونجرس البنتاغون إلى إرسال قوات إلى مبنى الكابيتول على الفور، بينما كانت نانسي بيلوسي وتشاك شومر متشككين في ميلر، إلى أي جانب يقف؟، حاول ميلي طمأنة القيادة الديمقراطية بأن الجيش بالزي الرسمي كان مع القضية، وليس هناك لدعم ترامب. 


كان ذلك بعد الدقائق الثلاث وثلاثين بالفعل؛ وكان قادة الكونجرس غاضبين لأن الأمر استغرق وقتًا طويلًا، كما تحدثوا مع مايك بنس، الذي عرض الاتصال بالبنتاغون أيضًا، ووصل إلى ميلر حوالي الساعة 4 مساءً، وبينما لا يزال ميلي في مكتبه يستمع إليه، أمر بنس "بإخلاء مبنى الكابيتول". 

على الرغم من أن نائب الرئيس هو الذي كان يسعى للدفاع عن مبنى الكابيتول؛ أراد ميدوز التظاهر بأن ترامب هو من يتخذ الإجراءات، واتصل بميلي وأوضح له ذلك، لكن ميلي رفض وأبعد ميدوز. 

وصل الحرس أخيرًا إلى مبنى الكابيتول بحلول الساعة 5:40 مساءً، وهو وقت سريع نسبيًا، ولكن ليس بالسرعة الكافية تقريبًا لبعض أعضاء الكونجرس، الذين سيقضون شهورًا في التحقيق في سبب استغراق الأمر وقتًا طويلاً، وبحلول الساعة 7 مساءً؛ تم إنشاء محيط خارج مبنى الكابيتول، وكان عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، وعملاء أي.تي.إف يتنقلون من باب إلى باب في العديد من المخابئ والممرات الضيقة في مبنى الكابيتول، بحثًا عن أي مثيري شغب متبقين. 


في تلك الليلة؛ في انتظار عودة الكونجرس والتصديق رسميًا على هزيمة ترامب الانتخابية، اتصل ميلي بأحد صلاته في فريق بايدن، وأوضح أنه تحدث مع ميدوز وبات سيبولون في البيت الأبيض، وأنه كان على الهاتف مع بنس وقادة الكونجرس أيضًا، لكن ميلي لم يسمع من القائد العام، في يوم اجتاحت فيه قوة معادية مبنى الكابيتول لأول مرة منذ حرب 1812؛ حيث قال إن ترامب كان "مخزيًا ومتواطئًا". 

في وقت لاحق؛ غالبًا ما كان ميلي يفكر في ذلك اليوم الفظيع؛ فشل ترامب ورجاله في تنفيذهم للمؤامرة، وفشلوا جزئيًا في فهم أن ميلي والآخرين لم ولن يكونوا أبدًا جنرالات ترامب، لكن هجومهم على الانتخابات كشف عن نظام به نقاط ضعف صارخة؛ حيث قال ميلي في النهاية: "لقد هزوا الجمهورية حتى النخاع؛ هل يمكنك أن تتخيل ما يمكن أن تفعله مجموعة من أشخاص أكثر قدرة؟". 

 

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)


التعليقات (1)
الأكوان المتعددة
الثلاثاء، 09-08-2022 10:37 م
الاقناع مثل الكي لا تريدة لكن لابد منة مثال علئ هذا كلنا نأكل ونحب الطعام لكن لابد أن تجوع وهذا هوا الاقناع لا تريدة لكن لابد منة لذالك علينا جميعا أن نفعل ميزة الاقناع البشرية