سياسة دولية

صفقة بيع أسلحة أمريكية لمصر تثير شكوكا بنوايا بايدن الحقوقية

جاءت هذه الصفقة رغم انتقادات الكونغرس الأمريكي لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان- جيتي
جاءت هذه الصفقة رغم انتقادات الكونغرس الأمريكي لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان- جيتي

شكلت موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة أسلحة محتملة لمصر، بقيمة إجمالية تزيد على 2.5 مليار دولار، شكوكا حول جدوى الفائدة من حجب واشنطن 130 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي للقاهرة، وشهية النظام المصري لعقد صفقات بمليارات الدولارات مع الدول الكبرى المصدرة للسلاح في العالم.

 

وتأتي الموافقة على الصفقة على الرغم من انتقادات الكونغرس الأمريكي الواضحة لسجل مصر في مجال حقوق الإنسان، وبعد ساعات من دعوة ستة أعضاء ديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى عدم الإفراج عن 130 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي قبل الموعد النهائي في نهاية كانون الثاني/ يناير الجاري لحين الامتثال للشروط التي وضعتها الإدارة الأميركية.

 

وتشمل الموافقة صفقتين من الأسلحة، الأولى بقيمة 2.2 مليار دولار نظير طائرات "سي-130 سوبر هيركوليس" ومعدات خاصة بها، والثانية بقيمة 355 مليون دولار لثلاث رادارات أرضية "إس.بي.إس-48" وقطع غيار ومولدات ومعدات مرتبطة بها، فضلا عن التدريب على استخدامها رادار الدفاع الجوي.

 

وهذه ليست الموافقة الأولى في إدارة بايدن، ففي شباط/ فبراير الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، عن موافقتها على صفقة سلاح لمصر تشمل صواريخ تكتيكية بقيمة 197 مليون دولار.

 

وقالت وزارة الخارجية في بيان حينها ، إن الصفقة المحتملة "ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي غير عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)"، حسبما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

 

توقيت خاطئ ورسالة سلبية

 

وحول دلالات موافقة الخارجية الأمريكية على الصفقتين، يرى مدير الأبحاث في مبادرة الحرية (مقرها واشنطن) عمرو أحمد، أن  "إعلان صفقة تسليح – بهذا الحجم- لدولة تنتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج في ذكرى ثورتهم من أجل الكرامة والحرية يقوض رسائل بايدن المناصرة لحقوق الإنسان بشكل كبير جدا".

 

وأضاف قي تصريح لـ"عربي21": "خصوصا حينما نقارن بين 130 مليون تفكر الإدارة الأمريكية في التحفظ عليها بناء بسبب عدم التزام مصر بوقف انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها الأجهزة الأمنية يرسل هذا الاتفاق رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تقدم الاعتبارات الأمنية فوق أي اعتبارات حقوقية أخرى".

 

وتابع الحقوقي المصري بأنه "بالرغم من أن هذا الاتفاق مزمع منذ سنوات، فإن قرارات بايدن في الأسابيع القادمة المتعلقة بالمعونة وتعيينها وتحديدها ستكون هي المؤشر الحقيقي على مدى جدية مطالباته للنظام المصري في ملف حقوق الإنسان".

 

مبررات واشنطن

 

وبررت الخارجية الأمريكية موافقتها في بيانين حول الصفقتين، بأنها ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة من خلال المساعدة في تحسين أمن حليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي لا يزال شريكا استراتيجيا مهما في الشرق الأوسط، وأن الصفقتين سوف تحسنا قدرة مصر على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، وبالتالي تعزيز قدرتها على الساحة الأمنية والإنسانية. وكانت الخارجية الأميركية قد علقت في أيلول/ سبتمبر الماضي مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 130 مليون دولار على الرغم من ورودها في الميزانية، وذلك بسبب عدم تحقيق تحسن في وضع حقوق الإنسان في البلاد.

 

وفي سياق متصل، وصلت صادرات الأسلحة الألمانية لمصر إلى مستويات قياسية في عام 2021، حيث استوردت مصر حوالي 4.34 مليار يورو من البضائع العسكرية، من أصل 9.35 مليار يورو، صدرتها حكومة برلين إلى دول العالم، وفق الأرقام الرسمية.

 

بايدن "الحائر"

 

وبشأن مدى حاجة مصر إلى هذا الكم الكبير من الأسلحة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد والاقتصاد العالمي، لم يستبعد الخبير العسكري في الجيش المصري سابقا، العميد عادل الشريف أن "تكون جزء من سياسة واشنطن في دعم شركات تصنيع السلاح من جهة، ويؤكد ما يذهب إليه البعض من أنها بهدف شراء شرعية (دعم) دولي".

 

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "الجيش المصري – وغيره من جيوش المنطقة الذين يشترون ويخزنون أسلحة ضخمة - لا يحتاج إلى هذا الكم من التسليح من كل مكان، خاصة أن إستراتيجية السلطات المصرية والتي يدعمها العالم الخارجي تتركز في ما يسمى بمجابهة الإرهاب، ولم تخض أي حرب منذ 1973".

 

اقرأ أيضا: السيسي يخصص 37 جزيرة للجيش المصري.. ما أهميتها؟
 

ووصف الخبير العسكري الموقف الأمريكي "بالمتضارب"، قائلا: "بايدن حائر ما بين ما أخذه على عاتقه من وعود بالضغط على الأنظمة الديكتاتورية كنظام السيسي وبين الضغوط التي يمارسها اللوبي الصهيوني الداعم للنظام المصري، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار ما أثير بشأن زيارة نجل السيسي إلى تل أبيب، وزيارة السيسي إلى أبو ظبي، كما أن هذا التخبط له علاقة بترتيبات يُجرى الإعداد لها بالمنطقة".

 

  

 

مواقف أمريكية متناقضة

 

بدوره، اعتبر المتحدث باسم الجمعية المصرية الأمريكية للديمقراطية وحقوق الإنسان، سعيد عباسي أن "الموافقة علي صفقة أسلحة أمريكية لمصر هي خطوة متناقضة تماما مع مزاعم إدارة بايدن بشأن ملف حقوق الإنسان، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، لكن في ظل الظروف الاقتصادية العالمية لا أعتقد أن هناك دولة ترفض بيع أسلحة خصوصا الولايات المتحدة التي تعاني من تضخم جراء جائحة كورونا".

 

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "من جهة أخرى دأب نظام الانقلاب في مصر على رشوة الدول التي تنتقد سياساته القمعية والمعتقلين وما يحدث من انتهاكات حقوق الإنسان، وقد وافقت الخارجية على الصفقة بحجة تحسين قدرات مصر الدفاعية في مواجهة التهديدات الحالية، التي لا أعلم ماذا تكون، لكنها كما تبدو مبررا هزيلا لتمرير الصفقة حيث اعتبرت مصر شريكا استراتيجيًا مهما في الشرق الأوسط وسط معارضة شديدة من بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي".

التعليقات (0)