طب وصحة

NYT: كيف أضاعت الدول الغنية جميع فرص تلقيح العالم؟

حذر خبراء من أن انتظار مليارات الأشخاص سنوات لتلقي اللقاح يشكل تهديدا صحيا- CC0
حذر خبراء من أن انتظار مليارات الأشخاص سنوات لتلقي اللقاح يشكل تهديدا صحيا- CC0

سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الضوء على براءة اختراع سيتم إصدارها قريبا، وهي إنجاز هندسي جزيئي، يقع في قلب خمسة لقاحات رئيسية على الأقل لمكافحة فيروس "كوفيد-19"، وستتحكم الحكومة الأمريكية فيها.


وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إنه "من المتوقع أن تزيد النفوذ على شركات الأدوية المنتجة للقاحات، وتضغط عليها لتوسيع حصول البلدان الأقل ثراء على اللقاحات"، متسائلة: "هل ستفعل الحكومة الأمريكية أي شيء في هذا الصدد؟".


ولفتت الصحيفة إلى أن التطوير السريع للقاحات "كوفيد-19"، الذي تحقق بسرعة قياسية وبتمويل ضخم في أمريكا والاتحاد الأوروبي وبريطاني، يمثل انتصارا كبيرا في فترة الوباء، منوهة إلى أن الحكومات دخلت في شراكة مع صانعي الأدوية، وضخت مليارات الدولارات لشراء المواد الخام وتمويل التجارب السريرية، وتعديل المصانع.


وذكرت أنه "تم تخصيص مليارات الدولارات أيضا لشراء المنتج النهائي"، مستدركة بأن "النجاح الغربي تسبب بظلم صارخ، حيث تلقى سكان البلدان الغنية والمتوسطة الدخل حوالي 90 بالمئة من حوالي 400 مليون لقاح تم تسليمها حتى الآن".


وتابعت: "على هذا المنوال ستضطر العديد من الدول المتبقية الانتظار لسنوات"، مشيرة إلى أن هناك دعوات متزايدة من مسؤولي الصحة في جميع أنحاء العالم، للحكومات الغربية، إلى استخدام نفوذها، لإجبار الشركات على نشر وصفات اللقاحات، ومشاركة خبرتها وتكثيف التصنيع.


وأكدت أن المدافعين عن الصحة العامة يلتمسون المساعدة، بما في ذلك مطالبة إدارة بايدن باستخدام براءة اختراعها للضغط من أجل وصول أوسع للقاح، مشددة على أن الحكومات الغربية قاومت ذلك، وساعدت شركات الأدوية، من خلال شراء حاجاتها من جرعات اللقاح، وتجاهل المساعدة في وصولها للبلدان الفقيرة.

 

اقرأ أيضا: أوروبا تقترب من مناعة القطيع والصحة العالمية: عنصرية لقاحات


وقال عالم الأوبئة بجامعة ييل، غريغ غونسالفيس، إن "احتمال انتظار مليارات الأشخاص سنوات لتلقي التطعيم يشكل تهديدا صحيا حتى لأغنى البلدان".


ويقول مسؤولو الصحة الغربيون إنهم لم يقصدوا أبدا استبعاد الآخرين. ولكن مع مواجهة بلدانهم أعدادا هائلة من الوفيات بسبب الفيروس، كان التركيز على الداخل. وقالوا إن مشاركة براءات الاختراع لم تناقش أبدا.


ويقول منصف السلاوي، الذي كان كبير المستشارين العلميين لعملية Warp Speed، وهو برنامج لإدارة ترامب يمول البحث عن لقاحات في أمريكا: "لقد كان ذلك تمحورا أمريكيا. لم تكن معاداة لبقية العالم (..)، واتفق الجميع على أن جرعات اللقاح، بمجرد تقديم الخدمات لأمريكا، ستذهب إلى أماكن أخرى".


الرئيس بايدن وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، مترددان في تغيير المسار. وعد بايدن بمساعدة شركة هندية على إنتاج حوالي مليار جرعة بنهاية عام 2022، وقد تبرعت إدارته بجرعات للمكسيك وكندا. لكنه أوضح أن تركيزه على أمريكا.


قال بايدن مؤخرا: "سنبدأ في التأكد من رعاية الأمريكيين أولا، لكننا سنحاول بعد ذلك مساعدة بقية العالم".


قد يُنظر إلى الضغط على الشركات لمشاركة براءات الاختراع، على أنه تقويض للابتكار أو تخريب لشركات صناعة الأدوية أو اختيار معارك طويلة ومكلفة مع الشركات ذاتها التي تبحث عن مخرج من الوباء.


وبينما تكافح الدول الغنية للحفاظ على الأشياء كما هي، فقد نقلت دول أخرى مثل جنوب أفريقيا والهند المعركة إلى منظمة التجارة العالمية، سعيا وراء التنازل عن قيود براءات الاختراع الخاصة بلقاحات كوفيد-19.


وفي الوقت نفسه وعدت كل من روسيا والصين بملء الفراغ كجزء من دبلوماسية اللقاح. على سبيل المثال، دخل معهد الجمالية في موسكو في شراكات مع منتجين من كازاخستان إلى كوريا الجنوبية، وفقا لبيانات من شركة Airfinity، وهي شركة تحليلات علمية، ومنظمة اليونيسف. توصلت شركات تصنيع اللقاحات الصينية إلى صفقات مماثلة في الإمارات والبرازيل وإندونيسيا.


وقالت الصحيفة إن "معالجة البراءات لن تحل في حد ذاتها اختلال التوازن في اللقاح. سيستغرق تحديث أو بناء المصانع وقتا. كما أنه يجب تصنيع المزيد من المواد الخام. وسيتعين على المنظمين المصادقة على خطوط الإنتاج الجديدة".


وأشارت إلى أنه لمعالجة هذه المشاكل، أنشأت منظمة الصحة العالمية مُجمعا تكنولوجيا العام الماضي لتشجيع الشركات على تبادل المعرفة مع الشركات المصنعة في الدول ذات الدخل المنخفض، ولكن لم تشترك أي شركة لقاح في المجمع.


وقال جيمس لوف، الذي يقود مؤسسة Knowledge Ecology International، وهي منظمة غير ربحية: "المشكلة هي أن الشركات لا تريد أن تفعل ذلك.. والحكومة ليست صارمة بما يكفي مع الشركات".


وذكر مسؤولون تنفيذيون في شركات الأدوية للمشرعين الأوروبيين مؤخرا أنهم يقومون بمنح تراخيص للقاحاتهم في أسرع ما يمكن، لكن العثور على شركاء يمتلكون التكنولوجيا المناسبة كان أمرا صعبا.


وبحسب الصحيفة، فإنه رغم التمويل الحكومي الضخم، تتحكم شركات الأدوية في جميع حقوق الملكية الفكرية تقريبا وتستعد لجني ثروات من اللقاحات. وهناك استثناء مهم هو أنه من المتوقع الموافقة على براءة اختراع قريبا، وهو اكتشاف قادته الحكومة لتعديل بروتين رئيسي لفيروس كورونا.

التعليقات (0)