كتب

كتاب لتصحيح المسارات في طريقة قراءة التاريخ الفلسطيني

دراسات في تاريخ فلسطين.. جهد علمي لإنتاج تاريخ موثق حول فلسطين- (عربي21)
دراسات في تاريخ فلسطين.. جهد علمي لإنتاج تاريخ موثق حول فلسطين- (عربي21)
صدر عن دار الناشر، رام الله، فلسطين، 2019، وبتمويل من "البيت الدنماركي" في فلسطين، كتاب "الماضي العَصيّ: دراسات في تاريخ فلسطين"، وهو مجموعة من المحاضرات التي ألقاها كل من توماس ل. تومبسون، وإنغريد يلم، في مجموعة من الجامعات الفلسطينية، وقدم له د. حمدان طه، ونقله للغة العربية، رانية فلفل المبيض، وجمانة كيالي عباس.
 
يقع الكتاب في 132 صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من مقدمة د. حمدان طه، وعشر محاضرات، ألقيت في جامعة الخليل، والمدرسة التوراتية، والمتحف الفلسطيني في بيرزيت، ودائرة التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت، ودائرة الآثار في جامعة القدس أبو ديس، والجامعة العربية الأمريكية في جنين؛ برعاية البيت الدنماركي في رام الله. كتب ستّا منها توماس تومبسون، بينما كتبت إنغريد يلم الأربع الباقية. 

محور الكتاب، هو، "تصحيح المسارات في طريقة قراءة التاريخ الفلسطيني، وتوضيح الفروقات التي أحدثتها الاكتشافات الأركيولوجية بين فكرة (إسرائيل) القديمة و(إسرائيل) التوراتية".

في الفصل الأول، تقدم إنغريد يلم، "مشروع تاريخ فلسطين وتُراثها"، الذي تأسس "في العام 2014 لتحقيق غايتين وهما: إنتاج تاريخ موثوق به لفلسطين، وتقديم هذا التاريخ كأساس لإنتاج كتب تتبع مدرسة جديدة من شأنها أن تعلي تاريخ فلسطين المتعدد الأصوات والأوجه بطريقة مبنية على الدليل العلمى بدلا من الانغماس في جذور التفسير الديني التقليدي" (ص 9). وتعرض الباحثة المناقشات التي دارت في مجموعات العمل.
  
يعرض توماس تومبسون، في الفصل الثاني، "المنْهَجِيات والمواضيع التي يُغطيها مشروع تاريخ فلسطين وتراثها"، الأسس المنهجية لمشروع تاريخ فلسطين، فيعده الباحث "مشروعًا بحثيا دوليًا متعدد التخصصات، ينحى مسار المراجعة النقدية لتاريخ المنطقة المستند إلى التوراة، والمُجه ببوصلة التاريخ التقليدي ذات التمحور حول الأصول العرقية، وبهذا فإن المشروع يدعم بناء رواية لتاريخ فلسطين منذ بدء الاستيطان البشري حتى يومنا هذا" (ص 21).

في الفصل الثالث، بعنوان "هل يمكن كتابة تاريخ فلسطين؟"، يحاول توماس تومبسون الإجابة على هذا السؤال، بتعقب السجال الفكري حول تاريخ "إسرائيل"، وتاريخ فلسطين منذ ستينيات القرن الماضي، "إن كتابة تاريخ (إسرائيل) استناداً إلى الرواية التوراتية هي أمر إشكاليّ، لأن هذه الروايات رمزية. كذلك فإن كتابة تاريخ فلسطين سيكون إشكاليا ما دامت نظرتنا تجاه أبحاثنا التاريخية والأثرية تشجعنا على قراءة أساطير التوراة كأنها قصص حقيقية حدثت في الماضي" (ص 41).
 
أما الفصل الرابع، بعنوان "المملكة الموحدة ومفهومها المخادع منذ الأزل: مناحٍ من الجدل بين اتجاه الحد الأدنى (المقللين)، واتجاه الحد الأقصى (المُبالغين) في دراسة التوراة"، تناقش إنغريد يلم، قضية الدولة الداوودية ـ السليمانية، التي تنفيها الاكتشافات الأثرية، فقد "وصلت قضية المصداقية التاريخية لمملكة داوود وسليمان إلى الحضيض" (ص 50). 

ولكن هناك من يحاول "إنقاذ بعضٍ من الصفة التاريخية للتوراة، يميل بعض العلماء بحذر إلى وجود مملكة أو مشيخة داوودية صغيرة" (ص 51). 

يأتى الموقف الوسيط بشأن المملكة الموحدة، الذي "ينفي وجود المملكة الداوودية ـ السليمانية التوراتية (...) [ويعود بها إلى] ما اختلقه اليهود في الحقبة الفارسية، وخاصة الكتب التي ألفوها حول تاريخهم" (ص 52).
  
