كتاب عربي 21

ازدراء الأديان!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
أعتقد أن أسعد الناس بصدور حكم الحبس في قضية ازدراء الأديان مؤخراً، هو ذاته من صدر ضده الحكم، فآن له أن يهتف لنفسه: "صبرت ونلت"!

وفي أجواء لا تساعد كثيرين على الشهرة إلا إذا تحولوا إلى حواة، وهبطوا بالأداء لمستوى الشعبوية، فإن صدور مثل هذا الحكم يكون اختصاراً للمسافات، ومكافأة نهاية الخدمة، خدمة المرء لذاته، من أجل بلوغ الانتشار الواسع والشهرة العريضة!

لقد كان صدور الحكم بحبس أحمد عبده ماهر، بتهمة ازدراء الأديان، هو ما يفوق أكثر أحلامه جنوناً. وقد تابعته عبر صفحته على "فيسبوك" لعدة سنوات، فوجدته يوشك أن يمزق ملابسه ويخرج للناس عارياً من أجل الشهرة، وعندما لم تسعفه الظروف، قام بادعاء أمور لم تحدث، مثلما نشر، فأوبت المواقع معه، أن مجلس الدولة قبل طعنه بإلزام شيخ الأزهر بتغيير المناهج أو شيء من هذا القبيل، والإيحاء بأن قبول الدعوى يعني الحكم، وهذا غير صحيح؛ فشتان بين الحكم بقبول الدعوى شكلاً، والفصل في الموضوع رفضاً أو تأييداً، وبين أن تقوم الموظفة الإدارية بقبول عريضة الدعوى بمجرد دفع الرسوم، وهو إجراء روتيني، لأن قلم كتاب المحكمة ليس مخولاً للفصل برفض الاستلام، ولا يعني استلام العريضة الفصل في موضوعها!
في أجواء لا تساعد كثيرين على الشهرة إلا إذا تحولوا إلى حواة، وهبطوا بالأداء لمستوى الشعبوية، فإن صدور مثل هذا الحكم يكون اختصاراً للمسافات، ومكافأة نهاية الخدمة، خدمة المرء لذاته، من أجل بلوغ الانتشار الواسع والشهرة العريضة!

الغش والتدليس

وإذ كان من الجائز أن يقع في هذه الأخطاء بعض المحررين الصغار في المواقع الإلكترونية، فقد كان لافتاً أن من فعل هذا يعمل بالمحاماة، أي أنه يدرك أنه يدخل الغش والتدليس على الناس. وقد دخلت على صفحته وعلقت عنده بأنني أتحداه أن يبرز بما يفيد قبول الدعوى بالمعنى القانوني، بيد أنه لم يفعل ولم يسكت عن ترويج ذلك!

وشخص هذا سلوكه لا بد أن تكون شهوة الشهرة قد تمكنت منه على نحو يدفعه لهذا الادعاء، الذي جعله حديث المواقع والصحف، وقد ذهب بعيداً في الشعبوية من أجل استفزاز العامة، ووجد المنابر الإعلامية مفتوحة له، لأسباب يطول شرحها، ثم يجد من يقدم ضده بلاغاً بازدراء الأديان، ليحصل على الحكم بسجنه خمس سنوات، الأمر الذي مكنه من ذكر اسمه على نطاق واسع، مسبوقاً بلقب المفكر الإسلامي، لا الكاتب أو الباحث، ولكن "مفكر" هكذا!

وفي جميع الأحوال، فإن الحكم أصدرته محكمة أول درجة، بمعنى أنه ليس قابلاً للتنفيذ، وإلى أن تفصل المحكمة الأعلى سيكون قبلة لوسائل الإعلام المحلية والدولية. وقد ينزل حكم الاستئناف بالحكم إلى سنة واحدة يعتبرها فترة للتأمل، في سجن مريح، وقد يصدر له قرار بالعفو أو البراءة، وفي جميع الأحوال فقد فاز باللذات التي يفوز بها كل مغامر!

