آراء ثقافية

لويس عوض.. ومعركة أصل العرب ولغتهم

يلمحُ العديد من الرسائل الضمنية في خِطابِ عوض، فيها شيءٌ من المُكايَدَة إن جاز التعبير- CC0
يلمحُ العديد من الرسائل الضمنية في خِطابِ عوض، فيها شيءٌ من المُكايَدَة إن جاز التعبير- CC0

منذ أربعين عامًا ثارت زوبعةٌ حول كتاب (مقدمة في فقه اللغة العربية) للدكتور لويس عوض. طالَبَ الأزهر بمصادرته، ونَظَرَ القضاءُ الدعوى، وانتهت القضيّة بتبرئة ساحة (عوض) من التُّهم المنسوبة إلى كتابِه، تلك التي تدورُ حولَ التشكيك في العقيدة الإسلامية والطَّعن في إعجاز القرآن.

 

وقد نذرَ (عوض) كتابَه للدفاع عن نظريةٍ مفادُها أنّ العربيةَ وعائلتها اللغوية المسمّاةَ بالسّاميّة ما هي إلا فرعٌ من شجرة اللغات المُشار إليها بالهندوأوربية، وأنّ استيطان العرب لِشِبهِ الجزيرةِ المنسوبة إليهم لم يتجاوز ألفًا وخمسمائةَ عامٍ قبل الميلاد على أقصى تقدير.

 

واحتجَّ لإثبات هذه النظريةِ بأنّه لا ذِكرَ للعرَب في خرائط ووثائق العالَم القديم إلا في الألف الأولى قبل الميلاد، وأنّ تدوينَ العربية لم يتجاوز القرن الثاني قبل الميلاد.

 

وحَشَدَ فيما يَربو على أربعمائةِ صفحةٍ تحليلاتِه لعشرات المفردات العربية للوصولِ بها إلى أُصولٍ مشتركةٍ افتراضيّةٍ مع اللغات الأوروبيّة.

 

لكنّ ما أثارَ حفيظةَ مُنتقِدِيه أكثرَ من غيرِه يمكن تلخيصُه في الآتي:

 
1- إثارته لمشكلة القول بقِدَم القرآنِ عند أهل السُّنّة: حيث نذر لها الفصل الثاني الذي يقول فيه: "بهذا وَضعَت المعتزلةُ النقيضَ لاجتهادات فقهاء الإسلام الذين اجتهدوا أن يضعوا نظريةَ الوحيِ في الإسلام على غرارِ نظرية اللوجوس في اليونانية المسيحية، وهي "كلمة الله" المرادفة "لعقل الله" أو "للروح القدس" أو نظرية Verbum وهي كلمة الله المرادفة للفعل "الإلهي" أو "الفيات" Fiat أو الخلق الأول بكلمة "كن فيكون"، فكان الكون، وهي في نهاية الأمر صورة من صور اللوجوس المرادف لعبارة "روح الله وكلمته".

والمهم أنّ هذا الكلام كان مبررًا لاتهام (عوض) بالقول بأنّ فقهاء الإسلام قالوا بإلهين اثنين.


2- زَعمه أنّ فريقًا من المعتزلة قال بأنّ الصِّرفةَ هي أساسُ إعجاز القرآن، أي أنّ مَناطَ الإعجاز في أنّ الله قد صرفَ قُلوبَ العرب وقتَ البعثةِ عن الإتيان بمِثل القرآنِ مع قُدرتِهم عليه.


3- قوله الذي اعتبرَه الدكتور (البدراوي زهران) في كتابه (دحض مُفتَرَياتٍ ضدَّ إعجاز القرآن ولُغتِه وأباطيلَ أخرى اختلقَها الصليبيُّ المستغرِب الدكتور لويس عوض) مفتاحًا لفهم دوافعه لكتابة ذلك الكتاب: "ليست للُّغة العربيةِ ولا للعرب حضارةٌ ولا عَراقةٌ، ومَن يقل غير ذلك فهو ينسب إلى العرب ولغتهم عراقةً ليست لهم ولا لها بين الحضارات القديمة."


