تقارير

ذكرى المعركة وبؤس الحياة في مخيم نور الشمس

منظر عام لمخيم نور شمس شتاء عام 2019.
منظر عام لمخيم نور شمس شتاء عام 2019.

يواجه مخيم نور الشمس كل أشكال البؤس والمعاناة مع قسوة الظروف التي تتفاقم مع وجود جنود الاحتلال اليومي حول المخيم وفي أزقته، ما يحول حياة أهالي المخيم إلى جحيم وبؤس.

وحكاية مخيم نور شمس للاجئين بدأت خيوطها الأولى في عام 1952 حين تأسس فوق أرض مساحتها حوالي 226 دونما، وصلت إلى 230 دونما حاليا، على مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الشرق من مدينة طولكرم، وتعود أصول اللاجئين في المخيم إلى قرى مدينة حيفا.

 

                                مدخل مخيم نور شمس

وقبل عام 1952 عاش اللاجئون في خيام في وادي جنين بالقرب من الجنزور إلى أن دمرت عاصفة ثلجية خيامهم عام 1950.
 
وبعد ذلك التجأ السكان إلى المناطق المحيطة بوادي الشاعر، بما في ذلك السجن البريطاني القديم في نور شمس حيث بدأت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ببناء البيوت في عام 1956.
 
وكان قبل عام 1948 عبارة عن حي صغير حمل اسم نور الشمس في مدينة طولكرم، وبعد عمليات التطهير العرقي التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق العرب لجأ الفلسطينيون من قرى حيفا إلى الحي الذي أقيم عليه مخيم حمل نفس الاسم.

وأنشئ في المنطقة سجن تابع لسلطات الانتداب البريطاني عام 1919 سمي بسجن نور شمس، لسجن أصحاب الأحكام القاسية ممن حكم عليهم بالإعدام أو السجن مدى الحياة، ثم أصبح لاحقا معتقلا يسجن به الثوار العرب ممن شاركوا في ثورات 1929 و1936 ضد الانتداب البريطاني، وحدثت قرب السجن معركة في أيار/ مايو عام 1936 بين الثوار العرب والقوات البريطانية سميت "معركة نور شمس"، وكانت أول معركة في ثورة فلسطين الكبرى.

ويشرف المخيم على شارع رئيسي يسمى شارع الرئيس ياسر عرفات (شارع نابلس) في المدينة، ويبعد المخيم عن البحر الأبيض المتوسط إلى الشرق 19 كيلومترا. وهو مكون من قسمين، شمالي وجنوبي، يفصل بين جزئيه سهل ضيق عرضه 300 م، يمر من هذا السهل وادي إسكندرونة، وهذه المنطقة تعتبر جغرافيا ضمن السهل الساحلي الفلسطيني لاتصالها معها من جهة ولعدم ارتفاعها عن مستوى سطح البحر 150 م.

 

              مجرى وادي الزومر بجانب مخيم نور شمس شرقي مدينة طولكرم

ومثل باقي مخيمات الضفة الغربية فقد تأسس المخيم فوق قطعة من الأرض استأجرتها "الأونروا " من الحكومة الأردنية.

وترتبط كافة المساكن بالبنية التحتية لشبكة المياه العامة والكهرباء. كما أن كافة المنازل تقريبا متصلة بنظام الصرف الصحي التابع للبلدية.

ويعاني أهالي المخيم من مشكلة تراكم النفايات في منطقة وادي الزومر المحاذية لبيوت المخيم. ويعتبر الوضع البيئي مشكلة مؤرقة للسكان حيث تشكل هذه النفايات مكرهة صحية دائمة منذ عشرات السنين. كما أن هناك العديد من أهالي مدينة طولكرم والقرى المجاورة الذين يقومون باستخدام وادي الزومر كمكب للنفايات. وقد حاول أهالي المخيم حل المشكلة بما يمتلكونه من إمكانيات من خلال زراعة أطراف وادي الزومر بشجر الكينا للحد من انتشار الحشرات.
 
وانتقل المخيم تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في عام 1998 بعد توقيع "مذكرة واي ريفر" والمرحلة الأولى من إعادة الانتشار الإسرائيلي.
 
وبحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإنه يبلغ عدد سكانه في منتصف عام 2023 نحو 7083 لاجئا، بينما تشير أرقام أخرى إلى أن العدد يناهز الـ19 ألف نسمة تعود أصول أغلبيتهم الساحقة إلى قرى: الكفرين، قنير، صبارين، أم الزينات، إجزم، عين غزال، عرعرة، الغبية، أم الشوف، اللجون، وأم الفحم.
 
ويقدر أن حوالي شخصا واحدا من بين كل خمسة أشخاص في المخيم عاطل عن العمل، وهم يتأثرون من عدم إمكانية الوصول إلى سوق العمل بسبب التضييق الإسرائيلي.
 
وأطلقت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير والوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" العام الماضي مشروع تحسين مخيم نور شمس ضمن المرحلة الثانية من مشروع تحسين مخيمات اللاجئين "بالسيب".
 
ومثل باقي المناطق في فلسطين، يواجه المخيم بشكل يومي اقتحامات شرطة الاحتلال ما يؤدي إلى اشتباك شباب المخيم مع الاحتلال.

 

               الجزء الشرقي من مخيم نور شمس، يظهر مسجد أبو بكر الصديق
 
وفي مسيرة المخيم النضالية الطويلة فإنه ارتقى عدد من أبناء المخيم شهداء فيما يقبع في سجون الاحتلال العشرات من سكانه.
 
أهالي المخيم لا يزالون يستذكرون معركة نور شمس حيث هاجم مسلحون فلسطينيون فرقة من الجنود البحارة الإنجليز، كانت حكومة الانتداب البريطاني قد أحضرتها من قاعدتها الحربية في مصر على الطريق من حيفا إلى نابلس قرب نور شمس، واستشهد فيها اثنان من العرب إضافة إلى مقتل ضابطين بريطانيين.
 
وهم يستذكرون كل ذلك ينظرون إلى جنود الاحتلال الذي يحاصرون المخيم، فيما قلوبهم تشتاق إلى الحرية والاستقلال الوطني، وربما يراود بعضهم حلم العودة إلى قريته الأصلية التي ربما تكون قد دمرت تماما وأقيمت مكانها مستوطنة ومبان يهودية.
 
المصادر
 
ـ مخيم نور شمس للاجئين، الموقع الرسمي لوكالة "الأونروا". 
ـ مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا). 
ـ أهالي مخيم نور شمس يخطون عريضة للمطالبة بحل مشكلة المكرهة الصحية، موقع البيادر السياسي، 4/11/2019. 
ـ الموسوعة الفلسطينية. 


التعليقات (0)