مقابلات

قيادي إسلامي بالسودان: الوضع "غامض جدا" وتغيرات مرتقبة

البروفيسور عبد الرحيم علي أكد أن "إبعاد أي قوى سياسية فيه خطر كبير على المشهد السوداني"- عربي21
البروفيسور عبد الرحيم علي أكد أن "إبعاد أي قوى سياسية فيه خطر كبير على المشهد السوداني"- عربي21

* المرحلة الانتقالية الآن "غامضة جدا" وليست مستقرة ومسارها ربما يتغير

 

* الاستقرار سيأتي عندما تكون هناك حكومة مُنتخبة في أسرع وقت.. وعام ونصف مدة كافية جدا لإجراء الانتخابات

 

* الجيش كمؤسسة قد يُعبّر عن رأيه في هذه المرحلة الانتقالية ويقود البلاد نحو الانتخابات

 

* محاولة إعادة النظر في قضية فصل الدين عن الدولة ستُدخل السودان في جدل طويل جدا وربما عدم استقرار

 

* مسألة العلمانية حُسمت في اتفاقية 2005 ولا يمكن العودة فيها للوراء لأن الدين جزء من ثقافتنا وتقاليدنا

 

* الحركة الإسلامية ستُعبّر عن وجودها الشعبي الكبير وستبرز بأشكال مختلفة أيّا كانت الظروف

 

* السنوات المُقبلة في السودان والإقليم والعالم حُبلى بأشياء كثيرة جدا وربما تكون جذرية وكبيرة

 

* أحزاب الشيوعيين والبعثيين تعمل من خلال ممارسة النفوذ واختراق المؤسسات وتتعاون مع الخارج في الضغط على الدولة

 

* الحكومة الانتقالية استجابت لضغوط خارجية تهدف لتغيير قوانين ذات طبيعة إسلامية

 

* كثير جدا من أبناء الإسلاميين شاركوا بالثورة وقدّموا فيها تضحيات بالغة ثم ألقي اللوم على جميع الإسلاميين

 

* حكومة البشير في آخر 10 سنوات كانت تحالفا ما بين قوى سياسية مختلفة جدا.. ونحتاج إلى تقييم منصف لهذه المرحلة

 

* العلمانيون واليساريون يعملون ضمن مخططات أجنبية وجاءوا من الخارج لقيادة السودان

 

* النزيف الاقتصادي تضاعف ولا يبدو في الأفق أي وعد صادق لأي تحسن في الاقتصاد

 
قال الرئيس السابق لمَجْمع الفقه الإسلامي في السودان، البروفيسور عبد الرحيم علي، إن الحركة الإسلامية بالسودان ستُعبّر عن وجودها الشعبي الكبير وستبرز بأشكال مختلفة أيّا كانت الظروف سواء في الحكم أو المعارضة، مشدّدا على أن "الإسلام مُتجذر في بلادنا، وسيُعبّر عن نفسه بطريقة من الطرق".

جاء ذلك في الحلقة الثانية والأخيرة من مقابلته الخاصة ضمن سلسلة مقابلات مُصورة تجريها "عربي21"، تحت عنوان (ضيف "عربي21").

وأكد "علي" أن "الوضع الآن غامض جدا بالسودان، ولا يدري المواطن هل ستكون هناك انتخابات أم لا؛ فلم تتم أي خطوات في هذا الاتجاه"، منوها إلى أن "المرحلة الانتقالية ليست مستقرة، وربما يتغير مسارها، خاصة أن البلاد تعيش حالة اقتصادية غير مسبوقة، وتعاني من ضائقة حقيقية كبيرة جدا".

 


ورأى أن "الاستقرار في السودان سيأتي عندما تكون هناك حكومة مُنتخبة، على أن يتم ذلك بأسرع فرصة ممكنة؛ فعام واحد أو عام ونصف هي مدة كافية جدا لإجراء انتخابات حرة، واختيار مُمثلين للشعب"، متوقعا أن "يُعبّر الجيش عن رأيه في هذه المرحلة، وأن يقود البلاد إلى ما يجب أن يقودها إليه، وهو إجراء الانتخابات".

وشدّد الرئيس السابق لمَجْمع الفقه الإسلامي على أن "السنوات المُقبلة في السودان والإقليم والعالم حُبلى بأشياء كثيرة جدا وربما تكون جذرية وكبيرة"، مؤكدا أن "هذا الوضع لن يستمر كثيرا".