4- رجوعه باسم الله (الصَّمَد) إلى معنى الثالوث المسيحيّ من خلال ربطِه صوتيًّا بكلمة (خمت) المصرية التي تعني (ثلاثة)، حيث يقولُ إنّ الاسمَ الواردَ في سورة الإخلاص (الصمَديّة) "كلمة محيرة لأنها مادة جامدة لم تشتق من فعلٍ ولم يُشتقّ منها فعل، ولا صلة لها بالهومونيم (صَمَدَ يَصمُدُ)." 

المهم أنّ كثيرين قد تصدَّوا لمزاعم الدكتور لويس، ومنهم الدكتور (زهران) أستاذ فقه اللغة بجامعَتَي أسيوط وأُمّ القُرى في كتابه المذكور آنِفًا، والدكتور عبد الغفّار حامد هلال في كتابه (أصل العرب ولغتهم بين الحقائق والأباطيل).

 

وقد تفاوت حظّ الكتابَين من الموضوعية، فبينما سادَت النزعة الخطابية كتابَ الدكتور (زهران) – حيث يكرر أسئلتَه الاستنكاريّة، والتصريحَ بأنه آلَى على نفسِه أن يلتزم المنهج العلميّ، فضلاً عن العَدائيّة الصارخة في عنوان كتابه المذكور – جاء كتابُ الدكتور (هلال) أكثرَ اتّزانًا وألزمَ للهدوء في تفنيد مزاعِم الكتاب، حتى إنه فنَّد ذاتَ النهج الفونيطيقيّ الذي التزمَه (عوض) في مقارنة المفردات العربية بمفردات اللغات الهندوأوروبية.

بَيدَ أنّ هذا المقال لا يهدُف إلى تلخيص ما جاء في الكتُب الثلاثة، فهي غايةٌ مستحيلةٌ بالنظر إلى مساحته، وإنما إلى تقديم ملاحَظاتٍ سريعةٍ نوجزها في سِتِّ نقاط:

* القرآنُ بين القِدَم والخَلق:

 
لَفَتَ كتابُ الدكتور (هلال) أنظارَنا إلى أنّ الخلافَ السُّنّيَّ المعتزليَّ لم يكن إلا خلافًا لفظيًّا، فالفريقان مؤمنان ضِمنًا بأنّ الكلام النفسيَّ لله قديمٌ، وأما الألفاظُ فلا خلافَ في حدوثِها، لكنّ المعتزلة اعتقدوا أنّ مفهوم (الكلام) ينصرف إلى صورة الكلام من حيث هو حروفٌ وألفاظٌ، فقطعوا بخَلق القرآن.

 

وبغضّ النظر عن الطبيعة الدمويّة التي طبَعت محنة خلق القرآن، ففي رأيي المتواضِع أنّ مفهوم قِدَم القرآن من حيثُ هو كلامٌ نفسيٌّ يمكن التعبير عنه بالصيغة الأرسطيّة (الموجود بالقُوّة)، وهي مرتبةٌ في الوجود دُونَ الوجودِ بالفعل. أي أنّ وجود القرآن في اللوح المحفوظِ أزلاً – حسبَ التصوُّر الإسلامي – هو تعبيرٌ عن وجودِه بالقوّة، أمّا نزولُه في الألفاظ التي نعرفُها فهو إبراءُ الله له ليُوجَدَ بالفعل. وهو مفهومٌ يتجاوَبُ ومعنى القَدَر، من حيث هو معرفةُ الله الأزليّة بما كان وما سيكون.

* رسائلُ لويس عوض الضِّمنيّة:

تسرَّعَ مُنتَقِدو (عوض) في وصمِه بالتهجُّم على الإسلام في مَواضِع محددة. فحين يقولُ إنّ الشيعةَ والخوارِجَ رغمَ خلافاتهما مَثَّلا معًا ثورةً على تسلُّط العرب على غيرهم من الشعوب باسمِ الإسلام، يُسرِع (زهران) إلى اتهامِه بأنه يرمي الإسلامَ بأنه جاءَ ليضمنَ للعربِ هذا التسلُّط، وحين يقولُ (عوض) إنّ المعتزلةَ قد فَطِنوا إلى أن القولَ بقِدَم القرآنِ يفتح البابَ للعودة إلى قِدَم الكلمة كما في المسيحية، وبالتالي إلى ظهور أقنومَين بشكلٍ ضمنيٍّ هما الله وكلمتُه، يسرع (زهران) إلى القولِ بأنّ (عوض) يقولُ إنّ فقهاء السُّنّةِ يقولون بإلهين اثنين.

