سياسة تركية

لماذا ارتأت أنقرة أن "بيان المتقاعدين" يحمل ملامح انقلاب؟

أردوغان قال إنه لا يمكن تقييم بيان الضباط المتقاعدين في إطار حرية التعبير- الأناضول
أردوغان قال إنه لا يمكن تقييم بيان الضباط المتقاعدين في إطار حرية التعبير- الأناضول

قوبل "بيان مونترو" لضباط متقاعدين أتراك، بردود فعل حادة من الحكومة والأوساط التركية، والتي ارتأت أنه يحمل "ملامح انقلابية" وفيه لغة تهديد وتحذير من شخصيات ليس لديها أي وصف سياسي بالبلاد.

 

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال أمس: "لا يمكن تقييم بيان الضباط المتقاعدين في إطار حرية التعبير التي لا تشمل توجيه عبارات تهدد الإدارة المنتخبة".

 

وأشار إلى أن بعض الضباط الموقعين على البيان أدلوا بتصريحات مشابهة منذ فترة طويلة عبر وسائل الإعلام، وأنهم لم يتعرضوا لأي مضايقات من قِبل الدولة نتيجة تلك التصريحات، مشيرا إلى أن "تلك التصريحات تعتبر في نطاق حرية التعبير أما إصدار بيان في منتصف الليل فهو سلوك يعبر عن نيات سيئة".


ولفت الرئيس التركي إلى أن مناقشة "اتفاقية مونترو" لا يكون عبر نشر بيانات إنما عبر الفعاليات الأكاديمية.

 

الكاتبة التركية كوبرا بار، قالت في مقال على صحيفة "خبر ترك"، إن هناك أربعة أخطاء وقع بها الأدميرالات المتقاعدون، والبيان إن لم يكن يحمل "نوايا سيئة" فهو ناجم عن عدم إدراك للحقيقة.

 

وأوضحت أن الخطأ الأول الذي وقع فيه الضباط المتقاعدون، هو أنه لا يوجد على الأجندة نقاش بشأن احتمالية الانسحاب من اتفاقية مونترو، مشيرة إلى أن هناك "تحريفا" لتصريحات رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب.

 

اقرأ أيضا: أردوغان يهاجم "الضباط المتقاعدين" ويوضح موقفه من "مونترو"
 

وقال رئيس البرلمان التركي، في مقابلة تلفزيونية على قناة "خبر ترك"، إن الرئيس أردوغان لديه الصلاحية بالنظام الجديد، الموافقة على أو إلغاء الاتفاقيات الدولية الموافق عليها البرلمان منذ 1936، وكان تعليقه ردا على تساؤل من الصحفي بشأن إمكانية الانسحاب من اتفاقيات بما فيها "مونترو".

 

ورغم تأكيد شنطوب بعد ذلك على أنه لم يقصد في حديثه الانسحاب من اتفاقية "مونترو"، فقد استمرت عملية "التشويه" ضده، ورأى البعض أنه تراجع عن تصريحاته بسبب الانتقادات.

 

أما الخطأ الثاني، فهو التلميح لقضية "الأدميرال في العباءة"، وأشارت الكاتبة إلى أن المتقاعدين الأتراك أطلقوا بيانهم رغم أن وزارة الدفاع التركية أعلنت في وقت سابق أنها تجري تحقيقا حول ظهور أدميرال في مركز العيادة وهو يرتدي عباءة.

 

أما الخطأ الثالث بحسب الكاتبة، فهو الطريقة التي تم نشر البيان بها، وبالنظر إلى نصه فإنه لا يحمل تهديدا مباشرا بالانقلاب، لكن كانت صياغته بلغة فوقية.

 

وتساءلت: "إن لم يكن هدفهم التلويح بالانقلاب فهل يعقل أن ١٠٤ جنرالات لم يفكروا بأن البيان الذي أصدروه منتصف الليل سيوحي بالانقلاب؟ لا نعتقد أنهم ساذجون وأغبياء لهذا الدرجة".

 

وتابعت بأن البيان في منتصف الليل، جاء بالتزامن مع قضاء الرئيس التركي عطلته الأسبوعية في مارمريس، وهو أيضا يثير الشكوك.

 

وحول الادعاء بأن الأدميرالات الموقعين على البيان هم متقاعدون، ولذلك ليس لديهم القدرة على القيام بانقلاب، أوضحت الكاتبة بار، أنه يعد رأيا غير صحيح، لأن محاولة الانقلاب الفاشلة للكولونيل طلعت آيديمير عام 1963 كانت برفقة جنود متقاعدين، وهو الخطأ الرابع للبيان.