المفكرون الجدد
لا يوجد أحد من هؤلاء المفكرين الجدد يخترع كلامه، لكنها أقوال قالها السابقون، فيكررونها هم للأجيال الجديدة التي تسمع بها لأول مرة

لا يوجد أحد من هؤلاء المفكرين الجدد يخترع كلامه، لكنها أقوال قالها السابقون، فيكررونها هم للأجيال الجديدة التي تسمع بها لأول مرة. والحديث عن عدم وجود عذاب القبر قاله قدامى، وتبناه الدكتور أحمد صبحي منصور ونشره في بداية التسعينات، تماماً كما أن الموقف الذي يردده الجدد عن الحجاب، وحجية الحديث، فلدى المستشار سعيد العشماوي كتاب في هذا الموضوع، وهذه الحجية للحديث كانت هي المشروع الأثير للدكتور منصور، الذي اعتقل في منتصف الثمانينات بتهمة انكار السنة، وأفرج عنه سريعاً!

بيد أن الأولين كانوا أكثر ثقلاً ورصانة من "فهلوة " المفكرين الجديد الذين ربما تستهويهم العناوين، دون المتون، لأن أياً منهم لا يستطيع أن يصيغ فكرة مكتملة، لذا فهم يعتمدون على الخطاب الشفهي، وباعتماد السوقية في الأداء، فلا تعرف ما إذا كان حديث فكر وعلم، أم منازلة بين جزارين في المذبح!

وإذ يتعامل أحمد عبده ماهر كما لو كان مخترعاً بإنكار المعراج، فهذا رأي ساقه في منتصف الثمانينات الدكتور أحمد شلبي، وكان الرد عليه من قبل علماء الأزهر بأن العلم الديني لا يؤخذ من أساتذة التاريخ الإسلامي، ولعل من قال هذا هو زميله في كلية دار العلوم، الدكتور عبد الصبور شاهين! دعك من الحديث عن أن أبا حنيفة أحلّ البيرة، فهذا قول شائع يعيد إنتاجه مجموعة من المفكرين الجدد بهدف الإثارة الصفراء!

تدوير الدهشة

ولنكون هنا أمام أمرين: الأول، إن بعض هذه الأفكار لها أصل، بعيداً عن أداء المفكرين الجدد، وبالتالي لا يجوز التعامل مع ترديدها على أنها تندرج تحت عنوان ازدراء الأديان، ولو اتسع الباب لصار كل اجتهاد مما يقع تحت طائلة هذا الاتهام القانوني، ويكون الرد العلمي على هذه الأفكار مطلوباً، حتى لا تجد بين الحين والآخر من يكررها وكأنها فتح في مجال الفكر، وفي كل مرة يندهش الجيل، وجيل يسلم الدهشة للجيل الذي يليه، ومع تعاقب الأجيال يتحول الأمر من اجتهاد يناقشه العلماء، إلى مادة لمن مهنتهم "الردح" في استوديوهات القنوات التلفزيونية، وهذا هو الأمر الثاني! وهو هبوط بالأداء يهين لقب "مفكر".. انظر إلى أداء المفكرين المصريين، ومن محمد عمارة إلى نصر حامد أبو زيد، ومن طه حسين إلى حسن حنفي، لتقف على الفرق بين الرقي والتحضر وما دونهما!

ومما يؤسف له أن هجوم العامة على هؤلاء إنما هو غاية المراد، لأنه يحقق أحلامهم في الشهرة الرخيصة، على طريقة نجوم الغناء، ليس أم كلثوم، وفريد، وعبد الوهاب، أو حتى نجاة، وفيروز، وعزيزة جلال، وإنما على طريقة شاكوش، وحمو بيكا، وشواحة، وكزبرة، وشطة!

مفكرو آخر زمن!
مما يؤسف له أن هجوم العامة على هؤلاء إنما هو غاية المراد، لأنه يحقق أحلامهم في الشهرة الرخيصة، على طريقة نجوم الغناء

سطور أخيرة:

بعد عامين من حبسه، تجديد حبس هشام عبد العزيز الصحفي في الجزيرة مباشر 45 يوماً.