 

وفي تقديري أنّ (عوض) لم يأتِ بشيءٍ من عنده، وإنما هو تصوُّرُ المعتزلة الذين ذهب بهم حماسُهم للدفاع عن الوحدانيّة إلى نفي أزليّة القرآن. 

لكنّ هذا لا ينفي أننا نلمحُ رسائلَ ضمنيّةً في خِطابِ (عوض)، فيها شيءٌ من المُكايَدَة إن جاز التعبير. ففي إلحاحه على الربط بين اسم (الحِجاز) وكلمتَي (حيكا خاسو) المصريتين المُشار بهما إلى الهكسوس/ مُلوك الرُّعاة، وتكراره لحكاية مُطاردة المصريين لجحافل الهكسوس حتى الساحل الشرقي للبحر الأحمر، وربطه بين كلمة (خاسو) وكلمة (الغزو) العربية المرتبطة بالإسلام، وتكراره أنّ الهكسوس مثَّلُوا موجةً مهمةً من موجات الهجرة إلى شبه الجزيرة وأسهموا بقدرٍ كبيرٍ في تكوين الجنس العربي، في كُلّ ذلك تُطِلُّ على استحياءٍ رسالةٌ مفادُها أنّ العرَبَ رُعاةٌ مُغيرُون، نجحوا في استعمارِ مصر، ثم طُرِدوا شرَّ طردةٍ، ولم تكُن عودتُهم باسم الإسلام إلا تكرارًا للغزو القديم. كذلك فإنّ تحليله لكلمة (صَمَد) على النحو المذكور يرسلُ رسالةً مفادُها أنّ القرآنَ لم يأتٍ بجديدٍ، وأنه في الحقيقة يكرّس اللاهوت المسيحيّ، لكنّ المُسلمين لجهلهم بأصولِه لا يعلمون ذلك.

هذا على رغم ما لا ننكرُه من كلامٍ عظيمٍ لـ(عوض) بشأن الوحي القرآني: "ولعلَّ كثرةَ التفاعلات ولاسيّما في لغة قريشٍ هي التي أنضجت اللغة العربية إنضاجًا عظيمًا وأكسَبَتها مرونةً كافيةً وخصوبةً مما أهّلها لتكون وعاءً لوحيٍ عظيمٍ في عصر الرسول...إلخ."

* التخريجات البعيدة:

لَمْ يَألُ (عوض) جهدًا في اللجوء إلى قانونَي جْرِمْ وفِرنر Grimm's Laws Verner's & ومبدأ الميتاتيز أو القَلب Metathesis لينشئ علاقاتٍ بين مفرداتٍ عربيةٍ وأخرى هندية أوربية، ويصل من خلالِها إلى نتائجَ أَدخَلَ في بند التخريج البعيد، ومثالُ ذلك ربطه بين مقطع Hus في كلمة Husband بمعنى زَوج، وكلمة (جوز) المصرية المعاصِرة، فيجعلُ من المصرية رجوعًا إلى الطبيعة الأولى للكلمة.

 

وتواتُر هذه التخريجات البعيدة يُشيرُ إلى أنّه انكبّ على عملِه وهو مسكونٌ بهاجسٍ يُريدُ إثباتَه، فهو يسلُك من أجلِه أوعرَ الطرُق، ويصل إلى نتائج مدهشةٍ، لكنها تظَلُّ أبعدَ ما تكونُ عن اليقين! 
   
* المغالطات التاريخية: 


بخلافِ ما تناولَه كتابا زهران وهلال، هناك الإشارةُ إلى وُرود اسم مدينة الطائف في أقدم خارطةٍ لشبه الجزيرة العربية – تلك التي رسمَها كلاوديوس بطليموس في القرن الثاني الميلادي – باسم (طيبة Thebae)، واستنتاجُه أنه الاسمُ الذي أطلقه المصريون على ذلك المكان خلال مطاردتهم الهكسوسَ، مستعيرينَه من اسم (طيبة) عاصمة مصر آنذاك.