وأشار "علي" إلى أن محاولة العودة للنظر في قضية فصل الدين عن الدولة ستُدخل السودان في جدال طويل جدا مرة أخرى، وربما في عدم استقرار"، موضحا أن "الحكومة الانتقالية استجابت لضغوط خارجية تهدف لتغيير قوانين مُعينة ذات طبيعة إسلامية".

وتاليا نص الحلقة الثانية والأخيرة مع "ضيف عربي21":

 

ما تقييمكم لمجمل مسار المرحلة الانتقالية السودانية؟


المرحلة الانتقالية الآن ليست مريحة، وليست مستقرة، وهناك أسئلة كثيرة جدا حول إمكانية إجراء الانتخابات في الموعد الذي تم الاتفاق عليه، والمُقرر إجراؤها بعد ثلاث سنوات من توقيع الوثيقة الدستورية، لذلك ربما يتغير مسار المرحلة الانتقالية بشكل ما، والأمر ليس واضحا. كما أن البلاد تعيش حالة اقتصادية غير مسبوقة، فهي في ضائقة حقيقية كبيرة جدا.

كيف تقارن بين تجربة المرحلة الانتقالية في عهد المشير سوار الذهب، والأداء التنفيذي للحكومة الانتقالية الحالية؟


المرحلة الانتقالية التي قادها سوار الذهب كانت محل إجماع من المواطنين السودانيين، وكانت محل ترحيب هائل من البلاد العربية كافة، كما قُدمت في ذلك الوقت مساعدات للسودان، اجتازت به الأمور الصعبة التي مرت بها البلاد خلال نهاية فترة الرئيس نميري، ومما ساعد أيضا على الاستقرار هو وضوح الرئيس سوار الذهب منذ البداية، بأنه لن تزيد المرحلة الانتقالية عن السنة ولو بيوم واحد، وبدأ في تكوين لجان الانتخابات، ثم إجراء الانتخابات بشكل ظاهر، وصريح، وواضح، وظل عند موقفه رغم ضغوط كثيرة مورست عليه – رحمه الله - لكنه كان وفيّا بالكلمة التي التزم بها، وهي أن "الجيش سيقود المرحلة الانتقالية لمدة عام، ثم يُصار إلى انتخابات حرة، يختار فيها الشعب مَن يحكمه"، وحقق هذا، لذلك كان محل تقدير حيثما ذهب. 

أما الوضع الآن فهو "غامض جدا"، ولا يدري المواطن في الحقيقة هل سيكون هناك انتخابات أم لا؛ فلم تتم أي خطوات في هذا الاتجاه.

وما سبب هذا الغموض؟


الغموض سببه حالة عدم الاتفاق بين الأطراف المختلفة، وهناك أيضا ضغوط أجنبية كبيرة جدا، تظهر في تدخلات متناقضة في الحالة السودانية، بالإضافة إلى وضع اقتصادي ضعيف جدا، ولذلك ليست هناك خطة حقيقية لإجراء انتخابات، وليست هناك خطة في حال عدم إجراء الانتخابات. 

هل أنتم مع أم ضد تمديد الفترة الانتقالية؟


أنا أرى أن الاستقرار في السودان سيأتي عندما تكون هناك حكومة مُنتخبة، وأن يتم ذلك بأسرع فرصة ممكنة، فعام واحد أو عام ونصف هي مدة كافية جدا لإجراء انتخابات حرة، واختيار مُمثلين للشعب، لأن الوضع الحالي هو وضع عزلة سياسية للبعض، وسيطرة سياسية لجماعات غير مُنتخبة ولا تُمثل جمهور المواطنين. 

ما رأيك بقول «البرهان» بأن هناك محاولات لبعض الجهات للإيقاع بين الشعب والجيش؟ 


رغم أني لم أسمع بهذا التصريح، لكني أعتقد أن هناك محاولات للإيقاع بين الأطراف المختلفة في الحكومة الحالية، وأن هذا الاختلاف أصبح يظهر إلى العلن، لأن تصريحات الرئيس، ونائبه، وتصريحات أخرى من قيادات في الدولة تدل على أن هناك خلافات في قضايا كثيرة جدا. 

برأيك، مَن هي تلك الجهات؟


لا أعرف على وجه التحديد.