أتحدى أن يكشفوا كلمة واحدة تمثل دليل إدانة لـ"هشام"، لكن من الواضح أننا أمام تجربة المليشيات الصومالية في التعامل مع من يتم اختطافهم!

فالمطلوب فدية على كل رأس!

twitter.com/selimazouz1
التعليقات (3)
السيد عبدالعال
الأربعاء، 01-12-2021 02:09 م
طبعا ناقشت شخص احمد عبده ماهر وسعيه للشهره الرخيصه علي حد تعبيرك لكنك لن تناقش الأفكار التي يطرحها وانتقاده للتراث الذي يسيء للاسلام
الكاتب المقدام
الإثنين، 29-11-2021 05:26 م
*** دأبت آلة الدعاية السيساوية الانقلابية عبر منابرها الإعلامية، على شغل الجماهير ببشخصيات تافهة، والنفخ في موضوعات فارغة، وافتعال معارك دون كيشوتية وهمية مصطنعة، يطرب لمتابعتها الدهماء من العامة، إلهاءً للجماهير عن التفكير في حاضرهم المزري، وتغييباُ لعقولهم عن الفقر والعوز الذي يعيشون فيه بسبب انحراف وفساد وعمالة حكامهم، ومسرحيات ازدراء الأديان التي تظهر من حين لآخر هي قضايا مصطنعة، تهدف لإظهار الحاكم الأوحد بأنه المدافع عن الدين وحامي حوزته والمسئول المتفرد عنه، وتلك الاتهامات توجه حسب الحاجة ضد شخصيات تافهة ومسوخ موجهة، صنعت على أيديهم، وترك لها المجال لتصول وتجول في وسائل الإعلام المملوكة والموجهة لدولة الانقلابيين لتزيد من شهرتهم ولتروج لأفكارهم، ولم نسمع مثلاُ أن هناك من رد أو انتفض من المؤسسات الدينية الرسمية عندما صرحت المقبورة نوال السعداوي بأنها لم تجد في نصوص الكتب السماوية بعد أن درستها لسنوات إلا التناقض والمحسوبية الذكورية، بل تم الاحتفاء بها واعتبارها فقيدة الدولة الرسمية، كما أن ممثلة الإغراء إلهام شاهين التي احتفى بها السيسي بنفسه وطالبها مع ربيباتها ومن سار على نهجها بأن يصححوا للناس مفاهيمهم الدينية، وقد أكدت باستجابتها وأنها ستصحح لنا ديننا، وهي التي تصرح علناُ في وسائل الإعلام بأنها لا تخرج من منزلها إلا وصنم السيدة العذراء في حقيبتها لتتبرك به، ولم نجد من الأزهر أو دار الإفتاء من يرد عليها، كما أن سيد القمني الذي فتحت له أبواب مجلات وزارة الثقافة على مصراعيها، وقدمته كذباُ باعتباره المفكر الإسلامي الهادف لتجديد الدين واصلاحه، وقد صرح القمني علناُ مؤخراً بعد أن مل وزهد في لعب دور المصلح الديني، بأنه ملحد وكان ملحداُ، ولكنه لم يظهر إلحاده حتى يستمع المسلمون له ويتقبلوا آرائه، وقد قال الجنرال الانقلابي الدجال السيسي مثل ذلك، عندما قال بضرورة أن يغير المسلمين رأيهم في ما قدسوه لمئات السنين، والمسلمون لا يقدسون إلا كتاب الله وسنة رسولهم، كما اتهم السيسي كل المسلمين بالإرهاب وبأنهم يريدون قتل الناس جميعاُ، ولم يجد من مئات العمم الأزهرية الحاضرة إلا التصفيق، فالسيسي هو دجال العصر الأكبر وأمثال الضابط السابق احمد عبده ماهر ليس إلا جندي صغير من اتباعه والمروجين لدجله والعاملين بأمرته، ونهايتهم جميعاُ قريبة، والله أعلم.
طارق
الإثنين، 29-11-2021 12:28 م
محامي ذو خلفية عسكرية مخابراتية اعتقد ان معرفتة بالدين توازي معرفة ابو المعاطي بتاع الكفتة في الطب