 

ونسي (عوض) أنّ اسم الأقصر المصري القديم كان (وا سِت Waset) وأنّ اسم (طيبة) هو الاسم اليوناني الذي لم تعرفه مصر في الأغلب إلا مع بداية اتصالها الكثيف باليونان، وهو شيءٌ لم يحدث فيما نعلمُ قبل الأسرة السادسة والعشرين، أي في المائة السابعة فقط قبل الميلاد، بينما كان طردُ الهكسوس على يد أحمس الأول حوالي عام 1570 ق.م! ونحن لا ننكر الصّلة الفونيطيقية بين اسمَي (الطائف) و(طيباي/ طيبة)، لكنّ ربطهما بطرد الهكسوس يقتضي أن يكون المصريون قد سمّوا تلك المدينةَ أوّلاً (وا سِت) باسمِ عاصمتِهم، ثم اقتفى اليونانيون آثار المصريين هناك خطوةً خطوةً، فسمّوها (طيبة) كما سمّوا (وا سِت) المصرية باسم (طيبة) اليونانية، وهو تخريجٌ بعيدٌ هو الآخَر.

* الإسلامُ يجُبُّ ما قبلَه:


فيما يتعلّق بتفسير اسم الله (الصَّمَد)، أثبتَ الدكتور (هلال) في كتابه أن المعاجِم العربيةَ ذكرَت اشتقاقَ الاسم من جذر (ص م د) الذي منه الفعلُ صَمَدَ يَصمُدُ، وأنّ مَدار التفاسير على أنّ معناها (السيّد المقصودُ وحده في الحوائج)، إلاّ أني سأوافق د.عوض جَدَلاً على اقتراحِه أنّ الاسم ينتهي في نسبِه فيلولوجيًّا إلى (خمت) المصرية القديمة بمعنى (ثلاثة).

 

اقرأ أيضا: عبد القاهر البغدادي: عن تكفير المعتزلة..

 

وسأذكر ما لم يَذكُره، وهو وجود لفظةٍ عبريةٍ هي صَمَدْ צמד بمعنى شَدّ أو رَبَطَ أو ثبَّتَ، ويُخرّجها بعضُ مُنتَقِدي الإسلام باعتبار معناها (الواحد المجموع) أو (الثالوث).بل سأتجاوزُ هذا إلى مفردة (حُنَفاء) التي يذكرُها القرآنُ باعتبارِها علامةً على الموحِّدِين من غير اليهود والمسيحيين، أتباع مِلّة إبراهيم، لأقولَ إنّ مِن فقهاء اللغات الساميّة مَن يعودون بها إلى كلمة (حَنپوتة) السريانية التي كان رجال الدِّين المسيحيون يصِفون بها الوثنيِّين، وكانت تنطوي على ازدراءٍ لشأنهم. 

تنطوي رؤية الإسلام لنفسِه على فكرةٍ محوريّةٍ هي أنه ناسِخٌ لِما قبلَه، فهو ناسِخٌ للشرائع مُصحِّحٌ للعقائد.

 

ويبدو أنّ حديثَ النبيّ لعمرو بن العاص "أما عَلِمتَ أنّ الإسلامَ يَهدِمُ ما كانَ قبلَه؟" لا يعني فقط محو الذُّنوب، وإنما هو يعني صرامةَ النَّسخ لكلّ ما سبقَه ممّا لا يتّفِقُ معه.

 

هكذا، إذا صدقَت دعوى (خمت)، فإنها لا تَعني أكثر من طبقةٍ مطمورةٍ في تاريخ كلمة (الصَّمَد)، تحوّلَت إلى هامشٍ غير مُهمٍّ قِياسًا إلى المَتن الذي تتسع له المعاجم العربية وكتُبُ التفسير وصُدورُ المسلمين، خاصّةً أنّ المعنى العبريّ يتجاوب وفكرة (الذي لا جوفَ له) العربية التي تعني تعاليّ الذات الإلهية على مفهوم الأقانيم. وقُل مثل ذلك في (حُنفاء)، وفي كُلّ ما يَجري مَجراهما.