هل هناك احتمال لحدوث انقلابات عسكرية أخرى في السودان؟ وهل المؤسسة العسكرية بأكملها مؤيدة لإجراءات المرحلة الانتقالية؟


ليس من حق أحد في الأجهزة النظامية كالقوات المسلحة، وقوى الأمن وغيرها، أن يقول رأيه هكذا، ويصعب جدا تقدير ذلك، لأنه ليس من حقها أن تُعبّر عن آرائها في القضايا السياسية، أما ما يصلح الشأن السوداني هو أن تؤدي هذه الأجهزة (القوات المسلحة، والأجهزة الأمنية، والشرطة) دورها في حفظ الأمن في السودان، والمحافظة على استقراره، ثم تنقل السلطة بطريقة سلسلة إلى حكومة منتخبة.

يعني ذلك أنكم تستبعدون حدوث انقلابات عسكرية أخرى في المستقبل؟


أستبعد قيام انقلابات عسكرية بالمعنى المعروف، لكن لا أستبعد أن يكون للجيش رأي ككيان موحد، أن يُعبّر عن رأيه في هذه المرحلة، وأن يقود البلاد إلى ما يجب أن يقودها إليه، وهو إجراء الانتخابات.

البعض يرى أن الجيش يُعبّر عن رأيه من خلال دعمه إجراءات المرحلة الانتقالية الراهنة؟


لا شك أن الجيش يعبر عنه قيادته، أما القول بأن هناك رأيا آخر في صفوف القوات أو الجنود أو غير ذلك، فلا أستطيع ولا يستطيع أحد أن يقول به في هذه المرحلة. 

هل حدثت أي متغيرات لوجود الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية عقب الإطاحة بنظام عمر البشير؟


كانت هنالك حملات عديدة لإقالة أو إحالة قيادات من الجيش إلى التقاعد. أما الحديث عن إسلاميين في الجيش -باعتباره مؤسسة قومية- فلم يكن محل نظر لا في الماضي ولا في الحاضر، ولا يمكن القول بأن هنالك إسلاميين أو هنالك شيوعيين أو بعثيين في القوات المسلحة، وهذا مما يتكهن به الصحفيون أحيانا، ولكن لا يمكن أن يقوم عليه دليل، ولا أن تُبنى عليه إجراءات. 

كيف ترون دعوات البعض بضرورة فصل الدين عن الدولة؟


مضى زمن طويل جدا على الموقف الذي أقرته جمعيات تشريعية من قبل، وهو أن الأساس في الدستور -وفي كل القوانين- والأصل والمرجع فيه للشريعة الإسلامية، وللعرف المقبول في السودان، وقد تم الاتفاق في دستور 2005 وبحضور جميع الأحزاب السودانية (الحكومة والمعارضة) وبشهود دولي واسع جدا، على حسم هذه المسألة بأن يكون لجنوب السودان -الذي استقل فيما بعد- وضعه الخاص، وأما ما يتعلق في شمال السودان – الذي هو السودان الحالي - فقد أقر الجميع بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع، وظل هذا الأمر هو المقبول والمُتفق عليه، لكن محاولة العودة للنظر في القضية من جديد ستُدخل السودان -وهو في ظروف حالية حرجة- في جدال طويل جدا مرة أخرى، وربما في عدم استقرار.

كيف ترون التعديلات الدستورية التي أقرتها الحكومة والتي أثارت جدلا واسعا، لاسيما بين القوى والتيارات السياسية الإسلامية، حيث وصفتها بأنها "مخالفة للشريعة وتمس التقاليد الإسلامية" بينما تقول الحكومة إنها تهدف إلى إزالة المواد المتعلقة بالقيود على الحريات؟


التعديلات التي حدثت لم تمس جوهر الأصل في التشريع وهو الشريعة الإسلامية، ولكنها استجابت إلى ما هو معلوم من ضغوط أجنبية مستمرة منذ عقود، وبعضها صدر عن أجهزة في الأمم المتحدة ومن بيوت خبرة، لتغيير قوانين مُعينة ذات طبيعة إسلامية، ولكن هذه القوانين كان هناك احتجاج عليها باعتبارها مُخالفة لحقوق الإنسان، واستجابت الحكومة الانتقالية للضغوط الخارجية على أمل أن يكون هذا كافيا، ولكن هذه المسألة ليست نهائية، بل ستكون خاضعة للرأي عندما يكون هناك برلمان مُنتخب للتشريع.

هل ترون أن الحكومة الحالية في حالة صدام مع التيار الإسلامي والشريعة الإسلامية أم لا؟


للأسف، أنه في النظام الحالي توجد شخصيات لها دور أساسي وقوي في هذا الصدد، حيث قامت بالتعبير عن مواقف عدائية تجاه الشريعة الإسلامية، مثل محاولات تعديل مناهج التعليم التي كانت محل إنكار شديد جدا، وأظن أن هذا الوضع لن يستمر كثيرا.

