اقتصاد عربي

مصدر: 5 مليارات جنيه تكلفة انتخابات البرلمان بمصر.. تفاصيل

وزارة المالية اعتمدت بالفعل نحو 3 مليارات جنيه كقيمة "أولية" للصرف على العملية الانتخابية لمجلس النواب- جيتي
وزارة المالية اعتمدت بالفعل نحو 3 مليارات جنيه كقيمة "أولية" للصرف على العملية الانتخابية لمجلس النواب- جيتي

كشفت مصادر لـ"عربي21"، عن أن سلطات الانقلاب في مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، أنفقت 5 مليارات جنيه خلال نحو شهر واحد على الانتخابات البرلمانية.


يأتي ذلك في وقت تعاني فيه مصر من أزمة اقتصادية طاحنة بسبب تداعيات تفشي وباء كورونا، وزيادة كبيرة في عجز الموازنة، وارتفاع قياسي لمعدلات الديون.

وانتقدت المصادر إنفاق هذه المليارات على انتخابات شكلية لتشكيل برلمان يزيد من هيمنة وسيطرة السيسي على الحكم ويمنح أجهزة الأمن والجيش والحكومة السلطة والنفوذ والامتيازات المالية دون غيرهم، وفي المقابل تحميل الشعب نفقات وأعباء مالية واقتصادية هائلة.


وقال مصدر قضائي بارز بالهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، لـ"عربي 21"، إن الميزانية التقديرية لانتخابات البرلمان بغرفتيه مجلس النواب - التي تجري حاليا - ومجلس الشيوخ التي انتهت منذ قرابة شهر، تقدر قيمتها بنحو 5 مليارات جنيه.


وأوضح المصدر أن الدولة المصرية أنفقت على انتخابات مجلس الشيوخ التي مضى عليها نحو شهر قرابة الملياري جنيه، ممثلة في المكافأة والنفقات الخاصة بالعملية الانتخابية.


وعن ميزانية انتخابات "مجلس النواب" التي بدأت يومي السبت والأحد الماضيين 24 و25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قال المصدر لـ"عربي21"، إن ميزانية انتخابات 2020 شهدت زيادة مالية كبيرة في مكافآت عناصر وقيادات الشرطة والجيش مقارنة بأي انتخابات سابقة.


وأكد أن الميزانية الأولية التقديرية الموضوعة لإجراء انتخابات مجلس النواب بمرحلتيها "الأولى والإعادة بها والثانية والإعادة بها"، تقدر قيمتها بنحو 3 مليارات جنيه.


وأوضح المصدر، أن وزارة المالية اعتمدت بالفعل قيمة نحو 3 مليارات جنيه وضعتها تحت تصرف الهيئة الوطنية للانتخابات، كقيمة "أولية" تقريبية للصرف على العملية الانتخابية لمجلس النواب، التي تتضمن أيضا بند "الطوارئ"، وذلك للتدخل والصرف منه في حالة الأزمات الطارئة.


وأوضح المصدر، أن الهيئة الوطنية للانتخابات قدّرت نفقات العملية الانتخابية لمجلس النواب بحسب دراسة تقديرية أعدتها، تشمل المكافآت المالية للقائمين على العملية الانتخابية، والنفقات المتعقلة بالعملية الانتخابية بشكل كامل، التي من بينها أيضا تكلفة وسائل النقل والطباعة والدعاية، وأوجه الصرف كافة.


وأشار المصدر إلى أن ذلك يتوقف أيضا على ما إذا كانت الانتخابات ستحسم من الجولة الأولى أو ستحتاج إلى جولة ثانية "جولة إعادة" للحسم في مرحلتيها الأولى والثانية، وهو ما يجعل رقم الـ3 مليارات جنيه تقديرا أوليا، بل وقد يزيد في حالة الإعادة.


وأضاف المصدر أن الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار لاشين إبراهيم، خاطبت الجهات المعنية كافة في الحكومة والمنوط بها وضع ميزانية الصرف، وفي مقدمتها قطاع الموازنة العامة بوزارة المالية، بالمبالغ كافة المقرر الصرف فيها، واعتمادها في المخصصات المالية الموجهة لتمويل الإنفاق على العملية الانتخابية لمجلس النواب، حتى إعلان النتائج النهائية.

 

تفاصيل الميزانية


وبالنسبة لتفاصيل ميزانية الصرف على عملية الانتخابات، فالبداية مع القضاة والمستشارين المشرفين على العملية الانتخابية، إذ تقرر إشراك نحو 21 ألف قاض، على مستوى محافظات الجمهورية في مرحلتي الانتخابات من مختلف الجهات والهيئات القضائية..