 

وأشارت إلى أنه سواء كان الغرض من البيان إعلان انقلاب أم لا، فإن نصه لا يمكن تبريره، وهو مرفوض تماما لأنه يثير الذكريات المؤلمة من الماضي من حيث أسلوبه.

 

الكاتب التركي، عبد القادر سيلفي، كتب في مقال على صحيفة "حرييت"، أن أرضية الانقلاب لا يتم تحضيرها في يوم واحد، فهي عملية تبدأ باستفزاز الجنود بالمنشورات والبيانات والتصريحات، ويتم تشكيل مجالس عسكرية داخل القوات المسلحة التركية.

 

وأضاف أنه لا يمكن التفاجؤ بأن بيان الأدميرالات يحمل ملامح الانقلاب، فمن أشعل فتيل انقلاب 28 شباط/ فبراير هم أدميرالات في الجيش.

 

وأوضح أنه كان قائد القوات البحرية "غون أركايا" أعطى أول إشارة في 28 شباط خلال مأدبة أقامها رئيس الوزراء التركي السابق نجم الدين أربكان لأعضاء مجلس الشورى العسكري.

 

وأشار إلى أن رئيس الأركان التركي إسماعيل كاراداي في انقلاب 28 شباط/ فبراير، علم من أجهزة التلفزيون أن الدبابات كانت تسير في سنجان بأنقرة، وانقلابيو 27 أيار (انقلاب 1960) لم يسحبوا أيديهم من القوات التركية، وكان طلعت آيديمير متقاعدا عندما حدثت محاولة الانقلاب الثانية، وإن منفذي انقلاب 9 أذار/ مارس (انقلاب 1971)، كانوا عسكريين متقاعدين أعضاء في لجنة الوحدة الوطنية، ولكن لأن الانقلاب موجود في كيانهم، تعاونوا مع البعض من داخل الجيش وحاولوا الانقلاب، ومن الواضح أن بيان الأدميرالات المتقاعدين يأتي ضمن هذا الهدف.

 

وأضاف أن الانقلابيين في الماضي، كانوا يجدون التبريرات لتغطية أفعالهم، والأدميرالات المتقاعدون جعلوا اتفاقية مونترو غطاء لتحركهم.

 

اقرأ أيضا: توقيف أدميرالات بتركيا على خلفية "بيان المتقاعدين"
 

وأشار سيلفي إلى أن الأدميرالات المتقاعدين كانوا يدافعون عن "مونترو" منذ اليوم الأول الذي برز فيه الحديث عن مشروع قناة إسطنبول، وبعد تصريحات رئيس البرلمان برزوا مجددا على شاشات التلفاز، ولم يمنعهم أحد.

 

وتساءل قائلا: "ما الذي لم يستطيعوا إيصاله؟.. هل شعروا بأن هناك حاجة إلى التهديد بانقلاب؟".

 

وشدد على ضرورة محاسبة من صاغوا هذا البيان بسبب تحريضهم على الانقلاب، وعدم التسامح معهم لأن ذلك قد يكون له تأثيره في المستقبل كما حدث مع انقلاب 28 شباط (1997)، حيث تمت حماية اللواء عثمان أوزبك الذي شتم رئيس الوزراء أربكان، وتبع ذلك ضعوط عليه ما اضطر رئيس الوزراء المنتخب إلى الاستقالة.

 

وأضاف أن الأمر ذاته تكرر سابقا في انقلاب 27 أيار/ مايو (1960)، في عهدالرئيس جلال بايار، عندما قام تسعة ضباط بحوادث مماثلة، وأكد في حينها بايار أن "الأمر خطير، وأن المجالس العسكرية في الجيش قد انتشرت" وطالب بالتحرك لمواجهتها ولكن هذا لم يحدث، ولم تتم محاسبة الضباط التسعة الذين كانوا مشاركين في الانقلاب.

 

وتابع سيلفي قائلا: "يجب إجراء تحقيق مع الأدميرالات الـ104 بشكل جدي، لأن هذا البيان قد يكون إشارة، وهناك نقطة مهمة أن لديهم أيضا ارتباطات داخل القوات التركية، ومن بينهم أيضا شخصيات شاركت في اتقلاب 28 شباط".

 

وشدد على أن تصريحات الرئيس التركي جلال بايار، أنه "لو تمت محاسبة الضباط التسعة، لما كان انقلاب 27 أيار/ مايو"، يجب أن تكون حلقة في أذن الحكومة التركية.

التعليقات (0)