هل يمكن إقرار علمانية الدولة في السودان كما تطالب بعض الجهات؟ وهل الشيوعيون والبعثيون لديهم سند اجتماعي أو سياسي بالسودان؟


هذه الأحزاب أحزاب أقلية، وهي تعمل من خلال الضغط السياسي، وممارسة النفوذ، واختراق المؤسسات الصحفية والاجتماعية، وغيرها، وفي كثير من الأحيان تتعاون مع الخارج في الضغط على الدولة، ولكن مسألة العلمانية حُسمت في اتفاقية 2005، ولا يمكن العودة إلى الوراء فيها، لأن الدين جزء من ثقافة وتقاليد المواطن السوداني، وأكثر من 96% من السودانيين مسلمون، والقول بعلمانية في بلد مثل هذا يتطلب الكثير جدا من الرفض والاستنكار.

ما تقييمكم لتجربة الحركة الإسلامية السودانية؟


الحركة الإسلامية بالسودان جهد قامت به جماعة من المثقفين السودانيين في مواجهة تيارات مادية وعلمانية وشيوعية كانت تملأ الساحة، وتلك التيارات عبارة عن تأثير على السودان من دخول الثقافة الغربية الأجنبية، بينما الحركة الإسلامية تمثل الأصالة في السودان، ولذلك أتسع نطاقها وأصبحت حركة شعبية كبيرة جدا، وجذور الحركة الإسلامية هي الإسلام الموجود في البلد، وسيُعبّر هذا الوجود وتبرز هذه الجذور بأشكال مختلفة أيّا كانت الظروف سواء كانت الحركة الإسلامية في الحكم أم لا، فالإسلام مُتجذر في الواقع السوداني، وسيُعبّر عن نفسه بأشكال مختلفة مستقبلا كما عبّر عن نفسه في الماضي، وتاريخنا كله مرتبط بالإسلام.

هل الحركة الإسلامية في السودان تأثرت سلبا بالثورة السودانية؟


نعم. الحركة الإسلامية كتنظيم أو كحزب حاكم تأثرت بالثورة التي كانت نتيجة خطة شاملة تضمنت ضغوطا اقتصادية هائلة على البلد، وحملة إعلامية تلقي باللوم على الحركة الإسلامية التي تمت شيطنتها وشيطنة رموزها، بالإضافة إلى حملات شعبية مدعومة بأموال من الخارج للتظاهر والخروج في الشارع. وكانت هذه عناصر الثورة.

ولذلك، استهدفت الحركة الإسلامية في حكمها وأشخاصها بهذه الثورة، ونتيجة لذلك تراجعت الحركة خطوات، ولكن المواطن السوداني الآن بعد أن قامت حكومة جديدة وتركت الحركة الإسلامية الساحة لغيرها يتساءل: ما الذي جنيناه من الثورة؟ وما هي فوائدها؟ وأين الرفاهية التي وعدونا بها؟ وكان شعار الثورة "تسقط بس"، ومعنى ذلك أنه لم تكن هناك خطة وراء سقوط حكومة البشير.

والذي حدث أن كثيرين جدا من أبناء الإسلاميين من الشباب دخلوا في الثورة، وكانوا جزءا منها، وضحوا فيها تضحيات بالغة ثم ألقي باللوم على جميع الإسلاميين، وخلت الساحة لمجموعة من العلمانيين واليساريين الذين يعملون ضمن مخططات أجنبية، وجاءوا من الخارج لقيادة البلاد، ولكن حصيلة ما جاءوا به بعد أكثر من عام الآن هي انحدار حاد جدا في قيمة الجنيه السوداني، وارتفعت جميع أسعار السلع والخدمات، فكل احتياجات المواطن السوداني الآن تضاعفت أضعافا مضاعفة في عام واحد، والذي قامت من أجله الثورة لم يكن تحقيق علمانية أو شعارات متعلقة بالدين، إنما كان تخطيط رفاهية اقتصادية لكن في الحقيقة تحقق عكسه تماما.

لكنهم يقولون إن هذا إرث النظام السابق ولا يمكن تحميل الثورة كل هذه الأعباء وهذه التركة الثقيلة؟


إذا كانت تركة 30 عاما ثقيلة، وهنالك ديون، فما هي الحلول التي قُدمت؟ يُفترض أنه خلال هذه السنة التي مضت على أقل تقدير مع دعم دولي ورضا عن الحكومة أن يُوقف النزيف، إلا أن هذا النزيف تضاعف، ولا يبدو في الأفق أي وعد صادق لأي تحسن في الوضع الاقتصادي.