وهم موزعون على نحو 12 ألف مركز انتخابي أو "مجمع انتخابي"، و15 ألفا و500 لجنة فرعية، وسيحصل كل قاض على نحو 7 آلاف جنيه مكافأة وتزيد نحو ألف جنيه لرؤساء اللجان العامة للفرز، أي إن إجمالي مكافآت القضاة تخطت حاجز الـ150 مليون جنيه.


أما بخصوص تأمين العملية الانتخابية، فقد تقرر تخصيص ميزانية كبرى لها بالنسبة للشرطة والجيش، بل وتمت زيادتها بأكبر زيادة لتصل إلى أعلى أرقام خاصة بالتأمينات وتصل إلى نحو مليار و500 مليون جنيه مكافآت وحدها للأفراد والعناصر والقيادات الأمنية والعسكرية المشاركة.


ومن المقرر أن تشارك الداخلية بنحو 230 ألف عسكري وشرطي بمختلف الرتب، على أن يحصل فيها عريف الشرطة أو الرقيب على مكافأة تقدر بمبلغ 1000 جنيه، وأن يحصل أمين الشرطة على 1400 جنيه، وأن يحصل الضابط على مكافأة من 3000 إلى 7000 جنيه، بتدرج الرتب بدءا من الملازم وحتى الوصول إلى منصب لواء ومساعدي وزير الداخلية ومديري الأمن بجميع المحافظات، ليكون إجمالي متوسط المكافآت نحو 3500 جنيه، بإجمالي نحو 800 مليون جنيه.

 

كما أنه من المقرر أن تشارك القوات المسلحة بنحو 190 ألف مجند وضابط بمختلف الرتب العسكرية، و12 ألف عربة "قوات مسلحة" مختلفة الأنواع، وطائرات "هيلوكوبتر"، وقائديها، وقوات قتالية، ومن المقرر أن يحصلوا على مكافآت بمتوسط 3700 جنيه، بإجمالي نفقات تصل إلى نحو 700 مليون جنيه.


أما بالنسبة للموظفين الإداريين، فقد وصل عدد المقرر مشاركتهم في الانتخابات إلى 200 ألف موظف، تم اختيارهم من المدرسين وغيرهم من العاملين بالنيابات العامة والمحاكم ومحكمة النقض، حيث يتم تخصيص ووضع 6 موظفين داخل كل مقر انتخابي، على أن يحصل كل موظف على 1000 جنيه، بإجمالي مكافآت تصل إلى نحو 200 مليون جنيه.


أما بخصوص تصويت المصريين في الخارج، فقد سجّل المصريون للتصويت في 141 سفارة وقنصلية، حيث من المقرر أن تصل نفقاتها إلى نحو 90 مليون جنيه، متمثلة في نفقات العملية الانتخابية، والرحلات الخاصة بطرود الحقائب الدبلوماسية الخاصة بنتائج الانتخابات، والموظفين والهيئات الدبلوماسية بالسفارات وأعضاء المكاتب الفنية بها.


يشار إلى أن هناك بندا مهما باسم "إعاشة" وتشمل الوجبات كافة والإقامة بالفنادق وغيرها، وبند "انتقالات" وتشمل توفير وسائل النقل لجميع القائمين على العملية الانتخابية من سيارات وأوتوبيسات ومدرعات وطائرات، وبند "طوارئ"، وبند طبع أوراق الانتخابات، وحبر فوسفوري، وبند توفير تأمين ورعاية طبية، وإسعاف طائر لحالات الطوارئ، وأن هذه البنود تقدر بنحو مبلغ 800 مليون جنيه إجمالا، وذلك من خلال تقديرات كل بند على حدة.


ولفت المصدر القضائي، إلى أن الدراسة التي أعدتها الهيئة الوطنية للانتخابات توضح أن تكلفة الناخب في العملية الانتخابية تحت هذه البنود يكلف نصف دولار أمريكي تقريبا، أي ما يوازي نحو 8 جنيهات، وأن عدد من يحق له التصويت في هذه الانتخابات نحو 63 مليون ناخب، أي ما يزيد على 600 مليون جنيه.


التكاليف التي أنفقتها الدولة المصرية ونظام السيسي على الانتخابات والتي تقدر بنحو 5 مليارات جنيه، في انتخابات لم يشعر الشارع المصري بها أساسا، جاءت لتخرج ببرلمان بغرفتيه (النواب والشيوخ) ليكون برلمانا مشوها لا ينظر إلى مصلحة المواطن أو الدولة المصرية بل إلى مصالح السيسي وحكومته والجيش والشرطة، ليسير على خطوات مجلس النواب المنتهية ولايته.


فالبرلمان الهزلي الصوري الذي انتهت ولايته ويعاد تشكيله حاليا تحت رعاية أجهزة الدولة المصرية الاستخباراتية والأمنية، وافق على مجموعة كبيرة من القوانين التي في صالح السيسي والجيش والشرطة فقط، والتنكيل ببقية فئات المجتمع والمواطنين "المطحونين" والتفنن في إصدار حزمة من القوانين التي تمتص من قوتهم وتزيد من همومهم الاقتصادية المنهكة. 

