كتاب عربي 21

ناصريون.. أم حفتريون من سلالة خليفة حفتر؟!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
لم يكد يُعلن سقوط مندوب خليفة حفتر وحلفائه الإقليميين؛ السيد عقيلة صالح، لرئاسة الدولة الليبية، حتى هتف الناصريون المصريون: "مؤامرة"، ومنهم من ذهب بعيداً بالسؤال عن دور مصر مما يحدث في ليبيا؛ التي تعود تحت احتلال الجماعات الدينية وسيطرة تركيا!

وعندما تتابع موقف القوم من الأزمة الليبية، لا بد وأن تطرح على نفسك هذا السؤال: "هل هم ناصريون نسبة لجمال عبد الناصر، أم نسبة لخليفة حفتر"؟، إذ كيف ينتمون لعبد الناصر، ثم ينحازون لمن تربى في الحضانات الأمريكية، ثم صار حليفا للرجعية العربية، وتتلخص مهمته في إيقاع الهزيمة بالثورة وتخريب ليبيا؟
كيف ينتمون لعبد الناصر، ثم ينحازون لمن تربى في الحضانات الأمريكية، ثم صار حليفا للرجعية العربية، وتتلخص مهمته في إيقاع الهزيمة بالثورة وتخريب ليبيا؟

في بداية التسعينيات، شهدت الساحة السياسية والصحفية أزمة عنيفة، فقد صدر كتاب اعتماد خورشيد "انحرافات صلاح نصر"، وكانت لهم صحيفة اسمها "صوت العرب" صبوا فيها جام غضبهم على هذا الكتاب ومؤلفته، ونال الكاتب الكبير مصطفى أمين القسط الأكبر من الحملة، حيث اتهمه الناصريون بأنه من كتب الكتاب، ووضع عليه اسم المذكورة، تصفية لحسابات بينه وبين رئيس جهاز المخابرات العامة صلاح نصر، الذي اعتقل "أمين" بتهمة التخابر مع الولايات المتحدة الأمريكية، وسبق لمصطفى أمين نفسه أن أرسل لعبد الناصر يفيد بتعرضه للتعذيب على يديه!

وأعاد الناصريون نشر ملفات قضية الجاسوسية، وانبرى مدافعون عن الكاتب الكبير بالقول إنها قضية ملفقة، وكان واضحاً أن الحملة أغضبته لدرجة أنه لم يكتب كلمة دفاعاً عن الجريدة عندما أغلقها النظام في وقت لاحق، وعندما سئل عن ذلك وهو من عرف بالدفاع عن الحريات العامة، أجاب بأنها لو كانت صحيفة تصدر في مصر لدافع عنها. وفي هذا إشارة لما كان يتردد في الساحة الصحفية بدون دليل بطبيعة الحال، بأنها تمول من العقيد القذافي رأساً.

وإذ أدهشتني هذه الحملة لعنفها، فقد كتبت أتساءل: هل هم ناصريون نسبة لعبد الناصر، أم نسبة لصلاح نصر؟ ناصريتهم مشتقة من ناصر أم من نصر؟ فمن قدم صلاح نصر ورجاله للمحاكمة في القضية الشهيرة بانحراف المخابرات، كان هو عبد الناصر نفسه، وهذه الانحرافات التي تضمنها كتاب "اعتماد خورشيد" تؤكد أن عبد الناصر كان على حق عندما فعل هذا وهو يهتف: "انتهت دولة المخابرات"، مع أن كثيرين أرجعوا هذا القرار إلى أنه جزء من الصراع السياسي على الحكم، وكان صلاح نصر من رجال عبد الحكيم عامر، والذي كان يخطط للانقلاب على الرئيس، "فتعشى بهم قبل أن يفطروا به"، وتخلص من عبد الحكيم بالسم، ومن حلفائه بالسجن و"التجريس"، مثل صلاح نصر وشمس بدران!

وأتفهم أن ينحاز الناصريون للقذافي، لكن أن ينحازوا للجنرال المتقاعد خليفة حفتر فهذا هو الغريب، ومن الواضح أنهم اشتموا فيه "رائحة الحبايب"، وذكرهم "بعظم التربة"، فلما قتل القذافي قال قائلهم: لا نحب الآفلين، فلما رأوا حفتر يزين كتفيه بالنياشين والسيوف والنجوم قال: هذا ربي هذا أكبر!
أتفهم أن ينحاز الناصريون للقذافي، لكن أن ينحازوا للجنرال المتقاعد خليفة حفتر فهذا هو الغريب، ومن الواضح أنهم اشتموا فيه "رائحة الحبايب"، وذكرهم "بعظم التربة"

إني أرى فيك شبابي:

فعبد الناصر هو من نظر إلى القذافي على أنه خليفته في الملاعب، وينسب إليه قوله للأخ العقيد قائد الثورة الليبية: "إني أرى فيك شبابي"، وقد ظلوا يعتبرونه الامتداد الطبيعي للسلالة المباركة، حتى بعد أن تغيرت رؤاه، وتحور، وأنكر في هيئته الجديدة أفكاره القديمة، ومنها الموقف من الوحدة العربية، ومن الصراع العربي الإسرائيلي والذي حله ببساطة بإقامة دولة "أسراطين"!