في الفصل الخامس، بعنوان "أين الخطأ في علم الآثار التوراتي؟" يعرض توماس تومبسون، قراءة التوراة كما لو كانت تاريخ فلسطين القديم، فـ "منذ العام 1925، تعبر القومية الصهيونية عن نفسها من خلال فهم توراتي ـ أثري لـ (إسرائيل) القديمة، باعتبارها تمثيلاً لشعب كان موحداً في فيدرالية تضم اثني عشر سبطاً، ما يعكس المطالبة بفلسطين، وما يعكس شعب أرض (إسرائيل)" (ص 59). 

وبحسب توماس، يجب إعادة كتابة تاريخ فلسطين، "بشكل مستقل عن منظور الروايات التوراتية" (ص 60). ويتطرق الباحث إلى "علم الآثار التوراتي الأولبراتي"، منذ أن "وضع أولبرايت محاولته لخلق تاريخ قائم على الانسجام بين الكتاب المقدس والآثار" (ص 63). و"على الرغم من انهيار الحجج القديمة لـ (علم الآثار التوراتي الأولبراتي) إلا أن هناك عالمي آثار سعيا لإنقاذ ما تبقى من (إسرائيل) القديمة التقليدية، وهما إسرائيل فنكلشتاين وويليام ديفر" (ص 65).

في الفصل السادس، بعنوان "الآثار التوراتية وإسرائيل غير اليهودية"، تناقش أنغريد يلم، التمييز بين (إسرائيل) التاريخية والتوراتية والقديمة. فـ "(إسرائيل) التوراتية التي تحولت في نهاية الألف الأولى إلى (إسرائيل) اليهودية، كانت بعيدة عن المطابقة مع (إسرائيل) التاريخية" (ص 73).

أما الفصل السابع، "كتابة تاريخ ماضٍ أسطوريّ"، تعكس محاضرة تومبسون هذه، فهما "للتغيرات التي طرأت خلال الخمسين سنة الماضية فيما يتعلق بفهم الرواية التوراتية وكتابة تاريخ لفلسطين" (ص 83). وبحسب الباحث، "يتبين أن علم الآثار والرواية التوراتية مجالان منفصلان ومختلفان عن بعضهما البعض" (ص 88).

في الفصل الثامن، "القصص التوراتية هي تراث فلسطيني أيضاً"، يتناول توماس تومبسون، تطور اليهودية القديمة في فلسطين خلال العصرين الفارسي والهيليني. يقول تومبسون: "لم يتم تأليف توراة السامريين والكتاب المقدس اليهودي والمسيحي في الأصل كأدب سامري ويهودي، ولا ينبغي النظر إلى تأليفهما كأمر غريب عن تراث الفلسطينيين؛ فالتقاليد الفكرية التوراتية كانت هي التعبير الكتابي عن التراث الفكري الشرقي القديم لفلسطين" (ص 103). 

الفصل التاسع، "ذكريات عيسو: رمزية الصراع والمصالحة"، يحلل توماس تومبسون، رواية الصراع الخاصة بيعقوب في التوراة، لمحاولة فهم الصراع بين إدوم ويهودا ، بالقول: "هي ثالث مثال على شكل الحكايات القائم في سفر التكوين ضمن خطاب استعاري حول أدوم والأدوميين، وهو يشكل خطاباً منفرداً، تشترك به قصة خلق قابيل، والحكاية النظيرة لها، والتي تربط لوط بسدوم. فالشقيقان، قابيل وهابيل لهما دوران ثنائيان: الأخ الأكبر مزارع والأصغر راعٍ (...) في قصة الإبنين التوأمين لإسحاق، فإن الأخ الأكبر عيسو، ذا البشرة الحمراء والشعر الكثيف، هو صياد في البادية، بينما الأخ الأصغر يعقوب، ذو البشرة الناعمة، هو راعٍ يسكن في الخيمة" (ص 111).
 
أما الفصل العاشر، "القُدْس / هيوروسوليما والخطاب اليَهوديّ حول القَوميّة في الحِقبتين الهلنستية والرومانية"، تحاول إنغريد يلم، فهم الخلفية التاريخية لنشأة القومية اليهودية في الحِقبتين الهلنستية والرومانية. فـ "منذ سيطرة السلوقيين، رَوج المؤلفون اليهود لأفكار الاستقلال وحُلم "الأسبط الإثني عشر"، و"أرض الميعاد التي مُنحت لآبائهم". وأسهبت الأدبيات في القرن الثاني ق.م. في وصف رؤىّ مثالية للقومية وعظمة كتابات النبوءات، حتى تحولت القدس وهيكلها إلى أهم رموز الاستقلال السياسي القومي" (ص 123).
 
أخيرًا، يعد هذا الكتاب، بحسب د. حمدان طه، "مجلدًا إضافيا يلحق بالمناهج النقدية لتاريخ فلسطين، وتعد أيضاً مجلداً تقديمياً لمشروع تاريخ فلسطين وتراثها، يسعى لكتابة تاريخ شامل وكامل لفلسطين مستنداً إلى الأدلة" (ص 6). 

التعليقات (0)