* أخيرًا: الحضارة ورمزية العرب في الإسلام:

يَلوحُ لي أنّ مُنطلَق (عوض) و(زهران) و(هلال) في تناوُل مسألة التاريخ الحضاريّ للعرَب وثيقُ الاتّصال بالدعاوى المعاصِرة التي تنفي عن الإسلام بناءَ الحضارة استنادًا إلى أنّ العربَ قبلَ الإسلام لم يُخلّفوا أثَرًا باقيًا يُذكَرُ إلى جوار آثار الأمم القديمة، ولم يَبنِ حضارات ما بعد الإسلام إلا أبناءُ غير العرب من ورثَة تلك الأمم القديمة. فـ(عوض) يَحمِلُ على فكرة القِدَم التاريخيّ للعرب من هذا المُنطلَق، و(زهران) و(هلال) يُدافعانِ عنها من منطلَق الدفاع عن الإسلام، لا العروبة في ذاتها. 

إلا أني أعود إلى الحديث المذكور في صحيح ابن حِبّان عن الأنبياء: "منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر". ثم أنطلِق إلى سُورة (الشُّعراء) لأقرأ تقريعَ النبي هُودٍ لقومِه: "أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعبَثُونَ. وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ." (الآيتان 128و129)، وتقريعَ النبي صالح: "وتَنحِتُونَ الجِبالَ بُيُوتًا فَارِهِينَ" (الآية 149)، فلا أَجِدُ مِثلَ ذلك في القرآنِ كُلِّه تقريعًا من نبيٍّ لقومِه على الإفراط في الحضارة، باعتبارِ البِناءِ هو العلامةَ الأبقى من الحضارة! والشّاهد أنّ لظهور الإسلام في العرب بالتحديد رمزيّةً تتعلّقُ بكونِهم أُمَّةً بعيدةً عن التحضُّر. فاسمُهم نفسُه (العَرَب) الدّالُّ على الحركة يَرمزُ إلى النُّفُور من الإقامةِ في مكانٍ واحدٍ، فهم خَيرُ وِعاءٍ لرسالةٍ تُريدُ مِن أتباعِها أن يَنفُروا من الالتصاق بالدُّنيا والحرصِ على الإقامةِ فيها، تلك التي يُقرِّعُ قرآنُها اليهود على حرصِهم على الحياة: "وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96(" (سورةالبقرة).

فالخلاصة أنّ نفي الحضارة عن العُروبة القديمة لا يجبُ أن يعنيَ كثيرًا للمُسلم. وهذا لا يعني أنّ الإسلامَ يكفّرُ الآخِذين بسُبُل الحضارةِ مثَلاً، لكنه يتعاملُ مع الحضارة باعتبارِها حَتميّةً لا مفرَّ منها، فينظّمها بقواعِد الشريعة المعروفة، وأبسطُ مثالٍ على ذلك حديثُ النبي: "ما ملأ ابنُ آدم وعاءً شَرًّا مِن بطنِه، بِحَسْبِ ابنِ آدم لقيمات يُقِمنَ صُلبَه، فإن كان لابُدَّ فاعلاً فثلثٌ لطعامِه وثلثٌ لشرابِه وثلثٌ لنَفَسِه." (رواه الترمذي وحسَّنَه).

 

فالأصل هو الزُّهدُ في المأكل، أما إن كان لابُدّ – كأن يكون بطلاً لكمال الأجسام مثَلاً – فعليه أن يقسّم معدته على هذا النحو. وعلى هذا – في رأيي – يصِحُّ أن نُعَدِّل المقولةَ الشائعةَ "الإسلامُ دِينٌ ودُنيا" لتُصبِح "الإسلامُ دِينٌ، ودُنيا إن كان لابُدّ"، فقاعدة (إن كان لابُدّ) مُطَّرِدة في مَناحي السُّلوك الإنساني كافّةً في الإسلام.