فالناصري بحكم النشأة والتكوين مع "الزعيم"، وإيمانه ينصب على الشخص وليس على الأفكار، فهم تنظيم "عبدة الزعيم"، وإيمانهم به يدور وجوداً وعدماً، وهم ليسوا مع قاعدة فكر يتزعم، ولكنهم مع نظرية زعيم يفكر، وكل إفرازات الزعيم لا بد من اعتمادها ميثاقاً وخريطة طريق، فمن الطبيعي أن ينحازوا إلى القذافي وإن تراجع عن كل أفكاره القديمة التي هي ذاتها أفكار الزعيم خالد الذكر!

لكن من غير الطبيعي أن يعتبروا أن خليفة حفتر هو من سلالة القذافي، ومن يمثل البديل والامتداد له، لأنه كان على مدى ربع قرن يداً على الأخ العقيد، وشكل جيشاً للانقضاض على حكمه، قبل أن يرى الأمريكان ضرورة أن يكمل نموه في حضاناتهم ليكون البديل في أيديهم إذا سقط حكم القذافي أو أرادوا إسقاطه، وعندما فاجأتهم الثورة الليبية، دفعوا بحفترهم ليلتحق بالثوار، ويرتدي بدلة عسكرية، ويدخل على شباب الثورة الغش والتدليس!

فخليفة حفتر هو المشروع الأمريكي البديل للقذافي، وهو موفدها لقتال الزعيم، فكيف يتحول الدم إلى ماء؟!

الجيش الليبي أين؟

إنهم ينظرون إليه على أنه قائد الجيش الليبي، وأنه الممثل الشرعي والوحيد لهذا الجيش، ونعلم بطبيعة التكوين أنهم وإن كانوا "تنظيم عبدة الزعيم"، فهم "تنظيم عبدة الجيوش"، ومن ثم فإن من يرأس الجيش هو هذا الزعيم الذي يستحق العبادة، لكن السؤال المهم هنا هو أين الجيش الليبي في وجود الأخ العقيد، الذي لم يكن حاكماً ولكن كان زعيم ثورة، كما كان يصف نفسه؟!
السؤال المهم هنا هو أين الجيش الليبي في وجود الأخ العقيد، الذي لم يكن حاكماً ولكن كان زعيم ثورة، كما كان يصف نفسه؟!

لقد قُتل القذافي وهو في حماية شبيحة من الأفارقة الذين جلبهم لهذه المهمة، فهل يقبل أي جيش وطني حر، أن يكون قائده الأعلى في حماية مرتزقة من الخارج، وأن تنعدم ثقته فيه إلى هذا الحد؟!

وقد سبق هذه الحماية أن كان حراس القذافي من الفتيات، فهل الجيش الليبي يقبل بنظام تجنيد النساء؟ ولأن الإجابة بالنفي فإن هذا كاشف عن أن هؤلاء النسوة لم يكن من الجيش الليبي، بل إنهن لسن مقاتلات محترفات، وعندما كان الأخ العقيد في واحدة من زياراته الكثيرة لمصر، اندفع مواطن لمصافحته، ولم تجد إحدى الحارسات من سبيل لمنعه من أن يخترق دائرة القائد، إلا أن تقوم بعض ذراعه بأسنانها!

وعندما سقط حكم القذافي لم نسمع أن ليبيا كان فيها جيش جرى تسريحه مثلاً، كما حدث في العراق، ولو كان موجوداً فكيف يقبل أن يكون قائده العام من خارجه؟ وكان يخطط للصدام به في مهمة اسقاط القذافي؟!

ومهما يكن، فخليفة حفتر ليس على قمة جيش محترف، وإنما على رأس مجموعة مختلطة، معظمها من المليشيات القادمة من الخارج كمقاتلين بالأجر، ولهذا أقدمت على قتل الليبيين دون رحمة، وهو ما أثبتته مؤخراً المقابر التي تم العثور عليها، ولم تلق حظها من التغطية الإعلامية الكاشفة عن سلوك إجرامي عريق!

"من محاسن الصدف"، أنني قبل كتابة هذه السطور كنت أقلب في كتاب الكاتب اليساري المعروف صلاح عيسى "مثقفون وعسكر"، فوجدت فيه إجابة على هذه المواقف المرتبكة للقوم:

"كثير من الناصريين الأرثوذكس في مصر، كانوا قد تكونوا سياسياً وفكرياً في ظروف معقدة، الأمر الذي جعل منهم نماذج سياسية شديدة التعقيد..

فقد افتقدوا دائما - بسبب طابع النظام الناصري نفسه - عملية التربية السياسية الحقيقية التي تكفلها التنظيمات والأحزاب السياسية - علنية وسرية - لأعضائها وكوادرها، من حيث العلاقة التنظيمية الموضوعية، والإخلاص للأهداف وليس للأشخاص، وللبرامج وليس للأجهزة البوليسية، والصراع السياسي وليس الشخصي، كما أنهم أميون تماما فيما يتعلق بالنشاط السياسي العملي، وديماجوجيون بشكل مزري..".

من يقول للقوم إن خليفة حفتر ليس امتداداً للقذافي ولم ير فيه جمال عبد الناصر شبابه؟!

twitter.com/selimazouz1
التعليقات (2)
فيصل الشيباني - طرابلس
الإثنين، 08-02-2021 11:40 م
ياأستاد سليم ، لو تقدروا تعالجوا المريض مصطفى بكري ( الكئيب) من المرض اللي بيه والذي عجزت لاجد له هو توصيف في اللغة العربية لاءاطلقه عليه .
الصعيدي المصري
الإثنين، 08-02-2021 06:21 م
انه اللامصطفى بكري ... الاكل على كل الموائد ؟؟ محجوب عبدالدايم في نسخته الاكثر دناءة وحقارة