 

"كشف حساب تشريعي"


ومن أبرز ما وافق عليه البرلمان المنتهية ولايته، هو قيامه في 16 نيسان/ إبريل 2019، بالموافقة على تعديل الدستور ليسمح باستمرار السيسي في الحكم حتى عام 2030.


ووافق البرلمان على تعديل بعض أحكام قانون "هيئة الشرطة"، والذي استهدف توسيع صلاحيات جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية المعروف سابقا قبل ثورة 25 يناير باسم "أمن الدولة"، وذلك من خلال تأمين الأوضاع الوظيفية لجميع العاملين في الجهاز، والحفاظ على سرية المعلومات المتاحة لهم عن طريق عملهم الأمني، في ضوء ما يتمتع به القطاع من خصوصية عن باقي قطاعات الوزارة، واتصال عمله بتحقيق الأمن القومي، وتخصيص مرتبات مالية ومكافات خاصة، وذلك في تعمد لإلغاء مكتسبات ثورة 25 يناير والتي كانت في مقدمتها حل جهاز أمن الدولة.


ووافق البرلمان أيضا على تعديل بعض أحكام قانون "مكافحة الإرهاب"، بإضافة مواد قانون "مطاطية" يمكن من خلالها الزج بأي معارضة في السجون بسبب هذه المواد، لتكون بذلك أداة "قمعية" في يد النظام.


البرلمان الذي لا ينظر إلى الدولة المصرية أو مصالحها أو حتى المحافظة على أرضها، قام بالموافقة على اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" إلى السعودية، رافضا الاعتراف بحكم القضاء المصري بمصرية الجزيرتين. 


كما أنه حصص "تسعيرة" الجنسية المصرية، من خلال الموافقة على قانون بيع الجنسية المصرية مقابل وديعة بنكية توضع في مصر.


ووافق البرلمان على الكثير من اتفاقيات القروض الدولية، التي أدت إلى ارتفاع الدين الخارجي لأكبر رقم له في تاريخ الدولة المصرية، ليصل إلى 123.49 مليار دولار في آخر إحصائية رسمية حكومية صدرت اليوم الموافق 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، وذلك ليتضاعف الدين الخارجي المصري نحو 3 أضعاف منذ الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، وهو ما يعد كارثة اقتصادية تنتظر الأجيال القادمة.


ووافق البرلمان على قانون "تكريم بعض كبار قادة القوات المسلحة"، الذي يهدف لتحصين قادة الانقلاب العسكري، من مسؤولية الجرائم التي ارتكبت والمذابح التي تلت الانقلاب العسكري والتي تعد الأكبر في تاريخ مصر الحديث. كما أنها تستهدف من جانب آخر منع قادة الانقلاب العسكري من الترشح مستقبلا لأي مناصب سياسية، إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حتى لا يكون هناك منافس للسيسي.

 

ووافق البرلمان  على قانون شركات قطاع الأعمال العام، من أجل الانتقاص من حقوق العاملين في الشركات التابعة للقطاع، والتمهيد لعمليات "خصخصة" الشركات الخاسرة منها، والمضي قدما نحو ما كان يحدث في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، من خصخصة للشركات الحكومية وتخفيض "تسريح" الموظفين والعمالة فيها.


ووافق البرلمان أيضا على قانون "تنظيم إدارة المخلفات"، والذي يفرض رسوماً شهرية للنظافة تتراوح بين جنيهين و40 جنيها على الوحدات السكنية، وحتى 1000 جنيه للمراكز التجارية والفنادق والمنشأت السياحية.


كما أنه وافق على تعديل بعض أحكام قانون "نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة"، والذي يهدف إلى تقرير المنفعة العامة بقرار من رئيس الجمهورية، أو من يفوضه، مما يمكن من الاستيلاء على ملكية المواطنين في أي وقت.


ووافق على تعديل بعض أحكام قانون "إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر"، وهو ما أسفر عن زيادة سعر تذكرة مترو أنفاق القاهرة من جنيه واحد إلى 10 جنيهات للتذكرة وفقا للزيادات الأخيرة، زيادة أسعار القطارات.


وفي الوقت الذي يزيد فيه البرلمان الأعباء الاقتصادية على المواطنين، فقد وافق البرلمان على رفع مرتبات نائب رئيس الجمهورية، ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ، ورئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، إلى ما يعادل الحد الأقصى للأجور وهو مبلغ 42 ألف جنيه شهريا، واستحقاق تلك الفئات معاشاً شهريا يعادل 80% من راتب أو مكافأة كل منهم في تاريخ انتهاء شغل المنصب.

التعليقات (0)