2
التعليقات (2)
sandokan
الإثنين، 25-01-2021 07:15 م
هل رأيتم ؟ إنها لغة عبقرية موسيقية سماعية تطرب لها الآذان سئل حكيم : أي أنواع الموسيقى حرام ؟ قال : صوت الملاعق في صحون الأغنياء عندما ترن في آذان الفقراء .. و من أهم ما تمتاز به، أنها أوسع اللغات ثروة، في أصول الكلمات والمفردات، فضلاً على أنه قد يجمع فيها من المفردات في مختلف أنواع الكلمة ـ اسمها وفعلها وحرفها، ومن المترادفات في الأسماء، والأفعال، والصفات ما لم يجتمع مثله، بل ما يندر وجود مثله في لغة من لغات العالم، فقد جمع للسيف على سبيل المثال نحو ألف اسم. وقد ذكر المستشرق "رينان"، أن الأستاذ "دوهامر"، قد جمع المفردات العربية المتصلة بالجمل وشؤونه، فبلغت أكثر من خمسة آلاف وستمائة وأربع وأربعين! ولايقف الإعجاب من غزارة مادة اللغة العربية، ووفرة مفرداتها، وكثرة ألفاظها على علماء اللغة العرب وحدهم، بل تعدّاه إلى علماء اللغة الغربيين، حيث يقول المستشرق الألماني "بروكلمان":«ومعجم العربية اللغوي لا يجاريه معجم في ثرائه، إنه نهر تقوم على إرفاده منابع اللهجات الخاصة، التي تنطق بها القبائل العربية». وقد لاحظ علماء اللغة منذ القدم، أنّ من أبرز ميزات اللغة العربية مناسبة ألفاظها لمعانيها، فكل لفظ فيها، قد تمّ وضعه بإزاء المعنى المنوط بالدلالة عليه في دقة تامة، وعناية فائقة، فهذا جلال الدين السيوطي يقول: «وأما أهل اللغة العربية، فقد كادوا يطبّقون على ثبوت المناسبة بين الألفاظ ومعانيها». و الآن سنتطلع على بعض كنوزها في الإعراب : .. اللغة العربية تعتبر من أصعب اللغات بسبب الإعراب و لكن هذا الذي أضفى إليها جمالها و ستعرفون من الأمثلة الآتية ما أقصد ، و لكن قبل أن أتطرق إلى الأمثلة لنرى ماذا يعني الإعراب ؟و ما أغراضه؟ الإعراب يعني التبيين و البيان ، فعندما نقول ( أعرب الرجل عن حاجته ) معناها بيّن الرجل عن حاجته و أفصح و وضح . و الإعراب يُستخدم للدقة و لتوضيح المعنى ، و لذلك فاللغات المبنية لغات ناقصة بسبب فقرها إلى الإعراب ، فالتعبير باللغات المعربة كالعربية أدق و أوضح من غيرها .. * الأمثلة : ء كيف أنت و محمدٌ ؟ ء كيف أنت و محمداً ؟ من خلال السؤالين السابقين ، سيظن معظمكم أنهما متشابهين في المعنى ، أليس كذلك؟ لكن لا ، فالسؤال الأول" كيف أنت و محمدٌ ؟ " بضم الدال في كلمة محمد معناها أنه يسألك عن حالك و ح .. و بذلك اتضحت لنا حكمة نزول القرآن باللغة العربية لقوتها و ثباتها و أيضا بسبب الخصائص التي تميزت بها ( الخصائص الصوتية ، الاشتقاق ، خصائص الكلمة العربية ) .. شعاري بالحياة ( الحياة ليست بتلك السوء ، الأمر يعتمد علينا ) .. نخسر البصر لصالح قوة البصيرة تقدم العمر تتراجع نسبة قوتنا الجسدية لصالح قداتنا الفكرية ، مع تقدم العمر يختفي اللون الوردي من وجنتينا لتفوح رائحة الورود من كلماتنا ، مع تقدم العمر تتراجع أنانيتنا لصالح اكتساب محبة من حولنا مع تقدم العمر يقل تفكيرنا في الدنيا و يزيد تفكيرنا في الآخرة مع تقدم العمر .. إذن مع تقدم العمر نحن لا نخسر بل نستبدل الخسائر بأرباح ، جعلنا الله و إياكم ممن و حسن عمله و دامت عافيته .
احمد
الإثنين، 25-01-2021 10:57 ص
غبي و ارعن من يبحث عن انصاف الاسلام و العرب من واحد اسمه لويس