كيف تقارن بين أداء الحكومة الانتقالية الحالية وأداء "الحكومة الإسلامية" السابقة.. أيهما أفضل من الآخر؟


يجب أن يُترك هذا السؤال ليحكم عليه التاريخ. نحن سنرى خلال عام أو عامين نتيجة ما حصدته الثورة، وسيعرض الإسلاميون أنفسهم مرة أخرى ليُحكم على تلك الحقبة التي مضت، لكن ستأتي اللحظة التي يفيق فيها الناس على حقيقة أن البناء الذي تم في 30 سنة ماضية، رغم كل الأخطاء التي وقعت، ورغم كل الضغوط التي مورست على الدولة، كان أكبر بكثير جدا مما تم في تاريخ السودان الحديث بعد الاستعمار، وأنه في الحقيقة ظُلمت هذه المرحلة، ولم يتم تقييمها بشكل عادل ومنصف، ولا بد أن يكون هناك تقييم علمي حقيقي لما حدث في ظل مقاطعة دولية كاملة، وفي ظل حروب مستمرة كان معظمها بصناعة خارجية، وباعتراف الدول التي ساهمت في تأجيج هذه الحروب، ومنها إسرائيل.

هناك دعوات إلى فتح الباب أمام الأحزاب الإسلامية الراغبة في التغيير والمشاركة بالفترة الانتقالية مع استثناء حزب الرئيس المعزول عمر البشير.. ما مدى جدية تلك الدعوات؟ وما رؤيتكم لها؟


يجب أن يكون هذا الأمر متروكا للشعب الذي يحدد مَن يشارك ومَن لا يشارك. وفكرة العزل السياسي التي تُمارس بشكل غير مُعلن كأمر واقع لم ولن تنجح، كما حدث في تونس على سبيل المثال.

لماذا لم يقم الإسلاميون بالسودان بمساعدة الحكومة الحالية؟


الإسلاميون عرضوا ذلك، ورئيس حزب المؤتمر الوطني قال إننا سنكون "معارضة مساندة"، وبعض المراقبين قالوا إن هذا تعبير جديد وليس مألوفا ولكنه مقبول جدا أن تكون المعارضة مُساندة للحكومة، خاصة في ظل الظروف التي نعيشها، لكن رُفض هذا، وهو الآن في السجن.

وبالتالي هل تنصح الإسلاميين بقبول المشاركة في الحكومة الحالية؟


هذا لم يُعرض، ولا أستطيع أن أبدي رأيا فيه، كما أنني لا أمثل أحدا الآن ولا أمارس دورا سياسيا.

ما هي خطورة استمرار إقصاء الإسلاميين من المشهد السياسي في السودان؟


تاريخ السودان يقول إن إبعاد أي قوى سياسية من المشهد كان خطرا كبيرا على المشهد السياسي، ليس فقط الإسلاميين، وإنما جميع القوى السياسية المختلفة.

وهل عمر البشير لم يُبعد أي قوى سياسية طوال فترة حكمه؟


في المرحلة الأولى أبعد القوى الرئيسية، وانفرد بالحكم، ولكن لم يمض على ذلك عام أو عامان ثم تحوّل إلى الدستورية ودعا جميع الأحزاب للمشاركة في الحكم، وبعضها شارك وبعضها لم يشارك، وعرض على الأحزاب أن تدخل في انتخابات حرة مرتين أو ثلاثة، والبعض وافق والبعض الآخر لم يوافق. وحقيقة أن حكومة البشير كانت في آخر 10 سنوات تحالفا ما بين قوى سياسية مختلفة جدا، وبعضها حركات مسلحة حملت السلاح على الحكومة.

هل الحركة الإسلامية قد تعود للحكم خلال الفترة القصيرة المقبلة بحسب تقديركم؟


لا أريد أن أتكهن بشيء، لكن يكفي ما قلته: إن الدين مُتجذر في هذه البلاد وسيُعبّر عن نفسه بطريقة من الطرق.

وما مستقبل الإسلاميين في السودان برأيكم؟


السنوات التي أمامنا في السودان والإقليم والعالم هي حُبلى بأشياء كثيرة جدا، وربما تكون جذرية وكبيرة، وما سيحدث في السودان سيكون صدى لأحداث كبيرة ستقع في المنطقة، إلا أن كل تكهن محدود بمجريات الساعة واللحظة الراهنة، والتي هي في تغير دائم.

التعليقات (0)